هديل الشرماني.. تتحدى الإعاقة وتصنع الأمل

> أشرف الصوفي

> ولدت هديل عبدالله الشرماني بمحافظة تعز، عام 1999، وجاءت معها الإعاقة البصرية منذ اللحظة الأولى من ولادتها. بدون حاسة البصر، قد يبدو الإنسان سجينًا في هذا الكون، لكن الشرماني لم تستسلم لظروف الإعاقة البصرية، وعملت بمساعدة أسرتها على تحقيق العديد من الإنجازات التي تفخر بها اليوم.

عندما كان عمرها خمس سنوات، التحقت هديل بجمعية الأمان لرعاية الكفيفات، وتلقت مع مثيلاتها تعليمًا خاصًا، باستخدام لغة برايل، ثم تنقلت في مراحل دراستها ما بين جمعيات رعاية تأهيل المكفوفين وبين مدارس الدمج في صنعاء وإب وتعز.

في عام 2019، تخرجت هديل من الثانوية العامة، وحصلت على معدل 94 % القسم العلمي. كانت نتيجة مذهلة، نتيجة عجز عن تحقيقها الكثير من الأصحاء. أرادت هديل أن تلتحق بكلية الإعلام بتعز، فتقدمت للتسجيل هناك، ولكنها قوبلت بالرفض، بحجة أنها كفيفة ولا تصلح للإعلام.


بعد ذلك، قدمت في قسم اللغة العربية للعام الجامعي 2020-2021، وكانت من أوائل المقبولين. كانت مبتهجة بانضمامها إلى الكلية، وبدء تجربة تعليمية جديدة. برغم التشجيع الذي تحصل عليه من زميلاتها وأساتذتها، إلا أن رحلتها لا تخلو من السخرية التي تسمعها من البعض. تقول هديل: "في كل مرة أتعرض للسخرية، لا أستسلم، أقف مرة أخرى وأُتابع المسير".

في عام 2021، شاركت هديل في مسابقة التحدث باللغة العربية الفصحى وفن الخطابة والإلقاء الشعري للمرحلتين الإعدادية والثانوية، بالتعاون مع جامعة الدول العربية، والتي أُقيمت في مصر، وحصدت المركز الثالث على مستوى الوطن العربي، والأول على مستوى اليمن.. لم تكن المسابقة محصورة بذوي الإعاقة فقط، فقد كانت مسابقة عامة.

وفي عام 2021، تم تكريم هديل من قبل مكتب الثقافة بتعز ممثلة برئيس الوزراء ومكتب الأوقاف، والاحتفاء بأدائها المبهر في فن التقديم والإلقاء والخطابة. تتذكر تلك الإنجازات وتقول: "كان الكثير من الأشخاص يراهنون على فشلي في الحياة، لكنني نجحت، وفي كل مرة أشعر بأنني أتقدم أكثر صوب أهدافي".

الإعاقة لا تعني العجز

تؤمن هديل بقدرتها على الإفادة والاستفادة من المجتمع، والإعاقة، بالنسبة لها، لا تعني العجز. تسعى لتغيير نظرة المجتمع لذوي الإعاقة، وتقول: "يرى المجتمع أن المعاق لا فائدة منه، وأن عليه فقط قراءة القرآن والبقاء في المنزل منتظرًا الموت".

تعتقد أن هذه النظرة تصيب الكثير من ذوي الإعاقة باليأس، ما يدفعهم للاستسلام والانكسار، وتؤكد أهمية توعية المجتمع بكيفية التعامل مع ذوي الإعاقة والإيمان بهم. هذا العام، شاركت هديل في حدث تيدكس تعز التابع لمنظمة تيد العالمية، كواحد من الأصوات الملهمة في المجتمع. عن تجربتها في تيدكس، تقول: "هذا الحدث هو محطة بارزة في حياتي، ومن خلاله تصبح رسالتي عالمية، وتصل إلى الملايين من البشر”.

لا تريد هديل أن ينظر لها الزملاء أو الأصدقاء أو غيرهم كمعاقة، أو يتعامل معها الناس بشفقة، لأنها تؤمن أن الإعاقة الحقيقية هي تلك التي تصيب الفكر، وليس الجسد. وعندما يشكك الآخرون في قدراتها، تستطيع هديل سرد إنجازاتها في الحياة، لتثبت لهم أن الإبداع ليس حكرًا على فئة معينة من البشر.

"المشاهد نت".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى