التوتر بين إسرائيل وإيران يؤثر على مصالح الدول المطلة على بحر العرب

> «الأيام» الحرة

>
منذ الألفية الثانية قبل الميلاد، وربما حتى قبل ذلك، كان الممر المائي الذي يعرف ببحر العرب واحدًا من أهم ممرات العالم البحرية، لكن أهميته ازدادت بشكل كبير بعد افتتاح قناة السويس التي تربط البحر الأبيض المتوسط، بالبحر الأحمر، جاعلة الطريق بين مواني آسيا وأوروبا وأفريقيا أكثر سلاسة، ومانحة للممر البحري الذي يعتبر جزء من المحيط الهندي، أهمية جديدة.

وتصف الموسوعة البريطانية Britanica البحر بأنه "يحتوي على بعض من أكثر ممرات الشحن ازدحامًا في العالم، إذ تمر عبر هذه الممرات مئات السفن يوميًا.
لكن التوتر الأخير بين إسرائيل وإيران، حيث تمر سفن الدولتين من هذا الممر، يؤثر على مليارات الدولارات التي تحركها التجارة العالمية، ومصالح الدول التي تمتلك مواني تطل على هذه المياه، أو على تفرعاتها.

أهمية بحر العرب الاقتصادية أنه يطل بشكل مباشر على كل من دول الصومال وجيبوتي واليمن وعمان وباكستان والهند والمالديف، فيما تمتلك إيران سيطرة بحرية على مضيق هرمز الرابط بين بحر العرب والخليج، والذي يمر عبره نحو خمس نفط العالم.

كما إن البحر يعتبر المنفذ الأهم لتصدير النفط العراقي والكويتي والإماراتي والسعودي إلى أوروبا، ووصول البضائع والشحنات إلى تلك الدول وباقي دول الخليج.
ومع إن إسرائيل تمتلك منفذًا على البحر الأحمر يوصل سفنها إلى أوروبا بسهولة، إلا أن عددًا كبيرًا من ناقلاتها يعمل في المنطقة، وكذلك تعتمد إيران بشكل كبير على الممر البحري لتصدير نفطها واستيراد البضائع.

ومؤخرًا، تصاعد التوتر الكبير بين إيران وإسرائيل إلى درجة استهداف السفن  في تلك المنطقة.
وتعود بداية الهجمات البحرية بين الدولتين إلى عام 2019، حينما أشارت تقارير إلى مهاجمة إسرائيل سفنًا إيرانية يحمل بعضها أسلحة والبعض الآخر النفط أو البضائع، بحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز.

وقال التقرير إن الخطوات الإسرائيلية تهدف للحد من نفوذ إيران في الشرق الأوسط، ومنع طهران من الالتفاف على العقوبات الأميركية، وفي الوقت ذاته، هاجمت إيران سفنًا إسرائيلية وخليجية بصورة متكررة.

وتعرضت سفن مملوكة لإسرائيل لهجمات في خليج عُمان في فبراير وأبريل وألقت إسرائيل باللوم على إيران في التفجيرات.

وحتى الآن، كان الاستهداف المتبادل مقصودًا ودقيقًا، لكن الهجمة الأخيرة، التي تتهم إسرائيل إيران بالوقوف خلفها، استهدفت ناقلة كانت مملوكة لإسرائيل، ويبدو أن "خطأ استخباريًا" إيرانيًا دفع إلى مهاجمتها، بحسب  تصريحات مسؤول في الأمن القومي الإسرائيلي لصحيفة نيويورك تايمز.
وقال المسؤول إن السفينة التي كانت تملكها حتى وقت قريب شركة زودياك ماريتايم التي تتخذ من لندن مقرًا لها ويرأسها الملياردير الإسرائيلي، إيال عوفر، يعتقد أنها تعرضت لهجوم من طائرة إيرانية بدون طيار أو كوماندوز بحري.

وفي تصريح لها، قالت شركة زودياك ماريتايم، المشغل السابق للباخرة، إنها "لم تعد تملك السفينة"، ونقلت نيويورك تايمز عن قاعدة بيانات "منظمة الأمم المتحدة للملاحة العالمية" إن الباخرة CSAV Tyndall هي الآن مملوكة من قبل شركة Polar 5 LTD ومقرها لندن.

وجاء الهجوم على السفينة، التي كانت متجهة من جدة بالمملكة العربية السعودية إلى مدينة جبل علي الساحلية في الإمارات العربية المتحدة، في الوقت الذي تعمل فيه الولايات المتحدة وإيران على إحياء اتفاقهما النووي لعام 2015، وهو جهد تعارضه إسرائيل.
كما وقع بعد نحو 10 أيام من تعرض منشأة نووية إيرانية لهجوم بطائرة دون طيار، وهو النوع من الهجمات الذي يبدو أنه أصبح "المفضل" في الصراعات التي تجري في المنطقة.

ويتخوف خبراء الاقتصاد من امتداد ضرر المواجهات البحرية إلى إغلاق محتمل لممر بحر العرب.
وفيما تضمن البحرية الأميركية استمرار مرور الملاحة في مضيق هرمز الاستراتيجي بقوة حاملات الطائرات والأساطيل التي لم تترك المنطقة منذ عقود، فإن ضمان أمن بحر العرب قد يكون أكثر صعوبة.

وقد تكون الهند، التي تمتلك تسعة مواني مطلة على بحر العرب، من بين الدول الأكثر تضررًا في حال تعطلت خطوط الملاحة في هذه المنطقة.

ويعد اثنان من المواني التسع، هما كاندلا ومومباي، من أهم وأكبر مواني الهند البحرية، ويمر عبرهما جزء كبيرة من تجارة الهند، وخاصة عبر ميناء مومباي (جواهر لال نهرو) الذي يوصف بأنه أكبر ميناء للحاويات في الهند، وأكبر ميناء مطل على بحر العرب.

وستتضرر باكستان، التي تمتلك ساحلًا طوله نحو ألف كيلومتر مطل على البحر، وميناءً هو أكبر موانيها (كراتشي)، الذي يطل على البحر كذلك.
ويقع على هذا البحر أيضًا ميناء جوادر الباكستاني العملاق، وميناء صلالة العماني، الذي يستقبل سنويًا نحو 3-4 ملايين حاوية شحن.
كما إن كل دول الخليج، والعراق، ستتضرر بشكل كبير جدًا في حال استمر التوتر البحري في هذه المنطقة الحيوية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى