​هذا الحبيب يا محب

>
إيثاره عليه الصلاة والسلام

الإيثار ثبت من فعل الرسول ، وخُلُقِه المرضي، وروت كتب السنة صورًا من إيثاره صلى الله عليه وسلم؛ ومن ذلك:

الإيثار بالنفس:

ومنه إيثار النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه في مبادرته للقاء العدو؛ فعن البراء قال: ((كنا والله إذا احمرَّ البأس نتقي به، وإن الشجاع منا للذي يحاذي به؛ يعني: النبي صلى الله عليه وسلم
 وعن أنس قال: ((كان النبي أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، ولقد فزِع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق الناس قِبَل الصوت، فاستقبلهم النبي صلى الله عليه وسلم قد سبق الناس إلى الصوت، وهو يقول: لن تُراعوا، لن تراعوا، وهو على فرس لأبي طلحة عُرْيٍ ما عليه سرج، في عنقه سيف، فقال: لقد وجدته بحرًا، أو: إنه لبحر)).

الإيثار بالمال:

وعن ابن عباس قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان؛ إن جبريل عليه السلام كان يلقاه في كل سنة في رمضان حتى ينسلخ، فيعرض عليه رسول الله القرآن، فإذا لقيه جبريل، كان رسول الله أجود بالخير من الريح المرسلة)).

الإيثار بالطعام:

ومنه إيثاره صلى الله عليه وسلم ألَّا يأكل وحده، فعن أنس بن مالك قال: ((قال أبو طلحة لأم سليم: لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفًا، أعرف فيه الجوع، فهل عندكِ من شيء؟ فأخرجت أقراصًا من شعير، ثم أخرجت خمارًا لها، فلفَّتِ الخبز ببعضه، ثم دسَّته تحت ثوبي، وردتني ببعضه، ثم أرسلتني إلى رسول الله ، قال: فذهبت به، فوجدت رسول الله في المسجد ومعه الناس، فقمت عليهم، فقال لي رسول اللهلم: أرسلك أبو طلحة؟ فقلت: نعم، قال: بطعام؟ قال: فقلت: نعم، فقال رسول الله لمن معه: قوموا، فانطلق وانطلقت بين أيديهم، حتى جئت أبا طلحة، فقال أبو طلحة: يا أم سليم، قد جاء رسول الله صبالناس، وليس عندنا من الطعام ما نطعمهم، فقالت: الله ورسوله أعلم، قال: فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله صل، فأقبل أبو طلحة ورسول الله حتى دخلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هلمي يا أم سليم ما عندكِ، فأتت بذلك الخبز، فأمر به ففُتَّ، وعصرت أم سليم عُكَّة لها فأدمتْهُ، ثم قال فيه رسول الله ما شاء الله أن يقول، ثم قال: ائذن لعشرة، فأذِنَ لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: ائذن لعشرة، فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: ائذن لعشرة، فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا، ثم أذن لعشرة، فأكل القوم كلهم وشبعوا، والقوم ثمانون رجلًا)).

إيثاره صلى الله عليه وسلم في تقديم حاجة المحتاج على النفس والأهل:

فإيثار النبي صلى الله عليه وسلم أهل الصُّفَّة وغيرهم وحرمان ابنته دليلٌ على كرمه في تقديم حاجة المحتاج على النفس والأهل؛ ففي البخاري: ((باب: الدليل على أن الخُمس لنوائب رسول الله والمساكين، وإيثار النبي أهل الصفة والأرامل، حين سألته فاطمة، وشكت إليه الطحن والرحى أن يخدمها من السبي، فوكلها إلى الله)).

شراء أم عطاء؟
وهناك أساليب أخرى تبين لنا كرمه صلى الله عليه وسلم، فقد كان يلجأ إلى شراء الحاجة من صاحبها، ثم يهديها له بعد ذلك.
وهذا ما حدث لجابر بن عبدالله، وهو عائد من غزوة تبوك، وقد أعيا به جمله. فأدركه الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض الطريق. فرأى ما به، فضرب الجمل، فانطلق يسير في المقدمة، فاشتراه منه رسول الله على أن يسلمه له في المدينة.

وجاء جابر ومعه جمله، فنقده الرسول صلى الله عليه وسلم الثمن وزاده قيراطًا - وكانت هذه الزيادة لا تفارق جابرًا - ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيف بالجمل ينظر إليه، ثم قال لجابر: "الثمن والجمل لك".

وفي حادثة أخرى مشابهة يقول عبدالله بن عمر: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فكنت على بكر صعب لعمر، فكان يغلبني فيتقدم أمام القوم، فيزجره عمر ويرده.. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: "بعنيه" قال: هو لك يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعنيه"، فباعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هو لك يا عبدالله بن عمر، تصنع به ما شئت".

ويبدو - والله أعلم - أنه صلى الله عليه وسلم أراد أن يكرم جابرًا وابن عمر، فكأنه لم يكن من المناسب أن يقدم لهم المال مباشرة، فكان الشراء ثم الإهداء.. وهذا من حكمته صلى الله عليه وسلم في وضعه الأمور مواضعها.

وقال صلى الله عليه وسلم: "واتقوا الشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم".

ولمِا للشح والبخل من أثر سيء في حياة الفرد والأمة، فقد كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ منه، فكان من دعائه صلى الله عليه وسلم:

"اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل. وضلع الدين، وغلبة الرجال".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى