روسيا لا ترى سببا لفرار الأرمن وزعيم قره باغ يعلن زوال دولته

> "الأيام" وكالات:

> قال الكرملين اليوم الخميس إنه يتابع عن كثب الوضع الإنساني في إقليم ناغورنو قره باغ في أذربيجان والذي فر منه زهاء 70 ألف أرميني في الأيام الأخيرة في أعقاب هجوم عسكري أذربيجاني.

وذكر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في إفادة صحافية معتادة، أن قوة حفظ السلام الروسية تقدم المساعدات لسكان المنطقة. ورداً على سؤال من صحافي، أوضح بيسكوف أنه لا خطط لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لزيارة أرمينيا.

وقال بيسكوف إن روسيا لا ترى سبباً يدعو الأرمن إلى الفرار من قره باغ، نافياً فعلياً الاتهامات بالتطهير العرقي التي وجهتها يريفان لباكو. وأضاف "لا يمكننا أن نقول من هو المذنب (بالنزوح الجماعي)، لأنه لا توجد أسباب مباشرة لمثل هذه الأعمال. ومع ذلك، يعبّر السكان عن رغبتهم في مغادرة أراضي ناغورنو قره باغ".

وأكد بيسكوف أيضاً أن الكرملين أخذ علماً بإعلان سلطات منطقة ناغورنو قره باغ أنها ستحل نفسها. وقال "أخذنا علماً بالأمر ونحن نراقب عن كثب الوضع. عناصر حفظ السلام (الروس) يواصلون مساعدة الناس"، مضيفاً أن الكرملين على تواصل مع أذربيجان في ما يتعلق بمسائل إنسانية.

اعتقال فاردانيان

في الأثناء، أمرت محكمة أذربيجانية اليوم بوضع الزعيم الانفصالي السابق روبن فاردانيان قيد الحبس الاحتياطي عقب اتهامه بتمويل الإرهاب وارتكاب جرائم أخرى.

وقضت محكمة في باكو باعتقال فاردانيان، رجل الأعمال الذي قاد الحكومة الانفصالية في الإقليم من نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 لغاية فبراير (شباط) هذا العام، ووضعه في الحبس الاحتياطي لأربعة أشهر، بحسب ما ذكر جهاز أمن الدولة في أذربيجان.

واتُهم فاردانيان بإنشاء منظمة مسلحة غير قانونية، وفق لائحة الاتهام التي عرضها جهاز الأمن. وتحمل الاتهامات عقوبة بالسجن قد تصل إلى 14 عاماً، بحق فاردانيان المولود عام 1986.

وكانت أذربيجان قد وافقت على السماح للانفصاليين الذي يلقون أسلحتهم بمغادرة أرمينيا بموجب اتفاقية لوقف إطلاق النار تم التوصل إليها الأربعاء الماضي. غير أن مصدراً حكومياً أذربيجانياً قال لوكالة الصحافة الفرنسية إن حرس الحدود يبحثون أيضاً عن أشخاص متهمين بارتكاب "جرائم حرب" يتعين أن يمثلوا أمام المحاكمة.

ودعت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة اليوم إلى احترام حقوق فاردانيان بعدما وضعته أذربيجان في الحبس الاحتياطي. وقالت المفوضية في بيان تلقته وكالة الصحافة الفرنسية، "من الأساسي أن يتم احترام وحماية حقوق روبن فاردانيان وكل شخص محتجز آخر بشكل كامل".

وترأس روبن فاردانيان، وهو مصرفي وملياردير مشهور بأعماله الخيرية، حكومة قره باغ الانفصالية في الفترة من نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 إلى فبراير (شباط) 2023.

وقالت زوجته فيرونيكا زونابند على قناته على تطبيق "تيليغرام"، إن سلطات أذربيجان اعتقلت فاردانيان خلال محاولته الفرار ضمن رحيل جماعي للأرمن بعد أن استعادت أذربيجان السيطرة على قره باغ في هجوم خاطف، الأسبوع الماضي.

وقالت مصلحة الحدود الأذرية، إنها نقلت فاردانيان إلى العاصمة باكو وسلمته لوكالات حكومية أخرى.

وقال باشينيان في اجتماع لمجلس الوزراء غداة اعتقال حرس الحدود الأذربيجاني للزعيم السابق للمنطقة الانفصالية "أذربيجان تجري اعتقالات غير قانونية لأشخاص عند نقطة التفتيش، وهو ما يقلقنا بشدة".

"التطهير العرقي"

اتهم رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، اليوم الخميس، أذربيجان بتنفيذ حملة "تطهير عرقي" في ناغورنو قره باغ، مؤكداً أنه لن يبقى أي أرمن في الإقليم الانفصالي "في الأيام القادمة".

وقال باشينيان لأعضاء حكومته، إن "تهجير الأرمن من ناغورنو قره باغ متواصل. يظهر تحليلنا أنه لن يبقى هناك أرمن في الإقليم. يشكل ذلك تطهيراً عرقياً حذرنا المجتمع الدولي منه منذ مدة طويلة".

غادر أكثر من نصف الأرمن منطقة ناغورنو قره باغ خلال أقل من أربعة أيام من فرض أذربيجان سيطرتها الكاملة على المنطقة التي تمكن الأرمن من قبل من الدفاع عن الحكم الذاتي لهم فيها لثلاثة عقود.

ويبلغ عدد الأرمن في المنطقة نحو 120 ألف نسمة. وتسببت عملية عسكرية خاطفة نفذتها أذربيجان في نزوح جماعي غير مسبوق في جنوب القوقاز منذ الحرب التي مكنت الأرمن من السيطرة على المنطقة لدى انهيار الاتحاد السوفياتي مما دفع مئات الآلاف من الأذريين للفرار وقتها.

وقالت أذربيجان، إنها مستعدة لاحترام حقوق الأرمن لدى دمجها للمنطقة في باقي البلاد لكن التاريخ الذي شابته اتهامات بإبادة جماعية وتطهير عرقي ومذابح وشهد حربان دفع الأرمن للفرار خوفاً.

وقالت يريفان، بحلول صباح اليوم الخميس، إن أكثر من 65 ألفاً وصولوا إلى أرمينيا، معظمهم قادوا سياراتهم لمدة 24 ساعة حاملين أمتعتهم عبر ممر جبلي ضيق ومكتظ.

وقال الأب ديفيد (33 سنة) وهو قس أرميني جاء لمنطقة الحدود لتقديم الدعم الروحي للفارين "هذه واحدة من أحلك الصفحات في تاريخ الأرمن... كل تاريخ الأرمن مليء بالمحن".

وتمتعت منطقة ناغورنو قره باغ في العهد السوفياتي بحكم ذاتي داخل أذربيجان التي كانت بدورها جمهورية سوفياتية.

لكن مع انهيار الاتحاد السوفياتي نشبت أول حرب بسبب قره باغ. وقتل نحو 30 ألفاً بين 1988 و1994 ونزح أكثر من مليون أكثر من نصفهم من الأذريين.

وفي 2020، تمكنت أذربيجان من استعادة السيطرة على مساحات من الأراضي في قره باغ وحولها في حرب استمرت 44 يوماً مما مهد الطريق للعملية العسكرية الأخيرة التي نفذتها، الأسبوع الماضي، لفرض سيطرتها الكاملة على المنطقة.

قره باغ إلى زوال

أعلنت جمهورية ناغورنو قره باغ المعلنة من جانب واحد الخميس أنها ستزول من الوجود بعدما منيت بهزيمة عسكرية من أذربيجان دفعت أكثر من نصف سكانها إلى الفرار.

وأصدر الزعيم الانفصالي للإقليم سامفيل شهرمانيان مرسوماً يطلب حل جميع مؤسسات الدولة بحلول نهاية العام قائلاً إن ناغورنو قره باغ "ستزول من الوجود" اعتباراً من 1 يناير (كانون الثاني) 2024.

وسيُسدَل بذلك الستار على ثلاثة عقود من الحكم الذاتي المدعوم من أرمينيا لناغورنو قره باغ.

وجاء في المرسوم أن على السكان أن "يتعرفوا على شروط إعادة الاندماج" التي طرحتها أذربيجان واتخاذ "قرار فردي ومستقل" بشأن إن كانوا سيبقون.

كما لفت شهرمانيان إلى أن اتفاقاً تم التوصل إليه مع أذربيجان سيضمن "مروراً حراً وطوعياً ومن دون عراقيل" لجميع الراغبين بالمغادرة.

و فرّ أكثر من 65 ألف أرمني من ناغورنو قره باغ إلى أرمينيا، وفق ما أعلنت يريفان الخميس، فيما تتواصل موجة الهرب من الجيب الانفصالي الذي استعادته أذربيجان الأسبوع الماضي في إطار عملية خاطفة.

وقالت الناطقة باسم الحكومة الأرمينية ناظلي باغداساريان في بيان إنه بحلول صباح الخميس، "عبر 65036 شخصاً نزحوا قسراً الحدود إلى أرمينيا من ناغورني قره باغ". ويقدّر بأن نحو 120 ألف أرمني كانوا يقطنون الإقليم قبل هجوم باكو.

مراقبون دوليون

وترفض أذربيجان اتهامات أرمينيا بضلوعها في تطهير عرقي، لكن صور عشرات الآلاف من الأشخاص اليائسين الفارين أثارت قلقاً دولياً واسع النطاق.

وقال الاتحاد الأوروبي، إنه سيرسل مساعدات إنسانية أخرى "تضامناً مع الذين لا خيار لهم إلا الفرار"، في تحول كبير عن بيان سابق أشار إلى أشخاص "قرروا الفرار".

وقال موريس تيدبال بينز المقرر الخاص للأمم المتحدة، إنه يتعين على أذربيجان أن "تحقق على الفور وباستقلال في انتهاكات مزعومة أو مشتبه فيها للحق في الحياة التي تم رصدها في سياق هجومها العسكري الأخير في قره باغ".

وانضمت ألمانيا إلى الدعوة الأميركية التي تطالب أذربيجان بالسماح لمراقبين دوليين بدخول قره باغ.

وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك على موقع "إكس"، "المطلوب الآن هو الشفافية، وعيون وآذان المجتمع الدولي على الفور".

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، إن واشنطن ستعمل مع الحلفاء والشركاء خلال الأيام المقبلة "لتحديد ما ستبدو عليه هذه المهمة بالضبط".

وقال الرئيس إلهام علييف، الأسبوع الماضين "اتهمنا عناصر من النظام الإجرامي وسنقدمهم إلى العدالة"، من دون أن يذكر أي شخص أو يحدد أي جريمة. ووصف قيادة قره باغ بأنها "مجلس عسكري إجرامي. ووكر للسموم".

خلال الفترة القصيرة التي قضاها في منصبه، وصفت أذربيجان فاردانيان بأنه عقبة أمام السلام. كما أنه اختلف مع رئيس وزراء أرمينيا في شأن دور قوات حفظ السلام الروسية.

وقالت زوجته زونابند، إنها طلبت من الناس "الدعاء والدعم من أجل إطلاق سراح زوجي سالماً".

وقال ميلر، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، للصحافيين إن واشنطن على علم باعتقال فاردانيان وإنها "تراقب الوضع عن كثب".

وقتل عشرات الآلاف في القتال على قره باغ منذ عام 1991 مع سقوط الاتحاد السوفياتي الذي كانت أرمينيا وأذربيجان جزءاً منه.

فقدان عشرات الأرمن

وقالت سلطات قره باغ، إنها فقدت 200 شخص في هجوم أذربيجان، الأسبوع الماضي. وقالت باكو، الأربعاء، إن 192 من جنودها قتلوا ونَشرت أسماءهم وصورهم. وكان بينهم أكثر من 50 شاباً في سن المراهقة.

واكتظ الطريق الجبلي الحاد المتعرج من قره باغ باتجاه أرمينيا بالناس. وينام كثيرون في السيارات أو يبحثون عن الحطب للتدفئة على جانب الطريق. واستغرقت الرحلة التي طولها 77 كيلومتراً فقط إلى الحدود 30 ساعة على الأقل.

وقالت فيرا بيتروسيان وهي معلمة متقاعدة تبلغ من العمر 70 عاماً لـ"رويترز"، أمس من أول الثلاثاء، "تركت كل شيء ورائي. لا أعرف ما الذي ينتظرني. ليس لدي أي شيء. لا أريد أي شيء".

مستودع وقود

وذكرت السلطات المحلية أن انفجاراً كبيراً وقع في مستودع للوقود بمنطقة أسكيران في قره باغ، الإثنين. ولم يتضح سبب وقوعه. وقالت سلطات الأرمن، إن 68 قتلوا و105 فقدوا وأصيب ما يقرب من 300.

وقالت روسيا، إن قوة حفظ السلام التابعة لها في المنطقة أجلت أكثر من 120 شخصاً بطائرات هليكوبتر.

وتشعر أرمينيا بالغضب لأن قوات حفظ السلام الروسية الموجودة منذ حرب استمرت 44 يوماً في 2020، لم تحرك ساكناً لمنع أذربيجان من شن هجومها، مما أجبر قيادة قره باغ بسرعة على الموافقة على حل نفسها ونزع سلاحها.

ومع انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا سلطت الأزمة الضوء على تراجع قدرتها على لعب دور الضامن الأمني ​​في منطقة القوقاز التي تتنافس معها على النفوذ فيها تركيا وإيران والولايات المتحدة.

وقال ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية، للصحافيين، إن روسيا يسرت في بعض الأحيان المفاوضات، وهو ما رحبت به واشنطن، "لكن من المؤكد أن دورها في الأسبوع الماضي لم يكن مثمراً في هذا الوضع".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى