أزمة المياه تفاقم.. منظمة دولية: الحوثيين والحكومة انتهكوا حقوق سكان تعز

> "الأيام" غرفة الأخبار:

>
​تشكل أزمة نقص المياه المتفاقمة منذ ما قبل الحرب في اليمن عاملًا هامًا من عوامل تزايد حدة بؤر الصراع في الوقت الراهن هناك. وأطراف الصراع يتحملون مسؤولية ما آلت إليه أوضاع تفاقم أزمة المياه جراء استغلالها كجزء من الحرب؛ وبالتالي اتساع انتهاكات حقوق السكان في الحصول على المياه؛ بل إن انتهاكات أطراف الصراع صارت تمثل عاملًا من عوامل تزايد حدة أزمة المياه المتفاقمة في الأصل ومعها تفاقم معاناة الناس.

تُعد اليمن واحدة من أكثر البلدان ندرة في المياه في العالم. وجدت الأمم المتحدة أن 15.3 مليون يمني، أي أكثر من نصف السكان، لا يحصلون على مياه كافية ومأمونة ومقبولة للاستخدامات الشخصية والمنزلية، بما في ذلك الشرب والطهي والصرف الصحي.

تمثل محدودية حصول سكان تعز (جنوب غرب) على المياه أحد أبرز انتهاكات أطراف الصراع. وحسب منظمة «هيومن رايتس ووتش»، فإن قوات الحوثيين والقوات الحكومية اليمنية انتهكت حق سكان تعز في المياه، منذ أن فرض الحوثيون حصارًا على مدنية تعز في 2015م مما خلق وضعًا سيئًا جدًا.

وقال تقرير صدر، اليوم الإثنين، إن السيطرة المنقسمة على المحافظة بين الحوثيين والحكومة اليمنية سبب أساسي في مشاكل المياه الحالية في تعز.

وطالبت «هيومن رايتس ووتش» كلا الجانبين بالتشاور مع قادة المجتمع للسماح لهيئة المياه المحلية والمنظمات غير الحكومية في تعز بالوصول إلى البنية التحتية للمياه على الخطوط الأمامية، وفي الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون وإصلاحها وتشغيلها.

وحسب التقرير الصادر في 38 صفحة بعنوان «الموت أرحم من هذه الحياة: انتهاكات الحوثيين والحكومة للحق في المياه في تعز»، فإن «أطراف النزاع في اليمن ساهموا بشكل كبير في تفاقم أزمة المياه في المنطقة. استخدم الحوثيون المياه في تعز كسلاح من خلال منع تدفق المياه إلى مدينة تعز التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية، في حين باعت القوات العسكرية اليمنية التابعة للحكومة في السابق إمدادات المياه العامة للسكان لتحقيق مكاسب مادية خاصة».

وقالت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في المنظمة: «عانى سكان تعز على مدى السنوات الثماني الماضية، حيث جعلت أطراف النزاع حصولهم على المياه النظيفة وبأسعار معقولة من المستحيل تقريبًا. لا ينبغي استخدام المياه كسلاح حرب، ويتعين على الحوثيين والحكومة اليمنية اتخاذ إجراءات فورية للسماح بدخول المزيد من المياه إلى شبكة المياه العامة».

ووفق التقرير، فقد قابلت «رايتس ووتش» 25 شخصًا بين مايو وسبتمبر 2023، بينهم مدنيون من تعز، وممثلون عن المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي في تعز، التي تُدير وتحافظ على إمدادات المياه في المناطق الحضرية، ومعالجة مياه الصرف الصحي في تعز، ومنظمات المجتمع المدني اليمنية، والمنظمات الدولية غير الحكومية ووكالات «الأمم المتحدة».

وقالت المنظمة إنها راجعت أيضًا وحللت الوثائق التي قدمتها هيئة المياه و»مجموعة المياه والصرف الصحي والنظافة العامة التابعة للأمم المتحدة»، فضلًا عن عشرات التقارير والتقييمات التي توضح بالتفصيل توفر المياه في تعز والوصول إليها قبل وبعد بدء النزاع.

وأضافت أنها كتبت في 2 نوفمبر 2023، إلى سلطات الحوثيين والحكومة اليمنية بشأن النتائج التي توصلت إليها، وأشارت إلى أن سلطات الحوثيين ردت في 20 نوفمبر، برفض النتائج، وذكرت أن النتائج متحيزة. وقال التقرير إن العديد من مصادر المياه والمرافق والخدمات المتعلقة بالمياه التي كان سكان تعز يعتمدون عليها سابقًا غير صالحة للتشغيل بسبب الأضرار الناجمة عن الحرب، أو مشاكل التملح، أو الانقطاع المستمر للكهرباء بسبب نقص الوقود الذي يتسبب في توقف مضخات المياه عن العمل.

وأشار إلى أنه لا يعمل في الواقع سوى 21 بئرًا فقط من أصل 88 بئرًا مرتبطة بشبكة إمدادات المياه العامة في تعز. لافتًا إلى أن «السكان يعتمدون على المياه المحدودة للغاية التي لا تزال تدخل إلى شبكة المياه العامة، وتجميع مياه الأمطار، والمياه التي توفرها المنظمات غير الحكومية، و/ أو المياه التي يشترونها من شاحنات المياه أو من الآبار الخاصة».

وأكد أن السيطرة المنقسمة على المحافظة بين الحوثيين والحكومة اليمنية سبب أساسي في مشاكل المياه الحالية في تعز.
وقال: «أربعة من أصل خمسة أحواض في تعز تقع تحت سيطرة الحوثيين أو على الخطوط الأمامية للصراع، مما يجعل الوصول إليها غير ممكن لهيئة مياه تعز. لكن غالبية السكان يعيشون في مدينة تعز، عاصمة المحافظة، الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية». وأضاف التقرير أن الحوثيين منعوا تدفق المياه من الحوضين الخاضعين لسيطرتهم إلى مدينة تعز التي تسيطر عليها الحكومة، رغم معرفتهم بأن سكان مدينة تعز يعتمدون على المياه من هذين الحوضين.

وتابع: «واصل الحوثيون أيضًا منع وتقييد الوصول إلى المياه كجزء من حصارهم للمدينة، مما أعاق دخول شاحنات المياه، التي يعتمد عليها الناس في تعز غير المتصلين بشبكة المياه العامة منذ فترة طويلة».

وحسب التقرير، فقد سيطرت القوات العسكرية التابعة للحكومة اليمنية، في وقت سابق من الحرب، على عدة آبار في الحوض الوحيد لمدينة تعز، وباعت إمدادات المياه العامة للسكان لتحقيق مكاسب مادية.
وأشار إلى أن «قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات، التي تدخّلت نيابة عن الحكومة أثناء النزاع اليمني، شنت غارات جوية على البنية التحتية للمياه، بما في ذلك خزانات المياه ومحطات الضخ وخطوط الأنابيب وغيرها من البنية التحتية الحيوية في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك في تعز».

وقال السكان إن المياه باهظة الثمن التي يحصلون عليها من صهاريج المياه الخاصة وشاحنات المياه وتبرعات المياه من المنظمات غير الحكومية لا تلبي سوى جزء صغير من احتياجات السكان من المياه.

وأشارت المنظمة إلى أن النقص في مياه الشرب المأمونة والكافية ونقص الصرف الصحي المناسب ساهم في انتشار الأمراض المنقولة بالمياه، مثل تفشي وباء الكوليرا عام 2017 في تعز والذي أودى بحياة أكثر من ألفي شخص.
وطالبت جميع الأطراف المتحاربة باتخاذ خطوات فورية لتحسين الوصول إلى المياه في المحافظة، بما في ذلك التنسيق، عند الضرورة، لتلبية احتياجات جميع السكان من المياه على المدى القصير والطويل.

وأشارت إلى أهمية أن يتحمل أطراف النزاع أيضًا مسؤولية تقديم تعويضات للعديد من الأشخاص الذين تضرروا بشكل مباشر من انتهاكاتهم الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك عندما أثرت تلك الانتهاكات على الوصول إلى المياه. «ينبغي للأطراف المتحاربة التعاون الفوري من أجل دعم وإصلاح البنية التحتية للمياه المتضررة وغير الصالحة، وهي ضرورية لإعمال حق السكان في المياه».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى