​هذا الحبيب يا محب

>
جوعه عليه الصلاة و السلام

عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: ذكر عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه ما أصَاب الناس من الدنيا، فقال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَظَلُّ اليومَ يَلْتَوِي ما يَجدُ من الدَّقَلِ ما يَمْلأُ به بَطنه. رواه مسلم.

ذكر عمر رضي الله عنه ما أصاب الناس من الدنيا لما فتح الله عليهم من الأمصار، وما جمعوا من الغنائم، فقال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتوي من الجوع، وما يجد ما يملأ به بطنه حتى رديء التمر، لا يجد منه ما يسد به جوعه.

بيان ما كان عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- من الزهد ولم يكن ذلك عن حاجة وفقر، وإنما كان ذلك زهدا في الدنيا وإيثارا للآخرة، وتعليما لأصحابه وأمته بأن لا ينغمسوا في الشهوات والملذات.

"خرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم في ساعةٍ لا يخرج فيها، ولا يلقاه فيها أحد، فأتاه أبو بكر رضي الله عنه فقال :"ما جاء بك يا أبا بكر؟" فقال: خرجتُ ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنظر في وجهه والتسليم عليه، فلم يلبث أن جاء عمر فقال: " ما جاء بك يا عمر؟ " قال الجوعُ يا رسول الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وأنا قد وجدتُ بعض ذلك"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فانطلقوا إلى منزل أبي الهيثم بن التيهان الأنصاري " وكان رجلا كثير النخل والشاء، ولم يكن له خدم فلم يجدوه، فقالوا لامرأته : أين صَاحِبُك ؟ فقالت : انطلق يستعذب لنا الماء ، فلم يلبثوا أن جاء أبو الهيثم بقربةٍ يزْعَبُها فوضعها ثم جاء يلتزمُ النبي صلى الله عليه وسلم ويفديِّه بأبيه وأمه ، ثم انطلق بهم إلى حديقته فَبَسَطَ لهم بِساطا، ثم انطلق إلى نخلة فجاء بِقنوٍ فوضعه فقال النبي صلى الله عليه وسلم "أفلا تنقيت لنا من رُطَبَه " فقال: يا رسول الله . إني أردت أن تختاروا أو قال : تخيّروا من رُطَبه وبُسَرهِ ، فأكلوا وشربوا من ذلك الماء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا والذي نفسي بيده من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة، ظل بارد ، ورَطَبٌ طيب ، وماء بارد " فانطلق أبو الهيثم ليصنع لهم طعاما فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لا تذبحن ذات در " قال : فذبح لهم عناقا أو جَدْيا فأتاهم بها فأكلوا الحديث " رواه الترمذي بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه.

ولم يشبع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من خبز أبدا فقد "حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ‏ حَدَّثَنَا جعفر بن سليمان الضبعي‏ عن مالك بن دينار قال‏:‏ مَا شَبِعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خُبْزٍ قَط وَلَحم إِلاَّ عَلى ضفَفَ، وقال مالك بن دينار‏:‏ سألت رجلا من أهل البادية‏:‏ ما الضفف‏؟‏ فقال‏:‏ أن يتناول مع الناس‏".

وعن الصحابي الجليل أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ‏:‏ "أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ فَرَأَيْتُهُ يَأْكُلُ وَهُوَ مُقْعٍ مِنَ الْجُوعِ‏".‏

عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: “إن كنا آل محمد، ليمر بنا الهلال ، ما نوقد نارا ، إنّها هما الأسودان : التمر والماء ، إلّا أنّه كان حولنا أهل دور من الأنصار، يبعثون إلى رسول الله بلبن منائحهم ( النوق أو الأغنام ) فيشرب ويسقينا من ذلك اللبن".

وعن الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه أنه مشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، “بخبز شعير وإهالة سنخة (دهن متغير الرائحة يؤتدم به)، ولقد رهن درعه عند يهودي، فأخذ لأهله شعيرا ،ولقد سمعته ذات يوم يقول : ما أمسى عند آل محمد صاع تمر ، ولا صاع حب “. رواه البخاري .

وكان الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعة طاويا وأهله لا يجدون أي عشاء، وقد كان أكثر خبزهم من الشعير، وعن أم المؤمنين السيدة عائشة – رضي الله عنها – قالت: “ما شبع آل محمد ، منذ قدموا المدينة – ثلاثة أيام تباعا – من خبز بر ، حتى مضى لسبيله (أي مات).

وقد كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يدعوا الله أن يرزقه قوت يومهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا"(أي ما يسد الجوع).

فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ربط على بطنه حجرا من شدة الجوع، كما جاء ذلك صريحا في عدة أحاديث منها ما رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن جابر رضي الله عنه قال: لما حفر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الخندق أصابهم جهد شديد حتى ربط النبي صلى الله عليه وسلم على بطنه حجرا من الجوع.

ومنها ما رواه الإمام مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فوجدته جالساً مع أصحابه يحدثهم وقد عصب بطنه بعصابة، قال أسامة (أحد رواة الحديث): وأنا أشك على حجر، فقلت: لبعض أصحابه: لم عصب رسول الله صلى الله عليه وسلم بطنه؟ فقالوا: من الجوع... إلى آخر الحديث.
وفي ذلك دلالة واضحة على ما كان يلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من شدة وجهد وفقر، وصبرهم على ذلك ابتغاء مرضاة الله، وتبليغا لدينه عز وجل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى