شباب يواجهون مصاعب الحياة بعربات الوجبات السريعة في عدن

> فاطمة رشاد

>
أمام مصاعب العيش يأتي بصيص الأمل في قلوبهم. شباب أجبرتهم الحياة على خلق فرص عمل لأنفسهم بطرق متعددة، لكي يستطيعوا أن يتغلبوا على مصاعبها، ويقولوا: "لن تهزمينا أيتها الظروف الصعبة". وهذا لم يكن إلا من خلال تجربة جديدة لهم، وهي مشاريع عربة الوجبات السريعة.

كفاح الشباب في عدن لمواجهة الفقر عبر عربات الوجبات السريعة أو عربة زجاجية صغيرة، مشهد نراه كل يوم.


في محافظة عدن انتشرت هذه العربات بشكل ملفت للنظر، حيث تجد القائمين عليها هم من شباب المحافظة الباحثين عن لقمة العيش من خريجي الجامعات والمعاهد، الذين قذفت بهم ظروف الحياة لمواجهتها.

مصطفى أحمد، أحد العاملين مع خالد علي، صاحب عربة الفاهيتا، يقول: "العمل ليس عيبًا، خاصة في ظل هذه الأوضاع المعيشية التي نعيشها. كما أنني طالب في الجامعة، وأحتاج إلى مصاريف الدراسة، مما اضطرني إلى العمل مع زميلي خالد. كانت في البداية عبارة عن مساعدة مني لصديقي، ولكنه عرض علي العمل مقابل راتب، فبدأت معه، والآن أدرس في الصباح، وأعمل معه في الفترة المسائية".

كل يوم في الساعة الثانية ظهرًا، يبدأ مصطفى بترتيب عربته وإنزال متطلبات الوجبات السريعة التي يقدمها لزبائنه.

يقول محمد: “أن تخرج لتعمل بمشروعك شيء جميل، لكن الأجمل في هذا الموضوع هو أن تشغل معك شبابًا مثل حالتك سابقًا عندما كنت تبحث عن فرصة عمل ولا تجدها إلا بصعوبة”.

يواصل محمد قائلًا: “لا أخفي على أحد أنني بداية ما عملت بهذا الشغل، كنت أخجل، لكن عندما رأيت شبابًا كثيرين يفكرون مثل تفكيري بعمل مشاريع الوجبات السريعة بدأت أفكر كيف أحسن من مشروعي وأكبره في المستقبل. طموحاتي كبيرة وكثيرة، الآن أطمح في التوسع وفتح مطعم للوجبات السريعة".

عبارات كتبت على عربات الوجبات السريعة المنتشرة هذه الأيام على الشوارع، منها ما تشد انتباهك، وخاصة التي تحمل روح الدعابة، حيث وجدنا عربة حملت عدة عبارات عدنية عامية متداولة في عدن: "كطعيم هوووودار، يجننن، واهبووووي، يلهب" كل هذه العبارات كتبت في عربة واحدة.

صالح الوادي، صاحب محل عمل لوحات إعلانية، قال لـ”المشاهد": "في الآونة الأخيرة اشتغلت على عربات الوجبات السريعة والرسم عليها، ووجدت أن إقبال الشباب على هذه المشاريع إلى جانب لوحات لاستاندات صغيرة، وتتراوح أسعار الأعمال التي أقوم بها حسب حجم العربة، تبدأ من 200 ألف وتصل إلى 500 ألف".

يواصل الوادي حديثه: "خلال شهر عملت على سبع عربات لنفس المشروع، وكذلك الشهر الماضي جهزت سيارتين، لكن واحدة من العربات كانت لفتاة ستفتح فيها مشروع مشروبات باردة وساخنة".

تحديات
وكأي من المشاريع لا بد أن تواجهها الصعاب، حد قول علي المعمري، الذي تابع حديثه قائلًا: "كان لدي عربة أعمل فيها كباب، لكن بسبب الأوضاع الاقتصادية التي نعيشها، وفي ظل تدهور سعر العملة المحلية، تسببت لي بالخسارة، مما جعلني أغلق العربة، وقمت بفتح مشروع آخر، وهو بيع الأسماك".

ويضيف المعمري: “صحيح المشروع السابق الذي كنت أعمل عليه مشروع مربح، لكن للأسف كان يحتاج إلى رأسمال كبير، بخاصة أن مشروع الوجبات يتطلب شراء مستلزمات كثيرة غير مشروع السمك، إذ أذهب إلى سوق السمك وأشتري حاجتي بمبلغ معين، وأبيعه، لا يكلفني غازًا ولا خضروات وبهارات، إلى جانب العلب البلاستيكية، متطلبات كثيرة للمشروع الأول كانت التكلفة كبيرة لم أستطع أن أحافظ على المشروع من الانهيار، وخاصة أن شريكي في العربة دخلت معه في مشاكل مالية، ما أدى إلى إنهاء الشراكة بيننا".

"الطعم لذيذ"، هكذا قال لنا أحد زبائن عربة برجر الكنج، وواصل قائلًا: "أنا دائمًا ما أمر من الشارع الذي تتواجد عربة برجر الكنج، ومن أول يوم وضع عربته في الشارع المؤدي إلى حارتنا، أستمتع بالطعم اللذيذ لبرجر أصبحت مدمنًا عليه، لا يمر يوم إلا وفي يدي كيس وجبتي المفضلة من برجر كنج".

محمد عبدالحبيب بركنية صغيرة بجانب زميله الذي فتح على عربته مشروع شاورما، والآخر عصير طازج، شكلا ثنائيًا في مدخل الحي، كأنهما هما البوابة الأولى للعبور إليه، يجذبان المارة برائحة الشاورما التي أصبح سكان الحي يحفظونها.
أم يوسف تقول: "في العصر أصبحت عندنا في المنزل عادة شاورما حبيب، لا بد أن نشتريها كأنها من ضمن أنشطتنا اليومية التي نعملها. صراحة المذاق رائع، وأنا لا أعمل دعاية لكي يشتروا منه أو أجلب زبائن، لكن شاورما حبيب مذاقها بالنسبة لي هي الأفضل على الإطلاق".

مشاريع نسائية
وواحدة من النساء التي تمتلك عربة، لكنها جلبت من يعمل بدلًا عنها، تقول رقية سالم: “الفكرة جاءتني بعدما رأيت الأخت فاتن عبدالباقي، أول امرأة تفتح مشروعًا عبر العربة، فاستلهمت الفكرة، لكني جلبت شبابًا يعملون فيها، وأنا واثقة فيهم كل الثقة، وإلى اليوم أجد ربحًا جيدًا في هذا المشروع، يكفي حماس الشباب، وكذلك الزبائن الذين أراهم عند العربة، لشراء ما يعمله العاملون في عربتي".

تواصل رقية حديثها قائلة: "إعطاء الشباب الثقة في العمل كان من أهم أهدافي، منذ عامين يعمل الشباب بصدق وإخلاص، ولم يخرج من الشغل معي غير شاب وجد فرصة عمل أفضل خارج اليمن، فترك الشغل لدينا. أنا أتمنى أن أوظف كل الشباب العاطل عن العمل، ومن خططي المستقبلية أن أعمل مطعمًا كبيرًا خاصًا للوجبات السريعة".

دعم المشاريع الصغيرة
أشرف عبده الذي وجد منحة من بنك الأمل لدعم مشاريع الشباب، يقول: "بداية أخذت المنحة التي منحت لي من البنك، وعملت مشروعًا لعمل خمير وشاي في الحارة، بعد ذلك حاولت أن أوسع مشروعي، بعدما دخلت في إحدى دورات منظمة كير، التي منحتني مبلغ 1000 دولار، إلى جانب مساعدة زوجتي لي في المشروع، فقد باعت ذهبها كله، وعملنا عربة الوجبات السريعة. وحاليًا أنا شغال فيها، وهو مشروع مربح هذه الأيام. ونقوم أيضًا بإيصال الطلبات سواء للمناسبات أو للمكاتب، خصوصًا المنظمات والمؤسسات".

ريان، صاحب الأنامل البارعة في عمل المشروبات الباردة والساخنة في "كافي مارمو"، الذي أغلق قبل عام، وجعل من ريان باحثًا عن فرصة عمل في مكان آخر، يقول: "أفكر أن أعمل في إحدى الكافتيريات للوجبات السريعة، لأن لديّ خبرة في هذا المجال، مازلت أبحث عن هذه الفرصة، رغم أنني أتمنى أن يكون لدي مشروعي الخاص في مجال الوجبات السريعة والمشروبات الساخنة والباردة. أتمنى أن أجد من يأخذ بيدي حتى لو بشراكة بسيطة؛ أنا بخبرتي في هذا المجال، والشريك بالمال. أتمنى أن أجد متسعًا لحلمي البسيط الذي أحلم به وأتمناه دومًا".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى