​هذا الحبيب يا محب

>
حزنه عليه الصلاة و السلام

لما اشتد عليه أذى المشركين في عام الحزن خرج إلى الطائف يدعو أهلها لعله يجد استجابة منهم، فآذوه وردوا دعوته، فاشتد حزنه، ثم حزن النبي صلى الله عليه وسلم على قتلى أصحابه في أحد، فقد قتل من أصحابه رضي الله عنهم سبعون منهم عمه حمزة رضي الله عنه، الذي كان إسلامه عزا للإسلام وقوة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه حبا شديدا، وفجع بمقتله، وفي السيرة النبوية أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمَّا وَقَفَ عَلَى حَمْزَةَ قَالَ: لَنْ أُصَابَ بِمِثْلِكَ أَبَدًا! مَا وَقَفْتُ مَوْقِفًا قَطُّ أَغْيَظَ إلَيَّ مِنْ هَذَا»، وفي حديث أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أُحُدٍ سَمِعَ نِسَاءَ الْأَنْصَارِ يَبْكِينَ فَقَالَ: لَكِنَّ حَمْزَةَ لَا بَوَاكِيَ...» رواه الحاكم وقال: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

بعد أحد بثلاثة أشهر فقط أصيب صلى الله عليه وسلم في سبعين من أصحابه رضي الله عنه، قتلوا غدرا في بئر معونة، فحزن حزنا شديدا، قال أَنَسٌ رضي الله عنه: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ عَلَى سَرِيَّةٍ مَا وَجَدَ عَلَى السَّبْعِينَ الَّذِينَ أُصِيبُوا يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ، كَانُوا يُدْعَوْنَ الْقُرَّاءَ، فَمَكَثَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى قَتَلَتِهِمْ» وفي رواية قال أنس رضي الله عنه: «فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَزِنَ حُزْنًا قَطُّ أَشَدَّ مِنْهُ» رواه الشيخان.

وفجع صلى الله عليه وسلم في جملة من أصحابه رضي الله عنهم في غزوة مؤتة، وفيهم مولاه زيد بن حارثة، وشاعره عبد الله بن رواحة، وابن عمه جعفر بن أبي طالب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه حبا شديدا، وقال صلى الله عليه وسلم له «أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي» رواه البخاري، فحزن عليهم حزنا شديدا، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «لَمَّا قُتِلَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَجَعْفَرٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْمَسْجِدِ يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْحُزْنُ» رواه أبو داود.

وحزن صلى الله عليه وسلم على موت أولاده؛ فمات أبناؤه الثلاثة: القاسم وعبد الله وإبراهيم وهم صغار، ومات ثلاث من بناته في حياته، وهن زينب ورقية وأم كلثوم، فذاق صلى الله عليه وسلم الحزن على ستة من أولاده، ولم يبق له إلا فاطمة رضي الله عنها التي ماتت بعده بأشهر، وفي حزنه صلى الله عليه وسلم على موت إبراهيم رضي الله عنه حديث أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبْرَاهِيمَ، فَقَبَّلَهُ، وَشَمَّهُ، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَذْرِفَانِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ، ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلاَ نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ» رواه الشيخان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى