أضرار تسببها لحوم حيوانات تتغذى على النفايات في اليمن

> منيرة أحمد الطيار

> ​تصيب الإنسان بعدد من الميكروبات من بينها الشيجيلا والسالمونيلا

اعتادت أم صالح القاطنة في العاصمة صنعاء، أن تخرج كل صباح برفقة أغنامها البالغ عددها 20، وعنزاتها الـ10، للرعي من مخلفات البشر (القمامة)، في منظر مقزز، على مرأى ومسمع من الجميع.

تبرر ذلك أنها لا تجد ما تطعمها، وتلجأ للقمامة، بعد أن أحتلت المباني المساحات الخضراء التي كانت تعتمد عليها في تربية أغنامها وعنزاتها، وأن تربية الأغنام مصدر رزقها وما تعول به أسرتها.

أم صالح لا تخشى الأضرار التي تصيب الناس جراء أكلهم لحوم الأغنام التي تبيعها، فلا قانون يردعها، ولا مواطنون تخلوا عن الشراء منها.

انعدام المساحات الخضراء والمراعي، وارتفاع سعر القصب والعلف للأغنام، جعل الرعاة يفضلون القمامة غذاء لمواشيهم.

الحاج قاسم محمد، الذي يقطن بمنطقة العشاش جنوبي العاصمة صنعاء، يقول: "كنت أربي أغنام وتيوس ومعز، وأشتري لها قضب وأعلاف وأبيعها وأستفيد، لكني رجعت خاسر"، فغذاء الأغنام والمواشي يحتاج لميزانية، لذا فضل الحاج قاسم بيع أغنامه، والعدول عن تربية الأغنام، فالمستهلك لا يقدر الثمن والمجهود للعناية، ويفضل سعرًا قليلًا، لذا اتجه العديد من الرعاة لمخلفات القمامة لتغذيه أغنامهم، حسب قوله.

محمد النمري، وكيل أمانة العاصمة لشؤون البلديات والحدائق سابقًا، يقول في حديث لـ”المشاهد”، إن إجمالي المساحات الخضراء والأشجار في أمانة العاصمة صنعاء لا يتعدى الـ8 %، وذلك يعد كارثيًا مقارنة بالمساحة والكثافة السكانية.
ويوضح نائب مدير عام مكتب الزراعة في أمانة العاصمة صنعاء، عبدالعزيز الجنيد "أن آخر إحصاء قام به المكتب للأشجار والأزهار والشجيرات في العاصمة صنعاء، كان في 2017. وحسب ذلك الإحصاء تبين فقدان نحو 13 ألف شجرة و20 ألف شجيرة، وأكثر من 70 ألف زهرة كانت منتشرة في مختلف أحيائها التي تتوزع على الشوارع والأرصفة والجزر الوسطى.

لم يكن محمد علي (اسم مستعار) يعلم أن نقص الدم الذي أصابه سيعوضه بلحم يتغذى على النفايات، ويسبب له خطرًا ومرضًا في معدته، يجعله طريح الفراش. فقد أصيب محمد (19 عامًا) والذي يقطن العاصمة صنعاء، بنقص في الدم، وعند عرضه على دكتور طلب منه أن يتغذى جيدًا، فقررت عائلته أن تشتري له لحمة وكبدة، فاشترت له تيسًا صغيرًا من راعية لديها بعض الأغنام والتيوس، تبيعها على أنها بلديات، على الرغم من أن السعر الذي طرحته الراعية مقابل التيس أكثر من سعره في السوق.

لم تتردد العائلة، واشترت التيس (الحمل)، كونه تربية منزل، فهو سيكون ألذ وأكثر فائدة، إلا أنهم وجدوا أنفسهم يشتكون من بطونهم، ويشعرون بأنهم ليسوا بخير، وبالأخص محمد، وما إن ذهبوا للفحص حتى أكد لهم الطبيب أنهم تناولوا لحمًا مصابًا بمرض السالمونيلا، نتيجة أكله مخلفات القمامة، وغالبًا ما تصله حالات مماثلة.

وليد العامري، فني بيطري، في حديث لـ”المشاهد"، يبين خطر أكل المواشي والأغنام التي تأكل من القمامة، لاحتوائها على مخلفات عضوية مليئة بالميكروبات التي تضر بصحة الحيوان الذي يأكل منها. مضيفًا أن "الفئران والذباب والصراصير والحشرات تتجمع في القمامة، وتسبب خطرًا وأمراضًا كحمى التيفوئيد والتسمم الغذائي والحمى المعوية والتهاب المعدة والأمعاء وبكتيريا السالمونيلا، إذ إن عددًا من الأغنام تصاب بالتسمم جراء تغذيتها على بقايا الأكل الفاسد، أو التهام الأكياس البلاستيكية المتناثرة حول تجمعات القمامة".

لا تقتصر الأمراض على الحيوانات فقط، بل تطال الإنسان الذي يأكل من الأغنام التي تتغذى على النفايات. يقول الدكتور إبراهيم ناجي، استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد، بمستشفى ومعهد ناصر للبحوث والعلاج بمصر، في حديث لـ”المشاهد"، إن تناول لحوم الأغنام التي تتغذى على القمامة، يسبب أضرارًا صحية عديدة تنتقل من الحيوان إلى الإنسان بسبب تناول اللحوم الملوثة، ويجعلها تنتقل إلى الجهاز الهضمي، مسببة نزلات معوية.

ويوضح ناجي أنه "يمكن أن يترتب عليها إصابة الإنسان بعدد من الميكروبات، من بينها ميكروبات الشيجيلا والسالمونيلا، غير الطفيليات التي تأتي من بينها الدودة الكبدية "الفشيولا" والأميبا والتينيا، إضافة إلى أن الملوثات الكيميائية والمعادن الثقيلة التي تؤثر سلبًا على الكبد والكلى على المدى الطويل، مسببة ضررًا تراكميًا ينتج عنه سرطانات على المدى البعيد".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى