القاهرة تصفي حساباتها مع أديس أبابا بمؤازرة مقديشو

> القاهرة / مقديشو "الأيام" العرب:

> ​دخلت مصر بشكل غير مباشر على خط الأزمة الناشبة بين الصومال وإثيوبيا بسبب توقيع الأخيرة اتفاقا مع "جمهورية أرض الصومال" تحصل بموجبه على نافذة تصلها بالبحر الأحمر، وبدت القاهرة كأنها وجدت في الأزمة فرصة لتصفية حسابات معلقة مع أديس أبابا عقب انسداد المفاوضات حول سد النهضة.

يأتي ذلك بينما تمضي إثيوبيا وأرض الصومال قدما في تنفيذ الاتفاق وتعزيز تعاونهما العسكري، في رسالة تتضمن تحديا واضحا لأي ممانعة.

ولوحظ أن القاهرة من أكثر العواصم التي أبدت دعما ظاهرا لموقف مقديشو الرافض للاتفاق، وذلك كي تثبت أن أديس أبابا لديها طموحات يمكن أن تؤثر على الأمن الإقليمي، ومحاولة تحميلها وحدها مسؤولية فشل التوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة من خلال الاستثمار السياسي في تشكيل موقف أفريقي رافض للتوجهات الإثيوبية.

ويعاني الصومال من أزمة محتدمة وتوترات وحروب أهلية منذ أكثر من ثلاثة عقود ولم يكن لمصر دور بارز في تفكيك النزاعات التي شهدها، ما يجعل الدعم الراهن لمقديشو محصورا في نطاق المكايدة السياسية لحكومة أديس أبابا.

وبدأت حكومة مقديشو تستثمر في الخلافات بين الدول الأفريقية، فكما أبدت مصر رفضا للاتفاق الإثيوبي مع أرض الصومال، يمكن أن تتحرك إريتريا في اتجاه مماثل بسبب خلافات حادة مع أديس أبابا، ويتم التشويش على الاتفاق إقليميّا ومنع تمريره سياسيّا، في حين يبدو أن الجهتين اللتين وقعتا عليه عازمتان على تنفيذه.

وأعلنت إثيوبيا أنها أجرت محادثات بشأن التعاون العسكري مع أرض الصومال، بعد توقيع اتفاق قبل أيام يتيح لها الحصول على نافذة على البحر الأحمر وإنشاء قاعدة عسكرية.

وعقدت المحادثات بين الطرفين في أديس أبابا الاثنين، وهو اليوم الذي بدأ فيه الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود زيارة إلى إريتريا المجاورة والاجتماع مع رئيسها أسياس أفورقي، بعد أن استقبل وفدا مصريا أكد رفضه للاتفاق ونصح الرئيس الصومالي بالتحرك على الساحة الأفريقية وتوظيف الاتفاق في إحراج إثيوبيا.

ويسعى الصومال إلى حشد دعم إقليمي من أجل التصدي للخطوة التي تمت بين إثيوبيا وجمهورية أرض الصومال التي لم تحصل على اعتراف رسمي بها، لكنها نجحت في توفير درجة عالية من الأمن والاستقرار والهدوء أكثر من كل أقاليم الصومال الأخرى، ولها عملة وجواز سفر خاصان واستقلال ذاتي وانفتاح على قوى عديدة.

وأعلنت جيبوتي أنها تتابع “بقلق بالغ” التوترات السائدة بين الصومال وإثيوبيا، ودعت إلى حوار بين البلدين من أجل احتواء التصعيد السياسي بينهما.

ودعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومصر وتركيا إلى احترام سيادة الصومال.

وفي خضم ذلك بحث قائد الجيش الإثيوبي برهانو جولا أطر التعاون العسكري مع قائد القوات المسلحة لأرض الصومال نوح إسماعيل تاني، في إشارة إلى تحدي أي ممانعة للاتفاق من داخل المنطقة أو خارجها والمضي قدما في عملية تنفيذه، وأن التعاون بين الجانبين يمكن أن يتخذ أبعادا أمنية ولن يعبأ بالضجة المثارة حوله.

وأوضح مستشار الأمن القومي لرئيس حكومة إثيوبيا أن الاتفاق يمهد لبلاده طريق التجارة البحرية بمنحها إمكانية الوصول إلى قاعدة عسكرية على البحر الأحمر.

وقال رئيس أرض الصومال موسى بيهي عبدي إن إثيوبيا وعدت بالاعتراف رسميّا بجمهورية أرض الصومال مقابل حصولها على المنفذ البحري، لكن حكومة أديس أبابا أعلنت أنها ستجري “تقييما متعمقا بهدف اتخاذ موقف بشأن جهود أرض الصومال للحصول على الاعتراف الدولي”.

ووصفت حكومة مقديشو الاتفاق، الذي يمنح إثيوبيا نحو 20 كيلومترا في ميناء بربرة بأرض الصومال لمدة خمسين عاما، بأنه “عدوان.. وانتهاك صارخ لسيادتها”.

ويقول مراقبون إن الأوضاع الهشة في الصومال لا تشجع دولا عديدة على دعم موقفه، لأن أرض الصومال باتت إقليما شبه مستقل وقوى مختلفة تتعامل معه على أساس ذلك، كما أن كثافة التدخلات الخارجية وانتشار القواعد العسكرية في المنطقة من العوامل التي تمنح أديس أبابا قبولا نسبيا لموقفها، أو على الأقل عدم ممانعة خطوتها في ظل تفهم كبير لحاجتها الجيوسياسية إلى إطلالة مباشرة على البحر الأحمر.

ويضيف المراقبون أن دعم مصر للصومال سيكون تأثيره على الاتفاق هامشيّا، لأنه سيفهم في سياق خلافها مع إثيوبيا حول سد النهضة والانتقام منها أكثر من كونه رغبة في الدفاع عن استقرار منطقة القرن الأفريقي، والتي لا تنقصها صراعات ولم تكن القواعد العسكرية في عدد من دولها سببا في نشوبها.

وأكدت القاهرة دعم وحدة الصومال وسيادته وسلامة أراضيه منذ اليوم الأول من إعلان الاتفاق، وأعلنت وزارة الخارجية المصرية معارضتها لأي إجراء من شأنه الافتئات على سيادة الصومال، مشددة على حق شعبه دون غيره في الانتفاع بموارده.

وتعتقد مصر أن التوجه الإثيوبي والتحركات والإجراءات والتصريحات الرسمية الصادرة عن دول في المنطقة وخارجها تقوض عوامل الاستقرار في المنطقة، وتزيد من حدة التوترات والنزاعات والانقسامات بين دولها، وأن الأمر يحتاج إلى تكاتف الجهود لاحتوائها والتعامل مع تداعياتها.

لكن إثيوبيا تعول على تفهم قوى إقليمية ودولية لحاجتها إلى إطلالة على البحر الأحمر بعد أن كانت لها حدود بحرية طويلة قبل انفصال إريتريا، ما يجعل تحركات الرئيس الصومالي الإقليمية غير مؤثرة كثيرا حيث يواجه تحديات داخلية متعددة، أقلها صعوبة أرض الصومال، ولا يملك رفاهية الانخراط في أزمة مع أديس أبابا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى