المتقاعدون العرب... وضاع العمر يا بلدي

> «الأيام» إندبنت عربية:

> المتقاعدون والمتقاعدات فئة لا بد منها في أي مجتمع بشري، إذ يكبر الصغار ويعملون ثم يشيخون ثم يصلون إلى سن التقاعد الذي يتراوح في غالب دول العالم بين 55 و70 سنة.

وتحديد سن التقاعد له علاقة مباشرة بالاقتصاد وليس بالإنسانية مهما يقال، أو بمنظومة "ربيع العمر" مهما تغنوا بها في الأغاني وتناولوها في الدراما.

وما يجري في بعض الدول، لا سيما الأوروبية، من اعتراضات وأحياناً تظاهرات بسبب رفع سن التقاعد هو صراع بين من يريد التقاعد في سن باكرة أو في السن التي كانت محددة، وبين الحكومات التي تنظر إلى المتقاعد رقماً يضيف أو ينتقص من أموال وموارد الدولة، وهي الخطوات والقرارات التي تعرضها الحكومات عادة على شعوبها تحت مسميات تتعلق عادة بالإصلاح.

حياة المتقاعدين والمتقاعدات في الدول العربية شديدة التشابه، والمشكلات المادية والنفسية المرتبطة بانتهاء سنوات العمل وشعور بعضهم بانتهاء صلاحيته تكاد تكون متطابقة، وحتى القوانين تختلف في المسميات وتلجأ إلى مفردات مختلفة، لكنها في نهاية الأمر واحدة. وعلى على رغم ذلك تظل هناك اختلافات في أدوات التعامل، أما غضب المتقاعدين وربما حزنهم على ما يعانون فواحد.

مصر... المعاش والمدفن معا

تبدو أمارات الغضب واضحة على وجهه رغم التجاعيد التي تطمس أحياناً بعض التعابير، وتشير حركة يديه ومصمصة شفتيه إلى أنه ليس راضياً عما يرى، ولم لا وأول ما تطالعه عيناه بعد أن يترجل من السيارة الأجرة أمام المبنى المتهالك في شارع شبرا شمال القاهرة هو هذا الكم المذهل من ملصقات إعلانية على بوابة المبنى لشراء مدفن بأقل الأسعار أو بالتقسيط بضمان المعاش.

 يقول "الحاج" أن "الملافظ" سعد، والإعلانات سعد والمعاملة أيضاً سعد، ويضحك رغم الأجواء المثيرة للغضب حوله ويقول "لكن سعد خرج ولم يعد".

قائمة ما يغضب "الحاج" طويلة، فهو معلم متقاعد منذ ما يزيد على 18 عاماً، يتقاضى "ملاليم"، في إشارة إلى تدني قيمة المعاش، وكثيراً ما يفاجأ بأن "الملاليم" لم تحول إلى حسابه البنكي.

يخبره أقرانه من المتقاعدين بأن عليه أن يتوجه إلى نقابة المعلمين لمعرفة السبب، وعلى باب النقابة يخبره زملاء آخرون أن عليه التوجه إلى مكتب هيئة التأمينات الاجتماعية ليخبرهم أنه لا يزال على قيد الحياة، ويخبرونه في الهيئة أن هذا الإجراء لم يعد معمولاً به وعليه العودة للنقابة، ويصل مجدداً إلى النقابة لتطالعه إعلانات "اشتر مدفن اليوم بسعر الأمس".

الأدهى من ذلك أن الجميع يناديه "يا حاج" على رغم أنه كيرلوس بولس إسطفانوس، لكن هذه "ليست مشكلة بل بركة" بحسب قوله، والمهم صرف الملاليم من دون هذا القدر من العناء.

عناء المتقاعدين

عناء المتقاعدين في مصر كبير لا تترجمه لغة أعداد المتقاعدين المستحقين للمعاشات مهما كانت معاناتهم في صرف رواتبهم التقاعدية أو حتى قيمتها المالية التي تصفها الغالبية بـ "المتدنية"، مقارنة بما تتطلبه المعيشة في مصر، لا سيما في ظل أزمة اقتصادية طاحنة، بقدر ما يظهر واضحاً جلياً في المتقاعدين غير المتقاعدين أو المتقاعدين بلا حقوق تقاعدية.

نحو 11 مليون متقاعد يتقاضون نحو 295 مليار جنيه (9.55 مليار دولار) سنوياً، والحقيقة أنه لا تكاد تمر بضعة أشهر من دون أن تتداول أخبار أو أقاويل عن زيادات في المعاشات بنسب مئوية تتراوح بين خمسة و10 في المئة في الأحوال العادية، لكن أحوال مصر الاقتصادية الحالية ليست عادية، وهو ما دفع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى التوجيه بزيادة المعاشات 15 في المئة بدءاً من أبريل (نيسان) الماضي مع صرف "أموال المعاشات" باكراً.

"أموال المعاشات" أو "أموال التأمينات" عبارة تحمل شجوناً لا تخلو من كروب، وكثير من أصحاب المعاشات ذهبوا إلى مقار راحتهم الأخيرة يحملون هذه الكروب معهم.

في عام 1980 جرى إنشاء بنك الاستثمار القومي التابع لوزارة المالية حينذاك، ومعه أصبحت أموال التأمينات تابعة لوزارة المالية.

وفي عام 2005 صدر قرار بضم وزارة التأمينات الاجتماعية (الضمان الاجتماعي حالياً) للمالية، ومعها جرى ضم صناديق التأمين الاجتماعي لقطاع الموازنة العامة للدولة وبنك الاستثمار القومي، ومنذ صدور هذا القرار وأصحاب المعاشات يتهمون وزارة المالية بإهدار أو إخفاء، وفي أقوال أخرى سرقة الأموال التي ظلوا يسددونها من رواتبهم طوال سنوات عملهم، ثم اختفاؤها تماماً، وهو ما جرى اكتشافه في أعقاب أحداث يناير (كانون الثاني) عام 2011.

ماذا حدث لأموال المتقاعدين؟

رئيس اتحاد نقابات أصحاب المعاشات النقابي والبرلماني والحقوقي الراحل البدري فرغلي لا يزال أشهر من نار على علم في مصر على رغم وفاته قبل عامين، وقطاع عريض من أصحاب المعاشات الأكبر سناً ما زالوا يتحدثون عن معركة أموالهم وفوائدها المفقودة التي قادها، ومات قبل أن يعرف أحد مصيرها.

وعلى رغم أن مشكلات تأخر أو تعثر صرف المعاشات جرى حل معظمها إلا أن أحداً لا يعلم حتى اللحظة ماذا حدث لأموال التأمينات خلال السنوات القليلة الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق الراحل محمد حسني مبارك، والمتوافر من معلومات هو ما جرى الإعلان عنه في عام 2021 من أن الدولة قررت فك التشابكات بين هيئة التأمينات الاجتماعية من جهة وبنك الاستثمار القومي والخزانة العامة للدولة من جهة أخرى، لضمان تحقيق الاستدامة المالية لنظام التأمينات، وجرى الإعلان عن مراجعة المديونيات المستحقة للتأمينات وحصر أموال التأمينات وفوائدها وتحديد آليات لسداد تلك الأموال على أقساط سنوية لمدة 50 عاماً.

متقاعدون من دون تقاعد

وبينما يجري سداد المديونية على مدار الـ 50 عاماً المقبلة، وبينما أصحاب المعاشات يشكون في ما بينهم مرة من تدني بعضها أو من عدم كفاية نسب الزيادات المتواترة، يمضي قطاع آخر من أشباه المتقاعدين والمتقاعدين من دون تقاعد قدماً ومن دون صخب.

عدد العمالة في القطاع غير الرسمي في مصر بلغ نحو 4 ملايين عامل عام 2018، وذلك بحسب تقرير برلماني صدر مطلع العام الحالي، وهذا العدد الذي يرجح أن يكون أقل بكثير من العدد الحقيقي على الأرض يمثل 30 في المئة من قوة سوق العمل في مصر.

هؤلاء أو بالأحرى من بلغ سن الـ 60 أو الـ 65 منهم ظلوا عقوداً طويلة فئة منسية في ملف التقاعد، وبحسب القانون رقم (184) لعام 2019، أصبح في إمكان 10 فئات من العمالة غير المنتظمة، أي التي لا توجد علاقة رسمية لها بجهة عملها من عقد أو راتب ثابت أو تأمين أو مميزات، التقدم بطلب للحصول على معاش.

الفئات الـ 10 التي أثارت جدلاً هي محفظو القرآن والمرتلون وخدم الكنائس والعمالة المنزلية وعمال التراحيل والبناء والزراعة والنظافة والباعة الجوالون، وبعضهم من ملاك العمارات القديمة المؤجرة شققها بقيم متدنية وأصحاب الأراضي التي تقل مساحتها عن فدان.

أرض الواقع

أرض الواقع في "الخصوص" بمحافظة القليوبية، وعزبة النخل وعزبة الهجانة شرق القاهرة، وعزبة الصعايدة بمحافظة الجيزة، وغيرها كثير من الأحياء والمناطق التي تعتبر أماكن تجمعات لملايين المصريين الذين نزحوا من محافظات شمال مصر وجنوبها نحو العاصمة على مدى عقود بلغت أوجها في أعقاب ثورة يوليو (تموز) عام 1952، تشير إلى فئات من المتقاعدين بحكم السن والحال الصحية، لكنها بعيدة عن أوراق الدولة الرسمية.

نسبة كبيرة من هؤلاء يعملون في مهن مثل نادل في مقهى شعبي أو عامل سيارات أو عامل بناء أو عامل محطة وقود أو سائق أجرة أو مساعد سائق أجرة، وغيرهم كثير يجدون أنفسهم وقد باتوا عاجزين عن العمل أو جرى الاستغناء عنهم بسبب وفرة الشباب الأصغر سناً للقيام بالعمل نفسه وبشكل أسرع، وهؤلاء إما أن ينخرطوا في مهن أو فرص أخرى أكثر هامشية من الأولى أو يجدون أنفسهم "يا مولاي كما خلقتني" على حد قولهم، حيث الغالبية لا تتقاضى معاشات أو تخضع لنظام تأمين صحي أو ما شابه، وصحيح أن بعضهم يتقاضى معاشات استثنائية تحاول الدولة توفيرها إلا أن الدخل يبقى دائماً أقل بكثير مما يحتاجه البيت.

في البيت متقاعدات نساء

وفي البيت فئة أخرى من المتقاعدين وهي النساء، وهي الفئة التي تتجرع مرارات مضاعفة أحياناً في ما يتعلق بسن التقاعد.

وزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج تقول إن 58 في المئة من إجمال أصحاب المعاشات نساء، وربما يعود هذا لوفاة الزوج أو الأب واستحقاق الزوجة أو الابنة غير المتزوجة للمعاش، لكن في المقابل فإن قدرة المرأة المصرية في السن المتقدمة على حل المشكلات المتعلقة بتقاضي المعاش أقل من قدرة الرجل، لا سيما بين الفئات الأقل تعليماً أو البعيدة من مناطق تقديم الخدمات في المدن الكبرى، وهناك كذلك فجوة كبيرة في قيمة المعاشات إذ ينعكس عدم المساواة في الأجور خلال سنوات العمل في فجوة أيضاً في قيمة الراتب التقاعدي بعد الإحالة إلى المعاش، وهي معضلة عصية على الحل.

السودان... معضلة ذات وجهين

معضلات ومشكلات تنال من منظومة التقاعد والمتقاعدين في السودان أضيف إليها عامل الصراع، فالتقاعد في السودان أصبح معضلة ذات وجهين، أولاهما الصراع الدائر حالياً الذي يطاول الجميع والمتقاعدين بشكل أكبر، والثاني معضلة التقاعد بسبب صعوبة أوضاع المتقاعدين حتى في أوقات السلم.

والمتقاعدون أنواع، فهناك المحالون إلى التقاعد لبلوغ السن القانونية في مؤسسات الدولة، وهو تقاعد إجباري، وهناك من تقاعدوا رغماً عنهم بسبب الخصخصة أو الدفع نحو التقاعد المبكر.

وتكمن المشكلة الكبرى في مدى قبول المتقاعد للأمر، فهناك من يتقبل الواقع ويواجه الأمر بصلابة ويبدأ في البحث عن بدائل لكن آخرين يستسلمون، وهو ما ينعكس سلباً على حياتهم فضلاً عن الدخول في أزمات صحية لا يمكن الخروج منها إلا بالخسارة.

لن أستسلم للتقاعد

محمد جبريل التحق بالشركة السودانية لتوزيع الكهرباء عام 1980 وبدأ العمل في قسم القراءة والتوزيع، وتدرج حتى وصل إلى قسم التوصيلات وظل فيه حتى إحالته إلى التقاعد العام الماضي.

يقول جبريل، "بلغت السن القانونية وهي 65 سنة وفقاً لقانون المعاش الجديد، وأصبحت ضمن 4 ملايين متقاعد على مستوى ولايات السودان"، مشيراً إلى أنه هيأ نفسه لهذه المرحلة التي يعتبرها "تجربة قاسية"، فالمتقاعد من وجهة نظره يواجه تحديات عدة منها الانخراط في حياة جديدة والتعايش مع معاش متدن مقارنة بما كان يتقاضاه من قبل، وهذا غير الإجراءات التي قد تطول حتى يتقاضى هذا المعاش الذي غالباً لا يكفي لتوفير متطلبات الأسرة في ظل ارتفاع الأسعار الفجائي بسبب اندلاع الصراع في السودان، وأنه على رغم كل هذه المشكلات لن يستسلم وسيحاول البحث عن فرصة عمل عقب استقرار الأحوال في السودان ليؤمن متطلبات أسرته.

تقاعد إجباري

أما بابكر عبدالفضيل فكان يعمل خارج السودان قبل أن يقرر العودة للبلاد، ويقول "فجأة وجدت نفسي بلا عمل إذ أجبرت إلى التقاعد، وتقاضيت مستحقاتي المالية وقررت أن أستثمرها في بعض الأعمال الخاصة في مجالي الزراعة والعقارات، لكن جميعها لم يكلل بالنجاح وفقدت كل ما أملك، أما معاشي فلا يكفي لتوفير متطلبات أسرتي لأسبوع واحد".

تجربة مشابهة تحكيها مهندسة المساحة سميرة عبدالرحمن التي فصلت من العمل تعسفياً بغرض خفض العمالة على رغم أنها لا تزال في سن العمل، وتقول إنها ستبذل قصارى جهدها للعثور على عمل ما إن تستقر الأوضاع الأمنية في السودان.

وتقول مسؤولة خدمات المتقاعدين إسراء محمد "بحكم عملي المباشر مع المحالين إلى التقاعد الذين يترددون على مكاتبنا لإنجاز الإجراءات اللازمة لتقاضي المعاش، فإن المفهوم السائد بأن رحلة عطاء المحال إلى التقاعد قد انتهت مفهوم خاطئ، فنسبة كبيرة منهم يتمتعون بالصحة والنشاط والتوقد الذهني وقادرون على العمل، وفي الوقت نفسه كثير منهم يعانون صعوبات جمة في تقبل الأمر الواقع الجديد".

وتضيف أن بعضهم يمر بمرحلة نفسية بالغة الصعوبة، لا سيما حين يكتشف أن عمله جذبه بعيداً من الحياة الاجتماعية، فيفاجأ بأنه بلا أصدقاء أو معارف.

وعلى رغم هذه الصعوبات الاقتصادية والنفسية والاجتماعية فإنها تبدو بسيطة وسهلة أمام طوفان الصراع الدامي الذي يلقي بظلال وخيمة وخطرة على الصحة النفسية والراحة الاقتصادية للمتقاعدين، بل وعلى سلامتهم الجسدية في ظل الصراع.

سوريا... وطأة الحجر على البشر


سوريا سبقت السودان على طريق الصراع، وسنوات الحرب لم تترك شيئاً إلا ودمرته كله أو بعضاً منه، ويأتي البشر قبل الحجر، فقد تناثر أهل البلاد كالغبار في مهب الريح، فمنهم من قتل ومنهم من فقد ومنهم من شرد وهاجر مما أفقد البلاد أياديها العاملة في معظم القطاعات والمجالات، وأصبحت سوريا تعاني شح الكوادر المدربة والمؤهلة وذات الكفاءة.

وفي عام 2011 بلغ عدد الموظفين المدنيين نحو 1.3 مليون من إجمال القوى العاملة البالغ عددها 5.5 مليون موظف، وبحسب بعض الإحصاءات فقد غادر سوريا خلال الحرب نحو 7 ملايين مواطن، وإن كانت إحصاءات أخرى تشير إلى ضعف هذا العدد.

ويلاحظ أن متوسط أعمار المهاجرين بين 31 و 42 سنة، أي من هم صميم القوى العاملة، ويشكل الموظفون المسجلون في نظام التأمينات نسبة كبيرة ممن تركوا سوريا بسبب الصراع، وهؤلاء سيتحتم عليهم العودة سريعاً حتى لا يفقدون مزيداً من سنوات الخدمة اللازمة للحصول على التعويضات والمعاشات القانونية.

قانون السن التقاعدي

أول تشريع عرفته سوريا نظاماً مستقلاً للتقاعد هو قانون التقاعد العثماني الصادر عام 1909، والحال الأكثر شيوعاً للتقاعد هي بلوغ الموظف أو العامل السن التي حددها القانون لانتهاء الخدمة وهي 60 سنة في سوريا، مع ملاحظة أن هناك بعض النصوص الخاصة التي تنظم مراكز بعض الموظفين وترفع سن انتهاء الخدمة إلى أكثر من ذلك.

يجيز القانون السوري في حالات الضرورة تمديد خدمة العامل بعد إتمامه سن الـ 60 مدة سنة قابلة للتجديد حتى خمس سنوات كحد أقصى، لكن بشرط صدور قرار من رئيس مجلس الوزراء بقبول ذلك بناء على طلب العامل واقتراح الوزير المتخصص، مع دخول الخدمة الممددة في حساب المعاش والترفيع.

وإذا جرى تمديد خدمة العامل بعد بلوغه السن المقررة للتقاعد فإن خدمته المحددة لا تختلف عن الخدمة السابقة من حيث الحقوق والالتزامات، كما لا يجوز شغل وظيفة الموظف الذي جرى تمديد خدمته عند بلوغه سن الـ 60، إذ يعد هذا الموظف شاغلاً لوظيفته مدة التمديد.

ويمكن للموظف إنهاء خدمته في حالتين، إما إتمام سن الـ 60 ووصول الخدمة المحسوبة في المعاش إلى 15 سنة، أو عبر نظام التقاعد المبكر الذي يمكن العامل من طلب الإحالة إلى التقاعد بعد بلوغ سنوات توظيفه 25 سنة من دون التقيد بشرط السن.

مظلة التأمين

التأمين وشمول العمال بالمظلة التأمينية إلزامي وفق أحكام القانون (91) لعام 1959، وهذا الأمر لا يجوز مخالفته، وفي القطاع العام لا توجد مشكلة في تطبيقه فجميع العمال في القطاع العام والمشترك مؤمن عليهم ومسجلون لدى مؤسسة التأمينات الاجتماعية، أما بالنسبة إلى القطاع الخاص فكثير من العمال الذين تنطبق عليهم صفة العامل وفق أحكام القانون غير مشمولين بالمظلة التأمينية، وكثير من أصحاب الأعمال لا يلتزمون بتسجيل عمالهم لدى مؤسسة التأمينات الاجتماعية مما يحرم العامل وصاحب العمل من المزايا التأمينية، فمن المتفق عليه لدى أرباب العمل أن نظام التأمين غير مشجع بالنسبة إليهم.

ولا توجد إحصاءات دقيقة عن عدد العمال غير المسجلين في التأمينات، لكن تشير دراسات إلى أن النسبة تتعدى 50 في المئة من عدد العاملين في القطاع الخاص، ويضاف إلى ذلك أن العاملين في معظم المهن والحرف والبالغ عددهم مئات الآلاف من عمال القطاع الخاص يفتقرون إلى الوعي التأميني، لذلك يقومون بمهماتهم اليومية من دون معرفة أن لديهم حقاً في التأمين يكفل لهم أقله شيخوختهم.

الراتب التقاعدي

وينتظر معظم المواطنين في بلاد العالم الوصول إلى سن التقاعد ليأخذوا قسطاً من الراحة والقيام بأنشطة تناسب أعمارهم وتكافئهم على سنوات العمل الماضية، ومنها السفر والاستمتاع بالوقت، لكن في بلدان العالم النامية ولا سيما العربية وتحديداً في سوريا، يستمر كثير منهم بعد خروجهم إلى التقاعد في العمل، لا لرغبة في العمل ولكن لأن الراتب التقاعدي لا يكفي من دون عمل إضافي، وتتوجه هذه الشريحة في الغالب إلى الأعمال الحرة مثل قيادة سيارة أجرة أو حسابات المطاعم والمقاهي أو حتى بيع الخضراوات والفواكه.

وبعد بلوغه سن التقاعد زاول "أبو سليمان" مهنته وهي قيادة حافلة على طريق حمص - اللاذقية حتى تخطى عمره الـ 75 عاماً، وأصر أبناؤه على أن يتوقف عن العمل مراعاة لظروفه الصحية.

ويحتسب الراتب التقاعدي اليوم لجميع الموظفين والعاملين كقاعدة عامة مع وجود بعض الاستثناءات على هذه القاعدة على أساس المعادلة التالية: (عدد سنوات الخدمة × متوسط أجر السنة الأخيرة ÷ 40).

وكان الراتب التقاعدي خاضعاً لقيود السقوف الرقمية في سوريا، إذ يقيد بمبالغ رقمية لا يمكن تجاوزها، حتى تدخل المشرع فألغى السقوف الرقمية مع بقاء السقف النسبي عند حساب الراتب التقاعدي، إذ يكون الحد الأقصى للمعاشات المخصصة بموجب أحكام تأمين الشيخوخة أو العجز 75 في المئة من متوسط الأجر الشهري الذي يحسب على أساسه المعاش.

وعلى رغم أن الراتب يعتبر متدنياً هذه الأيام فإن أسراً كثيرة تعتمد عليه حتى بعد وفاة الشخص وحصول عائلته عليه مع كامل الزيادات التي تمنح من فترة إلى أخرى، كما أن هناك عدداً كبيراً من الموظفين الذين بادروا إلى تقديم استقالاتهم خلال الأعوام الأخيرة بعد مضي الفترة القانونية للحصول على راتبهم التقاعدي، لكنهم استقالوا ولم يحصلوا على الرواتب المستحقة.

السعودية... تطوير النظام التقاعدي

نظام تقاعد في السعودية مزود بأرقام وإحصاءات ومعضد بقدرة جيدة على التطبيق وضمان الحقوق، إذ تشير الإحصاءات الصادرة عن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية إلى أن عدد المتقاعدين يبلغ مليوناً، في حين يبلغ عدد الذين يعملون في سوق العمل والمسجلين بها 11.5 مليون شخص.

وحدد سن التقاعد في البلاد بـ 60 سنة للرجال والنساء على حد سواء، وفي حالات الاستثناء يمكن أن يصل السن إلى 65 سنة ولكن بقرار من مجلس الوزراء، وفي حال الوزراء والقضاة فيمكن تمديد فترة عملهم لما بعد التقاعد بخمس سنوات بأمر ملكي.

ويعود النظام التقاعدي في السعودية لمنتصف أربعينيات القرن الماضي، ففي عام 1945 صدر أول نظام يعنى بهذه الفئة، وبعد 14 عاماً من إصداره وتحديداً في عام 1959 أنشئت جهة حكومية خاصة بالمتقاعدين عن العمل أطلق عليها مسمى "مصلحة معاشات التقاعد".

 في عام 1960 صدر نظام خاص بالتقاعد العسكري وآخر خاص بالعاملين في الوظائف المدنية والجهات الحكومية، وبمرور الوقت وتطور نهج العمل شهد النظام تطورات لافتة، ففي عام 1969 أنشئت مؤسسة حكومية معنية بالموظفين في القطاع الخاص تحت مسمى "التأمينات الاجتماعية"، وصدر لها في العام ذاته نظامها الخاص، وبعد عامين جرى تعديل نظام التقاعد المدني للموظفين الحكوميين، وفي عام 1975 عُدل نظام التقاعد للموظفين في القطاعات العسكرية.

وبعد سبعة أعوام جرى إقرار نظام متخصص للأخطار المهنية، تلته تغيرات في نظام مؤسسة التأمينات الاجتماعية عام 2001، إذ صدر في حينها نظام جديد لها.

وخلال عام 2014 صدر نظام التأمين ضد التعطل عن العمل (ساند) الذي يضمن للموظف الحصول على راتب لمدة 12 شهراً في حال تعطله عن عمله.

وقبل عامين وتحديداً في 2021 صدر قرار مجلس الوزراء بدمج كل من المؤسسة العامة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية لتكون جهة موحدة لجميع العاملين في البلاد، سواء القطاعات العسكرية أو الوظائف الحكومية المدنية أو موظفي القطاع الخاص.

ربع قرن من الخدمة

ويستحق الموظف معاشاً عند نهاية خدمته متى بلغت خدمته المحسوبة في التقاعد 25 سنة في الأقل، أو بلغت خدمته المدنية والعسكرية المحسوبة في التقاعد 25 سنة في الأقل، ويجوز للموظف أن يطلب الإحالة إلى التقاعد ويحصل على المعاش بعد انقضاء مدة خدمة محسوبة في أنظمة التقاعد لا تقل عن 20 سنة، بشرط الموافقة على الإحالة من قبل الجهة المختصة التي تملك حق التعيين لمثله.

ومع ذلك فإذا كان انتهاء الخدمة بسبب إلغاء الوظيفة أو الفصل بقرار من مجلس الوزراء أو بأمر سام ما لم ينص على أن الفصل بسبب تأديبي، فيستحق الموظف معاشاً متى بلغت مدة خدمته المحسوبة في التقاعد 15 سنة في الأقل، أما الموظف الذي تنتهي خدمته بسبب وفاته أو عجز ما وبلوغه سن التقاعد فيستحق معاشاً مهما تكن مدة خدمته إذا لم يبلغ مجموع مدتي الخدمة المدنية والعسكرية، وهي المدة التي تعطي الحق في المعاش وفقاً لنظام التقاعد المدني، فتسوى المكافأة عن خدمته المدنية وفق نظام التقاعد المدني، وتسوّى المكافأة عن خدمته العسكرية وفق نظام التقاعد العسكري المعمول به وقت انتهاء خدمته الأخيرة، ويصرف مجموع المكافأتين من صندوق التقاعد المدني.


ويكفل النظام في السعودية توفير الحماية التأمينية للمشتركين عند التعطل من العمل بصورة إلزامية لجميع العمال السعوديين من دون تمييز بحسب الجنس، شرط أن يكون سن العامل عند بدء تطبيق النظام عليه دون الـ 59 سنة.

تعويضات العجز

ويحق للموظف الحصول على عائد مالي بحسب النظام في حال تعرضه للعجز بسبب إصابة عمل سواء كان كلياً أو جزئياً، كما يلزم النظام صاحب العمل القيام بالإسعافات الأولية للمصاب باتخاذ ما يلزم من تدابير للوفاء بهذا الالتزام، آخذاً بعين الاعتبار عدد العمال الذين يستخدمهم والأخطار المهنية التي تنجم عن طبيعة ممارسة الأعمال القائمة لديه. ويصرف بدل إصابة يومي للعامل أو الموظف المصاب عن كل يوم إقعاد عن العمل بما في ذلك أيام العطل.

وتقدر قيمة بدل العجز بـ 100 في المئة من أجر الاشتراك اليومي للمصاب في الشهر السابق للشهر الذي وقعت فيه الإصابة، ويخفض إلى 75 في المئة من هذا الأجر أثناء وجوده تحت العلاج على نفقة المؤسسة.

الأردن... حلم أخير بالحياة الكريمة

وفي الأردن تعول فئة عريضة من المواطنين إلى التقاعد بوصفه الملاذ الأخير لتأمين حياة كريمة ومريحة بعد عقود العمل، لكن هذا الحلم لم يعد مضموناً وتعتريه كثير من المخاوف خلال الأعوام الأخيرة بفعل عوامل عدة، أبرزها التراجع الاقتصادي وارتفاع فاتورة التقاعد في موازنة الدولة سنوياً.

ويوصف الأردن بأنه واحد من الدول العربية الأكثر تقدماً في مجال الحماية الاجتماعية، لكن مراقبين يعتقدون أن العبث طاول خلال الأعوام الأخيرة مظلة الضمان الاجتماعي، ففي العقد الأخير جرى إصدار عدد من القوانين والتشريعات تصفها الحكومة بأنها تحمي حقوق المتقاعدين وتضمن توفير المعاشات الكافية لهم، لكن جميعها وفق مراقبين عملت على تآكل قيمة الرواتب ورفع سن التقاعد.

وبحسب التشريعات الأخيرة يحق للعاملين في القطاعين الحكومي والخاص الذين يصل عمرهم إلى 60 سنة للرجال و55 سنة للنساء ولديهم خدمة لا تقل عن 18 عاماً الحصول على المعاش التقاعدي.

ويحق للعاملين الذين يرغبون الاستمرار في العمل بعد بلوغ سن التقاعد أن يستمروا في العمل ويستفيدوا من زيادة رواتبهم حتى سن الـ 65 سنة، ويمكنهم الاستقالة والحصول على المعاش بعد ذلك الحين، ويشترط على المتقاعد دفع اشتراكاته لصندوق الضمان الاجتماعي طوال فترة عمله.

لكن وفق التعديلات الجديدة المقترحة على قانون التقاعد سيجري إلغاء التقاعد المبكر بحجة أنه يؤثر في استدامة الملاءة المالية للمؤسسة ويهدد استمرارية عملها مستقبلاً، كما سيتم رفع سن التقاعد وتغيير آلية احتساب الراتب التقاعدي على نحو يصفه الأردنيون بأن الحياة الكريمة بعد سنوات التعب صارت حلماً بعيد المنال.

تقاعد منزوع الدسم

وينقسم الأردنيون حول مدى رضاهم عن قوانين التقاعد بشكل عام، لكن ثمة مشكلات تعانيها فئات كبيرة من المتقاعدين في الأردن ومن أبرزها عدم كفاية الرواتب التقاعدية لتلبية الحاجات الأساس للحياة، وتضاؤل قيمتها في ضوء التراجع الاقتصادي وارتفاع أسعار السلع الأساس، إضافة إلى عدم وجود آلية لتعديل قيمة المعاش التقاعدي وفقاً للتضخم الحاصل في البلاد، مما يتسبب في تراجع قيمة المعاش الحقيقي مع مرور الوقت.

ويرى آخرون أن ترك المتقاعدين يواجهون الحياة الجديدة لهم من دون بدائل مستدامة يرهقهم، بخاصة مع حاجتهم إلى الدعم والرعاية الطبية، إضافة إلى عدم وجود آليات فعالة لحماية حقوقهم مما يؤثر في جودة حياتهم ويجعل قرار تقاعدهم بمثابة مقتل.

ويعتمد حجم المعاش على الراتب الأساس للمتقاعد ومدة الخدمة، إذ يحتسب وفقاً لنسبة مئوية محددة من الراتب الأساس، ويتولى صندوق الضمان الاجتماعي في الأردن إدارة نظام التقاعد وصرف المعاشات للمتقاعدين وتوفير الحماية الاجتماعية للعاملين وأسرهم في القطاع الخاص والعام وهم على رأس عملهم، مثل إصابات العمل والتعطل وفقدان الوظائف.

ويشار إلى أنه كان هناك نظام مختلف للتقاعد المدني لكنه تلاشى وانتهى مع دخول الأردن مرحلة التحول الاقتصادي والاجتماعي منذ عام 2000.

وعلى رغم التحسينات التي شهدها نظام التقاعد في الأردن خلال الأعوام الأخيرة فإن هناك بعض المعوقات مثل تمويل النظام وتحديث القوانين والتشريعات المتعلقة بالتقاعد وتطوير الآليات المستخدمة لإدارة النظام، وترد الحكومة على منتقديها بالقول إن الضمان الاجتماعي في الأردن هو الأفضل في المنطقة العربية، ويضاهي أنظمة التقاعد في دول أوروبية متقدمة.

قلق على " تحويشة العمر"

ومنذ أعوام يبدي الأردنيون قلقاً كبيراً على ما يعتبرونه "تحويشة العمر" بسبب ارتفاع إجمال الاقتراض الحكومي من أموال الضمان إلى 8 مليارات دولار.

وفي الوقت الحالي يبلغ الحد الأدنى لراتب التقاعد 280 دولاراً، وهو رقم يراه كثيرون متواضعاً، ويعبر بعضهم عن عدم رضاهم عن مستوى الرواتب التي لا تناسب ثبات الأجور الحالية منذ سنوات من دون أية زيادة، بينما ينتقد آخرون كثرة التعديلات التي أجريت خلال الأعوام الخمسة الأخيرة على قانون الضمان الاجتماعي بشكل أفقده مضمونه والغاية منه، وحوله من مظلة حماية إلى عبء يهدد حلم الشيخوخة الآمنة.

ويشار إلى أن التعديلات الجديدة التي تشمل رفع سن التقاعد ربما تعني أن بعضهم سيحتاج إلى 46 عاماً من العمل المتواصل للحصول على تقاعد، مما سيسبب نفوراً لدى كثير وخصوصاً فئة الشباب.

ربع مليون متقاعد

يبلغ عدد مشتركي الضمان الاجتماعي نحو 1.5 مليون شخص، وتقدر الفاتورة السنوية لرواتب المتقاعدين بنحو 1.5 مليار دولار سنوياً يستفيد منها نحو ربع مليون متقاعد.

ووفقاً للمتحدث الإعلامي لمؤسسة الضمان الاجتماعي شامان المجالي فإن 35 في المئة من العاملين في الأردن غير مشمولين بالضمان الاجتماعي على رغم أن القانون ينص على توقيع مخالفات للمنشآت التي تتهرب من شمول العاملين فيها بنظام التقاعد، لكن القوانين تساوي بين الرجل والمرأة في الحقوق والالتزامات سواء في ما يتعلق بالرواتب التقاعدية وكل المنافع بشتى أشكالها.

كما أن قانون الضمان الاجتماعي لا يميز بين مؤمن عليه أردني ومؤمن عليه غير أردني في ما يتعلق باستحقاق راتب التقاعد أو راتب الاعتلال، ويوجد نحو 9 آلاف مؤمن عليه غير أردني على راتب تقاعد الضمان.

ويشير متخصص التأمينات والحماية الاجتماعية موسى الصبيحي إلى أن الأسباب التي تعوق تحسين منظومة التقاعد في الأردن كثيرة، وبينها عدم القدرة على مضاعفة أموال صندوق الضمان الاجتماعي التي وصلت هذا العام إلى نحو 20 مليار دولار، إضافة إلى ضعف العائد الحقيقي لاستثمارات مؤسسات التقاعد حتى إنه لا يزيد سنوياً على اثنين في المئة.

وتظل الأهداف الرئيسة التي يعمل نظام التقاعد في الأردن على تحقيقيها هي الحد من الفقر وتحقيق المساواة وتعزيز الشعور بالكرامة الإنسانية.

لبنان... الانهيار آخر العمر

كرامة المتقاعدين الإنسانية معرضة للخطر في لبنان بفعل الأزمات المتلاحقة، والانهيار المالي في البلاد يتربص بمصير أكثر من 100 ألف أسرة تستفيد من نظام التقاعد.

وبحسب بيانات وزارة المالية فقد حظي 112078 موظفاً متقاعداً في الأسلاك المدنية والعسكرية بأجورهم التقاعدية.

ويختلف سن التقاعد في لبنان بحسب الوظائف، فبالنسبة إلى القضاة 68 سنة، أما باقي الموظفين العموميين المدنيين فهو 64 سنة للخاضعين لنظام الموظفين، أما بالنسبة للسلك العسكري فيختلف، إذ يتراوح بين 53 سنة لمن يحمل رتبة ملازم وصولاً إلى 61 سنة بالنسبة للعميد و62 سنة بالنسبة إلى رتبة اللواء، ويحدد سن الـ 63 بالنسبة لأعلى الرتب أي العماد.

وفي المقابل لا يحظى موظفو القطاع الخاص والعاملون في قطاع العمالة غير النظامية بأية حماية اجتماعية أو معاش تقاعدي، وتقتصر تقديمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على "تعويض نهاية الخدمة" الذي يستحقه من أتم 64 سنة، علماً أن القانون أتاح لهم المطالبة بتصفية التعويض عند بلوغ 62 سنة.

المتقاعد بائس الحال

يشخص حسن إسماعيل، وهو من متقاعدي الجامعة اللبنانية، حال المتقاعدين حالياً في لبنان، إذ يسعى الموظف إلى قدر من الراحة بعد بلوغه سن التقاعد، لكنه يتحول إلى عبء على أبنائه.


يتحدث عن تاريخ مفصلي في تحديد مصير المتقاعد قائلاً إنه "في عام 1998 انقضوا على المعاش وخفضوه 85 في المئة من أصل آخر راتب للموظف الذي أمضى 40 سنة في العمل".

ويضيف أن من عمل لعدد سنوات أقل من ذلك يتعرض لخسارة فادحة، علماً أن المعاشات التقاعدية هي نتاج المحسومات التي تحول إلى خزانة الدولة من أجور الموظفين الفعليين.

وجاءت الأزمة المالية وانهيار العملة الوطنية لتكرس خسارة المتقاعد ووصلت إلى 97.5 في المئة من القيمة الشرائية للمعاش، وأمام هذا الواقع حاولت الحكومة اللبنانية الحد من معاناة هؤلاء من خلال "مساعدة اجتماعية"، لكن سرعان ما كانت تتآكل قيمتها تحت وطأة الارتفاع المستمر لسعر منصة صيرفة التي وصلت في مايو (أيار) 2023 إلى 86500 ليرة لبنانية.

يعطي حسن إسماعيل مثالاً حياً، فأستاذ الجامعة اللبنانية كان يتقاضى ما يساوي 2900 دولار أميركي تقريباً، واليوم لا يتجاوز معاشه التقاعدي 220 دولاراً وعليه أن يوفر منها قيمة استهلاك الغذاء والسكن والدواء والصحة والكهرباء وغيرها.

وتتصاعد شكوى المتقاعدين من عدم الحصول على خدمات العلاج والدواء مع التقدم في السن بفعل تراجع قدرة تعاونية موظفي الدولة على التدخل،

ويروي أحد المتقاعدين معاناته إذ تقدم إلى المؤسسة الضامنة بفاتورة الأدوية المستعصية التي تبلغ قيمتها عدة ملايين من الليرات، إلا أنه لم يحصل بعد انتظار تسعة أشهر إلا على 520 ألف ليرة، أي ما يعادل خمسة دولارات.

لطالما اتخذ المتقاعدون موقفاً حيادياً حيال التحركات في الشارع، لكن مع تدهور الأوضاع انتقل هؤلاء إلى مرحلة إنشاء التنظيم النقابي تحت اسم "المجلس الوطني لقدامى موظفي الدولة" الذي يضم "منتدى سفراء لبنان" و"رابطة قدماء القوى المسلحة" و"رابطة قدامى أساتذة الجامعة اللبنانية" و"رابطة الأساتذة المتقاعدين في التعليم الثانوي الرسمي" و"رابطة المتقاعدين في التعليم الأساس الرسمي" و"متقاعدي القطاع العام".

وبدأ المجلس تحركاته الضاغطة في فبراير (شباط) 2022، وتكمن أهميته في توحيد متقاعدي القطاع العام ومطالبهم، ويشكل علامة فارقة "في مرحلة القحط النقابي" على حد تعبير حسن إسماعيل.

إصلاح نظام التقاعد

ومع تسارع الانهيار المالي والاقتصادي برزت أهمية إصلاح نظام التقاعد في لبنان، وتتحدث رانيا أغناطيوس من منظمة العمل الدولية لـ "اندبندنت عربية" عن العمل لتحويل تعويض نهاية الخدمة في الضمان الاجتماعي اللبناني إلى معاش تقاعدي، وتقول إنه في مايو 2022 أنهت اللجنة الفرعية مراجعة مشروع القانون الرامي إلى تعديل بعض أحكام قانون الضمان الاجتماعي وإنشاء نظام تقاعد بدعم تقني من منظمة العمل الدولية، بما في ذلك تصميم النظام وإجراء التقييمات الإكتوارية اللازمة. وأحيل مشروع القانون إلى مجلس النواب، مؤكدة ضرورة إقرار هذا القانون في أقرب وقت ممكن.

وتضيف أغناطيوس، "باتت هذه الإصلاحات اليوم ضرورية أكثر من أي وقت مضى نظراً إلى تبدد المدخرات المتراكمة في فرع تعويض نهاية الخدمة، مما يهدد استمرار التقديمات الوحيدة المتاحة لمتقاعدي القطاع الخاص، ومن المهم أن يشمل هذا النظام الجديد عند إقراره فئة أكبر من المستفيدين القادرين على المساهمة ودعم من الدولة لفئات العمال الهشة لتقديم الحماية اللازمة لكبار السن".

وتضيف أن الفئات الأكثر هشاشة هي "الأشخاص الذين يواجهون أشكال الاستضعاف الناجمة عن دورة الحياة، مثل كبار السن والمعوقين والعاطلين من العمل، وصولاً إلى الأشخاص الذين يعملون في القطاع غير المنظم".

وبحسب دراسة أجرتها منظمة العمل الدولية عام 2021 فإن 19.8 في المئة فقط من كبار السن يحصلون على معاشات تقاعدية عام 2018، وكان نصفهم يحصل على شكل من أشكال خدمات الحماية الاجتماعية.

وتشكل صناديق القطاع العام 40 في المئة من هذه التغطية، و12 في المئة من الصناديق التعاضدية، وهذا يعني أن نصف المتقاعدين تقريباً يجدون أنفسهم من دون أي نوع من أنواع الحماية الاجتماعية، و80 في المئة لا يحصلون على معاشات تقاعدية، ويمكن القول إن أوضاع المتقاعدين في لبنان مؤلمة.

العراق... قرار مفاجئ

نسبة كبيرة من المتقاعدين في العراق شعرت بأنها مجبرة إلى التقاعد بعد القرار المفاجئ لتقليل سن التقاعد، إذ أصبح سن التقاعد في العراق وبموجب القانون رقم (9) لعام 2014 هو 60 سنة بعدما كان 63 سنة.

وبحسب إحصاءات وزارة المالية فإن نحو 5 ملايين موظف حكومي سابق يتقاضون رواتب تقاعدية شهرية، ويسري قانون التقاعد على جميع موظفي دوائر الدولة والقطاع العام والموظفين الموقتين والمكلفين بخدمة عامة، وموظفي الدولة في القطاع المختلط المعينين قبل التاسع من أبريل (نيسان) 2003.

ويسري قانون التقاعد في العراق بحكم السن أو المرض أو الإعاقة أو الوفاة، إذ يستحق الموظف الحكومي في العراق التقاعد عند بلوغه سن الـ 60، وهي السن القانونية للتقاعد مهما كانت مدة خدمته في القطاع العام، وفي حال تعرضه لمرض يعوقه عن العمل بعد قرار اللجنة الطبية المتخصصة بالنظر في هذه القضايا التي تؤكد في تقريرها أنه غير صالح لمواصلة الخدمة.

 كما وضع القانون إمكان أن يحال الموظف إلى التقاعد بناء على رغبته قبل أن يبلغ عمر الـ 60، فإذا كان عمره 50 سنة فأكثر أو أتم 25 سنة في الخدمة فيحق له طلب التقاعد، أما بالنسبة إلى النساء فيجوز للمرأة المتزوجة أو الأرملة أو المطلقة الحاضنة لأبنائها أن تطلب التقاعد قبل سن الـ 60 إذا عملت لمدة 15 عاماً في الوظيفة نفسها أو كان لديها ثلاثة أطفال أو أكثر تقل أعمارهم عن 15 سنة.


ويضع القانون العراقي بعض الاستثناءات من شرط التقاعد عند سن 60 سنة لبعض المهن في حالات معنية، وهم الأساتذة الأكاديميون واختصاصيو الطب العدلي وأطباء التخدير واختصاصيو علم النفس والمستشارون المساعدون في مجلس الدولة، كما منح الاستثناء للمشمولين بقانون الفصل السياسي وأقارب الشهداء من الدرجتين الأولى والثانية المشمولين بقانون مؤسسة الشهداء وقانون مؤسسة السجناء السياسيين.

التباين بين الرواتب

يقول رئيس هيئة التقاعد الوطنية ماهر حسين رشيد لـ "اندبندنت عربية" إن "هناك أنظمة رئيسة للتقاعد في العراق، الأول موجه إلى الموظفين الحكوميين والقطاع العام، والنظام الثاني موجه إلى العاملين في القطاع الخاص، وتختلف هذه الأنظمة من حيث الحقوق التقاعدية والراتب التقاعدي ونسب الاستقطاع بالنسبة إلى الموظفين والمشتركين في القطاع الخاص، وهذا الاختلاف يؤدي إلى عدم مساواة بين القطاعات".

وأوضح رشيد أن أنظمة التقاعد في العراق تعمل على توسيع قاعدة الشمول في نظام التقاعد لضمان حد أدنى من المعاش التقاعدي، مضيفاً "نعمل حالياً ومن خلال تشكيل لجان متخصصة لمعالجة الثغرات الموجودة في النظام التقاعدي الحالي التي ظهرت أثناء التطبيق، وبما يتفق مع البرنامج الحكومي المتضمن دعم شريحة المتقاعدين".

ومن ضمن الحلول التي ذكرها رشيد لمعالجة مشكلات نظام التقاعد الاهتمام بالجانب القانوني للتقاعد والمتعلق بمعالجة التشريعات، وكذلك الجانب الفني المتعلق في اعتماد التكنولوجيا الحديثة في احتساب سنوات الخدمة بدلاً من سير المعاملة من دائرة الموظف وانتهاء بتسلم الهوية التقاعدية، وكذلك محاولة إيجاد نظام تقاعدي يؤمن وجود ضمان اجتماعي متكامل وكفء لجميع المتقاعدين ومعالجة التباين بين الرواتب.

وينتقد رئيس الجمعية العراقية للمتقاعدين مهدي العيسى القرار الذي جرى من خلاله خفض سن التقاعد في العراق بقوله إن "الموظف في هذا العمر يكون في قمة عطائه وخبرته المهنية الوظيفية".

ويشار إلى أن الهدف من تأسيس الجمعية هو الدفاع عن حقوق المتقاعدين والمشاركة في كتابة المسودات الخاصة في القوانين التقاعدية والضمان الاجتماعي، وتتألف الجمعية في عضويتها من المتقاعدين المدنيين والعسكريين وقوى الأمن الداخلي والأرامل والأيتام والمعوقين والجرحى وكل من يحمل هوية التقاعد.

أوضاع صعبة

تشير المتقاعدة سرى إبراهيم التي تقاعدت بعد خدمة في العمل الحكومي استمرت 30 سنة إلى أن هناك نظرة اجتماعية تربط التقاعد بنهاية كل ما يمكن أن يقدمه الإنسان من خدمة للمجتمع، وهي برأيها نظرة غير صائبة "فالمتقاعد قادر أن يكون شخصاً منتجاً إذا توفر له مشروع عمل يتناسب وخبرته وعمره".

وتنتقد إبراهيم غياب الرعاية الصحية والدوائية للمتقاعدين الذين يعاني بعضهم أمراضاً مزمنة، كما يشكو بعضهم من التعقيدات الإدارية التي تعتري معاملاتهم التقاعدية.

وفي هذا السياق يوضح رئيس هيئة التقاعد الوطنية ماهر حسين رشيد أنه جرى اتخاذ خطوات عدة تهدف إلى تسهيل إنجاز المعاملات التقاعدية، واختصار الخطوات التي تتسبب في تأخر إنجازها".

خط الفقر

ويربط مهدي العيسى بين كثير من المتقاعدين وخط الفقر، إذ النسبة الأكبر بينهم تعيش عند مستوى خط الفقر أو دونه، لا سيما بين المعتمدين على الرواتب الأسرية، أي ورثة المتقاعد. وتتراوح الرواتب التقاعدية لفئات عدة بين 300 و305 دولارات، وهناك من يتقاضى أقل من ذلك، وهي مبالغ لا تفي بحاجات المتقاعد وأسرته.

ويوضح رئيس هيئة التقاعد الوطنية ماهر حسين رشيد أن هناك من العاملين في سوق العمل لكن خارج مظلة التقاعد، على رغم توسع الشرائح المشمولة بالمظلة خلال الأعوام الأخيرة.

ويقول، "العاملون بصيغة عقد مع دوائر الدولة المشمولين بقرار (315) لسنة 2019 تم شمولهم بالراتب التقاعدي استناداً إلى القانون رقم (26) لسنة 2019 التعديل الأول لقانون التقاعد رقم (9) لسنة 2014 المعدل، أما في ما يخص العاملين في القطاع الخاص فإنهم يخضعون إلى قانون العمل، وتتولى دائرة التقاعد والضمان الاجتماعي احتساب رواتبهم التقاعدية".

وهناك مزيد من الخطط والإجراءات لتوسيع قاعدة المشمولين بنظام التقاعد لتغطية كل العاملين في سوق العمل.

بداية لحياة جديدة

"لم أستسلم لسن التقاعد فلدي كثير لأمنحه للطلاب من خبرات عملية"، هذا ما يقوله أستاذ الهندسة الميكانيكية عامر محمود الذي اضطر إلى التقاعد بعد أن وصل عمر الـ 60، ويقول "كان قرار خفض سن التقاعد مفاجئاً بحجة توفير فرص عمل للشباب للسماح لهم بالعمل في المؤسسات الحكومية، لكنني سعيت إلى الحصول على فرصة عمل، وبالفعل تمكنت من العثور على فرصة في جامعة أهلية لتدريس مادة الهندسة الميكانيكية".

وعلى الجانب الإيجابي يرى محمود أن التقاعد منحه فرصة أخرى لتجربة خبرات جديدة بعيداً من المؤسسات الحكومية، ويضيف "يمكن للتقاعد أن يكون بداية لحياة جديدة شرط إتاحة المقومات اللازمة، إضافة إلى الرواتب التقاعدية المناسبة".

فلسطين... رواتب شحيحة

في فلسطين لا يتوقف الأمر عند عدم توافر المقومات، بل إن الرواتب التقاعدية نفسها لا تتوافر بالضرورة، وعلى رغم أن العمل في الوظيفة العامة في فلسطين لا يعود على الموظفين براتب مالي كبير مقارنة بالوظائف والمهن الأخرى، فإنه يوفر حياة كريمة بعد الخروج إلى التقاعد ببلوغ سن الـ 60 إلى جانب الأمان الوظيفي.

ومع أن عدد العاملين في فلسطين بالضفة الغربية وقطاع غزة يزيد على 1.1 مليون، إلا أن 286 ألف منهم يعملون في مؤسسات عامة ودولية وأهلية وشركات خاصة ومنشآت، فيما يعمل الباقون في مشاريع خاصة بهم.

وبحسب معلومات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن نحو 54 في المئة من العاملين بأجر يعملون في القطاع الخاص في مقابل 24 في المئة في القطاع العام، و22 في المئة في إسرائيل ومستوطناتها في الضفة الغربية، ويحصل 28 في المئة فقط من العاملين بأجر في القطاع الخاص على مكافأة نهاية الخدمة، مما يعني أن ربع العاملين في القطاع الخاص يحصلون على أموال بعد التقاعد كمكافأة نهاية خدمة، إلى جانب جميع العاملين في الوظيفة العامة، فيما لا يحصل العاملون في إسرائيل على راتب تقاعدي.

مشكلات في النظام

وتظهر البيانات الرسمية الفلسطينية أن غالبية الفلسطينيين لا يتمتعون براتب تقاعدي يضمن لهم حياة كريمة ويتيح لهم البدء بمرحلة جديدة من حياتهم بشكل كريم.

وبحسب قانون هيئة التقاعد الفلسطينية فإن الموظفين في العمل العام ممن بلغوا سن الـ 60 يخرجون إلى التقاعد بعد 15 سنة من الخدمة، فيما يتيح القانون التقاعد بعد 20 سنة للذكور و15 للإناث في عمر الـ 55.

ولا يتجاوز الراتب التقاعدي 80 في المئة من متوسط الراتب لآخر ثلاث سنوات من الخدمة، ولا يقل عن 30 في المئة في حالتي العجز الصحي أو الوفاة.

لكن تلك الميزة لا يتمتع بها سوى ربع الفلسطينيين الملتحقين بوظائف حكومية عامة، فيما يحصل 28 في المئة من العاملين في القطاع الخاص على مكافأة نهاية خدمة.

ولأن أكثر من 76 في المئة من الفلسطينيين يعملون في أعمال غير حكومية أو عامة، فإن السلطة الفلسطينية عملت قبل نحو عقدين على سن قانون للضمان الاجتماعي يتيح توفير راتب تقاعدي لهم، وفي عام 2016 أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس قراراً بقانون للضمان الاجتماعي يلزم المؤسسات والشركات والمصانع الدخول في نظام الضمان.

وقبل أشهر على بدء دخوله حيز التنفيذ في عام 2018، شهدت مدن الضفة الغربية سلسلة احتجاجات شعبية للمطالبة بإسقاط القانون بسبب "عدم الثقة بمؤسسة الضمان الاجتماعي وعدم القناعة بالحكومة باعتبارها ضامناً". وبعد أشهر من المطالبات الشعبية لإسقاط القانون قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مطلع عام 2019 وقف نفاذه.

ونص القرار على استمرار الحوار بين جميع الجهات ذات العلاقة للتوصل إلى "توافق وطني على أحكام القانون وموعد نفاذه".


ضمان اجتماعي للمتقاعدين

وقبل أيام قليلة عادت قضية الضمان الاجتماعي للواجهة من جديد بإعلان وزير العمل الفلسطيني نصري أبو جيش إجراء 42 تعديلاً عن القانون المجمد وفتح حوار وطني قبل إقراره.

وقال أبو جيش إن الضمان الاجتماعي للفلسطينيين "مهم للغاية وسيحقق الاستقرار والحماية الاجتماعية والحياة الكريمة لهم".

ولا يشمل قانون الضمان العمال الفلسطينيين لدى المؤسسات أو الشركات الفلسطينية فقط، لكنه يتعلق بأكثر من 200 ألف عامل فلسطيني في إسرائيل.

وتوصلت الحكومة الفلسطينية إلى اتفاق مع السلطات الإسرائيلية على دفع جزء من رواتب العاملين الفلسطينيين لديها إلى صندوق الضمان الاجتماعي واسترجاع حقوق العمال العاملين الفلسطينيين بعد إنشاء الصندوق بأثر رجعي بعد إنشائه.

وقبل تجميد عملها أوضحت مؤسسة الضمان الاجتماعي أن نحو مليون مشترك من العمال والموظفين في القطاع الخاص سيشملهم القانون، وسيفرض اقتطاع سبعة في المئة من رواتب العاملين وتسعة في المئة من المشتغلين لمصلحة صندوق الضمان شهرياً بحسب القانون المجمد.

واعتبر الباحث في شؤون الحكم جهاد حرب أن الراتب التقاعدي من شأنه أن يتيح حياة كريمة للمواطنين الفلسطينيين بعد خروجهم من العمل، مضيفاً أن حجمه مرتبط بكمية الراتب والدرجة الوظيفية.

المعاش ميزة موظفي الحكومة

وأوضح حرب أن الراتب التقاعدي يعتبر أهم ميزة للموظفين الحكوميين، مضيفاً أن العاملين في المؤسسات الخاصة والأهلية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين لا يتاح لهم ذلك، مؤكداً الحاجة الملحة إلى وجود قانون ملزم للضمان الاجتماعي باعتباره حاجة وطنية لرعاية الفلسطينيين في سن الشيخوخة.

ويشار إلى أن الضمان الاجتماعي لا يوفر الراتب التقاعدي فقط، لكنه يمنح التأمين الصحي للعاملين وعائلاتهم والتعويض عن حوادث العمل والوفاة الطبيعية وتأمين البطالة.

وعن أسباب تجميد قانون الضمان الاجتماعي أوضح حرب أن ذلك يعود لغياب ثقة الفلسطينيين بالسلطة الفلسطينية، مضيفاً أن ذلك يتطلب تقديم ضمانات بأن أموال الفلسطينيين لن تضيع.

ويقول الباحث الاقتصادي جعفر صدقة إن "إلغاء قانون التقاعد كان خطأ جسيماً، وكان يفترض إجراء تعديل عليه يستجيب لمطالب العمال والمؤسسات"، مضيفاً "كلما طال الزمن تتعمق مشكلة توفير الضمان الاجتماعي للفلسطينيين ويصبح حلها أكثر صعوبة".

إلا أن صدقة يرى أن الاحتجاجات الواسعة على قانون الضمان التي استمرت أربعة أشهر عام 2018 كان يقف وراءها "أصحاب الشركات والمصالح الاقتصادية الكبرى وأرباب العمل"، ويرى صدقة أن "تلك المؤسسات تحظى بنفوذ كبير وأن الحكومة تنتصر لهم دائماً في صراعهم مع الطبقات الفقيرة".

المتقاعدون في الأراضي الفلسطينية

وفي الأراضي الفلسطينية يختلف التقاعد عن باقي دول العالم، فهو لم يعد اختيارياً أو عند بلوغ سن الشيخوخة، بل بات إجبارياً في كثير من الأحيان للموظفين في السلك الحكومي وعلى المستخدمين بأجر في قطاع العمل الحر غير الرسمي.

ولغزة خصوصية تختلف عن باقي المدن الفلسطينية، ففي القطاع ثلاثة أنواع من العمالة، الأول موظفو السلطة الفلسطينية بشقيهم العسكري والمدني، والثاني الموظفون التابعون لحكومة غزة، وهؤلاء عينتهم حركة "حماس" عند توليها سدة الحكم عام 2007، أما الثالث فهم العمال المستخدمون بأجر ويعملون في السوق غير الرسمية.

أفضل نظام تقاعد

ويتمتع الموظفون الرسميون التابعون للسلطة الفلسطينية، سواء كانوا في غزة أو في الضفة الغربية، بأفضل نظام للتقاعد عن العمل عند مقارنتهم مع باقي شرائح العاملين، لكنهم يمرون بظروف استثنائية، إذ في بعض الأحيان تعمل الحكومة على إحالتهم إلى التقاعد المبكر الإجباري نظراً للأزمات الاقتصادية التي تعيشها المؤسسة الرسمية.

وعن نظام التقاعد للموظفين التابعين للسلطة الفلسطينية يقول نقيب الموظفين العموميين عارف أبو جراد إن الموظف الذي يبلغ من العمر 60 عاماً يحال إلى التقاعد مباشرة، ويتلقى راتباً تقاعدياً بحسب سنوات الخدمة التي قضاها ما لم يقل عن 15 سنة، وإذا لم يخدم هذه المدة فيأخذ مدخراته نقداً.

ويضيف، "يحصل متقاعد السلطة الفلسطينية على مكافأة نهاية الخدمة ثم يحصل على راتب شهري ويستمر صرفه حتى وفاته".

وفي الأراضي الفلسطينية هيئة خاصة للمتقاعدين تعمل على دفع رواتبهم عند إحالة الموظفين إلى التقاعد، وهي تعمل في غزة والضفة الغربية على حد سواء، ومستقلة مالياً عن الحكومة الفلسطينية.

مكافأة وقانون جيد

ويوضح أبو جراد أنه يتم خصم 10 في المئة من راتب الموظف كل شهر، وتودع في صندوق خاص به في هيئة التقاعد الفلسطينية، وتدفع الحكومة ضعف هذا المبلغ ويودع في صندوق الموظف في هيئة التقاعد التي بدورها تعمل على استثمار هذه المبالغ حتى يتسنى لها دفع رواتب الموظفين عند إحالتهم إلى التقاعد.

ويتفق كثير من موظفي السلطة الفلسطينية على أن قانون التقاعد يعد الأفضل في المنطقة، بخاصة أن الموظف يحصل على مكافأة نهاية خدمة نقدية تصل إلى نحو 30 ألف دولار أميركي، إلى جانب راتب تقاعدي شهري مدى الحياة له ولأطفاله من بعده.

ورغم أن قانون التقاعد الفلسطيني جيد إلا أن موظفي السلطة في غزة يعانون كثيراً، إذ أصدرت الحكومة الفلسطينية قراراً يسمح لها بإحالة العاملين إلى التقاعد المبكر قسرياً ومن دون إذن منهم، وبرر رئيس الحكومة محمد اشتية ذلك بتخفيف موازنة الرواتب.

ويعلق أبو جراد على القرار قائلاً إن السلطة تحيل إلى التقاعد المبكر القسري أي موظف في غزة من دون إذن منه حتى لو لم يبلغ سن 60 سنة، ويبقى راتبه التقاعدي يصرف من وزارة المالية وليس هيئة التقاعد، وبعد بلوغه عمر الشيخوخة تدفع له هيئة التقاعد راتبه، وهذا مخالف للقانون.

وما ينطبق على موظفي السلطة الفلسطينية ينطبق على موظفي حكومة غزة التي تديرها حركة "حماس"، لكن لا تسهم السلطة الفلسطينية في تأمين أي رواتب لهم سواء عند التقاعد أو الأزمات.

العمال الفئة المنسية

وبينما يتمتع موظفو السلطات الفلسطينية بنظام تقاعدي جيد فإن أكثر من 450 ألف عامل في السوق غير الرسمية يعانون أزمات حادة عند تفكيرهم بالتقاعد، على رغم وجود قانون مجمد تطبيقه، لكنه ينظم طبيعة توقفهم عن العمل.

ولا يخضع العمال في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك داخل غزة، لسن معينة للتوقف عن العمل، فذلك متروك لهم ومتى شاء العامل أن يتقاعد فليتقاعد. وعادة ما يدفعهم لذلك المرض أو وجود كفلاء يدعمونه مادياً، ويقول رئيس اتحاد نقابات العمال في الأراضي الفلسطينية سامي العمصي إن العمال لهم تقاعد على شكل مكافأة نهاية الخدمة، ويتم صرف راتب شهر عن كل سنة، لكن السنة تكون 300 يوم عمل.

وعن مدى رضا العمال عن آليات تقاعدهم يؤكد العمصي أن هناك تذمراً من أرباب العمل والعمال على حد سواء، إذ يعترض الطرف المشغل دائماً بادعاء أنه بالكاد يدفع أجرة يومية للعامل، فيما يشتكي الطرف الآخر من آلية احتساب سنوات الخدمة وعدم وجود محكمة عمال للفصل في قضايا العمال.

وشرعت الحكومة الفلسطينية قانون الضمان الاجتماعي الخاص بتقاعد المستخدمين بأجر، لكنها جمدت العمل به نتيجة الاحتجاجات المتكررة على تطبيقه.

وعادة يلتزم المتقاعدون في غزة في بيوتهم وتكون المقاهي ملجأ لهم، وذلك لعدم قدرتهم على فتح مشاريع خاصة نتيجة الحصار المفروض على القطاع، وينطبق ذلك على الجنسين، أما في الضفة الغربية فإن نسبة من يبدأون مشاريع خاصة بهم من الجنسين بعد التقاعد تكون أعلى، وإن كانت الأوضاع الاقتصادية الصعبة في العالم لم تستثن أحداً.

تونس... أعباء الأزمة الاقتصادية

وفي تونس يظل المتقاعدون الفئة الأكثر تضرراً من تأزم الأوضاع الاقتصادية، فالجميع يعاني لكن المتقاعدين يعيشون أصعب فترات حياتهم في ظل غلاء المعيشة وضعف معاشاتهم.

وفي بيان نشرته "الجامعة العامة للمتقاعدين" قبل أيام جاء "أن المتقاعدات والمتقاعدين جديرون بأن يعاملوا بأعلى مقومات العناية، لا أن يصبحوا في قلق على موردهم الذي تنهشه قوانين كارثية متوحشة"، لافتاً إلى أن كثيرين أصبحوا عاجزين عن توفير الحد الأدنى من العيش الكريم.

ويشار إلى أن أكثر من 40 في المئة من هذه الفئة باتت في حاجة إلى مساعدات عائلية لتأمين نفقاتها المعيشية وفقاً لبيانات رسمية كشف عنها مركز الإحصاءات الديمغرافية بمعهد الإحصاء الحكومي.

وفي هذا الصدد يقول رئيس الجامعة العامة للمتقاعدين عبدالقادر النصري إن هذه الفئة باتت أكثر هشاشة وضعفاً مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في تونس خلال الأعوام الأخيرة، ويضيف لـ "اندبندنت عربية" أن معاشات المتقاعدين لم تعد كافية لتلبية الحاجات الضرورية للعيش مع غلاء الأسعار وارتفاع كلف الخدمات الصحية، وإنه من المفترض أن يتمتع المتقاعد بحياة كريمة بعد أعوام طويلة من العمل من أجل وطنه.

وقال إن 70 في المئة من المتقاعدين يتقاضون معاشات أقل من الأجر الأدنى المضمون المقدر بـنحو 160 دولاراً فقط.

فئة مهمشة

وطالب النصري بإعادة النظر في القوانين المنظمة لاحتساب معاشات المتقاعدين ونسب الضرائب الموظفة على أجورهم من أجل تحسين أوضاعهم المالية والاجتماعية.

ويبلغ عدد المتقاعدين 1.1 مليون مواطن تصرف معاشاتهم من صندوقين، هما "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للمتقاعدين" من القطاع الخاص و"الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية" للمتقاعدين من القطاع الحكومي.

ويبلغ متوسط معاشات المتقاعدين من القطاع الحكومي نحو 1200 دينار (387 دولاراً) في حين لا يتجاوز في القطاع الخاص 850 ديناراً (274 دولاراً) بحسب بيانات رسمية لوزارة الشؤون الاجتماعية.

ووفق القانون التونسي فإن معدل المعاش النهائي يحسب عند أعلى أجر يتقاضاه الموظف خلال الأعوام الـ 10 الأخيرة من فترة العمل والإسهام في الصندوق الاجتماعي، إذ تقتطع الإسهامات على امتداد أعوام الشغل بإسهام مشترك من الأجير وصاحب العمل.

وبحسب دراسة لمركز الدراسات الاجتماعية التابع لاتحاد الشغل، يبلغ معدل مدة الانتفاع بالمعاشات لدى التونسي 22 سنة، وارتفع متوسط العمر من 57.8 سنة عام 1976 إلى 75 سنة عام 2019.


والملاحظ أن غالبية المتقاعدين في تونس لا يولون أهمية كبيرة لحياتهم العامة من الجانب الترفيهي والتثقيفي ومشاركتهم في الحياة العامة.

وطالب الكاتب العام للجمعية العامة للمتقاعدين في تونس العبيدي الشيحي السلطات والمجتمع بإشراكهم في الشأن العام، مشيراً إلى أن الهدف من الجمعية هو العناية بالمتقاعد التونسي وترسيخ ثقافة التقاعد، ورأى أن فئة المتقاعدين في تونس مهمشة بقوله، "وكأن دور المتقاعد انتهى في المجتمع بعد انتهاء دوره في العمل على رغم أننا من بنى هذا البلد ونحن حكماؤه، وبالتالي لا يمكن إقصاؤنا بل يجب الاستفادة من خبرتنا وتجاربنا".

وأضاف الشيحي، "المتقاعد التونسي لا يقل كرامة عن الأوروبي الذي نشاهده في تونس يتمتع بجمالها وشواطئها وشمسها، عكس المتقاعد لدينا فهو يتقاعد من الحياة بعد تقاعده من العمل ولا يفكر في نفسه من الجانب الترفيهي مثل السفر وممارسة الرياضة والفن وصقل المواهب التي يكتسبها".

تهرّم المجتمع

لكن المدير العام للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية كمال المدوري يقول إن الصندوق ملتزم بصرف مستحقات المتقاعدين على رغم الصعوبات المالية التي تعانيها مؤسسات الضمان الاجتماعي، مؤكداً السعي إلى تجويد الخدمات المقدمة لهذه الشريحة الاجتماعية.

وتعيش تونس منذ عام 2011 حالاً من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، وتسوء أوضاع المتقاعدين بتفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعيشها البلاد. ولا يمكن إغفال التغيرات الديموغرافية في تونس، إذ بداية تهرّم المجتمع التونسي، فقد أدت زيادة متوسطات العمر إلى طول مدة الانتفاع بالمعاشات من 13 سنة خلال التسعينيات إلى 20 سنة، مما أسهم في تقليص موارد الصناديق الاجتماعية.

وتشهد تونس ارتفاعاً متواصلاً في نسبة كبار السن، وينتظر أن تتجاوز هذه الفئة 17 في المئة من السكان بحلول عام 2029، وقرابة 30 في المئة عام 2034، وكانت النسبة 13 في المئة عام 2018.

الجزائر... معركة الدينار والاكتئاب

وبينما يخوض متقاعدو تونس معركة الاقتصاد وارتفاع متوسط الأعمار، يخوض متقاعدو الجزائر معركة مشابهة هي معركة الدينار والاكتئاب، ويمكن تقسيم المتقاعدين الجزائريين إلى فريقين، الأول يحظى بتكريم يرافق "انتهاء الصلاحية"، وفريق يعاني كل أنواع التهميش بعد التقاعد، إذ تتفاقم الأزمات المالية مع فارق واضح بين أجور قبل وبعد مغادرة العمل.

وتحوي الجزائر مليون متقاعد يخصص لهم صندوق التقاعد الوطني (مؤسسة حكومية) نحو 3.9 مليار دولار سنوياً، قابلة للزيادة مع كل سنة مالية.

ويلاحظ المتجول في المدن الجزائرية انتشار المتقاعدين في الحدائق والساحات، ويفضل بعضهم التجمع على المقاهي أو أمام المساجد، في حالات نفسية ممزوجة بين الاكتئاب والانطواء والقلق بسبب انخفاض قيمة الرواتب التقاعدية من جهة، وغياب أماكن أو برامج الترفيه من جهة أخرى، ووصل الأمر أن بعضهم يطلق عليهم "الموتى قاعدين".

وبلغة الأرقام فإن 50 ألف حالة تقاعد تحدث سنوياً، وهو ما يزيد الضغط المالي على خزانة الدولة، وفي الوقت نفسه تزيد معاناة المتقاعدين أنفسهم. وعلى رغم زيادة الرواتب المقدمة لهم من حين إلى آخر إلا أنها لا تخفف من حجم معانتهم سواء المادية أو النفسية.

وباستثناء متقاعدي الجيش والقطاعات الأمنية المختلفة وبعض الشركات الاقتصادية الحكومية الكبرى في الجزائر، لا يجد متقاعدو القطاعات الأخرى أي نواد أو فضاءات تتكفل بأوقات فراغهم أو بعطلهم أو بهواياتهم.

عجز مالي

المدير العام لصندوق التقاعد جعفر عبدلي اعترف بتسجيل عجز هيكلي كبير خلال عام 2022 أثر في توازناته، إذ سجل ارتفاعاً في المصروفات بتسعة في المئة، مقارنة بمداخيل ضئيلة لا تتجاوز ثلاثة في المئة فقط، مما عجل بتدخل حكومي لتقليص العجز المالي بضخ مليارات الدنانير.

وقال عبدلي إن المعايير الأساس لنظام التقاعد الجزائري جرى تحديدها ببلوغ السن القانونية 60 سنة للرجال، و55 سنة للنساء، وأن الحد الأدنى من عدد سنوات العمل هو 15 سنة، مشيراً إلى أن الصندوق بدأ يسجل عجزاً مالياً متنامياً منذ عام 2013.

وكان عدد المتقاعدين المستفيدين قد ارتفع من مليونين عام 2010 إلى أكثر من 3 ملايين عام 2022، أي بزيادة قدرها 46 في المئة.

ويرجع العجز إلى انخفاض عدد المشتركين في الضمان الاجتماعي والزيادة في عدد المتقاعدين ومبالغ المعاشات، إضافة إلى ضعف نمو الإيرادات بين عامي 2013 و2021.

سكون المتقاعدين

الأكاديمي الجزائري المتخصص في علم الاجتماع أحمد ضياف قال لـ "اندبندنت عربية" إن معظم المتقاعدين يمرون بفترة عصيبة قد تدوم سنة كاملة بعد تركهم العمل، وهي الفترة التي تسمى "بالسكون بعد الحركة لسنوات"، موضحاً أن الأمر يتعلق بمعركة نفسية داخلية يعيشها الشخص، لا سيما أنه يرى نفسه منتهي الصلاحية.

وقال إن المتقاعد اعتاد نمطاً من الحياة اليومية لأعوام طويلة، ليجد نفسه بين عشية وضحاها ساكناً لا يقوم بالوظائف اليومية نفسها من الاستيقاظ للعمل إلى زملاء المهنة، وعادة يدخل المُحال إلى التقاعد حالاً من الاكتئاب عقب تقاعده، وتنتابه مشاعر مختلطة من الغضب والانزعاج وخيبة الأمل والحزن وفقدان الاهتمام، ويمكن أن يتداخل كل ذلك مع الروتين اليومي ليصل إلى إحباط نفسي، لا سيما للمتقاعدين الذين كانوا يصنعون الحدث في محيطهم بتعاملهم الشعبي أو بقضائهم حاجات الناس.

ويقول الباحث السياسي الجزائري كمال بوعبدالله إنه من الغريب أن يتولى الرئاسة والحكومة والوزارات أشخاص بلغوا الـ 80 على رغم أن تلك المناصب تقتضي قوة فكرية وجسدية، في حين يستكثر على أشخاص في الـ 60 وما فوقها بقليل أن يعملوا أعواماً أخرى في مجالات يجيدونها.

وانتقد التعامل غير اللائق من قبل بعض أصحاب العمل مع المتقاعدين الذين يعملون لديهم بحثاً عن فرصة لملء الفراغ أو زيادة الدخل، إذ غالباً يعرضون عليهم مبالغ زهيدة أقل بكثير مما يستحقون، لا سيما في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية الصعبة.

المغرب... تحديات وإكراهات

الأوضاع الاقتصادية الحالية الصعبة تلقي بظلالها كذلك على متقاعدي المغرب، إذ يواجه المتقاعدون عدداً من التحديات والإكراهات المرتبطة بحياتهم المعيشية، لا سيما في ظل موجة الغلاء وارتفاع التضخم، مما يجعل مطالبهم بزيادة معاشاتهم الشهرية مطلباً متكرراً.

ووفق إحصاءات رسمية فإن عدد المستفيدين من المعاشات التي يصرفها الصندوق المغربي للتقاعد (حكومي) يزيد على 900 ألف متقاعد، وتتنوع هذه المعاشات بين مدنية وأخرى عسكرية، بينما في القطاع الخاص يوجد أكثر من 600 ألف متقاعد.

والسن القانونية للتقاعد هي 63 سنة في الوظائف الحكومية، و60 سنة في القطاع الخاص، لكن الحكومة المغربية عمدت إلى رفع سن التقاعد إلى 65 سنة، وهو ما ترفضه النقابات وكثير من الموظفين والعمال.

اندبندنت عربية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى