ماذا سيواجه الجيش الإسرائيلي داخل غزة؟

> "الأيام" الحرة:

> ​أعلن الجيش الإسرائيلي،اليوم السبت، أن قواته تستعد لتنفيذ مجموعة واسعة من خطط العمليات الهجومية مع تزايد التوقعات باجتياح وشيك لقطاع غزة بعد أسبوع من هجوم دامٍ شنه مسلحون من حركة حماس على إسرائيل.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن قواته انتشرت في جميع أنحاء البلاد، مما زاد من استعدادات العمليات للمراحل التالية من الحرب، "مع التركيز على العمليات البرية الكبيرة".

والسبت، زار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، جنود مشاة إسرائيليين في غلاف قطاع غزة، وظهر في فيديو وهو يقول لهم "هل أنتم مستعدون للمرحلة التالية؟ إنها مقبلة".

ومع اقتراب العملية الإسرائيلية البرية، قال تحليل لمجلة "فورين أفيرز" الأميركية بعنوان "ماذا ستواجه إسرائيل في غزة"، إن أي اجتياح بري لا يخلو من التعقيدات اللوجستية والميدانية، وعرض التحليل سيناريوهات للمعارك في حال اجتاح الجيش الإسرائيلي قطاع غزة.

  • دروس سابقة

اشتبكت إسرائيل وحماس في عدة مناسبات منذ وصول الحركة إلى السلطة في عام 2007. لكن تلك المعارك كانت محدودة إلى حد ما، إذ "تمكنت إسرائيل من ضرب حماس بشدة بغارات جوية استهدفت البنية التحتية الرئيسية في غزة، ولم تغامر إلا بعمليات متفرقة على الأرض". 

وكان السبب وراء عدم الدخول برا، وفق التحليل، هو أن الهجمات البرية في غزة عادة ما تكون صعبة للغاية. 

وخلال آخر هجوم كبير نفذه الجيش الإسرائيلي على غزة، في عام 2014، قُتل ما يقرب من 66 جنديا إسرائيليا وستة مدنيين وأكثر من 2000 فلسطيني.

وعلى الرغم من توغل الجيش على عمق بضعة أميال فقط في الجيب، كان معظم القتلى الفلسطينيين من المدنيين "وكان ربع العدد من الأطفال".

"الحسابات  اليوم مختلفة إلى حد كبير" وفق المجلة، حيث جاءت عملية عام 2014، التي بدت ضخمة في ذلك الوقت، ردا على هجمات حماس الصاروخية.

وشكلت تلك الضربات تهديدا لإسرائيل، لكن تم اعتراضها بواسطة نظام القبة الحديدية الصاروخي في البلاد وأسفرت عن أضرار طفيفة. 

على النقيض من ذلك، كان هجوم حماس، السبت الماضي، أكثر فتكا، حيث قتل أكثر من 1300 شخص في يوم واحد، وهي أسوأ خسارة في الأرواح في تاريخ إسرائيل.

نتيجة لهذا، فإن الهدف العسكري المباشر لإسرائيل يتلخص الآن في تدمير حماس أو على الأقل "إصابتها بالشلل" وفق تعبير التحليل. 

وستسعى إسرائيل إلى قتل أو أسر قيادات حماس السياسية والعسكرية وقد تحاول تدمير البنية الأساسية لحماس ومخابئ الأسلحة. 

وهذه الأهداف، تتطلب  "احتلالا مؤقتا لكل قطاع غزة أو جزء منه، وهو الأمر الذي لن يكون سهلا".

وبحسب تحليل المجلة "ستحتاج القوات الإسرائيلية إلى الانخراط في قتال حضري من منزل إلى منزل ضد عدو مستعد جيدا وملتزم بجعل الغزاة يدفعون ثمن أي تحرك" . 

وسيكون التقدم بطيئا، وستكون المعارك ضارية، وسوف تحتاج إسرائيل إلى استخدام القوة النارية الساحقة لتحقيق أهدافها "لكن في هذه العملية، قد تقتل أعداد هائلة من المدنيين". 

  • "حرب شوارع"

من أجل "الاستيلاء على غزة" وفق تعبير التحليل، سيتعين على إسرائيل أن تقاتل في بيئة عدائية، إذ أن القطاع  معروف بكثافته السكانية الكبيرة (أكثر من 20 ألف شخص لكل ميل مربع)، وهؤلاء السكان ليسوا أصدقاء للجيش الإسرائيلي، حسب المجلة.

يضاف إلى ذلك، أن جزءا كبيرا من القطاع مشيّد بأزقة ضيقة وساحات ومبان خرسانية ذات ارتفاعات مختلفة، وهو مشهد تعرفه حماس والجماعات الغزاوية الأخرى عن كثب "وسوف يستخدمون هذه الجغرافيا والمعرفة للإيقاع بالقوات الإسرائيلية وإبطائها".

ومقارنة بمعظم الجيوش، يتمتع الجيش الإسرائيلي بكفاءة عالية في القتال في المناطق الحضرية، وذلك بفضل سنوات من العمليات في الضفة الغربية، لكن حرب الشوارع صعبة حتى بالنسبة لأفضل الجيوش. 

بالإمكان أيضا أن يواجه جنود الجيش الإسرائيلي تهديدات من القناصة والعبوات الناسفة والانتحاريين والصواريخ المضادة للدبابات والقذائف الصاروخية والطائرات بدون طيار. 

إلى ذلك، سيعرض التوغل في شوارع غزة، الجنود الإسرائيليين لإطلاق النار المباشر وغير المباشر، لذا، فإنهم سينتقلون من منزل إلى منزل كلما أمكن ذلك "عن طريق إنشاء ثقوب الفئران، وهي عملية مرهقة يقوم فيها الجنود بإحداث فتحات في الجدران للتقدم".

في غضون ذلك، ستتفاقم الاشتباكات بسبب مهارة حماس في حرب الأنفاق. 

ونجحت الجماعة في استخدام الأنفاق لتهريب البضائع والمقاتلين إلى غزة وخارجها وما حولها لسنوات. 

ودمر الجيش الإسرائيلي بعضا من البنية التحتية لأنفاق حماس، ولكن ليس كلها، حيث كان يركز عادة على تدمير الأنفاق القريبة من حدوده. 

يقول التحليل في الصدد "هذه المرة، سيتعين على إسرائيل أن تقلق أكثر بشأن شبكات الأنفاق الواسعة داخل غزة.. مقاتلو حماس سوف يستخدمون هذه الأنفاق لإخفاء القادة والظهور فجأة خلف قوات الجيش الإسرائيلي، مما قد يسمح لهم بنصب كمائن واختطاف وقتل الجنود الإسرائيليين".

  • عامل المفاجأة

عند إجراء عمليات في مناطق وعرة، يعتمد الجيش الإسرائيلي عادة على المفاجأة التكتيكية للحصول على ميزة السبق، والهجوم من اتجاهات غير متوقعة، ومحاولة خداع الخصوم، والسعي للقبض عليهم وهم غير مدركين لما يجري. 

لكن حماس تملك المبادرة في هذه الحرب، فقد فاجأت إسرائيل بهجومها، وهي بالتأكيد تتوقع ردا مدمرا، فقواتها مستعدة بشكل جيد على نحو شبه مؤكد.

وسيتم تعزيز صفوف حماس أيضا بمقاتلين من جماعات أخرى، مثل حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، ومدنيين ينضمون إلى القتال، بينما تتعقد مهمة الإسرائيليين أكثر.

"سوف تزداد التكتيكات الإسرائيلية تعقيدا بسبب الأعداد الكبيرة من المختطفين الذين تحتجزهم حماس" يقول التحليل.

وتشعر إسرائيل بحساسية شديدة تجاه أسر جنودها ومدنييها، ففي عام 2011، على سبيل المثال، قامت بتبادل أكثر من 1000 سجين فلسطيني مقابل جندي إسرائيلي واحد أسرته حماس (جلعاد شاليط).

كما أطلقت سراح عدد آخر مقابل استرجاع جثتي جنديين إسرائيليين، من حزب الله اللبناني "لكن هذه التبادلات تشكل نماذج مستحيلة اليوم". 

واختطفت حماس ما يقرب من 150 رهينة في هجومها الأخير، بما في ذلك مواطنون أميركيون "وسيكون من الصعب للغاية على المسؤولين الإسرائيليين إنقاذهم في حال هجوم بري غير مدروس".

  • البديل؟

ينصح التحليل بضرورة مراقبة واستطلاع قطاع غزة قبل أي تحرك بري، وذلك باستخدام الطائرات بدون طيار وطائرات المراقبة ذات قدرات الاستشعار المتقدمة. 

ستسمح هذه الآليات للجيش الإسرائيلي، وفق التحليل، باكتساب نظرة من الداخل على المنازل والطوابق التي سيحتاج الجنود إلى عبورها أثناء تقدمهم. 

وسيقوم الجيش بتكملة هذه المعلطيات، بمعلومات استخباراتية من متعاونين محتملين، بالإضافة إلى الأقمار الاصطناعية ومصادر أخرى، ما يوفر له التوجيه العام أثناء تقدم جنوده على الأرض ويساعده على تحديد مواقع حماس وتجنب الكمائن.

وتقوم القوات الإسرائيلية بالفعل بضرب حماس بالمدفعية والطائرات ذات الأجنحة الثابتة، مثل طائرات إف-15 وإف-16.

وسوف يقوم الجيش الإسرائيلي بشن هجمات مماثلة بطائرات عسكرية بدون طيار، مثل هيرميس 450 وهيرون 900. 

وقد أرسلت إسرائيل بعض قوات العمليات الخاصة إلى حدود غزة، حيث من المرجح أن تقوم بغارات لقتل قادة حماس وإنقاذ المختطفين. 

وتتمتع فرق "العمليات الخاصة" الإسرائيلية بمهارات عالية، ولكن من المرجح أن حماس قد استعدت لمثل هذه الهجمات "لذا فإن هذه العمليات محفوفة بالمخاطر".

في نهاية المطاف، يوضح التحليل، أنه بعد إضعاف الموارد العسكرية لحماس، يمكن للجيش الإسرائيلي أن يتحرك ببطء إلى داخل غزة باستخدام المشاة وناقلات الجنود المدرعة وبدعم من دبابات القتال الرئيسية، يمكنه التحرك بحذر لتجنب وقوع إصابات في صفوفه. 

في النهاية، يلفت التحليل، إلى ضرورة أن يحاول الجنود الإسرائيليون عدم إطلاق النار بشكل عشوائي "لأن هدفهم الأساسي يتلخص في إضعاف حماس" ثم يستدرك بالقول "في نهاية المطاف، سيكون هدف الجيش الإسرائيلي، تقليل الخسائر في صفوفه، ولن تتردد قواته في إطلاق النار أولا عندما تشعر بوجود تهديد".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى