السلام في اليمن.. وساطات قبلية موازية لجهود الأمم المتحدة

> «الأيام» دوتشيه فيله:

> التطورات الأخيرة تبعث على التفاؤل بحل الأزمة اليمنية وخاصة بعد نجاح صفقة تبادل الأسرى، لكن بموازاة جهود الأمم المتحدة لم تتوقف الوساطات القبلية التي نجحت في عقد صفقات لتبادل الأسرى ومرور المساعدات الإنسانية.

ما إن انتهت خطوات عمليات تبادل الأسرى الأخيرة في اليمن، برعاية الأمم المتحدة، حتى تحركت جهود قبلية موازية، في وساطات أفضت للإفراج عن واحد من أبرز الأسرى في سجون جماعة أنصار الله (الحوثيين) ولترفع سقف الآمال مجددا، بتعزيز جهود إنهاء معاناة ألوف آخرين، بما فيهم السياسي محمد قحطان، الذي تنتظر ابنته العشرينية فاطمة رؤيته، بعد أن فشلت كافة الجهود حتى في مجرد لقائه بعائلته.

فاطمة هي واحدة من أسرة قحطان المؤلفة من تسعة أبناء بين ذكور وإناث، يتوقون للقاء والدهم الذي اُعتقل من منزله مطلع أبريل 2015. بعد شهور قليلة من اعتقاله، انقطعت المعلومات بشأنه وحرمت عائلته من أي لقاء، رغم أنه كان أحد أربعة أسماء ذكرها قرار مجلس الأمن الدولي 2216 في العام 2015، للمطالبة بإطلاق سراحهم، اثنان منهم رأوا النور أخيرا في صفقة تبادل الأسرى والمعتقلين في أبريل الماضي، وهما وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي والمسؤول الأمني السابق ناصر منصور هادي (شقيق الرئيس السابق عبدربه منصور هادي)، قبل أن يتدخل وسطاء قبليون ومحليون بإطلاق الثالث فيصل رجب، ليتبقى قحطان، ومثله ألوف المعتقلين والأسرى لا يزالون خلف القضبان.

وللمرة الأولى وبالتزامن مع عمليات التبادل الشهر الماضي، أدلى رئيس لجنة الأسرى والمعتقلين عن "أنصار الله " عبد القادر المرتضى، بتصريحات أبدى فيها الترحيب بالتفاوض لإطلاق سراح محمد قحطان، والذي تقول ابنته فاطمة لــDW عربية "نحن كأسرة محمد قحطان يؤلمنا غيابه هذه الفترة الطويلة بدون أي تواصل و ننتظر خبر عودته"، وفي الوقت الذي تشارك فيه الأسرة الفرحة بقية الأسر التي تم الإفراج عن معتقليها "نتألم أن والدنا ليس بينهم ولا نعلم حاله منذ ثماني سنوات".

كان قحطان ورجب خارج قوائم صفقة التبادل الأخيرة التي جرت بعد مفاوضات لما يقرب من عامين، لكن مفاوضات موازية لوجهاء قبليين ومحليين من محافظة أبين التي ينحدر منها رجب، تحركت للتوسط لدى الحوثيين في صنعاء، وسط اهتمام إعلامي انتهى بإطلاق سراحه خلال أيام قليلة، وقد أدى ذلك إلى ارتفاع الأصوات المنادية بتشجيع الجهود القبلية لتحقيق اختراقات جديدة في هذا الملف الإنساني، بما في ذلك، ما يتعلق بوضع محمد قحطان، لكن فاطمة قحطان تتردد في الجزم بإمكانية "نجاح أو فشل أي وساطات محلية"، وترى أن تحرك القبيلة ليس عشوائيا، إذ يأتي مسبوقا بتفاهمات.
  • الوساطات القبيلة والملف الإنساني
منذ تصاعد وتيرة الصراع أواخر عام 2014 ومطلع عام 2015، بقي دور القبيلة حاضرا على أكثر من صعيد، بما في ذلك جهود الأطراف الرامية للحشد وكسب الولاءات القبيلة، وصولا إلى دور الوساطات الذي حضر في مختلف المنعطفات التي تتطلب تواصلا أو تفاهمات بين طرفي النزاع، وخصوصا في المناطق القريبة من الجبهات في هذه المحافظة أو تلك، وفي عمليات تبادل الأسرى على مستوى أعداد محدودة بالعشرات، هنا أو هناك.

هذا التأثير للعامل القبلي ومع فاعلية حضوره كمسار موازي للجهود الدولية، وإن بأطر محلية في الغالب، لم يعد في الواقع منفصلا عن المسار الذي ترعاه الأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن، وهو الأمر الذي يمكن تلمسه من خلال لقاءات يعقدها المبعوث الدولي هانس جروندبرج بين حين وآخر مع شخصيات قبلية ووسطاء محليين.

وفي حديثه لـDW عربية، يقول الشيخ بشير علي الشرفي، وهو أحد وجهاء قبائل بني حشيش شرق صنعاء، إن التصعيد الميداني فرض نفسه منذ العام الأول للحرب عليه كما هو حال آخرين ممن يتمتعون بدرجة من القبول لدى الطرفين، للقيام بوساطات بهدف التهدئة وتبادل الأسرى وجثث القتلى، وعلى الرغم من أنه كان في مرحلة ما وفي ظل التحديات، قد حاول التوقف عن لعب دور الوسيط، إلا أنه تلقى اتصالات من قيادات ميدانية في الطرفين، تطالبه بالتوسط في قضايا تبادل أسرى، بحكم علاقاته مع وجهاء قبائل في محافظة مأرب الخاضعة لسيطرة قوات الحكومة المعترف بها دوليا.

ووفقا للشرفي الذي ترأس عمليات توسط في أكثر من مناسبة، فقد أسفرت الوساطات القبلية والمحلية عن تبادل 2080 من جثث القتلى وأكثر 1200 أسير، حتى آخر إحصائية متوفرة لديه، ويشدد على أن نجاح مهام الوسيط مرتبطة بثقة الطرفين وحياديته، وخصوصا في ظل الحساسية الأمنية لملف الأسرى.
  • حضور نوعي على أكثر من مسار
لا ينحصر حضور الوساطات المحلية التي تقودها الشخصيات القبلية والقيادات المجتمعية، في ملف الأسرى الذين يقُدر عددهم بالآلاف، إذ عملت وفقا للمحامي والمستشار القانوني عبدالله سلطان شداد، على السماح بمرور المساعدات الإنسانية والأدوية من خلال طرقات تربط بين أطراف الصراع، وكذلك تخفيض التصعيد في بعض الجبهات، والاتفاق على إبقاء طرقات فرعية وثانوية مفتوحة لمرور المدنيين، بعد قطع الطرق الرئيسية، وصولاً إلى وساطات "نوعية وإن لم تكن معلنة، اهتمت في تجنيب المدنيين الاستهداف العسكري وكذلك تجنيب مناطق المدنيين أيضا الاستهداف"، يقول شداد في حواره مع DW عربية، ويضيف شداد الذي شارك في اجتماعات متعددة مع فريق المبعوث الأممي إلى اليمن، إن "من أبرز نقاط القوة في إنجاح الوساطات المحلية، هو تكرار التردد والتواصل مع المعنيين في تمثيل الأطراف، وكذلك إشراك وجاهات اجتماعية أثناء تولي الوساطة".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى