البنك الدولي: ديون كاسحة تهدد الدول ضعيفة الدخل

> واشنطن "الأيام" العرب:

>
​حذر البنك الدولي من أن البلدان منخفضة الدخل تواجه أزمة ديون كاسحة، ما يجعل من العملية الحادية والعشرين لتجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية أمرًا أكثر إلحاحاً لتكون الأكبر على الإطلاق.

وأظهر تقرير الديون الدولية لعام 2023 أن تضخم مدفوعات الديون يدفع البلدان إلى توجيه الموارد الشحيحة بعيدا عن أولوياتها الإنمائية.

ويرى البنك أن الموارد القوية للمؤسسة الدولية للتنمية، التي تقدم قروضا عديمة أو منخفضة الفائدة ومنحا للبلدان الأشد فقرا، ستكون عاملا أساسيا تعتمد عليه الحكومات للحيلولة دون فقدان المكاسب الإنمائية التي حققتها بشق الأنفس.

وقال هايشان فو، كبير الخبراء الإحصائيين ومدير مجموعة بيانات اقتصادات التنمية بالبنك، في بيان نشر على منصته الإلكترونية إن “البلدان الأشد فقرا تحتاج إلى المساعدة، وهي بحاجة إليها الآن”.

ولفت إلى أن كل ربع سنة تظل فيه أسعار الفائدة مرتفعة يؤدي إلى زيادة عدد البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل التي تعاني المديونية الحرجة، ويجعلها تواجه خيارا صعبا بين خدمة ديونها العامة أو الاستثمار في الصحة العامة والتعليم والبنية التحتية.

ولذلك يرى فو أنه من الضروري مضاعفة الجهود وتزويد المؤسسة الدولية للتنمية بالموارد التي تحتاجها من أجل محاربة الفقر وتحفيز التحول الأخضر. وتُعد المؤسسة الدولية للتنمية أكبر مصدر للتمويل الميسر في العالم، حيث تأتي 30 في المئة من التدفقات الخارجة منها في شكل منح.

ومنذ عام 1960 قدمت المؤسسة 533 مليار دولار من التمويل إلى 115 بلدا، وفي السنة المالية المنتهية في يونيو الماضي بلغ إجمالي استثماراتها 35.4 مليار دولار، منها 7.3 مليار دولار في شكل منح، نسبة 75 في المئة منها ذهبت إلى أفريقيا.

ومن الواضح أن حجم هذه المشكلة هائل، ففي السنوات الثلاث الماضية فقط كانت هناك 18 حالة تخلف عن سداد الديون السيادية في 10 بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، وهو عدد يتجاوز ما حدث خلال العقدين الماضيين.

واليوم توجد قرابة 60 في المئة من البلدان منخفضة الدخل في خطر كبير يهدد ببلوغها مرحلة المديونية الحرجة إن لم تكن قد بلغت هذه المرحلة بالفعل، وفق البنك الدولي. وارتفع الدين الخارجي للدول المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية بأكثر من الضعف خلال العقد الماضي ليصل إلى مستوى قياسي بلغ 1.1 تريليون دولار.

ودفعت تلك البلدان في عام 2022 مبلغا قياسيا قدره 88.9 مليار دولار لخدمة ديونها الخارجية. وعلى مدى العقد الماضي تضاعفت مدفوعات الفائدة على القروض أربع مرات لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 23.6 مليار دولار في عام 2022.

ومن المتوقع أن تزداد الأمور سوءا، حيث يتوقع أن تتضخم التكاليف الإجمالية لخدمة الديون في أفقر 24 بلدا بنسبة تصل إلى 39 في المئة خلال عامي 2023 و2024. وتحتدّ المشكلة بسبب ضعف النمو الذي شهدته الكثير من البلدان الأشد فقرا خلال العقد الماضي.

وفي الفترة بين 2012 و2022 ارتفعت الديون الخارجية للدول المؤهلة للاقتراض من المؤسسة بنسبة 134 في المئة، وهو ما يتجاوز بكثير ما حققته من ارتفاعٍ بنسبة 53 في المئة في إجمالي دخلها السنوي.

وفي الوقت نفسه تقلصت القروض الخاصة المقدمة للبلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة إلى أدنى حدودها. وانخفضت السندات الجديدة التي أصدرتها البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل في الأسواق الدولية بأكثر من النصف في الفترة من 2021 إلى 2022.

وكان الانخفاض أكثر حدة في البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية، حيث انخفضت إصدارات السندات الجديدة بأكثر من ثلاثة أرباع إلى 3.1 مليار دولار في عام 2022.

واستجابة لذلك كثف البنك الدولي وغيره من بنوك التنمية متعددة الأطراف مساندتها، وغالبًا ما كانت بمثابة المقرض الأخير.

وبالنسبة إلى العديد من الدول، ولاسيما الأشد فقرا، كان الدائنون متعددو الأطراف المصدر الرئيسي للتمويل الجديد في 2022، حيث قدموا 115 مليار دولار في شكل تمويل جديد منخفض الكلفة للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، وجاء نصف المبلغ تقريبا من البنك الدولي.

وفي ظل ما تواجهه الاقتصادات المؤهلة للاقتراض من المؤسسة من أزمات متعددة وتدهور في أوضاع ديونها، حدث سحب كبير من رأس المال الإستراتيجي للمؤسسة منذ عام 2019.

وزادت عمليات تجديد الموارد منذ عام 2018 بفضل النُهُج المُبتكرة التي تجمع بين مساهمات المؤسسة الدولية للتنمية في أسهم رأس المال ومساهمات أسواق رأس المال، لكن مساهمات البلدان والجهات المانحة انخفضت بالقيمة الحقيقية.

ولكي تتوافق تعهدات المانحين مع الطموحات العالمية يجب أن تتجاوز العملية الحالية لتجديد الموارد الحزمةَ التمويليةَ التاريخية للعملية العشرين لتجديد موارد المؤسسة، والتي بلغت 93 مليار دولار.

وقال ديرك راينرمان، المدير العام لإدارة تمويل التنمية، “يحتاج العالم إلى منح المؤسسة الدولية للتنمية قوة أكبر لحشد التمويل من أجل تحقيق الأثر الإنمائي المنشود، وتطابق تعهدات المانحين مع طموحنا العالمي المشترك”.

وأضاف “تتمتع المؤسسة بقدرة فريدة على الاستفادة من التمويل الميسر من أجل العمل الإنمائي، حيث تتم مضاعفة كل دولار من مساهمات المانحين بنحو أربعة دولارات لصالح البلدان المتلقية للمساعدات”. وتابع “هذا يعني زيادة عدد الأطفال المتعلمين بأربعة أمثال، وإنقاذ الأرواح من خلال الخدمات الصحية، وتوفير فرص العمل من خلال الاستثمارات الإنتاجية للقطاع الخاص، ونحن بحاجة إلى الشراكات والكفاءة المالية والعمل الابتكاري لمضاعفة أثرنا الإنمائي”.

وتؤدي المؤسسة الدولية للتنمية أيضا دورا رئيسيا في مساعدة الحكومات على رسم مستقبل الطاقة النظيفة وبناء القدرة على الصمود، فالبنك الدولي هو أكبر مصدر للتمويل العالمي للأنشطة المناخية.

ويعتقد البنك الدولي أنه نظرا للضرورة الملحة التي يفرضها تشابك التحديات المناخية والإنمائية، فقد حان الوقت لزيادة تمويل المؤسسات القادرة على الاستفادة من موارد المانحين والأسواق لإنجاز أقصى تأثير ممكن وتحقيق أفضل قيمة للمال العام. وقال إن “مستقبل من يعيشون في بلدان العالم الأشد فقرًا يعتمد على هذا الأمر”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى