​هذا الحبيب يا محب

>
غضبه عليه الصلاة و السلام

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ما ضرَب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئًا قط بيده، ولا امرأة، ولا خادمًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نِيلَ منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن يُنتَهَك شيءٌ من محارم الله، فينتقم لله - عز وجل.

وعنها أيضًا قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرهم، أمَرهم من الأعمال بما يطيقون، قالوا: إنا لسنا كهيئتك يا رسول الله؛ إن الله قد غفَر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيغضب، حتى يُعرَف الغضبُ في وجهه، ثم يقول: ((إن أتقاكم وأعلَمَكم بالله أنا))؛ رواه البخاري، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنا أعلمُكم بالله)).

(في رواية مسلم) عن عائشة، قالت: رخَّص رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرٍ، فتنزَّه عنه ناسٌ من الناس، فبلغ ذلك النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فغضِب حتى بان الغضبُ في وجهه، ثم قال: ((ما بالُ أقوامٍ يرغبون عما رُخِّص لي فيه؟! فوالله لأنا أعلمُهم بالله، وأشدهم له خشيةً))؛ رواه مسلم، باب عِلمه صلى الله عليه وسلم بالله تعالى، وشدة خشيتِه.

عن أبي مسعود الأنصاري، قال: قال رجل: يا رسول الله، لا أكاد أدرك الصلاة مما يطوِّلُ بنا فلان، فما رأيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم في موعظة أشدَّ غضبًا من يومئذ، فقال: ((أيها الناس، إنكم منفِّرون؛ فمَن صلى بالناس فليخفِّفْ؛ فإن فيهم المريضَ، والضعيف، وذا الحاجة))؛ رواه البخاري، باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره.

(وفي رواية أخرى) عن أبي مسعود رضي الله عنه، قال: أتى رجلٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: إني لأتأخَّر عن صلاة الغداة من أجل فلان، مما يطيل بنا، قال: فما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قط أشد غضبًا في موعظة منه يومئذ، قال: فقال: ((يا أيها الناس، إن منكم منفِّرين؛ فأيُّكم ما صلى بالناس فليتجوَّزْ، فإن فيهم المريض، والكبير، وذا الحاجة))؛ رواه البخاري، باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله.

عن أنس: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم رأى نُخامة في القِبلة، فشقَّ ذلك عليه حتى رُئِيَ في وجهه، فقام فحكَّه بيده، فقال: ((إن أحدَكم إذا قام في صلاته، فإنه يناجي ربَّه، أو إن ربَّه بينه وبين القِبلة؛ فلا يبزُقَنَّ أحدكم قِبَل قِبلته، ولكن عن يساره، أو تحت قدميه))، ثم أخذ طرَف ردائه فبصق فيه، ثم رد بعضه على بعض، فقال: ((أو يفعَلُ هكذا))؛ رواه البخاري، باب حكِّ البُزاق باليد من المسجد.

في رواية عند مسلم) عن علي قال: أُهدِيَتْ لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة سِيَراء، فبعث بها إليَّ، فلبستُها، فعرفت الغضب في وجهه، فقال: ((إني لم أبعث بها إليك لتلبَسَها، إنما بعثت بها إليك لتشققها خُمُرًا بين النساء)).
عن عقبة بن عامرٍ أنه قال: أُهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فَرُّوجُ حريرٍ، فلبِسه، ثم صلى فيه، ثم انصرف فنزعه نزعًا شديدًا كالكاره له، ثم قال: ((لا ينبغي هذا للمتقين))

عن عِمرانَ بن حصين رضي الله عنهما، قال: جاء نفرٌ من بني تميم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((يا بني تميم، أبشِروا))، قالوا: بشَّرْتَنا فأعطِنا، فتغيَّر وجهُه، فجاءه أهل اليمن، فقال: ((يا أهل اليمن، اقبَلوا البُشرى إذ لم يقبَلْها بنو تميم))، قالوا: قبلنا، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يحدِّث بَدْءَ الخَلْق والعرش، فجاء رجل فقال: يا عمران، راحلتُك تفلَّتَتْ، ليتني لم أقُمْ؛ رواه البخاري، باب ما جاء في قول الله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾ [الروم: 27].

 (أبشِروا) من البِشارة، وأراد بها ما يجازى به المسلمون، وما تصير إليه عاقبتهم من الفوز بالجنَّة، قال لهم ذلك بعد أن عرَفوا أصول العقائد، وما يجب عليهم فعله، وما يلزمهم تركه، (قالوا) مِن القائلين الأقرعُ بن حابس، (فأعطِنا)؛ أي: مِن المال، (أهل اليمن) وهم الأشعريُّون، قوم أبي موسى رضي الله عنهم، (تفلَّتَتْ) تشرَّدت، (لم أقم) مِن مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ فاتني سماعُ ما تحدَّث به عن بَدْءِ الخَلقْ والعرش.

عن عليٍّ رضي الله عنه، قال: أهدى إليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم حلَّة سِيَراء فلبسُتها، فرأيت الغضب في وجهه، فشققتُها بين نسائي؛ رواه البخاري، باب هدية ما يُكرَه لُبسُه.
الشرح: (حلة) ثوبان من جنس واحد، (سِيَراء) ذات خطوط، يخالطها شيءٌ من الحرير، (نسائي) زوجته وأمه وبنت عمه حمزة وزوجة أخيه عَقيل رضي الله عنهم أجمعين.





> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى