​قصص الأنبياء .. أيوب عليه السلام

>
أيوب عليه السلام من سلالة سيدنا إبراهيم كان من النبيين الموحى إليهم، كان أيوب ذا مال وأولاد كثيرين ولكن الله ابتلاه في هذا كله فزال عنه، وابتلي في جسده بأنواع البلاء واستمر مرضه 18 عاما اعتزله فيها الناس إلا امرأته صبرت وعملت لكي توفر قوت يومهما حتى عافاه الله من مرضه وأخلفه في كل ما ابتلي فيه، ولذلك يضرب المثل بأيوب في صبره وفي بلائه، روي أن الله يحتج يوم القيامة بأيوب عليه السلام على أهل البلاء.

سيرته:

ضربت الأمثال في صبر هذا النبي العظيم. فكلما ابتلي إنسانا ابتلاء عظيما أوصوه بأن يصبر كصبر أيوب عليه السلام، وقد أثنى الله تبارك وتعالى على عبده أيوب في محكم كتابه ((إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ))  والأوبة هي العودة إلى الله تعالى، وقد كان أيوب دائم العودة إلى الله بالذكر والشكر والصبر، وكان صبره سبب نجاته وسر ثناء الله عليه، والقرآن لم يحدد نوع مرضه، وتعدد الروايات عن قصة أيوب ومرضه.

*قصة سيدنا أيوب عليه السلام
كان النَّاس يرون ويسمعون عن قصة سيدنا أيوب والعيش الرَّغيد والنَّعيم الذي يعيش فيه، وكان كلَّما زاده الله بركةً ورزقًا واسعًا ازداد هو ورعًا وتقوى، لا يفتنه مال ولا يغويه ولدٌ، بل حُبُّ الله ورضاه هما همَّه الوحيد وشغله الشاغل في الدنيا، وأصبح الشيطان يوسوس للنَّاس بأن أيوب ما كان يعبد الله حُبًّا بعبادته ولا طواعية في نفسه، وأن عبادته وطاعته كانت طمعًا فيما يمنحه الله من مال وبنين وبما أعطاه من ثروة طائلة، وأن الله لو نزع عنه كل هذه النِّعم والرِّزق الوفير والثراء الكثير فإنه سيبتعد عن عبادة الله وعن ذكره.

وكانت أخبار ما يُوسوس به الشيطان للناس تصل إلى مسامع سيِّدنا أيوب فلا يهتم إليها ولا يعيرها أي اهتمام، ولكنَّ الله سبحانه وتعالى أراد أن يجعل سيدنا أيوب مثالًا للبشرية جمعاء في قيم الصبر على البلاء، فابتلاه الله بأعظم ابتلاء فنزع ماله وفقد أبنائه، وأصيب جسده بالمرض حتى أصبح لا يقدر على الوقوف ولا يقوى على الحركة والسَّير، وعندما رأى الناس ما حل بسيِّدنا أيوب من ابتلاء عظيم أصبح فريقًا منهم يشكِّك بأنّه نبيٌّ من عند الله، كذلك ظن الشيطان الذي وسوس لهم أن المصائب والكوارث التي حلَّت بسيِّدنا أيوب سوف تُذهِب إيمانه وتقواه وتفسد قلبه، لكن ظنَّهم ومسعاهم قد خاب فلم تزد تلك المصائب سيِّدنا أيوب إلا إيمانًا وصبرًا.

ومرَّت الأيَّام وأيوب على حاله من ضعف ووهن في الجسم وفَتَكَ المرض بأغلب جسده، ولم يتبقَّى أحدٌ بقربه إلَّا زوجته، التي بقيت تخدمه وترعاه وكانت على عهدها بوفائها لزوجها، وكانت صابرة محتسبة، لكنَّ رفقاء الشيطان والمفتِّنين لم يتركوها لحالها ومعاناتها، بل راحوا يألِّبونها ويحرِّضونها على هجر وترك سيدنا أيوب، وفي إحدى زياراتها له، قالت له: لِمَ يعذّبك الله؟ وأين مالك؟ وأين أبناؤك؟ وأصدقاؤك؟ فرد عليها سيِّدنا أيوب، وقال: لقد سوَّل لكِ الشيطان أمرًا، أتُراكِ تبكين على عزٍ قد ولَّى، لقد خاب ظنِّي بك ولا أراكِ إلا وقد ضَعُفَ إيمانك وضاق قضاء الله وقدره بصدرك، ولئِن شُفِيت من مرضي هذا لأجلدنَّك مائة جلدة، فإذهبي عنِّي ولا أريد أن أراك حتى يقضِيَ الله بيني وبينك.

وهكذا أصبح سيِّدنا أيوب عليه السلام وحيدًا إلَّا من مرضه وفي ذروة معاناته وفي قمَّة الشدَّة، اشتكى إلى الله، كما قال تعالى في القرآن الكريم: ((وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)). [سورة الأنبياء: 83].

وفي هذه اللَّحظة التي توجَّه فيها سيدنا أيوب إلى ربِّه داعيًا ومتضرِّعًا، استجاب الله له وأمره أن يضرب الأرض برجله، فانفجرت من تحتها عين ماء فشرب واغتسل منها، فعادت إليه صحَّته وعافيته وخَرَّ أيوب ساجدًا لله على تلك النعمة التي أعادها الله إليه وأوحى له الله بأنه سيعيدها له كاملة كما كان في السابق كثير الرزق والمال والأبناء.

أما زوجة سيِّدنا أيوب فقد أصابها القلق على زوجها الذي تركته، وعرفت أنها أخطأت في حقِّه، وأن الشيطان أبعدها عن الحق، فما كان منها إلَّا أن عادت إلى المكان الذي فيه زوجها وهي ملهوفة ومتحسِّرة ونادمة على ما بدر منها، وكان سيِّدنا ايوب عليه السلام قد حلف أن يضرب زوجته مائة جلدة إذا شفي من مرضه.

فأوحى له الله بأخذ حزمة من العيدان الصغيرة ويضرب بها زوجته، فكأنَّه يضربها مائة جلدة حتى لا يحنث بيمينه الذي قطعه، ولا يؤذي تلك المرأة الصالحة التي كابَدت وعانت معه الشَّقاء والمِحَن أيام مرضه وسهرت اللَّيالي بجانبه، وكان جزاء سيدنا أيوب على صبره على الابتلاء وعدم ضيقه بمُصابه الجلَلْ، أن أنعم الله عليه بأكثر مما كان عندهـ فأصبح لديه من الأولاد الكثير، وزادت ممتلكاته وأرزاقه أضعافًا مضاعفة عمَّا سبقـ وأصبح سيدنا أيوب مثالًا في الصبر على البلاء، وبعد كل هذا نسترشد من قصة سيدنا أيوب عليه السلام أن البلاء من عند الله سبحانه لا يزيدنا إلا تقرُّبًا للهأ وأن الإنسان إذا أذهب الله ماله وولده لا يزيده هذا إلا شكرًا لله وصبرًا على قضائه، وأنَّ المرأة الصالحة إذا ابتُلِيَ زوجها بمصابٍ فعليها أن تصبر وتحتسب أجرها عند الله وتبقى بجانب زوجها، وأن الرِّضا بالقدر والشكر والصبر يعيدون للإنسان نعم الله التي أنعمها عليه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى