قصص القرآن

>
لقاء يوسف بإخوته

 قدّر الله سبحانه أن يكون لقاء يوسف بأخوته في سنين الجدب، حين عمّ القحط واشتدّت السنين على الناس، فخرج أهل فلسطين وفيهم إخوة يوسف إلى مصر لعلهم يجدون هناك مؤونة يرجعون بها إلى أهلهم، وحين دخلوا على أخيهم يوسف -عليه السلام- وكان حينها وزيراً لم يعرفوه، ولكنّه عرفهم، وطلب منهم أن يأتوا بأخيه بنيامين، وإن امتنعوا عن ذلك فلن يعطيهم المؤونة، فرجعوا إلى أبيهم ليقنعوه وأخبروه أنّ الوزير طلب جلب أخيهم؛ ليعطيهم من المؤن، وطلبوا من أبيهم أن يأخذوا معهم بينامين لكنّه رفض بدايةً عندما تذكّر ما فعلوه بيوسف -عليه السلام- قبلا، ثمّ فتّشوا أمتعتهم ووجدوا أموالهم ومؤنهم موجودة؛ فأخبروا أباهم بذلك وبيّنوا أنّ أخذهم لأخيهم سيزيد من المؤن التي سيحصلون عليها، فقبل بعد ذلك وقال لهم: ((لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَن يُحَاطَ بِكُمْ ۖ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ)).

رجع أخوة يوسف إلى مصر ودخلوا عليه ومعهم أخوه بنيامين، ولأنّه أراد أن يُبقي أخاه عنده احتال لذلك حيلة، فأمر الذين عنده أن يضعوا كأس الملك الذي يشرب به في متاع أخيه بينامين، ولمّا بدؤوا بالسير خارجين؛ نادى عليهم وكيل يوسف -عليه السلام- متهماً إياهم بالسرقة، ولكنّهم بيّنوا أنّهم لم يسرقوا، وقد أُخبروا أنّ السارق سيصير عبداً عند الملك، وحين بحث الجند في متاعهم وجدوا الكأس في متاع أخيه، فأبقاه يوسف -عليه السلام- عنده جزاء سرقته.

ورجع أخوة يوسف إلى أبيهم وأخبروه بما حصل، وطلبوا منه أن يسأل القافلة التي كانت معهم أو أن يسأل القرية التي كانوا فيها عن صدق ما قالوا، فلم يصدّقهم وقال لهم: ((بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ))، وحزن حزنا شديدا وبكى حتى أفقده البكاء نظره، وقد لامه أولاده على كثرة ذكره ليوسف -عليه السلام-، وسلّم أمره لله -تعالى-، ثم أمر أولاده بأن يعودوا إلى مصر ويبحثوا عن إخوانهم يوسف وبينامين وأخبرهم ألّا ييأسوا من رحمة الله -تعالى- فأطاعوا أبيهم وخرجوا إلى مصر مرّة أخرى.

* تعارف الإخوة والتقاء الأسرة

 رجع إخوة يوسف إليه كما أمرهم أبوهم وحين دخلوا عليه قالوا: ((يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ))،فرجوه أن يتصدّق عليهم ويرحم ضعف أبيهم الذي فقد بصر عينيه من فراق أبنائه، وحين علموا أنّه أخيهم يوسف طلبوا منه الاستغفار لهم، فقال: ((لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ))،وقد أرجع يوسف -عليه السلام- فعلهم إلى جهلهم وظلمهم لأنفسهم،ثم أعطاهم قميصه وطلب منهم أن يرجعوا إلى أبيهم ويلقوا القميص على وجهه وبشّرهم أنّه سيعود له بصره، وحين رجعوا أحسّ أبوهم بريح يوسف، وألقى البشير القميص على وجه يعقوب -عليه السلام- فعاد له بصره، وطلبوا من أبيهم الاستغفار لهم ففعل، وخرجوا جميعهم إلى مصر ليلتقوا بيوسف -عليه السلام-، وعندما دخلوا إليهم سارع إلى أبويه وأمّنهم من الخوف والقحط، وجعلهم بجانبه على العرش، وألقي إخوته له ساجدين، ولمّا رفعوا رؤوسهم ذكّر أباه برؤياه من قبل، وحمد الله -تعالى- على ما أنعمه عليه من الحرّية والمُلك، وبأن أصلح الله -تعالى- بينه وبين إخوته.

* دروس مستفادة من قصة سيدنا يوسف عليه السلام:

* حفظ وكتم الأسرار وعدم البوح بها لمن لا يصونها.
* المساواة في التعامل مع الأبناء، حتى لا نزرع بداخلهم مشاعر الكراهية والغيرة بينهم.
* الثبات على الحق والصبر على ما نتعرض له من إيذاء بسبب وقوفنا بجانب الحق وضد الظلم.
* الابتعاد عن مواضع الشبهات والابتعاد عن الفتن.
* أهمية الدعاء والرجوع إلى الله دائمًا في المحن واليسر، والاستغفار على الآثام والتوبة عنها.
* التوكل على الله تعالى في كل أمورنا بجانب عملنا لكل ما علينا من واجبات وجهود وسعي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى