الله والعالم والإنسان عناصر أساسية في مسرح علي أحمد باكثير

> حجاج سلامة:

> ​يناقش الكاتب والناقد المصري أحمد إبراهيم الشريف، في كتابه “أقنعة باكثير.. خطاب القيمة وإستراتيجيات الإقناع”، خطاب مسرح علي أحمد باكثير، وكيف كان باكثير كاتبا مسرحيا يحاسب الواقع ويأمل في المستقبل، مركزا على بلاغة الخطاب القيمي، وغير ذلك من الموضوعات المتعلقة بخطاب القيمة وإستراتيجيات الإقناع في مسرح باكثير.

وينطلق كتاب “أقنعة باكثير.. خطاب القيمة وإستراتيجيات الإقناع”، والصادر حديثا عن دائرة الثقافة بالشارقة، من فكرة أن الإنسان العربي يحتاج -من أجل فهم الواقع المعاصر- إلى معرفة الأدبيات السابقة التي ناقشت أزمات لا تزال تُفرض على واقعه الراهن، رغم مرور السنوات، وعلى رأسها تلك المتعلقة بالهوية.

جيل ما بعد شوقي

ويذهب المؤلف في مقدمة كتابه إلى القول إن “العالم العربي ببلدانه المعروفة لم يتحرك إلى الأمام بالشكل المأمول له اقتصاديا وسياسيا وثقافيا، حتى أنه يبدو -في بعض الأحيان- كأنه توقف في نقطة زمنية معينة، وقد صنع هذا أرقا واضحا عبر العصور، استطاع الكتاب والأدباء رصده بصورة واضحة”.

ويشير إلى أن قدرة الكتّاب على رصد الأزمات وصياغتها أدبيا زادت في القرن العشرين، وذلك لنشوب حربين عالميتين وظهور حركات التحرر من الاستعمار، وعقد المقارنات مع الآخر الأوروبي، وبسبب ازدهار أنواع من الفنون في المنطقة العربية على رأسها المسرح.

ويتناول الكتاب مسرح علي أحمد باكثير (1910 – 1969) وأعماله التي حملت على عاتقها رسائل رصدت -بحسب صفحات الكتاب- ارتباكا أصاب الشخصية العربية والإسلامية، وعملت على معالجته، لذا وقع الاختيار على دراسة أعماله المسرحية التي تضمنت عددا كبيرا من الرؤى الكاشفة عن عقبات وأزمات لا تزال مستمرة.

ويرى المؤلف من خلال فصول كتابه أن المطلع على أعمال علي أحمد باكثير -المكتوبة والمعروضة- يدرك أن ظروف المجتمع العربي والإسلامي كانت هواجسه الأساسية للكتابة الإبداعية، وأنه -في أعماله- حاكم الماضي وناقش الحاضر وتوقع المستقبل من أجل الإجابة عن أسئلة جوهرية تتعلق بالوضع الراهن لجمهوره وقرائه ومتابعي أدبه، وكل ذلك كون خطابا واضحا يمكن أن نطلق عليه اسم “خطاب مسرح علي أحمد باكثير”، وهو الذي تتناوله فصول الكتاب بالدراسة والتحليل.

وبحسب الكتاب فإن خطاب مسرح علي أحمد باكثير له تصوراته الخاصة عن قضايا كبرى شغلت الجميع، وتتعلق بعناصر أساسية؛ هي الله والعالم والإنسان، وتشمل رأيا محددا في مفاهيم مهمة، منها المرأة والشعب والوطن والحرية والسلطة وغيرها.

 ويلفت مؤلف كتاب “أقنعة باكثير.. خطاب القيمة وإستراتيجيات الإقناع” إلى أن أحمد باكثير هو في الأصل مبدع أديب وليس رجل سياسة ولا رجل دين، فقد أدرك خلال خطابه أن الفن جزء أساسي في التعبير عن هذه الموضوعات المهمة.

ومن الظواهر التي يتعرض لها الكتاب في خطاب علي أحمد باكثير الطريقة التي كتب بها ولجأ إليها ليخرج خطابه إلى الناس بالشكل المناسب الذي يضمن له تحدي الزمن واستمرارية البقاء، ويتوقف عند الصياغات الجمالية والإقناعية في المسرحيات.

ويلقي الكتاب الضوء على باكثير باعتباره مرحلة أساسية في عمر المسرح العربي؛ من حيث التنوع الفني وغزارة الإنتاج، والإحساس بالمسؤولية الإبداعية، وكيف مثل مع أبناء جيله -أمثال توفيق الحكيم وفكري أباظة وغيرهما- جيل ما بعد أمير الشعراء أحمد شوقي في كتابة المسرحية، ويوضح كيف أن الكاتب في بداية كتابته للمسرحية كان متأثرا بشوقي، حتى تصور أنه لا مسرح بلا شعر، الأمر الذي دفعه إلى استحداث كتابة شعرية مختلفة سميت بعد ذلك بـ”الشعر المرسل”، وقد ترجم بها مسرحية “روميو وجوليت” لشكسبير وألف بها مسرحية “إخناتون ونفرتيتي”.

وتؤكد صفحات الكتاب أن هذا الجيل -جيل ما بعد شوقي- رأى أن المسرح هو أمل الشعب وطموحه وتطلعه إلى حياة فنية وثقافية راقية.

المسرح والخطاب

نوه المؤلف إلى أن دراسة مسرح باكثير تفتح الباب لتحقيق عدد من الأهداف منها: الكشف عن طرق التفكير السائدة في تلك الفترة، خاصة أن المسرح -بحسب قوله- يتجاوز الجوانب الوجدانية إلى الموضوعات العامة والقضايا الراهنة، وكذلك الكشف عن خطاب علي أحمد باكثير وتشكيل رؤية عامة لأبرز عناصره، والتعامل مع الأعمال المسرحية للكاتب بوصفها خطابا جماليا قادرا على حمل رسائل معينة، والبحث عن العلاقة بين الظروف المجتمعية والمسرح، وتحليل خطاب مسرح علي أحمد باكثير بكونه وثيقة، والإجابة عن سؤال: هل تصلح البلاغة الجديدة للتعامل مع الإبداع العربي؟

وقد استخدم مؤلف الكتاب في تناوله لخطاب مسرح باكثير عددا من المصطلحات، منها ما يتعلق بطبيعة المادة المقدمة “المسرح”، ومنها ما يتعلق بمفهوم المادة “الخطاب” ومنها ما يتصل بطريقة التناول “البلاغة الجديدة”.

وقد احتوى الكتاب الذي جاء في ثلاثة فصول على عناوين عدة منها “المسرح العربي بين الإنكار والوجود”، و”خطاب المسرح والأقنعة”، و”التمرد على تابوهات الفكر الديني”، و”بلاغة القناع”، و”بلاغة الخطاب القيمي”، و”مقامات الذات”، و”مقامات الآخر”، و”مقامات العالم”، و”بلاغة الخطاب الإقناعي”، و”خطاب المرجعية”، و”خطاب المحادثة”، و”خطاب المضمون”.

يُذكر أن مؤلف الكتاب الدكتور أحمد إبراهيم الشريف، هو أديب وناقد مصري، حاصل على الدكتوراه في تحليل الخطاب المسرحي، وقد صدر له من قبل: “زغرودة تليق بجنازة”، مجموعة قصصية، عن الهيئة المصرية العامة للكتاب 2022، ورواية “طريق الحلفا”، منشورات الربيع، 2019، ورواية “موسم الكبك” عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، سلسلة كتابة 2013، و”الخطاب الشعري عند نجيب سرور”، كتاب نقدي، عن الهيئة المصرية العامة للكتاب 2016.

كما شارك في إعداد كتاب “أحمد درويش.. رحلة الإبداع والفكر”، وكتاب “محفوظ في عيون هؤلاء”، ومشروع إعادة نشر ديوان خليل مطران لصالح مؤسسة البابطين تحت إشراف الدكتور أحمد درويش، وقدم الكثير من الدراسات والبحوث في عدد من المؤتمرات الثقافية المحلية والعربية.

العرب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى