​الدراما الرمضانية المحلية بين الواقع والمأمول منه

> خالد شرفان:

>
الدراما فن ورسالة سامية هادفة، وغرسًا للقيم ولسلوكيات معينة وعامة، عارضة لمجمل قضايا الأمة مع تقديم الحلول والفرضيات لبعض هذه القضايا والمشكلات بحيث تصبح جزءا أساسيا من أسلوب حل المشكلات، كما أنها تعكس المفاهيم والقيم الإيجابية في المجتمعات إلى الجمهور بطريقة محببة مباشرة وغير مباشرة، إذن نحن متفقون على أن الدراما تعرض وتنقل المشكلات وتضع لها الحلول بحيث يستلمها المتلقي "المشاهد" ويستفيد منها مع إيصال رسائل لمن يهمه الأمر، وبما وأننا على بعد أيام قلائل من شهر رمضان المبارك والذي تنشط فيه الحركة الفنية الدرامية ويعتبره الجميع بأنه موسم رواج تتسابق وتتهافت فيه القنوات الفضائية وتتنافس بمارثون درامي كبير يحوي بطياته مسلسلات متنوعة "كمًّا وكيفًا" عارضين ومتنافسين من ينفرد ببث هذه الحلقات الحصرية والخاصة والمميزة على شاشته الفضية ويكون في الصدارة ويخطف قلوب الناس له أولًا.

وفي خضم وتلاطم هذه المسلسلات الرمضانية والذي  لا يتمنى المشاهد اليمني منها إلا أن تكون قد لبّت رغباته وحاجاته وعرضت وشرحت وضعه وشكواه وأوصلت رسالته للمسؤول بقالب درامي اجتماعي كوميدي ساخر أو تراجيدي حزين ومحترف عالجوا فيه أهم قضاياه العالقة بذاكرته وكمية الإحباط التي لازمته قرابة عقدًا من الزمن (حروب، وتهجير، ونزوح، وبطالة.. إلخ).

مما لا يرغب المتابع للدراما المحلية بمشاهدتها أن يتحرر الممثل أو المؤدي للأدوار التمثيلية من ميوله وتوجهاته السياسية والحزبية الضيقة التي نحن في غنى عنها والتي تزيد من التطرف والتفرقة واتساع الفجوة الوطنية لكي لا تظهر رسالته كخديج مشوه وتظهر مكتملة الأركان،  و ألّا نشاهد مسلسلات مهزوزة هابطة المحتوى جوفاء فارغة خالية من الدسم ومن الأهداف التي اُنتج لأجلها هذه المسلسلات وأن تخرج من العباءة التقليدية التي ألفناها في السابق.

الجدير ذكره أنه في الآونة الأخيرة بات المشاهد اليمني ينفر ويبتعد من متابعة الدراما المحلية لسببين أولهما أنها يحس بأنها ليست قريبة منه بالقدر الكاف ولاتلبي تطلعاته وأمنياته العريضة التي لا سقف لها، وثانيًا أنها تركز وبشكل كبير على الجانب الكوميدي الهابط الساذج وحشرت نفسها في مربع المشاهد السخيفة والفارغة، المشاهد مل من المسلسلات التي لا تلامس وجدانه ولا أدق تفاصيل حياته بعمل درامي ضخم وفريد من نوعه.

لكي نكن منصفين حقيقة هناك مسلسلات رمضانية يمنية وتمثيليات وأفلام يمانية جديرة بالاهتمام وذات جودة وخامة فريدة نال وحقق أصحابها على جوائز عالمية كان آخرها تكريم المخرج اليمني الشاب عمرو جمال بفيلم "المرهقون" الذي تناول الفيلم قصص حقيقية من الواقع العدني المعاش ولامست وكانت عن كثب منه فكان له ما أراد.

إذا نحن متأخرون دراميًا بالوسط العربي بسبب أن اعمالنا الدرامية التي لا تظهر إلا بموسم واحد في السنة، وأن انعدام الجامعات ذات الصلة والأكاديميات الخاصة لتعليم وتدريب الكوادر الفنية ساهم في تأخر البلاد دراميًا، فلماذا لا نستفيد من تجارب من سبقونا بالمجال الدرامي الذين طوروا من التمثيل وجعلوه "حرفة" وعمل "نوعي محترف" بدول الجوار مثلًا!! ونقوم نحن على تطويره ونموه وبما يتماشى مع عاداتنا وتقاليدنا اليمنية وتصب لمصلحة الوطن والمواطن أولًا وأخيرًا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى