فرص تخلقها النساء.. أقبال على معامل طحن الحناء والخياطة في لحج

> مرفت الربيعي

> بعد تخرجها من الجامعة، التحقت فضيلة فضل، من محافظة لحج في العقد الثالث من العمر، بإحدى دورات التصميم (الفوتوشوب) لتطرق بابًا آخر للبحث عن عمل، إذ تقول: "لم أجد عملًا مناسبًا، فالتحقت بدورات الفوتوشوب، لأعمل مصممة، فهو إلى حدٍّ ما يوفر فرص عمل ودخل أفضل".

نظرًا لتفشي الفقر والفاقة بين كثير من الأسر في محافظة لحج "جنوب اليمن"، وارتفاع الأسعار وتدني المرتبات، وعدم توفر فرص عمل للشباب، بات على الكثير البحث عن مصادر دخل أخرى لمجابهة الظروف المعيشية الصعبة، وتوفير متطلبات الحياة اليومية، وبرزت المرأة اللحجيّة في كثير من المهن والمشاريع الصغيرة لتحقيق الاكتفاء الذاتي.


وجدت فضيلة عملًا في إحدى محلات الدعاية والإعلان في الحوطة عاصمة المحافظة، حيث لم يقتصر عملها في صنع الأكياس العيدية (حبة الكشري) والتوزيعات، وإنما اللوحات الإعلانية وغيرها، ولعل رغبتها في العمل ساعدتها في تخطي الكثير من الصعاب.

بينما فضلت سماح سيل، فتح مشروعها الخاص (الرسم على القماش) من المنزل، حيث وجدت موهبة الرسم مصدرًا لكسب الرزق أيضًا، فعالم الألوان مجالاته واسعة، وعندما يمتزج الخيال بالإبداع لا شيء يبقى مستحيلًا، حد تعبيرها.

لم يقتصر عمل سيل على الرسم في القماش فقط، وإنما على الزجاج، وعمل بوكسات (ستاندرات) من الخشب والكرتون وتلوينها، وكذلك لوحات، ومخطوطات قرآنية، وصنع الحقائب بواسطة وسائل يدوية.

برامج ودورات

ازداد الالتحاق بالدورات التنموية من قبل النساء والفتيات في الإجازات الصيفية، وساعدهن ذلك في فتح العديد من المشاريع الصغيرة الخاصة بهن.

تقول فاطمة شكري، رئيسة مركز السعيد للتنمية بلحج: "يزداد الإقبال من قبل الفتيات والنساء على الدورات التدريبية خلال فترة الإجازة الصيفية، في ظلّ حاجتهن لاكتساب مهارات لشغل مهن تدر عليهن الدخل وتساعدهن للالتحاق بسوق العمل، ونرغب بإضافة دورات صيانة الجوال، نظرًا لحاجة الفتيات لطرق هذا المجال، ونبذل جهودًا في إيصال المادة التدريبية بتوازن لكل الفئات العمرية".

وفي مواسم الأعياد والأعراس، يشكّل الربح لهذه المنتجات أضعافًا، لذلك تجد الكثير من الفتيات اقتحمن هذا المجال، وباتت وسائل التواصل الاجتماعي مصدرًا آخر للترويج لها.

وترى (أم طيف)، إحدى المدربات في مجال الطبخ، أنّ ما يميز هذه المشاريع هو قدرة النساء على البدء من المنزل وبمكونات بسيطة، إذا امتلكت الخبرة، ومعرفة كيفية التسويق والترويج لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لذلك لجأت المرأة إلى تلك المشاريع لتحقيق الاكتفاء الذاتي".

وتصف تجربتها في اقتحام هذا المجال: "يُقبل الجميع على شراء هذه المنتجات (المعجنات والحلويات) في حفلات التخرج، والمناسبات كالأعراس، والتنزه، إذ يفضلها الكثير على أكل المطاعم".

مؤخرًا، ازداد إقبال الناس على شراء الملابس المرسومة، إذ تعتبر ذات أسعار مناسبة تصل إلى 3000 ريال كحد أدنى، وتفضلها النساء، ما دفع الكثير من الرسامات إلى الخوض في هذه المهنة.


وجد الجميع أنفسهم أمام عدم وجود أي مقومات للحياة، في ظل الحرب الظالمة وانقطاع الرواتب وغياب العائل الوحيد أو موته أو عجزه عن تدبير احتياجات الحياة التي ترتفع تكاليفها يوميًّا، الأمر الذي جعل المرأة هي القوة الضاربة في حياة اليمنيين.

يشدّد أستاذ الإدارة في جامعة الرشيد الذكية (جامعة أهلية)، عبدالخالق طواف، على أهمية المشروعات المنزلية والأشغال اليدوية التي انتشرت بصورة لافتة لتتصدر اهتمامات النساء، بهدف إيجاد مصدر دخل مناسب لإعالة أسرهن.

ونظرًا لحاجة النساء لشغل هذه المهن، التحقت الكثير منهن بدورات التمكين في المراكز لجمعية تنمية وتمكين المرأة الريفية.

في السياق، تؤكد فتحية أرشد، مديرة إدارة تنمية المرأة الريفية في محافظة لحج، أنه تم تأسيس جمعية تنمية وتمكين المرأة الريفية في أبريل 2018، حيث بلغ عدد العضوات أكثر من 829 عضوة، في 21 مركزًا على مستوى مديرية تبن، إضافة إلى جانب العمل مع جمعية مديرية المسيمير ويافع، وقدمت العديد من الدورات للنساء في التمكين، مع المتابعة لمعرفة استمرارية أعمالهن.

معامل الحناء

نظرًا لأنّ محافظة لحج من المحافظات التي تزرع محصول الحناء بمساحات واسعة، كان هناك عمل مشترك بين إدارة تنمية المرأة الريفية وجمعية تنمية وتمكين المرأة الريفية لإنتاج الحناء.

فضلًا عن التنسيق مع مالكات مطاحن الحناء في معمل مركز دار المناصرة، ومعمل مركز دار هيثم، وتشكيل مجاميع نسائية من (13-15) عاملة في إنتاج الحناء، وإنشاء صندوق ادخار لكل مجموعة، ومن ثَمّ شراء الحناء الخام من المزارع، وتقوم النساء بكل الأعمال حسب الجدول التشغيلي لهن.

تقول أرشد: "قامت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بدعم وبناء 7 معامل، في 7 مراكز بمديرية تبن، ووفرت المطاحن، وقصاصات الحناء، وعربة لكل معمل لتسويق المنتجات، وفي كل معمل يوجد 12 عاملة زراعية، منهن رئيسة الفريق ومسؤولة التسويق ومشرفة الأعمال، وعاملات الإنتاج".

التحديات كساد المشاريع


انعكست الأزمة الاقتصادية سلبًا على تلك المشاريع، حيث أجبرت تكاليف الإيجارات المرتفعة للمحلات، كثيرًا من العاملات على اتخاذ ساحات منازلهن مكانًا لممارسة أعمالهن، بالمقابل شكّل ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وانقطاع الكهرباء أغلب فترات اليوم، وضعف القدرة الشرائية لدى المجتمع، وارتفاع سعر مواد العمل نتيجة عدم استقرار العملة المحلية- معضلة أدّت إلى كساد تلك المشاريع الصغيرة.

تؤكد فضيلة- مُصمِّمة، أنها أغلقت محل الدعاية والإعلان الذي كانت تزاول فيه عملها، ولجأت إلى شراء طابعة، والعمل من المنزل، لضمان استمرار عملها ومصدر دخلها الوحيد.

من جانبها، تلخص فتحية أرشد، أهم التحديات التي تواجه هذه المشاريع والتي تتضمن عدم توفر سوق للمنتجات ورأس مال لتوسع إنتاجها، وضعف التدريبات في تحسين جودة المنتج والتسويق له، وعدم توفر التقنيات الحديثة التي تساعد على الإنتاج.

إضافة إلى انقطاع الكهرباء وتسبُّبها بأضرار وعراقيل عديدة لمنتجات الخياطة، ومطحون الحناء، والبهارات، ومنتجات الألبان، هناك أيضًا قلة الدعم من المنظمات لهذه المشاريع، وارتفاع مستلزمات الإنتاج والوقود.

بينما ترى أم طيف، أنه عند شراء المكونات والمواد الغذائية والأغلفة الخاصة بالمنتج، يتم تحديد التكلفة وسعر المنتج للزبون، وعند ارتفاع الصرف تضطر لتغيير السعر، ولجأت إلى حل آخر وهو دفع المبلغ كاملًا من قبل الزبون قبل أخذ الطلبيات.

كما أنّ كثيرًا من النساء استغنين عن حُلّيهن ومقتنياتهن في سبيل اقتحام مجال المشروعات الصغيرة، ورغم ذلك ما تزال هناك العديد من العقبات التي تعيق تلك المشاريع، لكنها من المشاريع الاقتصادية المهمة لخلق مجتمع فاعل ومنتِج.

إلى جانب هذه التحديات، تظل هذه المشاريع بحاجة إلى دعم من قبل المنظمات، إذ أنّ هناك الكثير من النساء طرقن أبواب التدريب، ولكنهن لم يجدن الدعم للبدء في مشاريعهن، بسبب العوز والفقر.

"خيوط".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى