الحرب والنتائج الكارثية على شعب الجنوب

> الحرب ليست نزهة يمكن لأي قائد سياسي أو عسكري يفكر فيها وأن يعملها ويعملها ولكنها عملية تدميرية واستنزاف لكل الموارد ولكل شيء جميل في البلد وتمنح شيك على بياض لأمراء حرب لكي يسيطروا على مقدرات البلاد شرقا وغربا وهذا ما حدث في السابق ويحدث الآن ومع الأسف كانت البداية في حرب 94م عندما قرر قادة صنعاء استبدال الحوار السلمي بين الجنوب والشمال إلى شن حرب ضد الجنوب ولأنه من كان يقود المعركة لا يفكر كما يدعي باستعادة الوحدة وضرب الانفصاليين الذي حددهم بعدد ستة عشر قائدا جنوبيا ويمكنهم إضافة مثلهم بعشرة أضعاف وتنتهي المعركة ولكنهم اعتبروا شعب الجنوب كله انفصاليين حتى من كان يقف معهم أو من كان يقف على الحياد تجنبا للمشاكل أو أنه غير مستفيد لا من هؤلاء ولا من أولئك وأصبح الجنوب ميدان للنهب والسلب والاستيلاء على مقدرات الشعب من مصانع وموانئ وحقول نفط وثروات ومساكن شخصية للقادة الستة عشر ومثلهم العشرات وأراضي وبحور وجزر وشواطئ وكل مقدرات دولة الجنوب من بنية تحتية في التعليم والصحة والزراعة والأسماك والصناعة وكل شيء على ظهر الأرض وكل شيء في باطن الأرض قد تم بيعه وحتى السماء لم يسلم فقد بيع إلى دولة مجاورة وأصبح المواطن الجنوبي في اليوم التالي من انتهاء الحرب لا يعرف في أي دولة هو عايش لأن أسماء الشوارع والمدارس قد تغيرت ولم يرى جندي المرور المتعود على مشاهدته في تقاطع الطرق لتنظيم السير ولم تأتي الباصات لنقل أطفاله إلى المدارس مجانا ولم يستطع الوصول إلى المستشفيات لأنها قد نهبت من تجهيزاتها ولم يسمع إذاعة عدن في الصباح ولم ولم وكأنه يعيش في دولة أخرى لا علاقه له بها على الاطلاق ولهذا كانت الحرب في 94 ليس من أجل الوحدة ولكن من أجل نهب الجنوب وتجريفه من أبناءه وهذه هي الحقيقة التي لا تريد نخب الشمال أن تعترف حتى الآن ولا حتى أحد من الخارج أن يقول كلمة حق لا من الإقليم ولا من العالم لأن كل منهم أخذ نصيبه من الكعكة ويحاول أن يتكئ على شيء اسمه الدولة والشرعية فإذا كانت الأعمال التي تعرض لها الجنوب هي أعمال دولة أو شرعية في نظرهم فهي الكارثة التي حلت على شعب الجنوب ولكن هل من المعقول أن أهل الإقليم يقروا بمبدأ السلب والنهب وتجريف أصحاب الأرض من أرضهم وهم يوالون الظالم ويشجعوه على ظلمهم هذا الذي لا بد من إعادة النظر فيه حتى لا يكون مستقبل المنطقة على كف عفريت.

ودارت الأيام وكان لا بد لا بد لليل أن ينجلي وأن الظالم ستكون نهايته وخيمة حتى وصلت أزمة الحكم في صنعاء إلى مرحلة حرجة لا تستطيع السير حتى النهاية وهي غارقة في الأزمات التي هي من صنعها وكانت في مراحل سابقة تستطيع السيطرة على تلك الأزمات وتحويلها إلى مكاسب لصالحها بهدف الاستمرار في حكم البلاد بالحديد والنار وضرب المعارضين لها عبر أدواتها البوليسية ولكن الصراع على السلطة أصبح واقع فلا بد من خروج المغلوب وكان لهم ما أرادوا بأن خرج أحد أجنحة الصراع وترك الملعب ليغادر إلى الخارج ويستنجد بالجيران بعد أن شكلوا البديل الذي يستطيع أن يخوف فيه جيران اليمن بأن أحضروا طائفة لا تشكل إلا نسبة 2 % من سكان اليمن وتم تسليمها مقاليد الحكم وهم يعرفون أن تلك الطائفة قد اعتنقت المذهب الأثنى عشري الذي هو أساس نظام الحكم في إيران وكانت تلك هي القشة التي قسمت ظهر بعير المنطقة بأكملها والتي كانت البوابة لدخول الإقليم المجاور للدفاع عن أمنه وعدم تمكين تلك الفئة لتصبح قوة تستطيع أن تهدد أمن المنطقة بأكملها وخاصة بعد إعطائها الضوء الأخضر للوصول إلى عدن باستخدام قوة الجيش اليمني الذي تحول أوتوماتيكيا إلى قوة ضاربة بيدها ومحاولة إعادة السيطرة على الجنوب لأنه من غير الممكن أن تقوم تلك الطائفة بغزو الجنوب بإمكانياتها الذاتية ولكن كان الجيش اليمني هو الذي يتقدم الصفوف لإعادة السيطرة على الجنوب بمباركة أمريكية واضحة بدعوى مطاردة الدواعش أي قرروا أن الجنوب داعشي ويحق لهم غزوه من جديد.

أظهر الإقليم بأنه غير موحد الرؤى فلدى كل دولة من دولاته رؤيته الخاصة تجاه خطورة تواجد طائفة صغيرة في صنعاء تابعه لإيران فمنهم من سهل لهذه الطائفة منفذ تطل فيه على العالم وممر آمن لنقل الأسلحة من إيران لها عبر قوات أدعت أنها موالية للشرعية ولكنها كانت تحت إمرة صنعاء ومنهم من قدم الدعم المالي والمعنوي والسياسي ومنهم من كان يدعم حزبيا الشرعية التي حولت الحرب إلى صراع حزبي بين الإصلاح الذي سيطر على الشرعية وبين المؤتمر الشعبي العام برئاسة الزعيم صالح الموالي لتلك الطائفة في صنعاء ولكن ظهرت الشرعية خلال مسار الحرب بأن أجنداتها ليس العودة إلى صنعاء ولكن الوصول إلى عدن وضربت في ذلك التحالف في مقتل لأن دعمه العسكري والسياسي واللوجستي لهم ذهب إدراج الرياح وتتالت الهزائم لقواتها بالانسحابات الغير مبررة وتسليم المعسكرات للحوثي وبالأخير تسليم ثلاث مديرات مِن محافظة شبوة المحررة دون قتال يذكر مما اضطر التحالف لإرسال قوات العمالقة الجنوبية لتحريرها

ضاعت الدولة وأصبحت صنعاء تمثل أنموذج لنظام إيران وأصبح أمر واقع وأصبحت كل القوى اليمنية يعملون ليل نهار لكي يتمكنوا من حكم الجنوب لمقايضة الحوثي سياسيا عند الحلول النهائية ولا يهمهم مصالح الجنوب وشعب الجنوب فهم من يسيطر على القرار السياسي وفق القرارات الدولية الذي أصبحت تلك القرارات في خبر كان حتى العالم غير متمسك بها ويريد إنهاء الحرب بأي ثمن بما في ذلك الاعتراف بالحوثي حاكما على صنعاء وهم من يقوموا بمفاوضته والاعتراف به كأمر واقع ولكن من لا زال يتمسك بتلك القرارات ويشجع الشرعية على أحكام الحصار الحائر على شعب الجنوب لديه أجنداته التي يعتقد أنه سيحققها عبر هذه الشرعية الهزيلة والتي لا تملك حاضنة جنوبية على الإطلاق.

تحولت الحرب من إعادة الشرعية ومناصرة اليمن في هزيمة المشروع الإيراني إلى البحث عن مكاسب ومصالح خاصة بتلك الدول التي تتصارع في اليمن ومن حق كل دولة أن تبحث عن مصالحها ولكن ليس على حساب مصالح الآخرين وهناك طرق لتبادل المصالح باحترام بعضها البعض فإيران حققت مصلحتها في السيطرة على صنعاء ليس بقوة الحوثي ولكن بانحياز صالح ودعمهم بتسليم الدولة في صنعاء وكذا بتخاذل الشرعية التي سيطر عليها حزب الإخوان للمسلمين وكذا بدعم بعض دول الإقليم وأميركا على وجه الخصوص لكن إيران حلمها بالسيطرة والوصول إلى بحر العرب وباب المندب تحطم بسبب مقاومة الجنوب الباسلة ومع ذلك فإيران تتواجد في أريتيريا وفق اتفاقيات ثنائية بينهما، والآخرون من حقهم تحقيق مصالحهم ويحلمون الوصول إلى بحر العرب وعدن ولكنهم جميعا أخطاؤا بالوسائل وهو تجاهل مصالح شعب الجنوب الذي أهدى بعضهم نصر مجاني خلال ثلاثة شهور وبعدها قدم انتصارات متلاحقة ولم يوقفها إلا خذلان الشرعية والمجتمع الدولي وخاصة عند أسوار ميناء الحديدة.

لا تنفع الضغوطات على الجنوب ولا بأحكام الحصار ولا بتشجيع وإنشاء قوى جنوبية لخلق بؤر صراعات جنوبية بينية وكل ذلك لن يكون في صالح تلك الدول لأنها لا تستطيع أن تحقق مصالحها عبر هذه السياسية فرق تسد بين الجنوبيين لأنها ببساطة لن تنعم بالأمن والاستقرار لأنها دخلت من البوابة الخطأ وأصبح إعادة النظر في تلك السياسة الفاشلة والتي لم تنفع مِن سبقوهم من المستعمرين السابقين الذين ذهبوا مع الريح ويبدوا أنهم لا يعرفون سيكلوجية شعب الجنوب الذي لا يقبل الضيم ولا الظلم ولكنه وفِي مع الذي يقدم له الوفاء ومستعد أن يكون سند له في الأوقات الصعبة ولقد أثبت ذلك عمليا.

من يعلق الحرس في هذه الأزمة الخطيرة للخروج الآمن منها وإرساء منظومة سياسية وأمنية توافقية متصالحة تسودها الأمن والاستقرار وتبادل المصالح هي أفضل الطرق لاستقرار دائم في المنطقة إما تجاهل مصالح شعب الجنوب فهو الطريق الذي يؤدي إلى عدم الاستقرار وسيولد أزمات تضر بمصالح الإقليم والعالم.
خاص بـ "الأيام"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى