بعد تلقيها ضربات موجعة في العمق الصومالي.. حدود كينيا ملاذ بديل لحركة الشباب

> مقديشو "الأيام" العرب:

> ​منذ مايو الماضي، ازدادت وتيرة الهجمات الإرهابية لمقاتلي حركة الشباب في مناطق الحدود الكينية – الصومالية، ورجح محللون صوماليون أن تكون هذه الهجمات محاولة من الحركة لزيادة عملياتها على حدود البلدين البالغة نحو 900 كيلومتر، مستغلة ضعف آليات المراقبة في هذه المنطقة الشاسعة.

ونهاية يونيو الماضي، انسحبت القوات الكينية من قاعدة جيرلي الحدودية وسلمتها للقوات الصومالية بموجب قرار أممي، ما زاد من طمع حركة الشباب للتوغل في هذه المنطقة الحدودية وتنفيذ هجمات إرهابية نوعية طالت مقاطعات كينية متاخمة للصومال.

وبشأن حجم الخطر على الحدود، تحدث محافظ مقاطعة مانديرا الكينية محمد آدم خليف للإعلام المحلي عن سيطرة حركة الشباب الصومالية على 60 في المئة من المقاطعة، ما يعكس القلق المتنامي لدى سكان المناطق الحدودية من تمدد الهجمات الإرهابية إلى داخل كينيا.

وفي الأسابيع الأخيرة، تسببت الهجمات الإرهابية لمقاتلي الشباب بالمناطق الحدودية في مقتل نحو 30 من أفراد الجيش الكيني وإصابة عشرات آخرين.

ووفق محللين فإن حركة الشباب تبحث من خلال هجماتها الأخيرة على حدود كينيا والصومال عن ملاذ بديل محتمل في حال فشلت في وقف المرحلة الثانية من الحرب التي تقودها الحكومة الصومالية ضدها بمشاركة قوات من دول الجوار.

  • قلق كيني متنام

تصاعد العمليات الإرهابية على الحدود دفع القوات الكينية إلى رفع درجات التأهب ونشر قوات إضافية، بغية فرض سيطرتها على الشريط الحدودي مع الصومال، بحسب النائب الصومالي وعضو اللجنة الأمنية في البرلمان طاهر أمين.

وقال أمين إن “كينيا تعيش في قلق كبير نتيجة تزايد الهجمات الإرهابية على المناطق الحدودية وتزامنت في وقت رفع فيه البلدان التعاون الأمني المشترك بينهما بعد أن كانت تلك العلاقات في أدنى مستوياتها سابقا”.

وعزا النائب الصومالي تزايد الهجمات الإرهابية في تلك المناطق إلى “محاولة حركة الشباب إفشال تعاون كينيا والصومال في المجال الأمني الذي يتوقع أن يساهم في القضاء على أنشطة الحركة التي عرقلت التنقل والمصالح الاقتصادية في الحدود”.

وأضاف أمين أن “حركة الشباب كانت تحاول تنفيذ هجمات متقطعة في دول الجوار بهدف تعزيز وجودها، لكن تصعيدها الأخير في المناطق الحدودية يحمل دلالات أمنية جديدة، وهو ما يدخل كينيا في حالة استنفار أمني كبير لملء الثغرات الأمنية على حدودها مع الصومال”.

وفي تصريحات سابقة قال وزير الدفاع الكيني آدم بري دعالي إن بلاده “مستعدة لمواجهة مقاتلي الشباب أينما كانوا في داخل الصومال والمناطق الحدودية”، مشيرا إلى أنهم “سيستخدمون قواتهم البرية والجوية للحد من التهديدات الإرهابية المتصاعدة في الحدود مع الصومال”.

ومنتصف يوليو الماضي، زار مدير المخابرات الكينية نورالدين محمد الصومال وبحث مع المسؤولين “التطورات الأمنية على حدود البلدين وسبل التعاون للحد من التدهور الأمني الذي أثر سلبا على العمق الكيني”.

  • خلط الأوراق الأمنية

قال محللون ومسؤولون أمنيون صوماليون إن هجمات حركة الشباب المتكررة في المناطق الحدودية الكينية “هي ضربات إرهابية استباقية للضغط على السلطات الكينية للعدول عن مشاركتها في المرحلة الثانية من الحرب التي تقودها الحكومة الصومالية ضد الحركة”.

وفي فبراير 2023، نظم الصومال اجتماعا أمنيا رباعيا ضم إلى جانبه كينيا وإثيوبيا وجيبوتي، حيث تمخض عن تشكيل قوات مشتركة للقضاء على جذور أزمة إرهاب حركة الشباب نظرا إلى المخاوف الأمنية المشتركة لدول الجوار.

وذكر الناطق باسم وزارة الأمن الداخلي الصومالية عبدالكامل شكري أن “حركة الشباب صعدت هجماتها في الآونة الأخيرة لرفع معنويات مقاتليها الذين خسروا أمام الجيش الصومالي في المرحلة الأولى من الحرب التي انتهت مطلع فبراير الماضي، خاصة بعد إعلان مقديشو قرب بداية المرحلة الثانية من حربها ضد الحركة”.

وأوضح شكري أن “التهديدات الإرهابية التي تشكلها حركة الشباب على حدود كينيا تأتي في إطار محاولتها لإفشال التحالف الأمني الرباعي بين الصومال وكينيا وجيبوتي وإثيوبيا ضدها، أو على الأقل خلط أوراق بعض تلك الدول”.

وأشار إلى أن حركة الشباب “حاولت أيضا تنفيذ اضطرابات أمنية في إثيوبيا لكن القوات الإثيوبية أفشلت مخططات الحركة الإرهابية”.

وبدوره، قال المحلل السياسي الصومالي محمد معاوية إن “تركيز مقاتلي الشباب على المناطق الحدودية مع كينيا يهدف إلى زعزعة أمن كينيا وإيجاد ضغط داخلي لمنعها من المشاركة في التحالف الأمني الرباعي ضدها”.

وأضاف معاوية أن “مساعي الحركة لتصعيد عملياتها الإرهابية داخل الصومال والمناطق الحدودية مع دول الجوار تعكس مدى تخوفها من المرحلة الثانية للحرب ضدها، وتأثرها بحالة انهيار نتيجة الخسائر المدوية التي منيت بها إثر الحملة العسكرية الحكومية ضدها”.

  • الملاذ المحتمل

يرى محللون أن تفعيل حركة الشباب لنشاطها على حدود كينيا جاء ردا على فشلها الميداني أمام الجيش الصومالي الذي استعاد مناطق شاسعة كانت في قبضتها في أقاليم جنوب ووسط البلاد.

وقال محمد عبدو المحلل السياسي في مركز الصومال للدراسات، إن حركة الشباب “لا تزال تبحث عن خيارات بديلة ومحتملة في أنشطتها داخل الصومال في حال لم يفلح مقاتلوها في التصدي للعملية العسكرية المشتركة في مناطق نفوذها جنوب ووسط البلاد”.

وذكر عبدو أن “العملية العسكرية الحكومية الأخيرة كشفت عن حالة الانهيار وعدم المقاومة الفعالة لعناصر مقاتلي الشباب، حيث خسرت خلال شهرين مناطق كانت تخضع لسيطرتها منذ نحو 9 سنوات ما يعكس تراجع قدراتها القتالية في ميادين القتال”.

وأشار إلى أن المناطق الحدودية بين الصومال وكينيا “تعد من المواقع المحتملة التي قد يتخذها مقاتلو الشباب ملاذا آمنا في المرحلة المقبلة، وقد يلجأ إليها قادتها كونها منطقة مليئة بالغابات وشاسعة وتمتد على طول 900 كيلومتر”.

وأردف “المرحلة الثانية من الحرب ضد الشباب بمشاركة قوات من دول الجوار قد تشكل تحديا وجوديا بالنسبة إلى مقاتلي الحركة، نظرا إلى معطيات الواقع، إلى جانب عدم قدرتهم على الصمود عسكريا أمام هذا التحالف الرباعي، كونهم يجيدون فقط حروب الكر والفر”.

وتحدث عبدو عن “سيناريوهين أمام الحركة في حربها ضد القوات المشتركة (الصومال وإثيوبيا وكينيا وجيبوتي)، يتمثل الأول في المواجهة الحتمية والدفاع عن مناطق نفوذها، والثاني هو البحث عن ملاذ آمن في المناطق الحدودية بين الصومال وكينيا وهي الأنسب نظرا إلى موقعها الجغرافي المناسب لحرب الكر والفر”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى