​هذا الحبيب يا محب

>
مرضه عليه الصلاة و السلام

عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : (ما رأيت أحدا أشد عليه الوجع (المرض) من رسول الله صلى الله عليه وسلم (البخاري).

وعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : ( دخلت على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يوعك (يتألم من الحمى)، فمسسته بيدي، فقلت : يا رسول الله إنك توعك وعكا شديدا، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : أجل إني أُوعك كما يوعك رَجُلان منكم، فقلت : ذلك أن لك أجرين؟، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : أجل ذلك كذلك، ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه، إلا حط الله بها سيئاته كما تحط (تسقط)الشجرة ورقها )( البخاري ).

المرض إذا احتسب المسلم ثوابه, فإنه يكفر الخطايا، ويرفع الدرجات، ويزاد به الحسنات، وذلك عام في الأسقام، والأمراض ومصائب الدنيا وهمومها .. والأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ هم أشد الناس بلاء، لأنهم مخصوصون بكمال الصبر والاحتساب، ليتم لهم الخير، ويضاعف لهم الأجر، ويظهر صبرهم ورضاهم، ويُلحق بالأنبياء الأمثل فالأمثل من أتباعهم .

 وكان يمرض كغيره من البشر، إلا أن مرضه أشد من مرض سائر الناس؛ يقول عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يوعك وعكًا شديدًا، فمسسته بيدي، فقلت: يا رسول الله: إنك توعك وعكًا شديدًا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أجل؛ إني أوعك كما يوعك رجلان منكم"، فقلت: ذلك أن لك أجرين؟! فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أجل، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من مسلم يصيبه أذى مرض فما سواه إلا حط الله سيئاته كما تحط الشجرة ورقها". رواه البخاري ومسلم.

وكذلك الموت قد كتبه الله على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما كتبه على سائر خلقه، قال الله تعالى: ((وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ)) [الأنبياء:34].

لقد مرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد حجة الوداع بأكثر من شهرين، وكان يقول لعائشة -رضي الله عنها- في مرضه الذي مات فيه: "يا عائشة: ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلته بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم". رواه البخاري.

ن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: وضع رجل يده على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: والله ما أطيق أن أضع يدي عليك من شدة حُمَّاك، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنا معشر الأنبياء يُضاعفُ لنا البلاءُ كما يُضاعف لنا الأجرُ. إن كان النبي من الأنبياء يُبتلى بالقمل حتى يَقتُلَهُ، وان كان النبي من الأنبياء ليُبتلي بالفقر حتى يأخذ العباءة فيجوبها(26) وإن كانوا ليفرحون بالبلاء كما تفرحون بالرخاء)(27).

قالت عائشة: ما رأيت رجلاً أشد عليه الوجع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. البخاري مع الفتح، كتاب المرضى، باب شدة المرض (5646)، مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب ثوب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك حتى الشوكة يشاكها(4/1990) رقم (2570).

 ولما ثقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واشتد به وجعه استأذن أزواجه أن يمرض في بيت عائشة -رضي الله عنها-، فأذنّ له، وقد شق مرضه على الصحابة وأهمهم، وتمنوا أن يفدوه بأنفسهم وأهليهم وأموالهم، وكانوا يسألون عنه ويفرحون إذا علموا أنه في صحة وعافية.

ومما يدل على فرحهم بصحته ما رواه أنس بن مالك أن أبا بكر -رضي الله عنه- كان يصلي بهم في وجع رسول الله الذي توفي فيه، حتى إذا كان يوم الإثنين وهم صفوف في الصلاة كشف رسول الله ستر الحجرة، فنظر إلينا وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف، ثم تبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ضاحكًا، قال: فبهتنا ونحن في الصلاة من فرح بخروج رسول الله، ونكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف، وظن أن رسول الله خارج للصلاة، فأشار إليهم رسول الله بيده أن أتموا صلاتكم، قال: ثم دخل رسول الله فأرخى الستر، قال: فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من يومه. رواه البخاري ومسلم، وفي رواية البخاري: وهم المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحًا برسول الله.

ولقد اختار رسول الله لقاء الله على البقاء في هذه الدنيا، تقول عائشة -رضي الله عنه-: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو صحيح يقول: "إنه لم يقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة، ثم يحيا أو يخير"، فلما اشتكى وحضره القبض ورأسه على فخذ عائشة غشي عليه، فلما أفاق شخص بصره نحو سقف البيت ثم قال: "اللهم في الرفيق الأعلى"، فقلت: إذًا لا يختارنا، فعرفت أنه حديثه الذي كان يحدثنا وهو صحيح.

وتقول عائشة -رضي الله عنها-: كنت أسمع أنه لا يموت نبي حتى يخير بين الدنيا والآخرة، فسمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- في مرضه الذي مات فيه وأخذته بحة يقول: "مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا". قالت: فظننته خيرًا يومئذ. رواه البخاري ومسلم.

كما كان يقول: "اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى