وقد ظهر الوهن

> لا أعتقد أن شعب الجنوب الحر لديه متسع من الوقت لتحمل وقبول فيتو دول الجوار وأخواتها تجاه ما يجري من عبث في قضيته العادلة لاستعادة دولته من كماشة وحدة فاشلة.

لقد اتضحت الصورة وبلغ السيل الزبى، بعد أن تحولت الوحدة من نعمة إلى نقمة، لا من كونها بذاتها السبب، بل عدم موضوعيتها بالنسبة لمجتمع نشأتها بتميزاته التي أحدثت حالة عدم التقبل والاستيعاب لواحدية أسلوب وطرق حكم دولة توأما مجتمعي الوحدة المولود بعملية قيصرية فاشلة، بمشرم حكيم مثلم أحدث نزفا أدى إلى وفاة الأم.

تلك كارثة توأمة جوع وهوان كلاهما وضعا عنوة في نفق مظلم، حتى صار للمشاهد صعوبة التمييز بين بشرتيهما المختلفتين بوضوح عند الولادة، فصارتا بلون محيطهما الأسود القاتم، وصارت صنعاء غير صنعاء، وصار عدن غير عدن، ولا الشمال لشمالي، ولا الجنوب للجنوبي بعد أن صرنا بتاع المبادرات والفصل السابع من الميثاق الأممي في حل خلافاتنا، وما خفي أعظم فاليمن أمام لوحة رسمت بريشة فنان محترف ليمن مرفوع إلى أس 4 بعد أن تأكد من حصيلة ثمان سنوات نطاح ثيران الرايات الحمر لا وجود من يقول لا منهم.

إن كان من في الشمال، أو من في الجنوب من المتسولين سياسيا فهم من يتسول لحل قضية ومصالح شعبه، أشبه برقاصة في عيون العشاق بمسرح مفتوح.

فاليمن ككل أو الجنوب لا يمكن أن تقوم له قائمة إلا بأبنائه رافعي الرؤوس، ومن العبر نجد أن كارثة حرب الصيف 1994 كانت حقيقة واقع فشل وحدة كانت ومازالت منبع كل خلاف، ففي 2011 سقط نظام علي عبدالله صالح بثورة مشبعة بآثار وخلافات حرب الصيف 1994، فظهر اليمن بمنظومته السياسية ككل -نظام ومعارضة- جسدا منخورا دفع الكل لتسول خارج الحدود لحل خلافاتهم الداخلية مستسلمين للغير وإملاءاته التي تجانب صوب الخلافات؟ من الأمثلة بذلك نبدأ من المبادرة الخليجية الأولى في 2011 التي خلت تماما من ذكر القضية الجنوبية، فقط ذكرت في هامش خلافات تنفيذ مخرجات الحوار الشامل، ودرجت من قبيل الحشو في الآلية التنفيذية، وكذلك حوار موفمبيك الأول جله حول تقاسم السلطة لا حل معضلة حرب الصيف سياسيا بدرجة أولى، ثم حوار موفمبيك الثاني مع الحوثي هو الآخر تركز تماما حول شخص من على رأس الحكومة، وأين أكون وأنت أين في هرم السلطة؟

إن لب القضية هو خلاف حول فدرالية الستة الأقاليم، وكذا الوضع السياسي لجماعة الحوثي غير أن الحوار سار بعيدا من أساسيات الخلافات الحقيقية لماذا أيها المتسولون سياسيا؟، وها هو مسار الأشقاء كرر نفسه في ملتقى الحوار الشامل الذي دعي له مجلس التعاون الخليجي للانعقاد من 29 مارس إلى 7/4/2022 في الرياض فيه خلت مساراته وجدول أعماله من ذكر القضية الجنوبية، لا من قريب ولا من بعيد. فقط إشارة في هامش الجلسة الختامية بالقول ما معناه نقرر أن يكون الجنوب ضمن مفاوضات الحل السياسي النهائي، أي المفاوضات التي يشارك فيها الحوثي، في ذلك ماذا يقول الانتقالي المشارك في الحكم إذا تناولت مفاوضات الحل النهائي قضية الجنوب من جانب حقوقي تنفيذا لمخرجات الحوار الشامل لا أكثر.

لماذا لا يحدد مؤتمر الرياض مسارا سياسيا واضحا لقضية الجنوب في مزعوم الحل النهائي؟ على الأقل مسار فدرالية شمال وجنوب، بلاش استعادة الدولة.

لماذا هذا التجاهل للقضية الجنوبية؟ هل ضعف الطرح من قبل الجنوبي الحاضر أم فيتو دول؟، أم تدمير ممنهج لأخلاق المفاوض الجنوبي وأن فقد الأخلاق من كبائر الخسارة؟

يقول مثل إنجليزي (إذا فقدت الثروة لا تفقد شيئا، وإذا فقدت الصحة تفقد بعض الشيء، وإذا فقدت الأخلاق تفقد كل شيء).

إن القبول بوضع كهذا بمثابة قبول تحنيط شعب الجنوب، ودفنه في مقبرة 22 مايو 1990 نعشه بيد ضعيفي الإرادة والقرار.

أين الأحزاب السياسية الجنوبية، أين الكادر والقادة الجنوبيون، هل اختفوا في مثلث برمودا؟

كفى تشرذما وشتاتا ومقايضة بمصير وطن. ألم يحن وقت التوقيع على عهد الخلاص فيه يتقرر أن الجنوب من المهرة إلى باب المندب لكل الجنوبيين حكما وثروة. ألا ترون الشعب يموت موتا سريريا؟ ألا يكفي ما في الجيوب حتى تقولوا لا؟ من أوقف مصافي عدن وموانئ الجنوب وأوقف استفادة الشعب من ثرواته البترولية والمعادن، حتى السمكية؟ كيف تحول الثوري إلى شريك حكم؟ ما المعنى من عضوية الانتقالي في مجلس القيادة وقبله في حكومة مناصفة ؟. ما الفرق بين حكومة مناصفة اتفاقية الرياض 2019، ومناصفة اتفاقية الوحدة 1990؟ ما جوهر وفحوى خلاف الجنوب مع الشمال؟ هل الخلاف حول أسلوب وطرق إدارة مجتمع الوحدة، أم خلاف مناصفة مقاعد سلطة؟ نعم لقد ضهر الوهن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى