بجهود أهلية.. رُصد تتفرد بتأسيس أول مدارس لرياض الأطفال بيافع

> تقرير/ فهد حنش

> بجهود أهلية تفردت منطقة السعدي برصد يافع محافظة أبين بتأسيس مدارس لرياض الأطفال بهدف تهيئتهم وإعدادهم نفسياً للالتحاق بالتعليم الأساسي بصورة متكاملة ومتوازنة، بالإضافة إلى معالجة المشكلات التي قد يعاني منها الكثير من الأطفال نتيجة الاندماج في الحياة الاجتماعية المحيطة بهم خارج إطار الأسرة، وتعويدهم على النظام والانضباط وخلق علاقات قائمة على الشعور بالألفة مع نظرائهم  والتعاون والانسجام والشعور بالاستقلالية، والثقة بالنفس.

إقبال كبير
وأوضح أحمد محمد حبيب، مشرف روضة «الشعب»، بأن تاريخ تأسيس هذه الروضة في منطقة السعدي الخربة يعود إلى عام 2006م، بغرض تطوير العملية التربوية والتعليمية فيها وإعداد الأطفال للعملية التربوية والتعليمية بصورة مبكرة.
وقال: «لهذا السبب افتتحنا صفوف دراسية لأطفال الروضة في ملحق مسجد (الخربة)، وتم تكليف ثلاث معلمات للعمل فيها بشكل طوعي وبحافز رمزي من الأهالي لتثبيتهن، وجرى الاستعانة أيضاً بمدرسة التعليم الأساسي لتزويدنا بالأثاث، وتم إشهار الروضة آنذاك عبر صحيفة «الأيام»، وقد شهدت منذ تأسيسها إقبالًا كبيرًا من الأطفال، وتستقبل حالياً ثلاث فئات من الأطفال: الفئة الصغرى من عمر ثلاثة إلى أربعة أعوام، والمرحلة الوسطى من عمر فوق أربع إلى خمسة أعوام، والمرحلة الكبرى من خمسة أعوام إلى ستة أعوام».

وأضاف في حديثه لـ «الأيام»: «لقد كان لتأسيس الروضة أثر إيجابي على حياة الأطفال وسلوكهم ونفسياتهم وأخلاقهم، حيث يتم تعويدهم على النظام والانضباط، وحينما يلتحقون بالتعليم الأساسي تجدهم قدوة لنظرائهم الأطفال الذين لم يلتحقوا بالروضة، فيقتدى بهم ويتم التقمص بسلوكياتهم من قِبل أقرانهم الآخرين، وبهذا يسهل التعامل معهم من معلميهم.. وفي نهاية كل عام نُقيم حفلاً للتخرج يتم فيه توزيع شهادات وجوائز للأطفال المتفوقين والمتخرجين».

جهود أهلية
وعن دور الأهالي في دعم الروضة قال حبيب: «أُسست الروضة بجهود أهلية، وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد ظلت هذه الروضة مستمرة في أداء رسالتها التربوية النبيلة كروضة أهلية بدعم الأهالي وأهل الخير من أبناء المنطقة، وبعد جهود حثيثة ومتابعة طويلة تم اعتمادها هذا العام من قِبل مكتب التربية أبين والوزارة، ووعدونا بإنشاء مبنى، وتوظيف مربيات للروضة، وإن شاء الله يتم التنفيذ».

13 دفعة
بدوره، اعتبر عادل حسين عسكر، وهو أحد أولياء الأمور، أن تأسيس روضة «الشعب» في منطقة السعدي عملاً مهماً يعود الفضل فيه بعد الله سبحانه وتعالى إلى الأستاذ الفاضل أحمد محمد حبيب صاحب فكرة التأسيس والمشرف على تأسيسها وإدارتها، وقد امتد نشاطها إلى القرى المجاورة، وتحتضن حالياً الأطفال ممّن تتراوح أعمارهم بين 3 إلى ستة أعوام، وقد استبشر أهالي السعدي خيرًا بتأسيس هذه الروضة التي تعود بالنفع على فلذات أكبادهم، واليوم ينتقل الأطفال من بيئة البيت إلى بيئة الروضة في سن مبكر، حيث يتم تهيئتهم نفسياً وسلوكياً وتعليمياً للانتقال إلى بيئة التعليم الأساسي، الأمر الذي يجعلهم قادرين على التكيف بسرعة في هذه المرحلة ومتميزين بالنظام والانضباط والاستعدادات العقلية والنفسية والتربوية على أقرانهم الذين لم ينخرطوا في الروضة نتيجة لبعد مناطقهم عنها.

وأضاف لـ «الأيام» نتيجة للدور الكبير الذي تقوم به الروضة تفاعل جميع الخيرين مع إدارتها وباتوا يقدمون بين الحين والآخر بعض الحوافز الرمزية للمربيات المتطوعات، وكذا الهدايا القيمة للأطفال عند تخرجهم منها، والذي تجاوز عدد دفعاتهم 13 دفعة منذ تأسيسها كأول روضة على مستوى يافع.

مهمة ليست بالسهلة
وأوضحت مديرة روضة «الشعب» المربية أروى ثابت بأن التعامل مع الطفل في هذه المرحلة ليست بالمهمة السهلة، كونها مسؤولية صعبة وكبيرة يتم من خلالها غرس القيم وإشباع حاجات الطفل وتعويدهم على النظام والانضباط، والمربية فيها تكتسب الخبرات والمهارات من خلال تعاملها المستمر مع الأطفال، وتزداد خبراتها أكثر فأكثر مع مرور السنين.
ولفتت في حديثها لـ «الأيام» إلى أن هذه الروضة تستقبل سنوياً أطفالاً في سن الثالثة لا يعرفون في مجتمعهم الصغير غير الأب والأم والإخوان وبعض الأقارب، فيأتون إليها وهم في حالة من الخوف والخجل، فيتم احتواؤهم من قِبل المربيات، وإحاطتهم بالحب والحنان والشعور بالأمان، فيبدأ على إثر هذه المعاملة الطفل بالاستجابة والتفاعل مع المربيات، ومن ثم البدء بتكوين علاقات اجتماعية أوسع مع زملاء وأصدقاء في البيئة الجديدة، ويبدأ تغيير سلوكياته، وكذا بتعلم القراءة والكتابة وترديد الأناشيد واكتساب بعض القيم التي تحرص الإدارة على غرسها فيهم، بالإضافة إلى خلق علاقات صداقة بين الأطفال ومن خلال إشراكهم في تناول الطعام الذي يحضرونه من بيوتهم، ولهذا يشعرون بالسعادة والانبساط أثناء اندماجهم مع أقرانهم فتجدهم يمرحون ويلعبون ويضحكون، فتحدث تغيرات سلوكية وفكرية ويستطيع كل طفل التعبير عن ذاته وتنمية قدراته العقلية التي تسهم في تكوين شخصيته المستقلة.

معوقات كثيرة
وعن أبرز الصعوبات التي تُعاني منها الروضة قالت ثابت: «نُعاني من عدم توفر مبنى مناسب حيث نمارس عملنا في غرف ضيقة تابعة لأحد المساجد تنعدم فيها الإضاءة والتهوية الكافية، كما نفتقر إلى وجود الساحات والأدوات المدرسية لممارسة بعض الأنشطة والألعاب لإشباع حاجات الطفل البدنية والعقلية، بالإضافة إلى عدم توفر الوسائل التعليمية والإرشادية والآثاث المناسبة للطفل، كما نعاني من عدم توظيف المربيات المتطوعات في العمل بالروضة منذ 13 عاماً، مطالبة في السياق، الجهات المعنية بسرعة توظيف المعلمات المتطوعات وتوفير مبنى للروضة مزودًا بمختلف التجهيزات».

لعبت دورًا كبيرا
فيما يعود تاريخ تأسيس روضة «فلسان»، بحسب مشرفها الأستاذ محسن علي زيد، إلى عام 2011م بجهود أهلية، ووفقا لـ «زيد» فقد لعبت دورًا كبيرًا في رعاية الأطفال تربويًا وتهيئتهم وإعدادهم نفسيًا لالتحاقهم بالتعليم الأساسي، وقد بلغ عدد الدفع المتخرجة منها سبع دفع، مضيفاً أن «عدد الأطفال فيها 40 طفلاً مقسمين إلى فصلين يصعد أصحاب المستوى الثاني منهم سنويًا إلى الصف الأول في مرحلة التعليم الأساسي».

وأشار زيد في حديثه لـ «الأيام» إلى أن الأثر البارز للروضة على سلوك وشخصيات الأطفال الملتحقين بالتعليم الأساسي شجع الأهالي على دعم الروضة وإلحاق أطفالهم بها.
وتواجه روضة «فلسان» العديد من الصعوبات أهمها: عدم وجود مبنى خاص، وعدم توفر المنهج المتخصص للأطفال والوسائل التعليمية، وعدم توظيف المربيات اللواتي يتم منحهن رواتب على حساب الأهالي، فضلاً عن كونها ما تزال أهلية ولم يتم اعتمادها كروضة حكومية.

ووجه زيد مناشدة عبر «الأيام» إلى مكتب التربية والتعليم أبين ووزارة التربية والتعليم بسرعة اعتماد «فلسان» روضة حكومية وتقديم لها الاعتمادات والمخصصات أسوة برياض الأطفال الحكومية.

تأهيل
وقالت زينب محسن عبد الرب، وهي إحدى المربيات في الروضة: تُعد روضة «فلسان» من أهم المؤسسات التربوية فهي تعمل على إعداد الطفل وتهيئته للتعامل مع البيئة المحيطة به بشكل سليم، وتكوين علاقات مع الأطفال الآخرين، فضلاً عن غرس قيم الصدق والأمانة والاحترام والحب والتعاون والنظام، وكذا تعويدهم على ممارسة الأنشطة بصورة جماعية تعاونية وتشاركية لتنمية مهاراتهم وقدراتهم وإعدادهم لمرحلة التعليم الأساسي بصورة جيدة.

وعن الصفات والمهارات التي يجب أن تتمتع بها المربية أوضحت لـ «الأيام» بالقول: «لابد أن تتصف المربية بالصبر والحكمة والحب والرقة حتى تحتوي كل طفل وتحيطه بالحب وأن تكون بمثابة الأم لهم، فكثيرًا من الأطفال يأتون إلينا وهم أكثر تدليلاً من أهلهم، ولهذا لابد أن تكون المربية على قدر عالٍ من الكفاءة والخبرة في فنون التعامل مع الأطفال ليتم احتوائهم، ويسهل التعامل معهم، وتشجيعهم على السلوك الحسن، وتعزيزه وتعديل السلوكيات غير المرغوبة».

فوارق وميزات
وحرصت «الأيام» على إشراك مدراء مدارس التعليم الأساسي المستقبلة لمخرجات رياض الأطفال في منطقة السعدي لتقييم دور رياض الأطفال وأثرها فيهم.
وعنها قال مدير مدرسة الشعب للتعليم الأساسي نبيل منصر السرحي: «كان لتأسيس روضة (الشعب) في الخربة أثر كبير على مرحلة التعليم الأساسي، مؤكداً بأن الأطفال الذين يأتون إلى المدرسة من الملتحقين بالروضة وقد تم إعدادهم وتهيئتهم نفسيًا وتربويًا وإكسابهم كثيرًا من القيم والأخلاق، ولهذا يسهل التعامل معهم دون أي عناء من قِبل المعلمين، كما وجدناهم نموذجاً في الانضباط والنظام، بل يتم الاقتداء بهم من قِبل بقية الأطفال الذين لم تتاح لهم الفرصة للالتحاق بالروضة لبعد مساكنهم عنها، ومن هنا استطيع القول إن الطفل الملتحق بالتعليم الأساسي من الذين تخرجوا من الروضة لديه من الإمكانيات والاستعدادات أن يلتحق بالصف الثالث وليس بالصف الأول.

وعبر «الأيام» نتوجه بالشكر والتقدير للأخوة القائمين على الروضة، وندعو إلى تأسيس مزيدًا من رياض الأطفال في مختلف القرى».
فيما أثنى مدير مدرسة «فلسان» للتعليم الأساسي، عبدالله بن عبدالله، على الدور الذي لعبته روضة فلسان والقائمين عليها بالقول: «تلعب هذه الروضة دورًا كبيرًا في إعداد وتهيئة الأطفال لمرحلة التعليم الأساسي، فمن خلال التحاق الأطفال في الصف الأول تلاحظ الفرق كبيرًا بين الطفل الذي التحق بالروضة والطفل الذي لم يتمكن من الالتحاق بها، وخصوصًا الأطفال الذي يأتوننا من القرى البعيدة عن الروضة والتي من شأنها أن تعمل على ضبط وتنظيم سلوك الطفل وتوجيهه وتقويمه وإشباع حاجاته البدنية والنفسية وتنمية قدراته وشعوره بالاستقلالية واعتماده على نفسه في كثير من الأمور، ومدرستنا تستقبل سنويًا أطفالًا في الصف الأول 80 % منهم من مخرجات الروضة، ولهذا نتوجه بالشكر للمربيات وللقائمين عليها.

الاندماج بسهولة
من جهتها، أوضحت مديرة إدارة رياض الأطفال في مكتب التربية والتعليم في محافظة أبين، نعمة سالم علي، أن إنشاء رياض الأطفال في المناطق ذات التجمعات السكانية تُمثل أهمية كبيرة في إعداد الأطفال، وتُعد المرحلة الأساس في التعليم قبل المدرسة لما لها من دور بارز في تنمية قدرات الأطفال على التعايش واكتساب مهارات ومعارف ذهنية وجسمية ووجدانية تساعده فيما بعد على الاندماج والتكييف بسهولة في مرحلة التعليم الأساسي.

وعن تقييمها للدور الذي تؤديه روضة «الشعب» في منطقة السعدي أثناء زيارتها قالت: «في البداية أتقدم بالشكر والتقدير للأهالي على دورهم الكبير في تأسيس وإنجاح هذه الروضة في منطقة الخربة بجهود ذاتية بالرغم من قلة الإمكانيات وظروف المنطقة الصعبة، والتي تصنف من المناطق النائية، وأخص بالشكر أحمد حبيب صاحب فكرة التأسيس والإشراف عليها، ومن خلال زيارتي للروضة وجدت عمل المربيات ممتازاً فيها على الرغم من شحة الإمكانيات وهذا أسعدني كثيراً».

وفي ردها على نوع الدعم الحكومي الذي يمكن توفيره لرياض الأطفال في منطقتي السعدي وفلسان أجابت: «نحن نشجع إنشاء رياض أطفال في أي منطقة في رصد، وبالنسبة إلى روضة (فلسان) ليست مسجلة لدينا ولا توجد لها أي وثائق في مكتب التربية، ولدينا الاستعداد لاعتمادها روضة حكومية، وعلى القائمين عليها عمل الإجراءات الرسمية المتبعة أسوة بروضة (الشعب) في السعدي، وأما عن خططنا المستقبلية والدعم الذي سنقدمه لرياض الأطفال في رصد فطموحنا كبير، ولكن سنعمل وفق الإمكانيات المتاحة، وسنقدم الدعم الذي يتوفر لدينا كمناهج الأطفال والوسائل التعليمية، فعملنا في إدارة رياض الأطفال فني، وسنعمل جاهدين على متابعة الجهات المعنية إلى تذليل الصعاب التي لمسناها أثناء زيارتنا».​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى