وجدان يُبدد الأحزان
جاحدٌ ذلك ، الذي ينظر إلى النصف الفارغ من فنجان رياضة عدن ، ويتجاهل النصف المليان ، الذي فاض منسوبه ، مع قدوم الكابتن (وجدان شاذلي) لتولي زمام مقاليد مكتب الشباب والرياضة بعدن .. وجاحدٌ ذلك الذي لا ينظر لتجليات الكابتن (وجدان) ، وقد حول (عدن) في رمضان إلى خلية نحل مليئة بالحركة التي تسبق البركة ، بدليل أن مكتب الشباب والرياضة في عدن ، رسم خريطة رياضية رمضانية مشحونة بالكثير من الألعاب الفردية والجماعية.
وبصراحة فيها راحة ، فإن تفعيل نشاط أكثر من 13 لعبة فردية وجماعية في الملاعب المفتوحة والمغطاة ، في أقل من شهر ، عمل خارق لا يمكن ترويضه إلا إذا كان المروض من فصيلة الكابتن (وجدان شاذلي) ، الرجل الذي يؤمن بأن المستحيل لا يسكن إلا في أحلام العاجز.
ومبعث الإعجاب بالعمل الرمضاني الجبار للكابتن (وجدان) ، هذا الزخم من الحراك الرياضي والشبابي ، الذي يأتي في ظل إمكانيات مالية شحيحة ، ترهق ميزانية المكتب ، وأخرى نفسية تتطلب حذراً من (نقمة) المخرب ، باعتباره يغلب مائة عمار ، وما يطمئن على أن رياضة عدن وجدت ضالتها المفقودة في تحديات (الشاذلي) ، أن النجم الدولي السابق يحفر بأظافره في كهف الواقع المرير ، بحثاً عن ثغرة يتسلل منها نورٌ يبدد الظلام وينهي عتمة الأحزان.
ولست في حاجة لأن أطلب من أحدهم الحلفان أمام أقرب مسجد في عدن، ليقسم لي أن (وجدان شاذلي) يصرف الكثير من جيبه على مناشط شعبية رمضانية ، جعلت من ملاعب الحارات ، ملتقيات رياضية زاخرة بالكثير من الفقرات ، التي أعادت للأحياء الشعبية بعدن ، قليلا من زمان وصلها .. ومن يعتقد أن صداقتي الطويلة بالكابتن (وجدان) ، داخل الملاعب وخارجها ، مبنية على انفعال عاطفي ، هو من يحفز شهادتي غير المجروحة في عمله البطولي مخطىء ، لأن (وجدان) ينتزع التقدير بعرقه وكفاحه وصموده في وجه عواصف أعداء النجاح.
و أبداً والله لا يمكن لموقفي هذا علاقة ، بما يحدث بين الحبة والقبة ، ومن يتصور أن الإطراء ، الذي يغلف عمل (وجدان) نتاج تعصب لنجوميته ، فهذا تصور (ملغوم) لا يأتي إلا من ناكر للمعروف ، لأن وجدان شاذلي بحيويته وشعبيته وجماهيريته وعلاقاته ، في غنى عن مصفوفة (مدح) ، فهو القيادي المحبوب الذي نُجمع عليه ، لو قال لها دوري لدارت في يسر و سهولة.
تابعت كأي محب لرياضة عدن ، الجدول الرياضي الرمضاني ، المزدحم بالمناشط المختلفة والمتنوعة وفرحتُ ، وقد عادت لبعض الأندية حيويتها التي دبت في أوصالها، وتحولت طوال ليالي رمضان إلى مزار يؤمه كل عشاق الألعاب الرياضية من مختلف الفئات والأعمار.
لقد عصرت ذاكرتي طويلاً في محاولة لاستذكار آخر نشاط رمضاني ، صاحبه غزارة في الألعاب الرياضية ، وفشلت في بلوغ مرادي ، و هذا يؤكد أن (وجدان شاذلي) وفي ظرف قياسي وجيز ، جاء بما لم يأت به الأوائل ، وهذا واقع يحق للكابتن (وجدان) التفاخر به كإنجاز يُحسب له ، ويُحسب لمن راهن على قمره في الليلة الظلماء ، لكنه في نفس الوقت يضع القيادي المحبوب تحت ضغط الحاجة للحفاظ على حيوية النشاط وزخمه ، حتى لا تبقى الألعاب (المنسية) متقلبة كالطقس، لا ترتبط إلا بتجليات الشهر الفضيل.
ومن دون الإشارة إلى حقيقة أن (وجدان) فتح نافذة أمل أمام زملائه ، الذين ينتمون إلى الزمن الجميل ، لإعادة إنتاجهم ، وإحياء تراثهم الكروي ، إما بدعوات الحضور إلى الملاعب لينفضوا عن أنفسهم غبار التجاهل ، أو بتكريم ما تيسر منهم كبادرة تعيد الحياة لدورة هؤلاء النجوم ، تبقى مشاعرنا تجاه متلازمة (وجدان) الإنسانية جافة لا تنتصر لأهل الفضل، والفضل دوماً للمتقدم ، ولم يقتصر دور (وجدان) على إحياء الرياضة في عدن ، بحيث تكون في متناول الجميع بل إن الرجل عمد إلى رسم استراتيجية إدارية داخلية، تقوم على أساس إعادة الانضباط للإدارات العاملة في المكتب مع ضبط بوصلة الخطاب الرياضي بحيث يتواكب مع زخم النشاط الداخلي.
لو كنت وزيراً للشباب والرياضة لسارعت فوراً إلى تقديم (وجدان شاذلي) لكل وسائل الإعلام ، على أنه (رأس حربة التجديد) ، ولعقدتُ مؤتمراً داخلياً ، أقدم من خلاله عطاء وجدان على أنه (المثل الذي يُحتذى به)، لكن للأسف هناك من داخل محيط الوزارة من يغير ، ويحفر ويتصيد أي زلة أو خطأ للإيقاع بوجدان، لماذا؟ .. لأن هؤلاء (المتمصلحين) يتعيشون على بؤر التوتر ، ويتكسبون من محاربة الناجحين، ويرتفعون درجات بالغيبة والنميمة وحشوش وكالة (قالوا) ، كما أن كيدهم السياسي الضيق الأفق ، يتخذ من العداء السافر، لأي نجاح منطلقاً نحو اغتيال الرياضة بدافع من نرجسية (الدب الذي قتل صاحبه من العشق).
هل الكابتن (وجدان شاذلي) منزهٌ من الخطأ حتى لا تجد عيباً في ورده الأحمر؟ .. بالطبع (وجدان) بشر يُصيب ويخطىء، ولأن (وجدان) حرك المشاعر واستحوذ على نفوذ المنابر، فمن غير المعقول أن ننصب له محاكمة علنية لمجرد أن أحدهم يرتدي نظارة (سيد مكاوي) ، ولا ينظر إلا لنصف فنجان (وجدان) الفاضي.