​125 مليمترًا من الماء أهلَكَ منزل نادية وأفقدها كل شيء

> رانيا عبدالله

> غادرت فاطمة أحمد (40 عامًا) منزلها في قرية الخرائب بصنعاء، خوفًا من تكرار مأساة جيرانهم الذين انهار منزلهم المكون من 3 طوابق، في أغسطس الماضي، ووفاة الطفلتين دلال وصمود بلال حفظ الله، وإصابة 4 آخرين.
تقول فاطمة التي نزحت مع أسر أخرى إلى تلك المدرسة الوحيدة التي توقفت فيها الدراسة "بيوتنا آيلة للسقوط، لذا اضطررنا للنزوح إلى المدرسة القريبة في القرية".


ولم تكن نادية علي، بمنأى من مخاطر السيول، فهي وأبناؤها الستة وزوجها أصبحوا بلا مأوى في تهامة بمحافظة الحديدة، التي تقع على ساحل البحر الأحمر، بعدما جرف السيل منزلهم، حد قولها، مضيفة: "أصبحت أنا وأولادي وزوجي بلا مأوى، بعد أن جرف السيل منزلنا، وأصبحنا في العراء"، وتضيف بنبرة حزن: "كان منزلي بيتًا متكاملًا من أثاث وكل مستلزماته، لكنني بلحظة فقدت كل شيء، وأصبحت بلا مأوى مع أولادي، ولا أي مدخرات، ولم تأتِ أية جهة للتدخل".

معاناة النساء

بعد 8 سنوات من الصراع تعاني اليمن من أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وضاعف تغير المناخ من الأزمة الإنسانية، إذ تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 4 ملايين امرأة نازحة داخليًا في جميع أنحاء اليمن، ممن يواجهن مخاطر يومية بحثًا عن الأمان والمأوى، بحاجة ماسة إلى أحد أشكال المساعدات (الغذاء، الماء، الصحة، المأوى وغيرها).


وتواجه النساء والفتيات أقسى وأعنف تداعيات تغير المناخ، إذ إن النساء النازحات اللواتي يمثلن 80 % من النازحين، بسبب تغير المناخ، أكثر عرضة لخطر العنف، بما في ذلك العنف الجنسي، وفق ما أكدته المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت، خلال الدورة الخمسين لمجلس حقوق الإنسان، مشيرة إلى الأخطار التي تواجهها النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم، بسبب انعدام الأمن الاجتماعي والاقتصادي، والتفاوتات الناتجة عن التداعيات المناخية على الزراعة وسبل العيش، والتي يمكن أن يكون لها عواقب واسعة النطاق.

ويقول أستاذ الجغرافيا في جامعة عدن، الدكتور فواز باحميش: "ارتفعت درجة الحرارة مع نزول الأمطار، وبشكل غير معهود، في بعض المناطق، وذلك بسبب الحرارة التي تعاني منها المناطق المجاورة لشبه الجزيرة العربية وأوروبا، إضافة إلى ارتفاع درجة حرارة البحار والمحيطات، مما يؤدي إلى تكون الأعاصير المدارية والمنخفضات الجوية، والتي بدأت تزداد وتضرب اليمن بشكل واضح عما كان عليه في السابق".


ويضيف باحميش: "بدأنا نلاحظ منذ العام 2017 كمية التساقط المطري على مدينة عدن في فصل الصيف، وتساقط الأمطار في عدن في الشتاء تزيد قمتها في شهر فبراير، كما لاحظنا من ذلك العام حتى 2020 ارتفاعًا للمطر في أشهر الصيف، الذي بلغ فيه الهطول المطري 125 مليمترًا خلال ساعة ونصف، وهذا يدل على حدوث تغير، وشهدنا أعاصير مدارية ومنخفضات تضرب اليمن، وبالذات الأجزاء الشرقية وسلطنة عمان، ونزول المطر بكميات كبيرة تجري على أساسه السيول المدمرة التي عملت على اقتلاع الكثير من البيوت، وتشريد الكثير من الناس، وموت بعض السكان".

النطاق الجغرافي للتغير المناخي

وتسببت الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة التي ضربت عدة محافظات يمنية، منها مأرب وشبوة والجوف وحضرموت وذمار والحديدة والمحويت، بسقوط قتلى ومصابين، وتدمير عدد من المنازل، وانجراف للأراضي الزراعية وطمر آبار.
وبلغ عدد الوفيات بسبب غزارة الأمطار في 15 محافظة يمنية، 98 حالة وفاة، وتعددت أسباب الوفاة،  إما بسبب الغرق، أو الهدم، أو الصواعق الرعدية، أو الانهيارات الصخرية، كما بلغت الإصابات 40 حالة إصابة بين حرجة وطفيفة ومتوسطة، بحسب إحصائيات المجلس الأعلى للشؤون الإنسانية، الذي أوضح أن إجمالي الأسر المتضررة في ذات المحافظات، 16.713 من النازحين، و18.047 من المجتمع المضيف، وبلغت الأبنية العشوائية والخيام المتضررة من السيول 8141، كما بلغ إجمالي عدد المنازل المتضررة 9828، وبلغت المنشآت الحكومية (المدارس، والمستشفيات) المتضررة 12 مبنى، وتضرر 53 طريقًا بسبب الانهيارات الصخرية، والسيول، كما أنهار 10 سدود وحواجز مائية، وطمرت السيول 115 بئرًا، بالإضافة إلى تضرر الأراضي الزراعية بنحو 495 مزرعة، ونفوق 229 رأسًا من الثروة الحيوانية في المحافظات التي شهدت أمطارًا غزيرة.


 مخاطر رئيسية

وتقع اليمن ضمن أكثر من ٢٠ دولة مهددة بآثار التغيرات المناخية، وهي من أكثر البلدان هشاشة في آثار وتداعيات التغيرات المناخية، نتيجة لحالة اليمن الاقتصادية التي تمنعها من اتخاذ إجراءات تساعدها على التكيف مع الآثار التي قد تتسبب بها التغيرات المناخية، وتحديدًا على أهم القطاعات الحيوية في البلد، كالمياه والزراعة، والمناطق الساحلية، حد قول مدير وحدة تغير المناخ في الهيئة العامة لحماية البيئة في اليمن، عبدالواحد عرمان.


وحذر المركز الوطني للأرصاد في اليمن، المواطنين من استمرار هطول الأمطار، ودعاهم إلى عدم التواجد في بطون الأودية وممرات السيول، والاحتماء من العواصف الرعدية، ونبه المواطنين إلى التدني في مدى الرؤية الأفقية على الطرقات الجبلية نتيجة للأمطار والسحب الكثيفة أو الضباب، والانـهيارات للمنازل والحصون الطينية والانزلاقات الصخرية على الطرقات الجبلية، كما حذر مرتادي البحر والصيادين وربابنة السفن بأنواعها في أرخبيل سقطرى وخليج عدن والسواحل الشرقية والجنوبية ومدخل باب المندب، من اضطراب البحر وارتفاع الموج.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى