​دراسة مصرية: صعود تأثير الحوثيين فرض متغيرات داخل وخارج اليمن

> "الأيام" القسم السياسي:

> هجمات البحر الأحمر لم تؤثر على إسرائيل فقط بل تهدد مصالح دولية
> كشفت دراسة نشرها يوم أمس المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أعدتها الباحثة نرمين ناصر، عن تأثيرات محلية ودولية فرضها التصعيد المتواصل للهجمات في البحر الأحمر.
واستعرضت الدراسة الأبعاد والأهداف الحقيقية لتنامي دور جماعة الحوثي في المنطقة وما ترتب عليها، وفيما يلي أهم ما جاء فيها:

يُعد الفاعل الرئيسي في العلاقات الدولية، وفقًا للنظرية الواقعية، هو «الدولة»، في حين أن باقي الجهات الفاعلة غير المنتمين للحكومة لا يمكنهم التصرف على الساحة الدولية إلا من خلال الدولة. بيد أنه ظهر العديد من الانتقادات للنظرية، وذلك نظرًا لتنامى دور «الفاعلين من دون الدول» على الساحة الدولية، الأمر الذى يتضح من خلال الهجمات الأخيرة التي شنها الحوثيون على البحر الأحمر وما تلاها من تداعيات هددت الأمن البحري لدول المنطقة وللقوى الغربية.

وردًا على تلك الهجمات شنت الولايات المتحدة وبريطانيا عددًا من العمليات ضد أهداف حوثية، ولم تنجح المساعي الغربية في ردع الجماعة، حيث إنه لايزال الوضع مُحتقنًا في منطقة البحر الأحمر حتى كتابة هذه السطور.

منذ 7 أكتوبر الماضي، تصاعد دور الفاعلين من دون الدول داخل المنطقة، وعلى الأخص الحوثيون في اليمن، الذين أعلنوا تدخلهم بزعم مساندة الشعب الفلسطيني، وبدأوا باستهداف ميناء إيلات، بدءًا من يوم 19 أكتوبر 2023. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل في خطاب ألقاه زعيم الحركة في 14 نوفمبر 2023، حذّر قائلًا: «عيوننا مفتوحة من أجل الرصد الدائم والبحث عن أي سفينة إسرائيلية في البحر الأحمر، وباب المندب على وجه التحديد، وما يحاذى المياه الإقليمية اليمنية».

لم تكن تلك الكلمات مجرد تهديد، حيث قامت الحركة في 19 نوفمبر 2023 باحتجاز سفينة «جلاكسي ليدر» المملوكة لشركة «راي شيبينغ ليميتد». وفى 9 ديسمبر 2023 أعلنت الجماعة منع مرور جميع السفن من كافة الجنسيات المتوجهة من وإلى الموانئ الإسرائيلية إذا لم تدخل المساعدات إلى قطاع غزة. ومنذ احتجاز السفينة وحتى وقتنا هذا، عرقل الحوثيون العمليات التجارية للسفن فى البحر الأحمر.
  • تداعيات وتأثيرات دولية
لاشك أن تداعيات الهجمات الحوثية في البحر الأحمر لم تؤثر على إسرائيل فقط، بل هددت مصالح القوى الإقليمية والدولية. الأمر الذى أسفر عن حدوث أكبر عملية تحويل لمسار التجارة الدولية منذ عقود، كما أُجبر عدد من الشركات على تعليق مرور سفنها عبر البحر الأحمر. ونتيجة لما سبق، تراجعت التجارة العالمية بنسبة 1.3 % خلال شهري نوفمبر وديسمبر 2023، وارتفعت أسعار تكلفة الشحن الوارد عبر مضيق باب المندب إلى 170 %.

كما انخفضت حركة الملاحة في قناة السويس بنحو 30 % من 1 إلى 14 يناير 2024، حيث انخفض دخل القناة بنسبة 40 % مقارنة بنفس الفترة عام 2023، وذلك بانخفاض عدد السفن المارة من 777 سفينة إلى 544 سفينة، بحسب تصريحات الفريق «أسامة ربيع»، رئيس هيئة القناة، في 11 يناير 2024. ومع ذلك، شدد الفريق «ربيع» على انتظام الملاحة في القناة، برغم التحديات، وأنها لم تتوقف ليوم واحد منذ اشتعال المنطقة.
  • تحركات عسكرية
تنامي دور الفاعلين من دون الدول في إطار الصراع الدائر بالمنطقة ليشكلوا بذلك دورًا رئيسيًا في معادلة الصراع، بشكل دفع القوى الدولية نحو إعادة تقييم تواجدها بالمنطقة، بهدف تقييد نطاق تحركات هؤلاء الفاعلين في ضوء ما يلى:
وأعلن وزير الدفاع الأمريكي «لويد أوستن»، بعد منتصف ليل يوم 18 ديسمبر 2023، في البحرين، نتيجة لتنامى الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، عن تشكيل قوة بحرية متعددة الجنسيات لحماية حركة الملاحة البحرية في المنطقة.

تلى ذلك بفترة وجيزة اطلاق عملية «أسبيديس» الأوروبية لحماية السفن التجارية في البحر الأحمر، وذلك في منتصف فبراير 2024.

ختامًا، على الرغم من خطابات التصعيد التي يتبناها الحوثيون والتوعد بالرد بقوة على الهجمات الأمريكية - البريطانية، بيد أنه من الواضح أن الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر ليست إلا لخدمة فرض متغيرات محلية متعلقة بصرف الانتباه عن الأزمة الداخلية واستمرار التوازنات السياسية الداخلية الراهنة، إلى جانب اكتساب شعبية إقليمية من منطلق مساندتها القضية الفلسطينية وتحقيق اختراق دولي للانفتاح على جماعة الحوثي والاعتراف بها.

والأكيد أن اليمن لن تتحمل أيًا من العقوبات التي يمكن أن تفرضها الإدارة الأمريكية، إذا تمادى الحوثيون وتراجعت واشنطن عن قرارتها بشأن استمرار إيصال المساعدات الإنسانية إلى اليمن. لذلك من المحتمل أن يكف الحوثيون عن استهداف السفن إذا تفاقمت الأوضاع أو في حالة فشل الخطاب السياسي الذى تتبناه الجماعة في تحقيق أهدافه.

كما لا ترغب إيران في مواجهة الولايات المتحدة بشكل مباشر، نظرًا لعدد من الاعتبارات الداخلية، ومن بينها السيطرة على المعارضة الداخلية والسعي إلى امتلاك سلاح نووي، ومن ثم قد تتجه طهران نحو إعادة تأكيد ترابطها مع الحوثيين بما يضمن ضبط الأخير لعملية التصعيد. بالإضافة إلى ذلك، لا يريد الحوثيون أيضًا توتر العلاقة بينهم وبين السعودية، لاسيما أن المفاوضات مع الرياض كانت تسير بشكل جيد قبل عملية طوفان الأقصى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى