روسيا تستبدل فاغنر بـ"فيلق أفريقيا" مقره شرق ليبيا

> «الأيام» العرب:

> كثر الحديث حول مشروع “فيلق أفريقيا” الذي تنوي روسيا تشكيله مع حلول صيف 2024 ليكون بديلا عن مجموعة  فاغنر الخاصة، وهو ما يعني اتساعا لنفوذ موسكو في القارة السمراء عبر مأسسة حضورها العسكري وإعطائه الصفة الرسمية والعلنية في مواجهة الحضور الغربي. ومن شأن إطلاق هذا المشروع مضاعفة القلق الجزائري من دعم موسكو للمجلس العسكري في مالي الذي دخلت معه الجزائر في توتر خلال الأيام الماضية.

وكشفت صحيفة “فيدوموستي” الروسية أن الفيلق سيتواجد في خمس دول أفريقية من بينها ليبيا، ونقلت عن مصدرين قريبين من وزارة الدفاع قولهما “إن وحدات الفيلق الأفريقي تخطط للانتشار في بوركينا فاسو وليبيا ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر”، مشيرة إلى أن الفيلق المذكور سيكون تابعا بشكل مباشر لوزارة الدفاع، وأن من سيشرف عليه نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف الذي تعددت زياراته إلى المنطقة خلال النصف الثاني من عام 2023.

وسيتشكل “فيلق أفريقيا” من عسكريين نظاميين ومن مسلحي فاغنر السابقين ومجموعات أمنية خاصة تابعة لشركات روسية تعمل في أفريقيا، فيما يشير مراقبون إلى أن مقر الفيلق سيكون في شرق ليبيا. وربط محللون بين مشروع “فيلق أفريقيا” والرحلات المكوكية التي قام بها يفكيروف إلى دول شمال وغرب أفريقيا، وبين قرار مالي وبوركينا فاسو والنيجر إنشاء التحالف العسكري لدول الساحل الذي لا يمكن الحديث عن التوصل إليه دون التنسيق مع موسكو.

وفي نوفمبر الماضي كشفت وكالة “نوفا” الإيطالية أن “السلطات الروسية تتعاون مع جهات في ليبيا لإنشاء فيلق عسكري روسي في أفريقيا، وأن هذا التعاون جاء نتيجة زيارة نائب وزير الدفاع الروسي إلى شرق ليبيا ولقاء الجنرال خليفة حفتر”.

وبيّن غريغوري لوكيانوف، الباحث في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أن “فيلق أفريقيا” الناشئ لا يشبه شركات الأمن الغربية والآسيوية التي كانت تعمل في أفريقيا منذ 30 عاما، وهو ليس جهازا أمنيا أو شركة مدربين، بل منتج فريد قادر على تنفيذ العمليات العسكرية، وفق تعبيره. وأضاف أن أنشطة “فيلق أفريقيا” ستكون مستحيلة من دون دولة مثل ليبيا، نظرا إلى وجود الحاجة إلى موانئ بحرية، لذلك التقى يفكيروف بقائد الجيش الوطني الجنرال خليفة حفتر في عدة مناسبات.

ويُعزى حضور روسيا في ليبيا أساسا إلى دورها في أفريقيا، وهو ما ترفضه الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون الذين أبلغوا الجنرال حفتر موقفهم في عدة مناسبات، وأكدوا عدم رضاهم عن أي تحالف بين شرق ليبيا وموسكو، لكن ذلك لم يؤثر على العلاقة التي تتميز بالكثير من الأبعاد السياسية والإستراتيجية في ظل مؤشرات على أن أغلب الفاعلين الأساسيين في ليبيا لا يثقون بالوعود الغربية، ويحمّلون واشنطن والناتو المسؤولية كاملة عن حالة الفوضى التي عرفتها بلادهم منذ عام 2011.

وتابعت الصحيفة الروسية أن “الفيلق العسكري الروسي في أفريقيا سيسعى إلى مواجهة النفوذ الغربي في القارة السمراء، وأن الخطوة جادة بين حفتر وموسكو كون مهمة يفكيروف الرئيسية هي التنفيذ العملي للاتفاقيات الروسية – الليبية التي تم التوصل إليها في إطار مؤتمر موسكو الدولي الحادي عشر الذي انعقد في روسيا خلال أغسطس الماضي”.

واستطاعت روسيا في العام الجاري الدخول بقوة إلى عدد من الدول الأفريقية التي استعمرتها فرنسا سابقا كبوركينا فاسو والنيجر، بعد أن طورت علاقاتها مع مالي وأفريقيا الوسطى، فيما يبدو أن المنطقة مقدمة على تحولات جديدة سيسعى الروس للاستفادة منها بقوة، لاسيما أن حضورهم في دول الساحل والصحراء يجد دعما من قوى إقليمية مهمة تشترك مع موسكو في تصديها للإرهاب والجماعات الانفصالية.

وتشير تقارير إعلامية روسية إلى أن هدف “فيلق أفريقيا” سيكون المساعدة في مواجهة النفوذ الاستعماري الجديد للغرب على الدول الأفريقية ذات السيادة. وستوفر وزارة الدفاع للمنضوين تحت لواء الفيلق أجورا مجزية، ورعاية طبية مجانية، ومستقبلا آمنا لجميع أفراد الأسرة، فضلا عن التأمين على الحياة والتأمين الصحي على حساب الميزانية الفيدرالية.

وبحسب رؤية الكرملين، فإن المعارضين الرئيسيين في القارة السمراء للحضور الروسي هم الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو، بما في ذلك فرنسا، وعلى هذا الأساس ستعمل وزارة الدفاع الروسية على مواجهة النفوذ الغربي وتعزيز مكانة موسكو في أفريقيا.

لكن ما لم تكن تتوقعه موسكو هو انزعاج حليفتها الجزائر من دور مرتزقتها في مالي. ورغم نفي السفير الروسي بالجزائر فاليريان شوفاييف وجود خلافات بين بلاده والجزائر، بشأن دور ونشاط أفراد مجموعة فاغنر المتواجدة في العديد من الدول الأفريقية، إلا أن مراقبين اعتبروا أن النفي رسالة طمأنة توجهها موسكو إلى الجزائر، بعد انزعاجها الصامت من دعمها للجيش المالي الذي يخوض منذ عدة أشهر حربا على المعارضة الأزوادية في الإقليم الشمالي للبلاد.

وتعتبر الجزائر أن النشاط العسكري الميداني المدعوم من طرف قوات فاغنر ساهم بشكل كبير في تراجع حظوظ تنفيذ بنود اتفاق السلام والمصالحة المالية الذي ترعاه منذ عام 2015، وأن الفصائل المسلحة في شمال مالي لا تتوانى في اتهام أفراد المجموعة بارتكاب جرائم حرب وحملات تطهير ضد الأزواديين في الشمال.

ويرى متابعون للملف أن الجزائر لم ترفع احتجاجات كتابية أو شفوية إلى السلطات الروسية، احتراما للعلاقات الثنائية بين البلدين، إلا أن انزعاجها بات واضحا، خاصة وأن المجلس العسكري الحاكم في مالي صار يستقوي بالدور الروسي للانقلاب على الالتزامات الإقليمية والدولية المتصلة باتفاق السلم والمصالحة الوطنية في بلاده.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى