قصص مخيفة وأخرى محزنة في طريق الهجرة غير الشرعية للشباب اليمني

> أحمد هشام اليافعي

> مهاجر عدني هرب عن طريق ليبيا وقبضت عليه داعش وأفرجت عنه منظمة حقوقية إلى أسبانيا
المهاجر عبدالرحمن الجومري: نحن نموت يوميا ونأكل أوراق الأشجار


مقابل ألّا يعود إلى اليمن باع الشاب العدني محمد أحمد "اسم مستعار" إحدى كليتيه بـ 30 ألف دولار، حيث بدأت قصة أحمد عندما سافر ومجموعة من اصدقاءه من ابناء محافظة عدن إلى جمهورية مصر العربية، وتفاجئ حينها بالمبالغ الباهظة التي لم يكن يتوقعها للوصول إلى هدفه، فذهب سرًا إلى إحدى مستشفيات جمهورية مصر العربية، ليبيع إحدى كليتية ثم عاد إلى اصدقائه فرحًا بنجاح العملية وامتلاكه المبلغ، ليكمل معهم إلى دول أوروبا.

وفي قصة مشابهة تحدث لـ"الأيام" أحد أبناء مديرية التواهي بمحافظة عدن، "م.ط" والذي هرب من منطقته فترة الحرب 2015م، إلى جيبوتي للجوء، رغم امتلاكه عدة شهادات ولغات، إلا أنه هاجر مضطرا هاربا من الحرب، وبعد عدة سنوات اتجه إلى مصر لتبدأ رحلته هاربا مجهول الهوية إلى ليبيا برا، فما أن وطئت قدمه الأراضي الليبية تم أسره من قبل "داعش" وقبل تصفيته، تم التواصل مع أهله وطلب مبلغ 2000$ للإفراج عنه، وبعد تخبط وقلق تم تسديد المبلغ، ليكمل طريقه إلى منتصف الأراضي الليبية ثم قبض عليه من قبل جهاز مكافحة الإرهاب الليبي، وتم إيداعه السجن عدة شهور، ليتم بعدها الإفراج عنه، واتجه إلى السواحل الليبية لتقبض عليه شرطة الهجرة الليبية لترحيله، ولكن الرشاوى فوق كل شيء فبعد سداد مبلغ 1500$ تقريبا، أطلق سراحه، واتجه بحرا نحو إيطاليا، إلا أن زورقا مالطيا اعترضهم وأخذهم كلاجئين في جمهورية مالطا، بدلا من الغرق وسط موج البحر، ليعمل هناك لمدة سنتين تقريبا، حينها تعرف على مزورين لينتحل شخصية شخص آخر، ليغادر مالطا إلى فرنسا متجها عبر الحدود المفتوحة إلى هولندا للاستقرار فيها.


أما الأخوان "هـ ،م" من أبناء مديرية كريتر، بعد ذهابهم إلى جمهورية مصر العربية، اتجها إلى الأراضي الليبية ولكن ألقي القبض عليهما من قبل تنظيم"داعش" ليمكثوا شهورا عديدة في السجن، لعدم قدرة أهاليهم سداد المبالغ الباهظة، شاءت قدرة الله أن بعث إلى سجنهم منظمة حقوقية ليفرجوا عنهم وأخذهم صوب أسبانيا وإيطاليا.

وقدم عبدالرحمن الجومري نداء استغاثة بأن الأمر ليس سهلا كما أُخبِر به، وأن هناك مخاطرا ليست سهلة، مناشدا السفارة اليمنية بالتدخل لإعادتهم إلى اليمن قائلا: نحن نموت يوميا ونأكل أوراق الأشجار. "المشهد الخليجي".

كما أظهرت مواقع التواصل الاجتماعي في فبراير 2022 الشاب محسن الصكع، الذي يعاني من سوء التغذية ومرمي في غابات الحدود البيلاروسية البولندية، ولا يجد طعاما أو شرابا منذ أربعة أيام، مناشدين فيه السلطات اليمنية لإنقاذه.

وفي فبراير 2022م لقي الشاب اليمني أحمد رائد الشوافي 26عاما، مصرعه غرقا في إحدى المستنقعات البولندية في غابة بياوفيجا، أثناء محاولته عبور الحدود البيلاروسية البولندية، حيث استغرقت عملية تهريبهم بواسطة مهربيين محليين بمبالغ باهظة، عشرة أيام سيرا على الأقدام في عملية مغامرة خطيرة. "عدن سيتي".


وفي 10/1/2023توفي طبيب يمني بينما كان في هجرةٍ غير شرعية إلى أوروبا، متأثرا بموجة برد قارس وثلوج كثيفة، أثناء محاولة اجتياز الحدود البولندية البيلاروسية، للوصول إلى بولندا."عدن الغد".

وفي 13/11/2022 توفي ثلاثة يمنيين غرقا في بحر إيجه قرب السواحل اليونانية في هجرة غير شرعية للوصول إلى هولندا،"بوابتي".

الكثير والكثير من القصص المخيفة والمحزنة بطريق الهجرة لشباب فقدوا الأمل في وطنهم، وجعلوا من مخاطر الهجرة غير الشرعية حلما للحصول على الحياة الكريمة.

الطريقة والتكاليف

ابراهيم دحيه طبيب يمني توفى بموجة برد خلال الهجرة
ابراهيم دحيه طبيب يمني توفى بموجة برد خلال الهجرة

تختلف التكاليف وأسعار الهجرة غير الشرعية من شخص لآخر، وكل بحسب إمكانياته وقدرته المادية، وجميعها في محل الخطر، ونصيب القدر، بين النجاح أو الفشل أو المــوت، ويأتي معدل التكاليف كحد أدنى 7000$، ومتوسط 10000$،ومرتفع 15000$، بأقل إحتمالية نسبيا، حيث تختلف الطرق عادةً في الرحلة كما ذكر بحسب المادية الممكنة للشخص، فبحسب الأحداث السياسية لليمن لايمكن الخروج من اليمن إلا لدول محددة، ومنها تكون نقطة البداية للانطلاق للخطر والحصول على الحياة الكريمة، فالبلدان التي يستطيع المواطن اليمني السفر إليها بحجة العلاج أو الدراسة هي: جمهورية مصر العربية، دولة الهند، المملكة الأردنية الهاشمية، دولة ماليزيا، جمهورية السودان، جمهورية جيبوتي، جمهورية الصومال، جمهورية أثيوبيا، دولة إريتريا، وغيرهم القليل من الدول التي لم تذكر بحسب الأهمية لها في إطار الموضوع، وبعد الدخول إلى إحدى هذه الدول رسميا، وبطرق مزورة غالبا بحجة علاجية أو دراسية، يتم التنسيق مع المكاتب والمهربين المحليين بالدولة، لتسهيل ماتبقى للوصول إلى الدولة المرغوبة، وغالبا ماتكون دولة أوروبية.

ثلاثة يمنين لقوا مصرعهم اثناء الهجرة
ثلاثة يمنين لقوا مصرعهم اثناء الهجرة

عمليات التهريب

وعن عمليات التهريب التي يسلكها معظم الشباب اليمني استطاعت"الأيام" أن تحصل من بعض مهاجرين غير شرعيين، سلكوا تلك الطرق وأهمها:
  1. من مصر: إلى ليبيا، وعبر البحر الليبي إلى إيطاليا، ومن إيطاليا يتم التنقل عبر الحدود المفتوحة للدولة المرغوبة.
  2.  إلى المغرب رسميا، وعبر البحر إلى أسبانيا، وبعدها يتم التنقل عبر الحدود المفتوحة للهدف.
  3.  إلى إيران رسميا عن طريق استدعاء أطباء تجميل، ثم الهروب إلى أذربيجان وتركيا، وعبر البحر التركي إلى اليونان، والانتظار للموافقة عبر المنظمات الدولية لتسليمه لإحدى الدول الراغبة باستقباله.
  4.  إلى تركيا للدراسة أو العمل، والهروب من تركيا عبر البحر إلى اليونان، ونفس الخطوات المذكورة سابقا.
  5.  رسميا إلى روسيا، ويبدأ التهريب إلى بيلاروسيا ومن غاباتها إلى بولندا ثم إلى ألمانيا، والتنقل عبر الحدود المفتوحة صوب الحلم.
  6.  رسميا إلى بيلاروسيا والهروب عبر غاباتها إلى بولندا ثم إلى ألمانيا، والتنقل عبر الحدود المفتوحة كما ذكر.
  7.  رسميا إلى الإكوادور ثم إلى ماليزيا عبر الطيران الهولندي ترانزيت بهولندا والتخفي بمطار هولندا حتى ذهاب الطائرة ،يسلم الشخص نفسه بالمطار بعد إتلاف جميع الوثائق.
  8. من ماليزيا: إلى إندونيسيا، ومنها يتم الانتقال إلى إحدى الدول المستوعبة للاجئين عبر المنظمات المتواجدة في إندونيسيا.


مقبرة لثلاثة اشخاص ماتوا في الغابات
مقبرة لثلاثة اشخاص ماتوا في الغابات

من جيبوتي أو الهند: بالتخفي داخل السفن التجارية إلى إحدى الدول كأميركا أو كندا أو أستراليا أو غيرها من الدول التي يصعب دخولها برا.

من الأردن: رسميا إلى تركيا بحجة العمل أو الدراسة، ومنها يتم التهريب إلى اليونان، واستكمال الرحلة بحسب ماذكر.

لم تكن هذه القرارات سهلة على متخذيها ولكن عسر الحال أصعب، وهذا مايعنيه القول باختيار أهون الشرين، فعندما يُخَير الشخص بين الموت محروقا أو رميا بالرصاص عندها سيختار أهون الشرين، فالعيش في اليمن أصبح بمثابة الموت لفئة الشباب، فبعضهم قرر الهجرة بسبب فقدانه أحبائه وأعزائه بسبب الحرب ولم يتبق له حبيب أو قريب، والبعض عصرته الحياة المريرة راكدا بلا عمل، رغم امتلاكه شهادات ومؤهلات، والبعض يتمنى امتلاك منزل أو الزواج أو الحياة الكريمة بلا عناء بدلا من انقطاعات المياه، وفصل التيار الكهربائي في الصيف الحارق لما يقارب ثلثي اليوم، بخلاف البعض الآخر الذي يعمل ليلا ونهارا ولا يكفيه معاشه إلا لقوت يومه فقط، ناهيك عن الأمراض والأوبئة، وغلاء المعيشة، وتدني الأخلاق بممارسات يحرمها الدين والعرف كالوساطات، والمناطقية، والعنصرية، وانتشار القتل، والفساد، واغتصاب الأطفال، والتطرف الديني، والاستغلال السياسي، وغيرها الكثير مايؤلم القلب ويدفعه من موت إلى موت ليختار الموت الأهون آملا بالحياة.

في حين تقدر منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" أن يتفاقم الوضع الإنساني في اليمن خلال الفترة من يونيو إلى ديسمبر 2022، حيث قد يصل عدد الأشخاص غير القادرين على تلبية الحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية في اليمن إلى رقم قياسي يبلغ 19 مليون شخص، كما من المتوقع أن ينحدر 1.6 مليون شخص إضافي في البلاد إلى مستويات طارئة من الجوع، ليرتفع المجموع إلى 7.3 مليون شخص بحلول نهاية عام 2022، ويُخشى أن ترتفع الأعداد إلى أعلى من ذلك بسبب تراجع التمويل الدولي للعمليات الإنسانية، إذ لم ينجح مؤتمر المانحين الذي عقد في 16 مارس 2021 سوى بجمع تعهدات بنحو 1.3 مليار دولار من أصل 4.3 مليار دولار مطلوبة للاستجابة الإنسانية في اليمن. "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان".

إحـصـائـيـات رسمية

الشاب محسن الصكع
الشاب محسن الصكع

بلغ عدد اليمنيين الذين حصلوا على تأشيرات هجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، خلال العام الماضي أكثر من 4700 مهاجر، كأعلى دولة عربية، وفقا للتقرير السنوي الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2021م.

وبحسب موقع الجزيرة، حظي اليمنيون بعد السوريين بالأولوية عربيا من حيث قبول طلبات اللجوء في أوروبا، حيث بلغ معدل القبول 84 %، وبقيت 3906 طلبات معلقة. وتوصل عدد طلبات لجوء اليمنيين لدى دول الاتحاد الأوروبي أقل من 5340 طلبا في 2022، وهو العام الذي سجل ذروة طلبات اللجوء خلال الأعوام التسعة الأخيرة، وهذا الرقم أعلى بضعف ما تم تسجيله في 2017، والبالغ 2332 طلبا، وهو أدنى عدد لطلبات اللجوء منذ 2014.

في الوقت الذي كشفت فيه منظمة الهجرة الدولية، أن أكثر من 29 ألف مهاجر غير نظامي، لقوا مصرعهم أثناء محاولات الوصول إلى أوروبا منذ عام 2014.

خاص لـ"الأيام".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى