مصافي عدن.. آخر ابتكارات فساد المشتقات «الجعالة»

> عدن «الأيام» خاص:

> كشفت وثائق تحصلت عليها صحيفة "الأيام" عن توجيهات تقوم بموجبها مصلحة الجمارك بإنشاء مخازن مشتقات نفطية في المصافي بصفة "مستودع وهمي".. التوجيهات الجديدة هي الأخيرة في سلسلة إجراءات قامت فعليًا بتحطيم أكبر مؤسسة تملكها الدولة في عدن ابتداء من رفع احتكار الاستيراد الذي كان قائما قبل العام 2016م.

سابقًا كان استيراد النفط الخام والمشتقات النفطية محصورًا فقط في مصافي عدن وكانت شركة النفط تحتكر عملية توزيع المشتقات علي المحطات وبيعها في البلاد ولم تشهد حينها البلاد أي أزمات في توفر المشتقات للمواطنين والقطاع الخاص.. وحاليًا وبعد قرار كسر احتكار الاستيراد والسماح للتجار بدخول هذا السوق تشهد البلاد أزمات متتالية في سلاسل توريد المشتقات النفطة لم تشهدها أثناء ذروة حرب 2015م.

وبحسب متعاملين في أسواق المشتقات فلا يوجد أمل في إعادة تشغيل المصفاة، حيث يستفيد كبار السياسيين والإداريين في البلاد من عمولات كبيرة من تجار المشتقات ليقوموا بعرقلة إعادة عمل مصافي عدن.

وبحسب قرار رئيس مصلحة الجمارك رقم (25) للعام 2023 وفي مادته الأولى "يسمح لشركة مصافي عدن بإنشاء مستودع خاص بها بالعاصمة المؤقتة عدن تحت وضع معلق للرسوم الجمركية والضرائب والعوائد الأخرى لإيداع النفط الخام والمشتقات النفطية التي تقوم باستيرادها وتخزينها لصالح الغير في خزان المصفاة في منقطة البريقة وإدارة عدن لتموين البواخر في التواهي بغرض بيعها للسوق المحلية والأسواق المجاورة وفقًا للأحكام الواردة بقانون الجمارك وتعديلاته".

وبحسب مختصين فإن المادة (3) من القرار تقوم عمليًا بمنع إعادة تصدير المشتقات من ميناء عدن خارج الدولة مما يحطم قدرة الميناء كميناء ترانزيت لبقية دول المنطقة ويعرقل قدرة المصافي على تأجير مستودعاتها للشركات العالمية بغرض الخزن  وتنص المادة (3): على ألا تقبل "المواد في المستودع الوهمي إلا بعد تقديم بيان الإيداع الجمركي الخاص بها واستيفاءه لكافة الشروط والإجراءات المنصوص عليها بقانون الجمارك وتعديلاته ووفقًا للقواعد والتعليمات التنظيمية التي تصدرها مصلحة الجمارك بهذا الشأن".

أما المادة (9) من القرار فوصفها قانونيون تابعون لوزارة المالية بكارثة، حيث تنص المادة على أن "يتم تعليق استيفاء نسبة 1 % من قيمة البضائع كجعالة لصالح الجمارك لمدة ستة أشهر خاضعة للتقييم من قبل وزارة المالية ومصلحة الجمارك لعمل المستودع الوهمي الخاص بمصافي عدن".. وأضاف القانونيون بأن استخدام مصطلح "جعالة" وهي تعني (حلويات الأطفال في بعض المحافظات) لا يوجد له أي مستند قانوني ولا يوجد حساب للدولة بهذا المسمى لتوريد المبلغ أي أنه فساد واضح وعملية فرض ضريبة لصالح جهة أو أشخاص وهو ما يمنعه القانون.

وحددت المادة (10): المواد المسموح بخزنها وكمياتها في المستودع وفقًا لقرار وزير المالية رقم (37) لعام 2023م بشأن السماح لشركة مصافي عدن بإيداع المشتقات النفطية في مخازنها وفق وضع المستودع الوهمي بالآتي:
1) النفط الخام  (200.000) طن مائتا ألف طن.
2) المازوت 180,000 طن مائة وثمانون ألف طن.
3) الديزل 100,000 طن مائة ألف طن.
4) النافثا  120,000 طن مائة وعشرون ألف طن.
5) البنزين 80,000 طن ثمانون ألف طن.
6) غاز الطبخ المنزلي 4000 طن أربعة آلاف طن.
على إثر القرار عقد اجتماع يوم الأحد الموافق 10 سبتمبر 2023م بمكتب رئيس مصلحة الجمارك بحضور سالم صالح بن بريك، وزير المالية، وكل من وكيل مصلحة الجمارك د.محمد عبده دهني وكيل المصلحة المساعد للشؤون الفنية عبدالله صالح الحبشي والمدير التنفيذي لشركة مصافي عدن المهندس/أحمد مسعد سعيد صالح وذلك لمناقشة مشروع قرار إنشاء المستودع الوهمي لشركة مصافي عدن لإيداع المشتقات النفطية واعتراض شركة المصافي على المادتين (8,9) الواردتين فيه واللتان تنصان على تقديم شركة مصافي عدن ضمان مالي للجمارك قبل وصول كل شحنة، واستيفاء الجعالة لصالح الجمارك، وطلب المصافي الإعفاء من رسوم الجعالة.

وبحسب محظر الاجتماع فقد تم الاتفاق على:
1 - تقوم شركة مصافي عدن عند وصول أي شحنة بتقديم مذكرة للجمارك من المدير التنفيذي للمصافي بطلب الإفراج بتعهد عن الشحنة الواصلة.
2 - تعليق نسبة الجعالة الـ 1 % لصالح الجمارك المشار إليه بالمادة رقم (9) من مشروع القرار لمدة ستة أشهر خاضعة لتقييم عمل المستودع الوهمي الخاص بمصافي عدن من قبل الجمارك والمالية.
3 - تقوم وزارة المالية بمخاطبة دولة رئيس الوزراء بناءً على طلب مقدم من مصافي عدن بالإعفاء من نسبة الجعالة الخاصة بالمستودع الوهمي.

حاليًا أصبحت مصفاة عدن عاجزة عن تسديد المرتبات والأجور الشهرية ناهيك عن النفقات التشغيلية ونفقات الصيانة والتطبيب وغيرها.

وكانت مصافي عدن جزءا من المنطقة الحرة حالها حال جميع المصافي حول العالم حتى العام 2015م ومطالبة المصفاة بدفع جمارك ورسوم على أي كميات تدخل إلى خزانات المصفاة أمر لا يستقيم مع طبيعة العمل النفطي كون الكميات الواصلة سيعاد تصديرها وفقًا لطلبات الشركات المالكة وسوف تخضع الكميات الذي سوف تنزل إلى السوق المحلية لقوانين الجمارك والضرائب المعتمدة من قبل وزارة المالية.

وفي وضعها الحالي لا تستطيع مصافي عدن توقيع اتفاقيات مع شركات النفط الخليجية والعالمية لخزن الخام والمشتقات النفطية خزانات المصفاة وإعادة التصدير إلى دول القرن الأفريقي وغيرها من الدول. إضافة إلى استئناف نشاط التكرير للغير عند عودة المصفاة للعمل وبالتالي الحصول على إيرادات إضافية.

وبحسب متعاملين في أسواق النفط فإن عمليات تخزين المشتقات في خزانات المصافي سيعود على الدولة بمليارات الريالات وحتى إذا ما رغبت الدولة أو أي جهة في شراء مشتقات للسوق المحلية أو لتوليد الكهرباء سيتم مباشرة من الشركات الأم مباشرة وبكلفة أقل بكثير عما يتم شراءها الآن.

كما ستتمكن المصفاة من استئناف نشاط تموين السفن بالوقود على الخط الدولي أو داخل موانئ عدن والذي كانت تمارسه المصفاة عبر إدارة عدن لتموين البواخر الواقعة في منطقة التواهي وتوقف هذا النشاط بعد حرب 2015م.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى