إقصاء للمرأة من مواقع صنع القرار وعدم الإيمان بها

> استطلاع رأي/ دعاء نبيل

> نظرات قاصرة ودونية وتعنيف للمرأة في معظم المجتمعات اليمنية
> التوعية بحقوق المرأة يجب أن تستهدف بالدرجة الرئيسة الأسرة والمجتمع

> تعيش المرأة اليمنية وضعاً استثنائياً إثر الحرب الممتدة منذ قرابة ثمان سنوات، مما فاقم من إقصائها وتهميشها وأيضاً ازدياد عدد المعنفات في الأسر اليمنية، وفي هذا الاستطلاع تحدثن عدد من النسوة المطالبات بمنع صور العنف المتعددة الواقعة ضد النساء والفتيات.

فالنتينا مهدي
فالنتينا مهدي
وتتحدث السيدة فالنتينا مهدي عضو المجلس المحلي ومشرفة إدارة الحالة بالمحافظة في اتحاد نساء اليمن - عدن ، عن أثر الحرب على واقع المرأة اليمنية، أن الحرب أثرت على واقع المرأة اليمنية، وللأسف فإن الحرب أحرقت الأخضر واليابس، والضحية هو الشعب الذي لاحول له ولا قوة وآثار الحرب كلها انصبت على المرأة التي فقدت عائلها أو وظيفتها أو وظيفة زوجها أو بيتها أو أحد أولادها أو أكثر، وإلى اليوم والمرأة تعاني من هذا الأثر بشتى الأنواع أكانت المرأة في المجتمع أو المرأة النازحة أو القيادية أو أي شريحة توجد فيها، فالنساء تواجه حرب شعواء وإقصاء متعمد.

وأضافت: يكفي حرب لقد دُمرت البلد وجاع الشعب ولا يوجد بيت إلا وفيه شهيد أو أكثر ويكفي إقصاء للمرأة، لن تكون هناك دولة ولا تنمية إلا بمشاركة المرأة إن كنتم تنشدون دولة فعلا، فالمرأة شريك أساسي في المجتمع وهي من تفكر بأسرتها كاملة والأسرة هي نواة المجتمع.

وأكدت فالنتينا على أن على المجلس الرئاسي ضرورة إشراك المرأة بمراكز صنع القرار الذي يعد واجب وطني، والعمل من أجل الوطن والشعب، يكفي اليوم ما تعانيه المرأة وأسرتها واتقوا الله بهذا الشعب وخذوا بقول الرسول علية الصلاة والسلام: عندما قال (خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء) المرأة هي الأمن وهي السلام وهي التنمية فكونوا صادقون مع الوطن.

وداد البدوي
وداد البدوي
وتفند الصحفية وداد البدوي، الأسباب التي تؤدي إلى إقصاء وتهميش النساء، وتقول: عند الجهل بالدين نحمِّل كل ما يخص المرأة على الدين ونعتقد أن كل ما يخص المرأة حرام حتى الأمور التي أباحها الدين، والجهل بالقيم الإنسانية وأنه من الممكن أن نضغط عليها ولا نحترم إنسانيتها وحياتها بدافع العادات والتقاليد، وهذه كارثة أن نحافظ على العادات والتقاليد وننسف القيمة الإنسانية التي من الأساس يجب أن نحافظ عليها.

وتمضي بالقول: الدين لا يقول أن نتعامل مع المرأة كأنها عبده أو بهذه العبثية ولكن للأسف الشديد هذا ما يحدث في المجتمعات اليمنية، غير أن الفقر يُعد أيضا سبباً ونراه في المجتمعات الفقيرة التي تخرج غضبها وسخفها على النساء، وتكنَّ هن الضحايا في الفقر أو حتى بالغنى والأكثر بشاعة في المجتمعات الفقيرة.

وترى أن المجتمع الريفي ينظر للمرأة الكبيرة بالسن بأنها تحظى بمساحة من الاحترام والتقدير ولكن المرأة الأصغر سناً هي من تتحمل أعباء البيت وتعمل خارج وداخل البيت ولا تجد المحصول المالي ولا تُقدر اقتصادياً، وهذه مشكلة من مشاكل المجتمع اليمني.

وتؤكد: من المشاكل التي تواجه النساء وتصنف عنف ضد النساء هي إقصاء المرأة من مواقع صنع القرار وعدم الإيمان بها، تعتبر مشكلة كبيرة والنظر إليها على أنها لا تصلح للوظائف العليا الخاصة بالدولة وهذه نظرة قاصرة ودونية.

وتوضح البدوي، أن هناك مجتمعات كمحافظة عدن كانت النساء حاضرة فيها أفضل بكثير، لكن اليوم حكومة من دون امرأة، حضور هزيل في مراكز ضعيفة، ومحاولة إقحام النساء في ملفات فساد، ومع كل هذا لا نجد المرأة في العملية السياسية وصناعة القرار، نرى هناك إقصاء للمرأة من على طاولة الحوار ونحن نعلم بأن طاولة الحوار والمفاوضات هي من ستصنع مستقبلنا لسنوات قادمة ويجب ألا تُهمش النساء في هذا الجانب.

منال مهيم
منال مهيم
وتؤكد السيدة منال مهيم، رئيس مؤسسة المستقبل للتأهيل وتنمية الوعي والقدرات، على أن النساء مازلن يتعرضن إلى أنواع كثيرة من العنف المتبادر للأذهان حين نتحدث عن العنف وهو العنف داخل العائلة كالضرب المؤدي للوفاة في بعض الحالات والحرمان من (التعليم - والميراث ... إلخ) والتي تحظى ببيئة أسرية داعمة تصون حقوقها وتحفظ كرامتها، لا تسلم من العنف داخل المجتمع كتهميش حقها في الترقية والتوظيف ومن الدولة التي إما تفرض تشريعات تمييزية أو ترفض توقيع بروتوكولات كثيرة تعني بتمكين المرأة.

وترى مهيم "أن المرأة تكيل من معاناة عنف الدولة بمكيالين من جهة باعتبارها فرداً من المجتمع تعاني من الظلم والفساد كغيرها من أفراد المجتمع ومن جهة أخرى باعتبارها أضعف حلقة في النسيج المجتمعي كأنثى، فتُحرم من حقوقها المشروعة والعادلة ولا تمنح لها بالشكل المطلوب فرص الانخراط الباني والفاعل داخل المجتمع أسوة بأخيها الرجل، كما أن قضاياها لا تحظى بالاهتمام اللائق ضمن ما تسطره الدولة من برامج ومشاريع حقيقية مرتبطة بالتنمية فتبقى المرأة ضحية للفقر والبطالة والفساد والتهميش والاستغلال بجميع أنواعه وأشكاله.

وأخيرا حين نتحدث عن أشكال العنف الممارس على المرأة لابد أن نتطرق إلى السبل الممكن لإخماد فتيل هذه الظاهرة ولن يكون إلا بإرادة سياسية رشيدة تحرص على تمكين حقيقي للمرأة لأنه لا يمكن أن ننتظر علاقات إنسانية سليمة مبنية على الود والتفاهم واحترام كرامة الآخرين طالما أفراده يسمحون بتعنيف المرأة لأن المجتمع الذي تتواجد فيه امرأة معنَّفة هو مجتمع فيه خلل وبالتالي فكل الخطابات التي تتحدث عن تمكين المرأة والوظائف والأدوار الفاعلة لها داخل المجتمع لا يمكن أن تجد لها صدى في الواقع إلا بالقضاء على جميع أشكال العنف.

حمامه الصنوى
حمامه الصنوى
أما عن الحلول المقترحة للحد من ظاهرة العنف ضد النساء تأتي التوعية بالدرجة الرئيسة للمجتمع والأسرة وكما تقول أ. حمامة الصنوي، مدير إدارة المرأة في مكتب رئاسة الجمهورية، إن التوعية يجب أن تستهدف الأسرة بالدرجة الرئيسة والمجتمع والمدرسة ومن المفترض أن تنفذ هذه التوعية من قبل الجهات المعنية بشؤون المرأة من منظمات ومؤسسات وجهات حكومية.

وتشدد الصنوي على المطالبة بالنصوص القانونية التي تحمي النساء من شتى أنواع العنف والتحرش وترى أن القانون بمفرده لن يحل المشكلة لذلك لابد من خلق الوعي في أوساط النساء لأن الوعي مع وجود قانون يحمي النساء، ويعاقب المعتدين، ومن هنا ستجني منه المرأة ثمرا تتمتع بحقها الكامل سواء في حرية التنقل أو أثناء ممارسة عملها.

بالنسبة للدكتورة د. زينة محمد عمر خليل، رئيس مبادرة
د. زينة محمد عمر
د. زينة محمد عمر
W.P.S للسلام العادل والشامل، ومن الإطار القانوني تشير إلى الدستور اليمني وترى أن التمييز ضد المرأة اليمنية في الدستور اليمني ويمتد ليشمل قوانين التشريعات، فالمادة (41) من الدستور اليمني رقم (20) لعام (1991) المعدل عام 2001م، تنص على أن "المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة.

وتقول: "لكنه كان على نقيض بما يكتبه ويطبق على واقع المرأة، لكننا نجد أن هذه المادة تشكل أخطر أنواع الانتهاكات لحقوق المرأة إنها إهانة فظيعة لكرامتها وآدميتها وحقوقها الإنسانية وهي في ذات الوقت تكريس بشع لأعراف وتقاليد بالية دائما تقع ضحيتها المرأة ولا علاقة لها بأحكام الإسلام ولا بأي دين آخر ولا بالقيم النبيلة.

وتضيف: أن المــادة (24) "تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وتصدر القوانين لتحقيق ذلك" وهذه المادة توضح مسؤولية الدولة في تطبيق مبدأ المساواة بين جميع المواطنين دون تمييز وبدون استثناء، ولن يتحقق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين مالم يتحقق عدم التمييز ضد المرأة ويكون الجميع متساوون بلا تمييز وأي تمييز يظهر يجب على الدولة إصدار قوانين تجرِّم التمييز وتجعله عمل إجرامي يستلزم توقيف ومعاقبة مرتكبه كما أنه وفقا لهذا النص الدستوري يستلزم ليس فقط إصدار قوانين تضمن المساواة بل أيضاً تعديل القوانين المختلة التي تشرعن التمييز وتعطل مبدأ المساواة. لكن للأسف هناك تراجع كبير فعُدل دستور الجمهورية اليمنية بعد حرب 1994م، حيث حذفت المادة (27) وحلت محلها المادة (31) والتي تنص على أن "النساء شقائق الرجال ولهن من الحقوق وعليهن من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة وينص عليه القانون".

وتؤكد: أن هذا النص رغم ما يذهب إليه من مساواة النساء مع الرجل في الحقوق والواجبات إلا أنه في حقيقته نص فيه تراجع عن القضاء على التمييز ضد النساء ومساواتهن مع الجنس الآخر، لكونه لم ينص صراحة على "مكانة الاتفاقيات الدولية في التشريع الوطني، رغم المطالبات والدعوات لإدراج هذا النص. كما ضم في مضمونه من ناحية أولى يُقيد بالاختلافات الفقهية لحقوق النساء والتي تقيدها هذه الآراء في معظم الأحوال، ومن ناحية أخرى تركت حقوق النساء تتجاذبها الأحزاب السياسية التي تفتقر إلى الديمقراطية الداخلية، والمهَيمن عليها من قبل النخب التقليدية التي تؤمن بالعادات والتقاليد والثقافات الفكرية التي لا تزال بعيدة جدا عن الاعتراف بحقوق النساء في جميع مجالات الحياة.

وأشارت في حديثها حول الاتفاقيات الخاصة بحقوق النساء، لقد صادقت اليمن على الاتفاقيات الخاصة بحماية حقوق النساء كاتفاقية "القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة" ودخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ عام 1984،وهذا يُرتب على الدولة أن توائِم بين بنود ومواد الاتفاقية وقوانينها الوطنية، وتلزم الدول المُصادقة بصيغة حازمة بشجب كافة أشكال التمييز ضد المرأة، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للقضاء عليها وتحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين في الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

فالمرأة اليمنية تعاني من التمييز ضدها في معظم القوانين قانون الأحوال الشخصية، الصادر بموجب القرار الجمهوري بالقانون رقم (20) لسنة 1992 م بشأن الأحوال الشخصية، وتتجلى فيه الكثير من النصوص القانونية التمييزية ضد المرأة ووضعها تحت ولاية الأب أو الزوج أو الأخ ومنها المواد (م 16) ويخالف تحديدا أحكام المواد (2 ـ 15 ) من اتفاقية (سيداو) ونص (م 6) التي اعتبرت المرأة تابعة للرجل ويجردها من حقوقها ويلزمها بواجباتها وتعترف بحقوق الرجل ويجيز القانون في (م 15) عقد ولي الصغيرة دون موافقتها ـ يعتبر القانون اليمني المرأة في المادة (40) من نفس القانون ملكية خاصة ويجب عليها الطاعة والاستجابة . كما يجب أن تأخذ المرأة إذن الخروج من المنزل (م 86 ).

قواعد المنظومة القانونية اليمنية التي وضعها المشرع تضم نصوص قانونية تمييزية ضد المرأة منافية للهدف السامي للقانون في عدم الإخلال بميزان العدالة لأن القانون مرجعية هامة ومنصة العدل والمساواة لكل أفراد المجتمع. وكل ذلك يعد مرتبطاً بالتلازم بين تدني مكانة المرأة وانحطاط المجتمع وبين ارتقاء المرأة وتقدم المجتمع.

خاص لـ "الأيام".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى