واشنطن بدأت دبلوماسية هادئة لخفض التوتر مع إيران وحولت أموالا لأغراض "إنسانية"

> ​لندن "الأيام" القدس العربي:

>
​نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا لكل من لورنس نورمان وديفيد أس كلاود قالا فيه إن الولايات المتحدة تخوض عملية دبلوماسية هادئة لتهدئة التوترات مع إيران. وقالا إن المحادثات السرية في عمان تهدف للإفراج عن السجناء الأمريكيين في وقت تريد إيران مليارات من أموالها المحجوزة في الخارج.

وقالت الصحيفة إن إدارة بايدن استأنفت وبهدوء المحادثات مع إيران في محاولة للحد من برنامجها النووي والإفراج عن سجناء أمريكيين، وذلك حسب أشخاص مطلعين على المحادثات.

وفي الوقت الذي استؤنفت فيه المحادثات، صادقت واشنطن على تحرير 2.5 مليار يورو (2.7 مليار دولار) كمستحقات على الحكومة العراقية لقاء الكهرباء الإيرانية والغاز المستورد، كما قال مسؤولون أمريكيون وعراقيون.

وكانت الأموال مجمدة بسبب العقوبات الأمريكية على طهران. ووصف المسؤولون الأمريكيون عمليات تحويل الأموال بأنها روتين ولا علاقة لها بالمفاوضات. وتم تحويل أموال في الماضي إلا أن التحويل هذه المرة تم باليورو وليس بالعملات المحلية. وبعد مفاوضات تمت بين الأمريكيين والإيرانيين في نيويورك ديسمبر، سافر مسؤولون من البيت الأبيض إلى عمان ثلاث مرات على الأقل وأجروا محادثات غير مباشرة، حيث قام المسؤولون العمانيون بنقل الرسائل بين الطرفين.

وكان الرئيس جو بايدن قد جاء إلى البيت الأبيض بوعد إعادة إحياء الاتفاقية النووية التي وقعتها إدارة باراك أوباما ودول أخرى مع إيران، وتشترط وقف إيران نشاطاتها النووية مقابل رفع العقوبات، إلا أن بايدن أعلن في نوفمبر أن المفاوضات بين الطرفين ميتة. وكان دونالد ترامب قد خرج من الاتفاقية النووية عام 2018 وأعاد فرض العقوبات على إيران.

وتعلق الصحيفة أن المحاولة الدبلوماسية الأخيرة تمثل تحركا حساسا لبايدن وتهدف لتبريد التوترات والتي زادت هذا العام بعدما قدمت إيران مسيرات انتحارية لروسيا لكي تستخدم في حرب أوكرانيا إلى جانب زيادة معدلات تخصيب اليورانيوم، واستولت على ناقلات نفط في مياه الخليج. ومقابل الحد من النشاط النووي والإفراج عن السجناء الأمريكيين تريد طهران مليارات الدولارات كموارد من الطاقة والعالقة في الخارج بسبب العقوبات الأمريكية. وطالما ربط المسؤولون الإيرانيون بين الإفراج عن 7 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المحجوزة في كوريا الجنوبية ومليارات أخرى مستحقة على العراق كوارد لطلبيات من الغاز والنفط والإفراج عن الأمريكيين. وقال مسؤولون كوريون سابقون على معرفة بالموضوع إن النقاشات جارية مع إيران والولايات المتحدة للإفراج عن الأموال لأغراض إنسانية.

وتحاول إدارة بايدن تجنب دفع المفاوضات مع إيران إلى قمة الأجندة السياسية وبخاصة أن الحملات الانتخابية تقترب. وقد يجبر أي اتفاق رسمي أو يبدو رسميا على مراجعة في الكونغرس حيث يعارض الجمهوريون وبعض الديمقراطيين أي اتفاق مع إيران. وحتى لو تم التوصل إلى تفاهم من خلال تقديم تنازلات في العقوبات مقابل خطوات إيرانية للحد من برامجها النووية، فسيقابل بنقد. في وقت قالت فيه حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنها لن تلتزم بأي اتفاق أمريكي مع إيران. ومنذ عام 2018، وسعت الأخيرة من برامجها النووية وأصبح لديها نسبة 60% من اليورانيوم المخصب. ولدى إيران مواد كافية لصناعة قنبلتين نوويتين ويمكن أن تحولها إلى يورانيوم مخصب لإنتاج أسلحة نووية في مدى أيام.

ومن بين خطوات خفض التوتر التي يتطلع إليها الغرب من إيران هي توقف الأخيرة عن مراكمة مواد مخصبة بنسبة 60% والتوقف عن خطط لتركيب أجهزة طرد مركزي قادرة على تخصيب اليورانيوم بسرعة. ووعدت إيران باستخدام أجهزة الطرد المركزي الجديدة بشكل أكبر إلا أنها لم تركبها بعد أو تستخدمها. ولو تم تخفيض التوتر على مدار الصيف فربما قاد هذا لمحادثات أوسع بل واستئناف المفاوضات بشأن إحياء اتفاقية 2015، رغم أن هناك تفاؤلا ضئيلا بإمكانية إعادة الاتفاقية. وفي الوقت الذي تقول فيه إيران إنها لا تريد إنتاج أسلحة نووية لكن لديها المنشآت التي تستطيع إنتاجها، ومن هنا يخشى المسؤولون الغربيون أن التحرك من إيران لإنتاج مواد انشطارية يمكن استخدامها في إنتاج أسلحة نووية، يعني أزمة دبلوماسية، في وقت قالت فيه إسرائيل إن زيادة مستوى الإنتاج النووي ستكون مدعاة لضربة عسكرية.

وقال مسؤول بارز في إدارة بايدن “أفعال معينة من إيران قد تقود إلى وضع خطير: وتعرف إيران والعالم هذا، ومن هنا علينا تجنب الأفعال التصعيدية التي تقود إلى أزمة” و”ليس سرا أننا نقوم بحث إيران على تبني طريق خفض التوتر بعد أشهر من التطورات السلبية”. ولم تحدث اتصالات منذ الصيف الماضي بعد خروج إيران من المفاوضات ووسط حملة قمع للمتظاهرين ودعم طهران العسكري لروسيا.

وفي نهاية 2022 التقى مبعوث بايدن لإيران روبرت مالي مع مبعوث إيران في الأمم المتحدة مما قاد إلى سلسلة من اللقاءات استمرت حتى إبريل. وفي فبراير ومارس ومايو قام المسؤولون في مسقط بنقل رسائل بين مستشار البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغيرك وكبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري- كاني. وسافر ماكغيرك أيضا إلى عمان في أيار/مايو حسب دبلوماسيين وقبل سفر سلطان عمان هيثم بن طارق إلى طهران حيث التقى المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي. وحضر باقري- كاني لقاء مايو حسب أكسيوس في حينه.

وتقوم قطر بوساطة أيضا بشأن الإفراج عن السجناء الأمريكيين. والمبلغ الذي صادقت عليه إدارة بايدن في ديسمبر هو لتسوية جزء من دين طويل لإيران على العراق. وأكدت الولايات المتحدة للعراق ضرورة تحويل الأموال إلى الدائنين الإيرانيين باليورو، وهي خطوة للتأكد من عدم حصول إيران على العملة الأمريكية أو استخدامها في نشاطات غير مشروعة. وشملت المدفوعات 886 مليون يورو لتركمنستان لدفع دين مستحق عليها لإيران و80 مليون يورو لبنك التنمية الإسلامي وهو مؤسسة متعددة الأطراف مقرها في السعودية وتعتبر إيران ثالث أكبر مساهم فيها. وذهبت 120 مليون يورو إلى السعودية لتحمل تكاليف الحجاج الإيرانيين، كما ودفع العراق أموالا عن الطعام والأدوية لإيران. وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي “هذه عقود إنسانية وروتين ومتسقة مع التنظيمات والممارسات الأمريكية”.
  • اتفاق وقف النار السياسي
 وأشارت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير آخر إلى أن هدف المحادثات هو التوصل لما يطلق عليه المسؤولون الإيرانيون “وقف إطلاق نار سياسيا”. وأكد مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون ومسؤول إيراني حدوث المحادثات السرية. وتهدف الولايات المتحدة منها للتوصل إلى اتفاق غير مباشر مع طهران يمنع الأخيرة من تخصيب اليورانيوم إلى مستويات تصل 90% ووقف عملياتها ضد المتعهدين الأمريكيين في سوريا والذين يتعرضون لضربات من الجماعات الموالية لها هناك. وكذا التعاون مع المفتشين الدوليين وعدم بيع الصواريخ الباليستية إلى روسيا.

وبالمقابل تتوقع طهران من أمريكا عدم تشديد العقوبات عليها والتوقف عن مصادرة ناقلات النفط الإيراني التي تحمل العلم الأجنبي وعدم العمل على تمرير قرارات عقابية في مجلس الأمن أو الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد إيران. ويرى علي فائز من مجموعة الأزمات الدولية أن هذه الأهداف هي محاولة لخلق مساحة وشراء وقت لمناقشة الملف النووي في المستقبل، مضيفا أن هدف هذه ليس التوصل إلى اتفاق أو تحقيق خرق في المحادثات.

وقالت الصحيفة إن التركيز المتجدد من إدارة بايدن يأتي وسط مخاوف من الإدارة أن يؤدي تخصيب اليورانيوم من إيران إلى أزمة جديدة. والولايات المتحدة على ما يبدو تحاول إرسال رسالة لطهران مفادها “لو وصلت إلى نسبة 90% فستدفعين ثمنا باهظا”، كما يقول المفاوض الأمريكي السابق دينس روس الذي تحدث من إسرائيل حيث كان يقابل مسؤولين أمنيين هناك. وقال روس إن إدارة بايدن ليست لديها شهية لأزمة جديدة و”يريدون أن تظل الأولوية في التركيز على أوكرانيا وروسيا” و”اندلاع حرب في الشرق الأوسط والتي تعرف كيف تبدأ ولا تدري كيف تنتهي هو آخر شيء تريده”.

وقلل المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية يوم الأربعاء من أهمية “الشائعات” حول قرب اتفاق مع إيران ووصفها بالمضللة. وأظهرت إيران تحولا في خطابها، فقد قال خامنئي يوم الأربعاء إنه قد يوافق على صفقة مع الغرب لو ظلت المنشآت النووية في مكانها. وقال إن على إيران الحفاظ على نوع من التعاون مع المفاوضين الدوليين. وحتى لو استخدمت طهران أجهزة الطرد السريعة لتخصيب اليورانيوم إلى مستوى مناسب للأسلحة النووية، فهي بحاجة لوقت من أجل تركيب القنبلة.

وفي آذار/مارس أخبر رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مايك ميلي لجنة فرعية في مجلس النواب أن هذا يحتاج منها لعدة أشهر وأن “القوات الأمريكية المسلحة طورت عدة خيارات كي تنظر فيها قيادتنا الوطنية، لو قررت إيران تطوير سلاح نووي”. وقال مسؤول دفاعي إسرائيلي بارز إن الإسرائيليين يتوقعون مدة أطول لتطوير إيران قنبلتها، عاما أو عامين. وقال إن تعليقات ميلي هي من أجل تمرير حس الضرورة الملحة لتوقيع اتفاق جديد مع طهران وبأقرب وقت.

وتقول الصحيفة إن استئناف المحادثات أثار بعض المسؤولين الإسرائيليين الذين يخشون من تطبيق تفاهم جديد مما سيؤدي لتخفيف الضغوط الاقتصادية على إيران. وحتى لو قادت المحادثات إلى اتفاق واسع، فإن هذا سيمنح إيران شريان حياة بدون الحد من نشاطاتها النووية. وقال روس إن اتفاقا يحد من الأزمة على المدى البعيد مفيد لكنه لن يحل المشكلة لأن إيران تقوم ببناء منشآت تحت الأرض قادرة على الصمود أمام القنابل الأمريكية الخارقة للخنادق و”كلما شددوا (من دفاعاتهم) كلما فقد الخيار العسكري قوته” و”شراء الوقت من هذا المنظور مفيد للإيرانيين”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى