لوحدي في عدن بلا عدن

> يا لها من حقبة زمنية اختتمت بها عهد الإنسان والعقل.. كالتائه يحمل حقيبة لا يعرف هل هو زائر أم مسافر أم قادم أم راحل أم نازح أم صانع الحلوى في شارع الزعفران؟

وقفت أبحث عن شيء أعشقه وأعرفه ويعرفني ويعشقني في أرض أعرفها وتعرفني فلم نعرف بعضنا بعضا.

لوحدي في جولة تفقدية في عدن بلا عدن.

لقد غادر الربيعيون جميعًا إلى بلاد النفط وحقايب التفاح والليالي الملاح..

لوحدي في المكان..

فلا هوية ولا دار ولا وطن ولا اسم ولا وصف ولا لون ولا عنوان ولا ملتقى ولا معرفين ولا شهود ولا حتى بصمة لإثبات فصيلة دمك كيف هي؟

كالقيامة في مشهد جديد.. مخبولين يترنحون لا يعرف بعضهم بعضًا، ولا مرضعة تعرف رضيعها، والروح تنبعث بداخلها أشياء موجعة، فلا هو فراق ولا هو لقاء ولا هو جمع ولا هو شتات ولا هو معرف ولا هو نكرة..

شيء كالعدم في أرض كانت موجودة يقطنها مجتمع ومؤسسة ومصنع ومدرسة وبحر وأنشودة "واصياد قبل امشروق تصيد بمجلب كل حين.."

مازال يرسمها ما تبقى لدي من خيال وهي تستظل تحت ظلال بستان وإنسان وإحسان وبنيان..

أنا أهذي أليس كذلك؟

لا لا ما زلت بخير هو فقط الإسراف في الولاء والعشق الذي صار بلا معنى عند أهل العزم والتحرير..

تقدمت إلى ذلك الركن العتيق الذي كان لنا فيه بيت ومعلم وصفاء ونحن نتطلع ونتشوق لكل أمنياتنا التي تلاشت وصارت تفاهة ومهزلة وعبثية.

سبعون عامًا وقفت هنا أشاهد ساسة ورواد دولة واقفون بلا عمل.. وشوارع يملؤها العسكر وأدوات حرب وأناس تملكوا الأرض لهم فقط وليس لأحد سواهم أي حق ولا رأي ولا قرب ولا علاقة ولا صلة..

أحسست بالدوار والسقوط فحملت حقائبي لا أعلم أين اتجه وفي طريقي شاهدت احتفالات وضجيج قيل إنها للوطن والإدارة الذاتية والقرار قرارنا..

سمعت وعرفت عن هذا القرف ألف مليون مرة..

فمررت بجانبهم وأعطيتهم ظهري ولم ألقِ عليهم السلام وغادرت بلا عدن أبحث عن عدن في عدن..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى