حكومة المناصفة وإعلان الفشل

> وأخيرًا صرح رئيس الحكومة بأن حكومته غير قادرة على دفع مرتبات موظفي الدولة، إنه إعلان للفشل والإفلاس معًا، فالحكومة ستكون في أي لحظة غير قادرة على تقديم الخدمات وعاجزة عن تنفيذ مهامها، وفي مثل هذه الحالة يفترض أن تقدم استقالتها وتختفي من المسرح السياسي، لكنها ظلت متنحة ولم تتزحزح قيد أنملة، وهذا يتنافى مع كل ما هو متعارف عليه في كل دول العالم، عند حدوث مثل هذه التداعيات الخطيرة وعدم تقديم استقالتها، نضع عليه أكبر علامة استفهام؟

وهذا التصريح سيقود إلى انهيار كل ما تبقى من مؤسسات الدولة في الجنوب، ولكنه سيضعها في إطار الحكومات الفاشلة إقليميًا ودوليًا، وبما أن الحكومة مناصفة بين الجنوب والشمال، سيكون المتضرر الرئيسي هو النصف الجنوبي من هذه المعادلة، وهي دعوة لخلق الفوضى بالشارع الجنوبي .. السؤال ماذا عن الانتقالي المشارك في هذه الحكومة وهو المفوض لاستعادة دولة الجنوب، هل سيربط مصيره بمصير هذه الحكومة الفاشلة؟ .. والسؤال الأهم هو ماذا أعد لمواجهة هذه الكارثة أو بالأصح للسقوط الناعم من الداخل؟

يظهر بأن المستهدف الرئيسي من هذا العمل هو الجنوب، لأن الشمال تديره جهة أخرى وأموره كما يبدو على ما يرام، وهناك سؤال يطرح نفسه هل توقيت التصريح مرتبط بما يجري من تسويات ومفاوضات على مدى السنوات الأخيرة؟ وإظهار بأن الجنوب مفلس ومنهار اقتصاديًا، وبالتالي سيأتي الإنقاذ من رحم التسوية القادمة؟ فالمتتبع لنهج هذه الحكومة فقد كان الفشل عنوان رئيسي لعملها منذ اليوم الأول لتشكيلها، وكان كل هذا متوقعًا من خلال ممارسة الحصار على الجنوب، وفي تعطيل الخدمات، وفي التلكؤ في دفع المرتبات، وتعطيل ميناء عدن، وإبقاء مصافي عدن معطلة، وانصراف الحكومة بصرف إيرادات الجنوب على المحافظات الشمالية، سواءً كانت التي تقع تحت الشرعية أو تلك التي تقع تحت الحوثي، وأكملت مسرحية الحصار أن تماهت الشرعية والحكومة مع تهديدات الحوثي لموانئ تصدير النفط دون أن تبذل جهدًا لمواجهة ذلك بإجراءات معاكسة وصارمة، وهذه خطة محكمة الأركان، لكي يتم تركيع الجنوب.

منذ أن باشرت الحكومة عملها وهي تنشر الفساد، وتشجع النازحين من مناطق الشمال للجنوب، حتى بعد انتهاء الحرب، والصرف عليهم وتشجيع المنظمات الدولية العاملة على تبنيهم، وحتى لم تعمل على نقل مقرات تلك المنظمات الدولية من صنعاء إلى عدن، وما زال الرقم الوطني للبطاقة الشخصية، وكذا إدارة اليمنية وحساباتها في صنعاء، وما زال التخادم بين البنك في عدن وصنعاء لصالح صنعاء، وحتى إدارة الطيران المدني مقره صنعاء، وكل شركات الاتصالات مركزها الرئيسي صنعاء، ولم تسمح بإنشاء شركة اتصالات في عدن، وما خفي كان أعظم، وكل هذا وصنعاء غير معترف بها دوليًا. ولكن حكومة معين هي الوحيدة التي تعترف بحكومة صنعاء، وتمكنها من إدارة المناطق المحررة بكل يسر وسهولة، وكيف لا تعلن الحكومة إفلاسها قبل التسوية الجارية حتى تقول للعالم بأنه لا مجال إلا أن تعاد إدارة الدولة إلى صنعاء، وهذا مخطط متفق عليه كل النخب السياسية اليمنية.

الجنوب اليوم على المحك فمسؤولية الانتقالي كبيرة، وكذا القوى السياسية الجنوبية المشاركة في الحكومة تجاه شعب الجنوب، وكلها مقدمات لتهيئة الظروف المناسبة بشكل ناعم، لإعادة الجنوب إلى باب اليمن، بعد فشلهم في إعادته بالقوة المسلحة، أو من خلال الإرهاب أو عبر خلق مكونات جديدة تخدم هذا الاتجاه، أو تشكيل وحدات جنوبية جديدة تحت إدارة شمالية، فالشعب الجنوبي متيقظ و مقاوم، وسيظل يقاوم كل ما من شأنه الاستخفاف بحقه في استعادة دولته، وإنهاء وضع الوحدة الفاشلة، وخاصة بعد تيقنه بأن كل القوى السياسية الشمالية بمختلف مذاهبها تعمل متحدة، لإعادة الجنوب إلى بيت الطاعة، فالكرة الآن في ملعب الانتقالي، ماذا عساه أن يفعل؟ الآن أمامه مهام كثيرة ومعقدة تحتاج إلى إعادة الحسابات، والوقت يجري ليس لصالح الجنوب، وأي تأخير ستحل الكارثة على الجميع، وحينها لن ينفع الندم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى