​قصص القرآن.. مؤامرة إخوة يوسف

>
تُعَدّ سورة يوسف في القرآن الكريم السورة الثالثة من حيث نزولها بعد سورة الإسراء، وهي مكيّة نزلت بعد، أمّا المرتبة التي تحتلّها من حيث ترتيب النزول، فهي الثالثة والخمسون، وعدد آياتها هو مئة وإحدى عشرة آية، وقد نزلت في وقتٍ كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يعاني فيه من الحزن والألم بسبب موت عمَه أبي طالب وزوجته خديجة -رضي الله عنها-، وهذه السورة كغيرها من السور التي تحتوي على القصص القرآني الذي يعدّ طريقة بيان للأسلوب الدعويّ الذي اتّبعه الأنبياء -عليهم السلام-، كما تعدّ مصدراً إلهيّاً لمعرفة أنبيائه -عليهم السلام- وقصصهم، وبهذه المعرفة تستقيم حال العبد، وتصحّ هدايته وإيمانه، لأنّه يتّبع الأنبياء -عليهم السلام- ويقتدي بهم عند معرفته لحقيقة ما حصل معهم.

* سيدنا يوسف وإلقائه في الجب
نتج عن كيد إخوة يوسف وحسدهم له؛ مؤامرة تُفضي إلى قتله حيث قال تعالى: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ} فاختاروا له إما القتل أو أن يُطرح في أرضٍ بعيدةٍ عن المساكن ومجهولة فلا يعرف أحد له طريق، واقترح أخ له وهو يهوذا أن يُلقى في بئر لعلّ أن يراه أحد ممن يمرون على البئر وكان هذا أرحمهم بيوسف فلما طلبوا من أبيهم أخذ يوسف ليذهب معهم في فسحة للعب رفض ذلك، وكان قد أحس بمكرهم فخاف عليه، فاعتذر لهم عن الموافقة على أخذه معللًا ذلك بأنه خائف من انشغالهم عنه فيأكله الذئب، فذهب معهم وأظهروا ليوسف ما كانوا يخفون من كيد وعداوة فضربوه وألقوه في بئرٍ وانتزعوا قميصه ليكون دليلًا لهم عند أبيهم فوضعوا عليه الدم الكاذب ليدعوا أن الذئب هو من أكل يوسف والقميص الذي وضعوا عليه الدم هو الدليل لديهم، وعادوا وهم يبكون متظاهرين بالحزن على يوسف، فلما أخبروا يعقوب بذلك علِمَ أنها مكيدة من إخوته وحزن حزنًا شديدًا.

*سيدنا يوسف والقافلة
وبعد ثلاثة أيام من إلقاء يوسف في الجب، كانت هناك قافلة تسير من مدين باتجاه مصر فنزلت قريبًا من البئر الذي رُميَ به يوسف بعد أن تاهت في طريقها، فلمّا ألقوا الدلو في البئر مسكها يوسف وتشبث بها فلما رآه غلامًا حسنًا أخبر قومه بما وجد قيل أنه أخفى هو ورفاقه يوسف عن بقية القافل، وقيل أن إخوة يوسف لما علموا بهم قالوا لهم هذا عبدٌ لنا أبق، فأخذوه وباعوه بثمن بخس أي بدراهم لا تُعد ولا توزن فاشتراه عزيز مصر وطلب لأهله أن يكرموه عسى أن ينفعهم لاحقًا.

*عظات وعبر من قصة يوسف عليه السلام
امتلأت قصّة يوسف بالعبر والمعاني التي ترفع من المستوى الإيمانيّ والأخلاقيّ والسلوكيّ للمؤمن، وقد ارتكزت هذه القصة على ثلاث محاور أساسية: هي الثقة بتدبير الله، والصبر على المصيبة، وترك اليأس.
فيتوكّل العبد على الله -تعالى- ويعلم أنّ كل ما يحصل له فيه حكمة قد يعلمها وقد تخفى عنه، وهو في ذلك كلّه صابر محتسب متوكل على الله -تعالى- مستسلم لقضائه وقدره، وهو لا ييأس من تنزل رحمة الله -تعالى- عليه، فيُبقي اتّصاله بالله -تعالى- ودعاءه له حاضراً، كما يشكر الله -تعالى- دائماً، ويُرجع الفضل له أولاً وآخراً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى