العرب: الشرعية اليمنية وفرت على أنقرة عناء التسلل عبر نافذة الإخوان

> "الأيام" العرب:

> ​باتت تركيا تحظى بفرصة أكبر لمدّ نفوذها في اليمن الذي يمثّل موقعه القريب من مواطن تأثيرها على الضفة المقابلة من البحر الأحمر أهمية إستراتيجية استثنائية بالنسبة إليها.

وجاء ذلك بعد أن تضاءلت الممانعة للوجود التركي في المناطق التابعة للسلطة الشرعية اليمنية التي لم تعد تجد حرجا في توسيع نطاق العلاقات مع حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان بعد المصالحة التي حدثت بين تركيا والمملكة العربية السعودية ذات التأثير الكبير في سياسات السلطة ومواقفها من مختلف الأطراف الإقليمية والدولية.

ولم تعد تركيا مضطّرة للتسلّل إلى اليمن عبر نافذة حزب التجمّع اليمني للإصلاح الذراع المحلية لجماعة الإخوان المسلمين القريبة أيديولوجيا من النظام التركي الحالي، بعد أن فتحت لها سلطة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي الباب على مصراعيه لتأسيس نفوذ دائم لها في البلد وعقد شراكات مع سلطاته المعترف بها دوليا تمهّد لتدفّق سلعها إلى سوقه الداخلية.

وسُجّل مؤخّرا نشاط مكثّف للسفير التركي لدى اليمن مصطفى بولاط في مناطق الشرعية شملت عقده عدّة لقاءات مع مسؤولين كبار في مجلس السيادة وآخرين محلّيين عرض عليهم خلالها الشراكة مع بلاده في عدّة مجالات.

وتوّج بولاط حراكه بلقاء مع العليمي، قالت وكالة الأنباء سبأ في نسختها التابعة للشرعية، إنّ رئيس مجلس القيادة أشاد خلاله “بالعلاقات التاريخية المتميزة بين اليمن وجمهورية تركيا متطلعا إلى المزيد من التعاون الأوسع بين البلدين الشقيقين. كما أشاد بالموقف التركي الثابت إلى جانب الشرعية الدستورية وجهود استعادة مؤسسات الدولة وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني”.

كما أوردت الوكالة أن العليمي استمع خلال اللقاء “إلى انطباعات السفير عن جولته الأخيرة في عدد من المحافظات اليمنية والتدخلات الإنسانية والخدمية التركية الجارية والمستقبلية وعلى وجه الخصوص في مجالات التعليم العالي والثقافة والصحة والزراعة والتأهيل والتدريب”.

وكانت الجولة الأخيرة للسفير التركي في اليمن قد شملت عدّة مناطق واقعة ضمن سيطرة الشرعية، من بينها محافظة حضرموت التي تحتوي أراضيها على ثروات نفطية مغرية لتركيا، ما جعل مراقبين ينظرون إلى زيارة بولاط إليها باعتبارها انعكاسا لاهتمام بلاده بإيجاد موطئ قدم لها في المحافظة.

والتقى السفير في حضرموت مع عدد كبير من المسؤولين في السلطة المحلية مدنيين وعسكريين، وعرض عليهم الشراكة مع تركيا في عدد من المجالات، مؤكّدا اهتمام أنقرة بالمحافظة التي وصفها بـ”واجهة” اليمن.

وجاءت الزيارة التي تعتبر الأولى التي يقوم بها مسؤول تركي من هذا المستوى إلى المحافظة الواقعة بشرق اليمن مكمّلة لتحركات تركية في العديد من المناطق اليمنية الواقعة خارج سيطرة جماعة الحوثي حملت بالأساس عناوين إنسانية من خلال تقديم المساعدات للسكان المحليين وإطلاق مشاريع خدمية صغيرة تتعلق بالتعليم والصحة والنقل وتوفير المياه الصالحة للشرب.

وتسعى تركيا من وراء تلك المشاريع إلى الحفاظ على وجودها في اليمن كطرف منافس على النفوذ في مناطقه، خصوصا وأنّ موقعه الجغرافي يحمل ميزة القرب من مناطق نفوذها الجديدة في الساحل الشرقي لأفريقيا حيث تمكّنت خلال السنوات الأخيرة من تركيز وجود عسكري لها في كل من جيبوتي والصومال، فيما تواصل محاولتها التواجد عسكريا في مناطق السودان المطلّة على البحر الأحمر.

واعتمدت تركيا خلال السنوات الأخيرة في مدّ نفوذها في اليمن على حلفائها من جماعة الإخوان المسلمين الممثلين محلّيا بحزب التجمّع اليمني للإصلاح الذي يحتفظ له بمعاقل في كل من محافظة تعز ومأرب وشمال حضرموت.

وشملت زيارة بولاط لحضرموت معقل نفوذ حزب الإصلاح في المحافظة حيث التقى قيادات من المكتب التنفيذي للحزب بوادي حضرموت.

وقالت وسائل إعلام تابعة للحزب الإخواني إن تلك القيادات “رحبت بالسفير وعبّرت له عن تطلعها للدور الإنساني والتنموي التركي ودعم اليمن والحكومة الشرعية”.

وتستجيب محافظة حضرموت والعديد من مناطق اليمن الأخرى للمواصفات التي تبحث عنها تركيا للوصول إلى بعض منابع الثروة النفطية العربية، والتي تتمثّل في كون تلك المناطق بمثابة خواصر رخوة بسبب عدم استقرارها وكثرة الصراعات داخلها الأمر الذي يسهّل اختراقها وفقا للمنظور التركي.

ولم تنقطع تركيا طوال السنوات الماضية عن الترويج لقيامها بدور إنساني وتنموي في المناطق اليمنية رغم ضآلة الأثر الحقيقي لذلك الدور على الأرض.

وتقول مصادر سياسية يمنية إنّ النظام التركي مازال يتلمس طريقه نحو الملف اليمني ويعزز تواجده السياسي والإعلامي والاستخباري في الساحة اليمنية انتظارا للتحولات التي قد يشهدها اليمن.

وتلفت المصادر إلى أن تكثيف الدبلوماسية التركية لحراكها في الساحة اليمنية خلال الفترة الحالية بالذات ليس من قبيل الصدفة بقدر ما يأتي استباقا لما يمكن أن تؤول إليه محاولات إطلاق مسار سياسي يهدف لإنهاء الصراع اليمني سلميا.

ويمكن لتركيا أن تعتمد في توسيع نفوذها في اليمن على عدد كبير من المسؤولين السياسيين والإعلاميين اليمنيين وقادة الأحزاب المقيمين على الأراضي التركية والذين تمنحهم شبكة علاقاتهم وأيضا صفاتهم الرسمية إمكانية الاقتراب من دوائر صنع القرار في السلطة الشرعية اليمنية ومحاولة توجيه قرارها لخدمة الأجندة التركية في اليمن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى