براكين اليمن تحت مجهر الجيولوجيين

> "الأيام" خاص:

> مناقشات علمية جيولوجية تضع بعض النقاط على حروف البراكين الثلاثية والرباعية في اليمن وأسبابها

إن العلاقة بين الزلازل والبراكين علاقة تصاحبية، مرتبطة منذ أن خلق الله الأرض وأودع فيها طاقتها التي تحرك القشرة السطحية المحيطية منها والقارية، واليمن يحفه من الغرب البحر الأحمر ومن الجنوب خليج عدن، وكلاهما أماكن انزياح بسبب البراكين التي تخرج لتعوض الانزياح في القشرة المحيطية، وبتأثير سجيرة عفار تولدت براكين ما قبل انفتاح خليج عدن وخسف البحر الأحمر لتشكل البراكين الثلاثية، ثم تعاقبت تلك الطفوح البركانية في اليابسة، إلى أن بدأ انبثاق البراكين من القشرة المحيطية في البحر الأحمر وخليج عدن يملئ فراغ زحزحة الجزيرة العربية بدفع من تلك الصهارة من البحر الأحمر في اتجاه الشرق وبدفع من صهارة خليج عدن إلى الشمال ليشكل اتجاه زحزحة الجزيرة العربية إلى الشمال الشرقي. تلخيص أمر هذه الحركة للتقريب إلى الذهن ما يحدث في خليج عدن والبحر الأحمر والمسببان لاندساس الجزيرة العربية في اتجاه جبال زاجروس، وحركتها الأفقية حول البحر الميت والحركات المعقدة المصاحبة في الشمال الغربي مع غيرها بين سوريا وتركيا.


حول البراكين في اليمن، كانت المحاضرة القيمة التي ألقاها الدكتور محمد متاش متخصص الجيولوجيا والبراكين والصخور النارية، ورئيس اللجنة الاقتصادية العليا للمجلس الانتقالي الجنوبي التي ألقاها في مقر اللجنة الاقتصادية العليا للمجلس في العاصمة عدن والتي كانت نتاج عمل علمي متميز، ناقش خلالها ما يثار حول براكين اليمن الثلاثية والرباعية وأصل لذلك علميا وميدانيا، تلك المحاضرة تركت أثرا علميا كبيرا في أوساط الجيولوجيين، حيث نوقشت معلومات البراكين أيضا في ملتقى الجيولوجيين اليمنيين ومنها بالتركيز على بركان عدن وما يتداوله البعض عن عظمته بين براكين الأرض. الشواهد الجيولوجية يراها البعض في صورة البركان أو ما سمي قديما بكريتر عدن (ومعنى كريتر هي فوهة البركان) كما تظهر ذلك الصور الفضائية وصور الطائرات، وفي خضم نقاش حول الحجم الحقيقي لبركان عدن (كريتر) يطرح البعض معالم هذا البركان في شكله الحالي إلا أن الدكتور محمد عبدالباري القدسي يرى أن هذه النظرة لا تعطي هذه البركان حجمه الحقيقي الذي كان عليه.

يقول الدكتور محمد عبد الباري القدسي أستاذ الجيولوجيا والبراكين والصخور النارية: إن ما نشاهده من هذا الجسم البركاني (بركان عدن) هو الطبقات الصلبة مع قليل من الركام البركاني. إذا السؤال هو: كم كانت مساحة النشاط البركاني؟ بمعنى: من يعرفون النشاط البركاني في حقل همدان، يلاحظون المخروط البركاني محاط من الأسفل إلى الأعلى بركام بركاني غير متماسك، وهو ما رماه البركان إلى الأعلى وسقط بحسب حركة الرياح، الأثقل قريب الفوهة والأخف بعيد منها. وحينما نلاحظ هذا الجسم (بركان عدن) الذي كما هو كائن قد تعرى من تلك المكونات غير المتماسكة، يثير سؤالاً هاماً: أين ذهب يا ترى ذلك الركام البركاني غير المتماسك؟ وكم كانت المساحة التي غطاها البركان بمساحته الحقيقية من جسمه الصخري الذي كان مخفيا إلى نهايات جسمه المتكون من ركام غير متماسك؟ وهنا نستطيع تخيل ضخامة هذا البركان (بركان عدن) وقوة نشاطه يومها. ثم هناك أسئلة كثيرة نسترجع معها تلك القوة التي أخرجت من باطن الأرض ما نرى أثاره الصلبة فقط اليوم. لذلك كان استعظامه من قبل الدارسين حقيقة مؤكدة. وأسئلة أخرى، هل مازالت المدينة (عدن) تخفي تحتها ذلك الركام؟ وإلى أي عمق يا ترى؟ وسؤال آخر: كم من ذلك الركام جرفته مياه البحر التي نفترض يومها أنها كانت قريبه؟ ومنذ أن انبثق قبل ملايين السنين، كم يا ترى جرفت عوامل التعرية منه إلى اليوم؟  نحن أمام بركان ضخم لا نرى إلا الأجزاء الصلبة الداخلية منه، أما إذا أردنا أن نرسم حدود النشاط، فيجب أن تكون هناك دراسات عميقة لما ابتلع منه البحر، وعمق الطبقات التي تخفيها مدينة عدن في مكونات تربتها. وحتى يكون لدينا مركز للبراكين متخصص، يمكن أن نسترجع الحالة التي كان عليها هذا البركان يوم أن غطى الأرض التي انبثق فيها في برها وبحرها. وأود التأكيد هنا بأن براكين اليمن مليئة بالألغاز التي لا يجليها إلا أبحاث ميدانية، علمية عبر مركز متخصص يُبذل فيه المال ويعمل فيه الباحثون ليل نهار في وطن آمن مستقر يأكل أبناءه من خيراته ولا يفرطون في شبر منه.


ويضيف الدكتور القدسي في موضوع البراكين الثلاثية والرباعية في اليمن، هناك تقديرات يجب أن نضعها نقاط بحث مستقبلية لشباب الجيولوجيين، والمؤسسات البحثية منها، سُمك البركانيات الثلاثية، وعدد حقول البركانيات الرباعية، غير المنظورة اليوم في اليابسة والجزر. هاتان النقطتان هامتان للغاية، حيث أن النقطة الأولى تعطينا الحجم الحقيقي للبركانيات الثلاثية التي يقول البعض اليوم عنها أن سمكها 2000 متر، ومن المفترض أن نقول السمك الحالي. أما السمك الحقيقي الذي كانت عليه تلك البراكين كبير جدا، قد يفوق 4000 متر فوق صخور الطويلة، ذلك أن شواهد التعرية في البركانيات (قيد البحث) جنوب صنعاء (يسلح) وغربها (مناخة) وشمالها (شهارة)، نبني على ذلك النشاط الناري الرباعي الذي استبقت منه عوامل التعرية الشديدة بعض المخاريط فوق طبقات البركانيات الثلاثية (جبل شاهرة وغيرها)، ولذلك فإن النشاط الرباعي أيضا كان شديدا جدا، ويعطي ذلك الانطباع بعض الحقول الرباعية المعروفة إلى اليوم (همدان، ذمار وعدن والسواحل الممتدة إلى الشرق في تواجدات يمكن تخريطها).



في نفس السياق أكد الأستاذ الدكتور خالد خنبري بأن براكين العصر الثلاثي مرتبط تكوينها بالبؤرة الساخنة لعفار والتي تكونت في العصر الثلاثي مما أدى إلى تكوين حافة بركانية في الجزء الغربي من اليمن وبالمقابل حافة غير بركانية في الجزء الشرقي من اليمن تتمثل في مجموعة حضرموت والشحر الرسوبية. ثم توقف النشاط البركاني منذ حوالي 18 مليون سنة وعاود النشاط مرة أخرى منذ حوالي 10 مليون سنة مكون سلسلة براكين عدن والتي عمرها ما بين 8 الى 5 مليون سنة. ثم تكونت بعد ذلك حقول براكين العصر الرباعي والتي عمرها في حدود 5 مليون سنة واقل. من السهل أن نرجع تكوين حقول براكين العصر الرباعي الموجودة في الجزء الغربي من اليمن إلى إعادة تنشيط سجيرة عفار لأنها تقع في نطاق حدود هذه البؤرة الساخنة وهي نفس نطاق حدود براكين العصر الثلاثي لكن هناك تساؤل عن حقول براكين العصر الرباعي المنتشرة جنوب وشرق اليمن مثل حقل شقرا وحقل بئر على وحقل قصيعر سيحوت اي انتشارها إلى حدود محافظة المهرة وهي بعيدة عن تأثير سجيرة عفار.


 بالمناسبة التراكيب الجيولوجية وانفتاح البحر الأحمر وخليج عدن عملت على تكوين تراكيب قد تساعد على صعود الماجما لكنها لا تؤدي إلى تكوين براكين على القشرة القارية ولتكوين براكين على القشرة القارية فنحن بحاجة إلى نشاطات حرارية غير طبيعية ومصدر للماجما، وبالتالي هناك شيء ما يحدث تحت القشرة القارية اليمنية أدت إلى تكوين براكين العصر الرباعي خصوصاً التي تلك البعيدة من تأثير سجيرة عفار، ولمعرفة ما يحدث تحت القشرة القارية اليمنية فنحن بحاجة إلى مزيد من الدراسات والابحاث خصوصا لحقول براكين العصر الرباعي.

وفي تساؤل للأخ المهندس فيصل الصلوي الخبير الجيولوجي في هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية وتعقيب على ما أدلى به الأستاذ الدكتور خالد خنبري، قال: كما نعلم إن الصخور البركانية الثلاثية والرباعية التي تغطي المنطقة الغربية وغيرها من المناطق في اليمن تعتبر من الصخور البركانيه التي تميزت بالنشاط البركاني القلوي الناشئة داخل الألواح التكتونية والمتزامنة مع انفتاح خليج عدن والبحر الأحمر موجها استفساره إلى الدكتور خالد، : حيث رد علية  إلى  أن انفتاح البحر الاحمر وخليج عدن قد عملت على تكوين تراكيب قد تساعد عل صعود المجماء لكنها لا تؤدي الى تكوين براكين على القشرة القارية، ويضيف الدكتور خالد خنبري إن  خليج عدن والبحر الأحمر عبارة عن حدود تباعدية وهناك نشاطات بركانية على طول محوري خليج عدن والبحر الأحمر وبالمقابل نتيجة انفتاح البحر الأحمر وخليج عدن نشأت تراكيب جيولوجية على اليابسة اليمنية مثل فوالق طبيعية توازي البحر الأحمر وخليج عدن وهي تساعد على صعود المجما بحكم انها مناطق ضعف لكن يجب يكون لديك مصدر للمجما حتى تعمل نشاطات بركانية في وسط قشرة قارية مثل اليابسة اليمنية ومن هنا جاء تأثير سجيرة عفار في تكوين براكين العصر الثلاثي وبعض براكين العصر الرباعي.



وأضاف النشاطات البركانية فعلاً متزامنة مع انفتاح البحر الأحمر وخليج عدن وهي ايضا متزامنة مع تموضع سجيرة عفار في بداية العصر الثلاثي.

واستطرد الأستاذ الدكتور خالد خنبري بالنسبة لحقول براكين العصر الرباعي فهي بحاجة إلى العديد من الدراسات وهناك العديد من التساؤلات تهمنا كجيولوجين منها على سبيل المثال ماهي البيئة التكتونية لهذه الحقول؟ تتكون هذه الحقول من مخاريط بركانية وطفوح انسيابية لماذا المخاريط تركيبها حامضي بينما الطفوح تركيبها قاعدي؟، أيهما أقدم في العمر الطفوح البازلتية أو المخاريط الحامضية؟ هل المخاريط في هذه الحقول تترتب على شكل خط مستقيم ولها ارتباط باتجاهات حدود الصفائح؟ وهل المخاريط البركانية تعرضت إلى تمدد وتشوه إما أنها مخاريط مثالية الشكل؟ وماهي علاقة بؤرة أو سجيرة عفار بتكوين هذه البراكين؟ وإذا هناك علاقة كيف تكونت الحقول البركانية في أقصى شرق اليمن وهي بعيدة عن تأثير عفار؟، أن حقول براكين العصر الرباعي تمثل ظاهرة جيولوجية مميزة تجمع ما بين متعة البحث العلمي والسياحة الجيولوجية. تمكنت بعض الأبحاث العملية المنشورة من الإجابة على بعض هذه التساؤلات الا ان الإجابة على بعض التساؤلات الاخرى تحتاج إلى مزيد من الدراسات والبحث العلمي.


ونوه الأستاذ الدكتور خالد خنبري إلى أخر الانفجارات البركانية كان انفجار بالقرب من جزيرة الزبير في البحر الأحمر عام 2012 مما أدى إلى تكوين جزيرة أو نتوء صخري سماه بعض الباحثين جزيرة شعلان.

الجدير بالذكر بأنه كان هناك انفجار بركاني في جزيرة جبل الطير عام 2007
وكما أضاف الخبير الجيولوجي في هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية المهندس فيصل الصلوي بأن  جبل الطير  من النوع الاسترمبولي الانفجاري والذي تشكل نتيجة تعاقب عدة أطوار بركانيه تكونت في الأطوار الاول والثاني مخاريط الصخور الفتاتية والرماد البركاني مع انسكابات من الحمم البركانية اما الطور الاخير والذي حدث عام 2007فقد كانت نواتجه طفوح لأبيه لم يصاحبها انفجارات شديده نتيجة لعدم وجود الصخور الفتاتي البركانية اما مجموعه جزر الزبير ربما يكون بركان درعي  وتظل انشطة البراكين على اليابسة مرهونة بالعمل الميداني المدعوم بتحاليل العمر الدقيقة.


 سجل هذا النقاش في ملتقى الجيولوجيين اليمنيين.
المصدر الموقع الالكتروني الرسمي لهيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية _عدن


> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى