تقرير: دول الشرق الأوسط أنفقت 39.3 مليار دولار لتحلية المياه

> "الأيام" غرفة الأخبار:

> ​تركز العديد من الحكومات العربية على ضخ المزيد من الاستثمارات في مشاريع لتحلية المياه، لاسيما باستعمال تقنية التناضح العكسي، في مسعى دؤوب لحلّ مشكلة ندرة المياه في المنطقة التي تعتبر الأكثر جفافا على مستوى العالم.

ومع ارتفاع درجات الحرارة العالمية وتسارع أزمة المناخ، فإن من المتوقع أن تتفاقم أزمة المياه بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأن تؤثر على النمو الاقتصادي.

وخلص خبراء البنك الدولي إلى أن ندرة المياه المرتبطة بالمناخ يمكن أن تؤدي إلى خسائر اقتصادية تصل إلى 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة على مدى الأعوام الثلاثين القادمة.

ومع ذلك فإن الابتكارات التكنولوجية وأنظمة إدارة المياه المتقدمة تساعد في التخفيف من حدة الوضع ويشمل ذلك بناء محطات تحلية مياه رئيسية وتطويرها، وكذلك تنفيذ برامج الزراعة المستدامة وإعادة تدوير المياه.

ووفقا لتقرير صادر مؤخرا عن شركة بي.أن.سي إنتلجنس، نشرته صحيفة "العرب اللندنية" فإن بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشكل وحدها نصف ما يتم تحليته من مياه سنويا، حيث تسجل حوالي 48 في المئة من الإنتاج العالمي اليومي للمياه المحلاة.

وتكمن عملية تحلية المياه في إزالة الملح والملوثات من مياه البحر لإنتاج المياه العذبة، والتي تتجاوز استخداماتها مسألة الأمن المائي للسكان لينتقل جزء منها إلى القطاع الزراعي، الذي يواجه هو الآخر أزمة غير مسبوقة بفعل الجفاف.

وذكرت منصة أويل برايس نقلا عن موقع زيرو هيدج المالي الأميركي أن المحللة آنا فليك حددت رسما بيانيا عبر شركة ستاتيستا الألمانية المتخصصة في بيانات السوق والمستهلكين حددت فيه البلدان التي تستثمر بكثافة في هذه الصناعة مع ارتفاع الإجهاد المائي.

ويفصّل التقرير الرابع لمشاريع تحلية المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لسنة 2023 كيفية إنفاق مبلغ إجمالي قدره 39.3 مليار دولار في هذا المجال عبر المنطقة. وتغطّي المشاريع المخطط لها وتلك التي انطلق العمل عليها.

وسجّلت السعودية والإمارات أكبر الاستثمارات، حيث بلغت لدى أكبر منتجي النفط في منظمة أوبك 14.58 مليار دولار، أما جارتها فوصل حجم استثماراتها في مشاريع التحلية إلى قرابة 10.3 مليار دولار.

واحتل الأردن المركز الثالث بنحو 4.2 مليار دولار تليه مصر بواقع 3.26 مليار دولار فسلطنة عمان باستثمارات تقدر بنحو 3.16 مليار دولار.

ويأتي المغرب في المركز السادس بواقع 2.37 مليار دولار تليه تونس بنحو 950 مليون دولار فالجزائر بحوالي 210 ملايين دولار والكويت نحو 130 مليون دولار وبقية الدول العربية بإجمالي استثمارات تصل إلى 190 مليون دولار.

وحدد المجلس الأميركي – السعودي أن ما يصل إلى 60 في المئة من موارد أكبر اقتصاد عربي جاءت من تحلية المياه في العام 2019، وكان معظمها من المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة الحكومية.

وتتمتع الدولتان الغنيتان بالنفط بإمكانية الوصول إلى مياه البحر وآليات الاستثمار، ولهما مشاريع قيد الإعداد وذلك إدراكا منهما بأهمية الأمن المائي في ظل النمو الديموغرافي خلال العقود المقبلة.

وأطلقت السعودية مشاريع بقيمة تقدر بنحو 7.56 مليار دولار حاليا في مراحل مختلفة، بينما تصل قيمة الاستثمارات في الإمارات إلى نحو 7.88 مليار دولار حسب بي.أن.سي إنتلجنس.

ومن بين المشاريع الواعدة المشروع الذي تشرف عليه شركة الطاقة والمياه التابعة لمشروع نيوم شمال غرب السعودية، حيث تقوم باستبدال المياه الجوفية المستخدمة في الري بالمياه المحلاة، ومعالجة المياه العادمة وإعادة تدوير جميع المياه التي عادة ما تهدر.

ولدى السعودية أكبر محطات تحلية المياه في العالم هي رأس الخير على الخليج العربي، وقد بدأ تشغيلها في العام 2014 بطاقة إنتاج يومية تتجاوز المليون متر مكعب.

أما الإمارات فتعمل على تنفيذ ثلاثة مشاريع لتحلية المياه في أبوظبي ودبي وأم القيوين، والتي من المقرر أن تدخل الإنتاج هذا العام بسعة تصل إلى 1.9 مليون متر مكعب يوميا، بما يسهم في رفع قدرة تحلية المياه البلاد إلى 7.2 مليون متر مكعب يوميا.

وتعتبر دول الخليج رائدة في مجال تحلية المياه، إذ بلغت طاقتها الإجمالية في العام الذي تفشى فيه الوباء نحو 97.2 مليون متر مكعب يوميا، وهو ما يعادل 40 في المئة من المياه المحلاة على مستوى العالم.

ومن المتوقع أن ترتفع الطاقة الإنتاجية إلى 300 مليون متر مكعب في اليوم بحلول عام 2050.

وبينما تصبح حالات الجفاف أكثر شيوعا، يُطرح سؤال عن سبب امتناع البلدان الأخرى عن استثمار نفس القدر في تحلية المياه.

وثمة بعض البلدان تحاول التركيز على هذه القطاع، حيث كان لدى الولايات المتحدة على سبيل المثال 167 مصنعا في فلوريدا، و52 في تكساس و58 في كاليفورنيا اعتبارا من 2018، حسب مسح محدّث وموسّع لمحطات تحلية المياه في مختلف الولايات.

وأعلنت الولايات المتحدة في 2021 أنها تخطط لاستثمار أكثر من 5 ملايين دولار في أحدث تقنيات التحلية.

كما تعد أستراليا والمملكة المتحدة من بين دول العالم الغنية التي تستثمر في هذه المشاريع وتديرها، وإن لم يكن بنفس مستوى المصانع في السعودية والإمارات وإسرائيل.

وتشير العديد من الدراسات والبحوث إلى أن قيمة سوق تحلية المياه العالمية بلغت قرابة 165 مليار دولار في العامين الأخيرين.

وتتوقع شركة أريزتون للاستشارات أن تصل قيمة القطاع إلى نحو 280 مليار دولار بحلول العام 2026، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 9.3 في المئة.

وتميل تحلية المياه إلى أن تكون كثيفة الطاقة حيث تواجه تقنياتها في الحاضر قيودا كثيرة تشمل تكلفتها الباهظة وكمية الطاقة الهائلة التي يتطلّبها تشغيلها.

وتنتج عن العملية في الوقت نفسه مواد كيميائية سامة وكميات كبيرة من نفايات المحلول الملحي، والذي عند عودته إلى البحر يمكن أن يدمر الأنظمة البيئية البحرية.

وليس ذلك فحسب، بل تعدّ مصانع التحلية التي تعمل بالديزل من مصادر انبعاثات الغازات التي تسبب الاحتباس الحراري. وتشير الأبحاث إلى أن تحلية المياه قد تجعل بعض المسطحات المائية، بما في ذلك البحر الأحمر والخليج العربي والبحر المتوسط، أكثر ملوحة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى