​المعطيات الجيوتكنيكية التي تسبب في انهيار المباني والمنشآت

> م /بشار الطيب *

>
الافتقار إلى القدرة على تصور وتصميم المشاريع وتنفيذها بنوعية جيدة وخاصة مشروعات تطوير البنية التحتية قد أصبحت عقبة رئيسية. لذلك يتطلب على الشركات والمقاولين المنفذين للمشاريع في اليمن إعداد التقارير المفصلة التي تتفق مع خطط التنمية ، وضمن القواعد المعمول بها عالميا، والنظر في مختلف البدائل قبل البدء بأعمال التنفيذ لأية مشاريع، لغرض إعداد البنية التحتية الحضرية في مختلف القطاعات الحيوية على اساس افضل. ان نقص القدرات في تحديد النوعية الجيدة للبنية التحتية للمشاريع . وبالرغم من اعتقاد الكثير من الناس أن الأسباب

الرئيسية لانهيار المباني هو نقص الحديد أو ضعف الإسمنت و لا شك أن هذه العوامل قد تسهم بشكل آو آخر في الانهيارات لكنها ليست على الغالب السبب الحقيقي إلا أن نوعية التنفيذ، و مدى الالتزام بتطبيق التصميم على أرض الواقع يبقى أحد الأسباب التي تؤدي إلى الانهيارات، فالأخطاء التصميمية تكون نتيجة عدم الالتزام بمجموعة القوانين الهندسية (الكود الهندسي) بسبب سوء تقدير الحمولات أو خلل ضمن اعتبارات المعطيات الجيوتكنيكية للأرض التي تقام عليها المباني والمنشآت أما الأخطاء التنفيذية فتكون نتيجة في عدم الالتزام بالمواصفات التصميمية أو سوء اختيار المواد أو تكنولوجية التنفيذ بشكلٍ عام.

لأن التصميم الذي يعتمد على الدراسة الجيوتكنيكية للأرض يضمن خيارات الأمان للمباني والمنشآت بينما عندما يتم تعديل نسب الحديد و الإسمنت في أعمال البناء قيد الإنشاء يضعف القيمة الإجمالية لمقاومة المبنى ويعرضه إلى الانهيار.

إن الانهيارات التي تحصل نتيجة عدم إجراء الدراسة الجيوتكنيكية الوافية للتربة وطبقات الصخور تكون على مراحل وليست مفاجئة تبدأ بظهور تشققات وصدوع على جدران وأرضية المبنى ويكون ذلك نتيجة جهل المصمم لما تحت الأرض ، ولمعرفة مواصفات التربة وطبقات الصخور تحت سطح الأرض يجب الاستعانة بالمعطيات الجيوتكنيكية ( الجيوتكنيك ) المختصين بدراسة تربة الموقع وصخوره قبل التنفيذ و تحديد مقاومة التربة والصخور وتحديد نوعيتها وهذا القسم تم استحداثه مواخرا في هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية في العاصمة عدن.

ويكون ذلك من خلال الدراسة الجيوفيزيائية( المقاومة الكهربائية أوالسيزمية) لموقع المنشأ ويعزز ذلك بحفر ثقوب جيولوجية إلى الأعماق التي تحدد اعتمادا على نوع وحجم المنشأة وتستجري اللباب لإجراء تحليل لنوع التربة لتحديد مواصفاتها الهندسية و إيجاد طريقة مناسبة لتصميم أسس المبنى ( أساسات منفصلة – لبشة – قواعد – أوتاد ... الخ ).

 وعادة هذه الدراسة تكلف قيمة من كلفة البناء لذلك في كثير من الأحيان يعتمد كثير من المصممين على الحدس في تقدير مقاومة التربة أو يأخذون عينات من تربة السطح أو من أعماق ضحلة و قد تكون هذه العينات مقبولة ولكن ماذا لو وجد تكهف تحت البناء أو طبقة من صخور الجيبسوم والانهايدرات القابلة للذوبان بالماء أو تربة طينية قابلة للانزلاق أو هناك ارتفاع في مناسيب المياه الجوفية في موقع المنشأ و هنا تبدأ المشاكل.

إضافة إلى التحريات الجيوهندسية التي تجري لموقع المبنى يتطلب أيضا عند تصميم أي منشأة حساب القوى المؤثرة فيه (بعد التنفيذ) أيضا بحيث تقاوم المنشأة هذه العوامل بنجاح ويجعلها مستقرة طول فترة حياتها المتوقعة للاستعمال.
لذلك يجب أن تأخذ جميع مشكلات منطقة موقع المنشأ من جميع النواحي كنوع التربة، والتضاريس ، المناخ ، الزلازل و يتم إيجاد متوسط تواجدها ومعدلاتها ... إلخ.
  • الأساسات واعتبارات الجيوتكنيك:
تعتبر الأساسات هي العنصر الأهم في أية منشاة، و لهذا يتطلب إعطاؤها أهمية خاصة أثناء تصميم المباني والمنشآت سيما وإن العديد من الانهيارات ناتجة عن مشاكل في الأساسات ومنها:
  1. قلة عمق الأسس التي تزيد من احتمال انزلاق المنشأة و انهيارها.
  2.  حركة التربة تؤدي إلى تخلخلها و نتيجة لذلك تصبح الأعمدة حرة غير مرتبطة.
  3.  قلة الروابط بين القواعد تزيد من خطر الهبوط التفاضلي الناتجة عن هبوط التربة.
  4.  اختلاف الطبيعة الجيوتكنيكية لتربة الأسس مما يؤدي إلى حصول هبوطات تفاضلية كبيرة.
  5.  قلة عمق مناسيب الأسس.
  6. عدم معرفة نوعية التربة لكي يتم التعامل مها كأن تكون التربة تحتوي على مكونات كيماوية قد تودي لتآكل وتفاعلات للخرسانة وحديد التسليح ، يحدث هذا إذا كان المبنى قرب أحد المصانع ومرامي النفايات .
  7.  قد تكون أسس المنشأ على أنقاض ومناطق ردم أو أماكن أثرية حيث أن هذا يعني وجود طبقات ردم يجب إزالتها للوصول للأرض المناسبة للأسس .
  8.  عندما تكون عزوم الحمولة الزلزالية أكبر من عزوم التثبيت.
  9.  و قد يكون الانهيار ناتج عن واحد أو أكثر من هذه الأسباب.
  • حالات التشقق والتصدع في المباني والمنشآت:-
تظهر في المباني تشققات وتصدعات أحيانا تكون معيبة و أحيانا أخرى خطرة ومن حالات التشقق والتصدع في المباني والمنشآت نذكر منها:
  1. التشققات الأفقية في العناصر الأفقية : يحدث هذا التشقق في مناطق الالتقاء بين الجسور و جدران البلوك او الطابوق و سبب التشقق هو التمدد و التقلص و فرق عامل المرونة بين المادتين و هي تشققات تظهر على جانبي الغرف و هي غير خطرة لكنها معيبة .
  2.  التشققات العمودية في الأعمدة : يحدث في مناطق التقاء الأعمدة و جدران البلوك أو الطابوق و هي تشققات معيبة لكنها غير خطرة أيضاً .
  3. التشققات الأفقية في العناصر الأفقية و التشققات العمودية في الأعمدة تظهر على جانبي الغرف و هي تشققات ضيقة بحدود ( 1 – 2 ملم ) وهي معيبة للمنشأ ولكن غير خطرة تجري معالجتها بنزع طبقة اللبخ ومن ثم معالجتها.
  4.  تشققات مائلة بزاوية 45 ْ : و هي تشققات خطرة غالبا و لها أشكال كثيرة .
  5.  تشققات عمودية في الجسور: والتي لا يمكن تجاهلها أبدا و يطلب استشارة مهندس مختص لغرض إيجاد الحل الأمثل لها قبل تفاقم المشكلة.
وهناك تشققات ناتجة عن أعمال الترميمات في المباني والمنشآت :
  1.  عمل ترميمات تؤدي إلى إزالة أحد الأعمدة أو الجسور من المنشأ أو المبنى أو القيام بفتح باب أو شباك في أحد الجدران الساندة فيتم نتيجة ذلك خلخلة المبنى بالكامل، ويبدأ المبنى بالتصدع والتشقق .
  2.  أعمال أخرى مثل تنفيذ حفريات عميقة جانب المباني تؤدي إلى هروب التربة المضغوط.
  3.  أحيانا تستخدم المباني السكنية كمخازن، و هي لم تصمم لتحمل هذه الحمولات الكبيرة مما يؤدي إلى ظهور تشققات وتصدعات فيها.
العوامل المؤثرة والتي تسبب الانهيار بشكل عام تقسم إلى ثلاث مجموعات:-
  1. المجموعة الأولى الحمولات الميتة: هي مجموع الوزن الذاتي للمنشأ + أوزان حمولات ( كاشي - رخام - قواطع بلوك ... إلخ ) . وهي الوزن الذاتي لكل تلك المواد ومستلزماته.
  2. والمجموعة الثانية هي الحمولات الحية وتشكل من البشر مع الأثاث المتوقع لفرش الطوابق ، وسمي الوزن الحي كونه مادة متحركة على الدوام (المستخدمين - الأثاث ) .
  3. المجموعة الثالثة من المؤثرات والحمولات وهي الحمولات الديناميكية (رياح - زلازل - التمدد و التقلص - الاهتزاز و الدق في المعامل - الحرارة و حمولات الحريق، و في المباني العسكرية تحسب قيم التفجيرات القريبة .. وفي المعامل تدخل عوامل (خاصة) في الحساب ومنها الحرارة المتوقعة للأفران .
الانهيارات المفاجئة في المباني تحدث نتيجة:-
  • قلة أو زيادة كمية الإسمنت المستخدم في البناء يسبب انهيار الكونكريت تحت الضغط لأن الكونكريت يكون دون استطالة وتمدد و دون أي انذار مبكر ورداءة النوعية أيضا.
  • ضعف تكنولوجية المواد المستخدمة في أعمال الإنشاء والتشييد.
  • نقص في كميات حديد التسليح، أو وضع كميات كبيرة أكثر من قيم التصميم أو ان يتم توزيع حديد التسليح بشكل عشوائي وكما يقال الزائد كالناقص. فتحدث إنذارات كثيرة قبل الانهيار بسبب قابلية الحديد للاستطالة قبل الانقطاع بينما ينهار الكونكريت تحت الضغط دون استطالة و دون أي إنذار مبكر.
  • تحدث انهيارات كثيرة بسبب تواجد الكهوف أو وجود طبقات من الجيبسوم والانهادرايت تحت المباني و التي تتأثر بتذبذب مناسيب المياه الجوفية، و هذه الانهيارات لا علاقة لها بمتانة المبنى ولكن لها علاقة بأساسات المبنى.
  • تعرض المنطقة إلى الهزات الأرضية.
هناك أسباب عديدة ومختلفة قد تؤدي لانهيار المباني بشكل جزئي أو كلي أو تؤدي إلى تقصير عمرها الافتراضي بحيث يتوجب إخلائها في أقرب وقت لملاحظة هذه الأسباب والتي قد تشمل :
  1. عدم أخذ المعطيات الجيوتكنيكية و الهندسية لأسس المبنى أو المنشأ بنظر الاعتبار أثناء التصميم.
  2. البناء في مناطق معرضه للانهيار دون أخذ ذلك بالاعتبار أثناء التصميم كأن تكون مواقع سابقة لمقالع المواد الإنشائية أو سفوح جبلية وغير ذلك.
  3. هناك مناطق قد تكون معرضه للهزات الأرضية حيث من المفترض أن يتم الأخذ بالاعتبار للزلازل والهزات عند تصميم الأعمال الخرسانية والمباني، و حساب الجهد الذي يحدث نتيجة للزلازل طبقا للكود الهندسي.
  4. استخدام مواد غير مطابقة مع المواصفات الفنية والهندسية مما يسبب عدم التقيد بالمواصفات والمخططات أثناء التنفيذ .
  5. الحوادث والصدمات.
  6. تعديلات وتغيير في الاستخدام للمباني.
  7. المياه والرطوبة وإهمال العزل المائي والحراري.
  8. الترميمات والتوسع دون دراسة علمية.
  9. إهمال في الصيانة.
  10. مشاكل من المباني المجاورة.
عليه ولغرض المحافظة على الأرواح والممتلكات يجب أن تكون مراعاة المعطيات الجيوتكنيكية والهزات الأرضية من شروط الأبنية الجديدة في حملة الإعمار في الجمهورية اليمنية.

 وأخيرا نتمنى أن يتم تنفيذ قرار مجلس الوزراء رقم 249 لسنة 2012 بشأن الرجوع إلى هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية عند تنفيذ المشاريع الخاصة والعامة لدراسة الصلاحية الجيولوجية للتخطيط العمراني كما يجب على مجلس الوزراء إصدار تعميما على الوزارات المعنية حول الشروط الإنشائية الواجب تأمينها لمنح اجازة البناء او المطلوب استكمال انشائها وان تشمل المباني القائمة المرخصة حاليا والتي تزيد عدد طوابقها على اربعة طوابق، وكذلك التي لا تزال في مرحلة الهيكل، و المباني الحكومية مهما كان عدد طوابقها. والمباني القائمة والمرخصة والتي يراد تغير صفة استخدامها من سكني إلى تجاري أو صناعي أو خدمي.

*مهندس جيولوجي في قسم الجيوتكنيك إدارة الخدمات الفنية في هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى