إسرائيل بعد قراءتها خطاب نصر الله: أضعف مما قدرنا.. لنكرر هجومنا “دون تصعيد”

> «الأيام» القدس العربي:

> من بحث أمس عن خيط صغير في أقوال حسن نصر الله عما سيحصل في الساحة الشمالية، لا بد أن أمله خاب. فقد كان زعيم حزب الله حذراً جداً في أقواله ولم يلتزم بشيء كي لا يقيد نفسه.

 واضح أن نصر الله لا يزال في معضلة. فمن جهة، التزامه العلني بالرد على أي تصفية تنفذ في لبنان، خصوصاً في بيروت، بما في ذلك من حماس. من جهة أخرى، عدم رغبته في إشعال لبنان الآن ويعرض منظمته وبلاده للخطر، فيفعل هذا من أجل منظمة سنية ومعركة تدور في غزة. لقد أوضح بأن لكل منظمة استقلالية استراتيجية في قراراتها، ملمحاً بأن لا سيطرة لطهران على حزب الله.

 بكلمات أخرى، أراد نصر الله أن يقول إن حزب الله سيعمل عندما يخدم هذا مصلحته وليس مصلحة أحد آخر. كانت الكتف الباردة الثانية التي يديرها لحماس منذ 7 أكتوبر، وصفعة مدوية لحلم وحدة الساحات الذي تصدّره صالح العاروري. هكذا أوضح نصر الله أمس بأنه مستعد لدفع ضريبة تضامن بالحد الأدنى فقط في مستوى القتال المحدود في الحدود الشمالية، لكن لا مصلحة له بأن يجره آخر إلى حرب واسعة.

 من ناحية إسرائيل، هذه صافرة تهدئة مزدوجة. تارة لأنها تخفض الخوف من رد عنيف على نحو خاص يفترض رداً إسرائيلياً مناسباً كان سيعرض الطرفين لخطر معركة شاملة. وتارة أخرى لأنها تدل على أن حزب الله مردوع، وبخلاف تحذيراته المسبقة، مستعد لأن يحتمل ضربة أليمة في ساحة بيته – قلب الضاحية في بيروت.

حزب الله سيرد بقدر

ربما يبحث حزب الله عن الرد، وقد يحاول عمل هذا بقدر. إذا استطاع، سيمس بمسؤول إسرائيلي في الحدود الشمالية أو الخارج، وربما يحاول إطلاق أداة دقيقة في هجوم مركز على هدف في شمال البلاد. أما أساس قوته فسيبقيها لفرصة أخرى على أمل ألا تأتي في الوقت القريب. وسواء كان بسبب خوفه من تدمير لبنان، أو الخوف من تصفيته من الرغبة الإيرانية للحفاظ على حزب الله على سبيل الردع ضد هجوم على مواقع نووية، أو جملة الأسباب معاً، فإن خطاب أمس أفاد بأن نصر الله مردوع حتى أكثر مما قدرت إسرائيل بداية.

هذا الوضع يعيد المعضلة إلى إسرائيل. تصفية العاروري المنسوبة لإسرائيل لم تخرج عناصر مهمة لحماس من اللعبة، بل شرعنت أيضاً حرية العمل الإسرائيلية في بيروت لأول مرة منذ حرب لبنان الثانية. هذا يسمح لإسرائيل بالتأكيد بتعميق الضربات لكبار مسؤولي حماس (والجهاد الإسلامي) وببناها التحتية في لبنان مثلما تتهمها حماس وربما أيضاً رجال الحرس الثوري الإيراني، لكن مشكوك أن يسمح لها هذا بتعميق الضربة لحزب الله نفسه.

منذ السبت الأسود، تناوشت إسرائيل وحزب الله في منطقة جنوبي الليطاني والمنطقة المجاورة للجدار في الأراضي الإسرائيلية. التزم الطرفان بعدم تعميق الإصابات المتبادلة لعدم التدهور إلى حرب شاملة. أما الآن، وعقب ارتداع ظاهر لحزب الله، فلا بد أن تفكر إسرائيل إذا كانت ستضرب البنى التحتية الاستراتيجية لهذه المنظمة في عمق لبنان. المعضلة واضحة: من جهة، هي فرصة للتخلص من تهديدات ذات مغزى من جملة أنواع؛ ومن جهة أخرى، المخاطرة برد أكثر حدة من جانب حزب الله نحو أهداف في عمق إسرائيل.

 هذه المعضلة سترافق الطرفين في الأسابيع القادمة، بالتوازي مع محاولات إيجاد حل سياسي للأزمة في الشمال. احتمالات تحقيق مثل هذا الحل لا تزال متدنية، لأنه لا يستطيع أي محفل أن يقدم ضمانات على عدم عودة حزب الله للعمل بجوار الجدار (ونصر الله لم يكذب حين ادعى أمس بأن منظمته لا تزال تعمل في مجال الحدود). حتى لو تحقق حل جزئي، فإنه سيلزم الجيش الإسرائيلي بالبقاء بقوات معززة في حدود الشمال على مدى الزمن كي يسمح لسكان الشمال بالعودة إلى بيوتهم بأمان.

تناول نصر الله أمس في خطابه أيضاً قائد قوة القدس وصديقه القريب قاسم سليماني، الذي تم أمس إحياء الذكرى السنوية الرابعة لتصفية الولايات المتحدة له. وقال إن سليماني يقلق أعداءه حتى بعد موته. قاصداً العملية أمس قرب ضريحه. وهكذا ألمح بما قيل في إيران صراحة إن إسرائيل ضالعة في هذه العملية التي جبت حياة أكثر من 200 شخص. ربما نفذت العملية جماعة معارضة للنظام في طهران. وتوجد غير قليل من مثل هذه الجماعات التي تحظى بدعم من جهات مختلفة، وهدفها تقويض الأمن في إيران بهدف المس بالنظام. مشكوك أن تكون العملية فعلت هذا، لكنها تذكير بأن من يلعب بالنار مآله أن يكتوي بها.

 يوآف ليمور
 إسرائيل اليوم

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى