صمت واشنطن بشأن انتهاكات بايدن للقانون الدولي يثير التساؤلات

> رائد صالحة:

>
​ليس هناك أي غموض بشأن حقيقة أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تنتهك بشكل صارخ القانون الدولي بسبب دعمها للحرب الوحشية التي تشنها إسرائيل على غزة، ولكن صناع السياسة في واشنطن لا يهتمون مطلقاً بهذا الأمر.

ولا أحد تقريباً يتحدث عن «حكم القانون» وكما هي الحال مع أشياء كثيرة في الخطاب السياسي الأمريكي، يستخدم الديمقراطيون «سيادة القانون» مثل «الاستبداد» و«الديمقراطية» باعتبارها أكثر من مجرد نقطة حوار حزبية لغرض ضيق يتمثل في تقويض الرئيس السابق دونالد ترامب وحملته الرئاسية.

وهنا يسأل الكاتب برانكو مارسيتش من مجلة «جاكوبن» ما الذي يفسر الصمت الشامل على انتهاك الرئيس جو بايدن الصارخ للقوانين الأمريكية طوال أشهر الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة؟ ليجيب «بالأمس، ذكرت صحيفة ProPublica أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن يتجاهل ببساطة توصيات مسؤوليه منذ أشهر بقطع المساعدات العسكرية عن وحدات الجيش والشرطة الإسرائيلية المتهمة بالتعذيب وغيره من الانتهاكات، كما يقتضي القانون الأمريكي.

هذه الانتهاكات على وجه الخصوص – والتي تشمل تعذيب واغتصاب مراهق وعمليات قتل خارج نطاق القضاء – لا ترتبط حتى بسلسلة لا تنتهي من الفظائع التي شاهدها العالم وهي تحدث كل يوم على مدار الحملة في غزة: إنها تثير قلقًا بحتًا. الحوادث التي وقعت قبل بدء الحرب، وأغلبها في الضفة الغربية، التي لا تسيطر عليها حماس.

وليس هناك غموض هنا. قوانين ليهي التي تم إقرارها في عام 1997 والتي سميت على اسم عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فيرمونت باتريك ليهي الذي خدم لفترة طويلة والذي كان المؤلف الرئيسي لها، تنص بشكل قاطع على أن أموال البنتاغون لا يجوز استخدامها لأي تدريب أو معدات أو أي مساعدة أخرى لوحدة قوات أمن أجنبية، إذا هناك معلومات موثوقة تفيد بأن هذه الوحدة ارتكبت انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان».

وفي حين أن إدارة بايدن تحايلت على هذا الأمر من خلال الزعم ببساطة أنها «لم تشهد أي انتهاكات» فإن مسؤولي وزارة الخارجية الذين تحدثوا إلى «ProPublica»بالإضافة إلى الوثائق الرسمية التي تم تقديمها إلى المنفذ، تظهر أن هذا كذب واضح: تم إبلاغ بلينكن بهذه الانتهاكات تحديدًا في ديسمبر الماضي.

وقال مارسيتش: «لقد أصبح هذا الأمر مندمجاً بعمق في السياسة الأمريكية عبر الخطوط الحزبية ومن قبل السياسيين والصحافة على حد سواء، حيث إن حكم القانون لا ينطبق ببساطة على السياسة الخارجية».

واتهم ليهي نفسه، الذي تقاعد في عام 2023 إدارة حزبه بانتهاك القانون، بعد أن سُئل في وقت سابق من هذا العام عما إذا كان تدفق الأسلحة المستمر من بايدن إلى إسرائيل يتماشى مع تشريعاته.

«لا. هل هذا موجز بما فيه الكفاية بالنسبة لك؟» فأجاب مضيفاً أن «عدد المدنيين الذين أصيبوا أو قتلوا بأسلحة مدفوعة الأجر من الولايات المتحدة» يشكل انتهاكاً واضحاً لأحكامه.
وعلى الرغم من سوء هذا الأمر، إلا أنه مجرد قانون واحد انتهكه بايدن بتسهيله غير المشروط للحرب الإسرائيلية.

وفي الشهر نفسه الذي تم فيه إبلاغ بلينكن بانتهاكات حقوق الإنسان من قبل إسرائيل، استخدم بايدن سلطة الطوارئ بموجب قانون مراقبة تصدير الأسلحة لتجاوز الكونغرس وبيع قذائف دبابات بقيمة تزيد عن 106 ملايين دولار.

لكن هذا القانون ينص على وجه التحديد على أنه يمكن تقديم المساعدة العسكرية الأمريكية «فقط لأغراض الأمن الداخلي (بما في ذلك لأغراض مكافحة الإرهاب ومنع انتشار الأسلحة النووية) أو للدفاع المشروع عن النفس» أو للمشاركة في عمليات تحت مظلة الأمم المتحدة أو تلك المتسقة مع ميثاق الأمم المتحدة ـ الذي لا يصف أي منه ما تفعله إسرائيل في غزة.

وتشمل القوانين الأخرى القسم 620I من قانون المساعدة الخارجية (الذي «يحظر على الولايات المتحدة تقديم المساعدة الأمنية أو مبيعات الأسلحة إلى أي دولة» تقيد حكومتها المساعدات الإنسانية الأمريكية) وسياسة نقل الأسلحة التقليدية الخاصة ببايدن اعتبارا من شباط/فبراير 2023 «لن يتم نقل الأسلحة» و«إذا كان من المرجح أن يتم استخدام الأسلحة التي سيتم نقلها في ارتكاب جرائم إبادة جماعية، وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان».

والمعاهدات القانونية التي وقعتها الولايات المتحدة وصدقت عليها، ما يجعلها قانونًا أمريكيًا أيضًا.

اعتبارًا من الشهر الماضي، أصبح بايدن أيضًا ينتهك رسميًا قرار سلطات الحرب، الذي أقره الكونغرس الديمقراطي لكبح جماح الرؤساء المنشقين في المستقبل بعد أن قام ريتشارد نيكسون سرًا بتوسيع الحرب في فيتنام لتنفيذ حملة قصف ضخمة في كمبوديا.

وبدأ بايدن من جانب واحد الحرب المستمرة منذ ثلاثة أشهر (ولا تزال مستمرة ) ضد الحوثيين في اليمن بدون حتى ظل للمبرر القانوني الذي تم استخدامه تاريخياً لإعفاء الرؤساء من انتزاع هذا الامتياز من الكونغرس.

لقد كان من الناحية النظرية لا يزال ضمن القانون طالما أنه أبلغ الكونغرس بالحرب في غضون ثمان وأربعين ساعة من بدايتها (وهو ما فعله) وحصل على تفويض من الكونغرس بعد ستين يومًا (وهو ما لم يفعله). وقد وصفها جيمس سيبينز من مركز ستيمسون بأنها «أزمة دستورية كامنة».

لم يحظ أي من هذه الانتهاكات ولو بذرة من الاهتمام أو الإدانة الشديدة باعتبارها أكثر لوائح الاتهام الجنائية تافهة لدونالد ترامب (وينبغي عدم الخلط بينه وبين التهم الخطيرة للغاية) مثل تلك التي أحاطت بمدفوعاته المقنعة لنجمة الأفلام الإباحية السابقة ستورمي دانيلز، والمحاكمة التي بدأت هذا الأسبوع.

ولكن مهلا: بدء الحروب بشكل غير قانوني، وانتهاك المعاهدات، وكسر الحظر على تسهيل انتهاكات حقوق الإنسان – أمور صغيرة مثل هذه بالكاد تقارن في أهميتها بدفع مرشح رئاسي أموالا لعشيقته، على حد تعبير مارسيتش في مقال «جاكوبن».

وفي سياق متصل، التجاوزات لا تقتصر على بايدن بل تمتد إلى الكونغرس بشكل واسع، حيث يتداول مجلس النواب الأمريكي إجراءات من شأنها منع الإدارة الأمريكية من إنفاق الأموال لإعادة بناء قطاع غزة الذي دمرته الحرب الإسرائيلية الدموية على القطاع.

وزعم الجمهوريون وغالبيتهم من داعمي الاحتلال الإسرائيلي، أن الإجراء يأتي بسبب مخاوف متزايدة من أن هذه الأموال ستمكن حماس من إعادة إنشاء شبكة الأنفاق تحت القطاع.

وقدم الإجراء النائب بريان ماست (جمهوري من فلوريدا) عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، الخميس الماضي، كتعديل لمشروع قانون التمويل الإضافي الأجنبي الذي يجري حاليًا طريقه عبر الكونغرس.

ويتضمن مشروع قانون التمويل مساعدات طارئة لإسرائيل وأوكرانيا، وهو تشريع يجب أن يمرره رئيس مجلس النواب مايك جونسون (جمهوري من لويزيانا).
ويقول الإجراء إنه «لا يُسمح بتخصيص أي أموال فيدرالية أو إتاحتها بطريقة أخرى لبناء أو إعادة بناء قطاع غزة».

وتشير التقديرات الأمريكية إلى أن جهود إعادة إعمار غزة تبلغ تكلفتها حوالي 20 مليار دولار، وقد تعهدت إدارة بايدن بأن تكون مصدرًا رئيسيًا للدخل لهذه المشاريع.

عن "القدس العربي"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى