​لعبة خطرة لمحمود عباس بإطلاق يد حماس في الضفة الغربية

> «الأيام» العرب:

> أعلنت حركة حماس أمس الثلاثاء تبنيها للخلايا المسلحة في الضفة الغربية والهجمات ضد أهداف إسرائيلية، في خطوة يرى متابعون للشأن الفلسطيني أنها تظهر ممارسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس للعبة خطرة بإطلاق يد حماس في الضفة الغربية ضمن ردة فعل منه لإثبات وجوده وقدرته على المناورة بعد تهميشه إسرائيليًّا.

لكن هذه اللعبة يمكن أن ترتد على عباس ويكون هو أول ضحاياها، إذ أن تعاظم قوة حماس في الضفة الغربية وامتلاكها القوة العسكرية اللازمة قد يقودانها إلى التفكير في السيطرة على الضفة وسحب البساط من تحت الرئيس الفلسطيني والاستيلاء على سلطته مثلما فعلت في غزة عام 2007 حين سيطرت بقوة السلاح على القطاع وطردت قوات عباس.

وصرح نائب رئيس حركة حماس صالح العاروري بأن “كل عمل مقاوم في الضفة الغربية إما تقف وراءه حماس أو تدعمه أو تحميه وتؤيده”.

وقال العاروري، الذي ينحدر من الضفة الغربية ويقيم خارج الأراضي الفلسطينية، إن “كل جهد مقاوم في الضفة الغربية لحماس سهْمٌ فيه بشكل أو بآخر (…) والحركة كانت ومازالت دائما في الصفوف المتقدمة في المقاومة”.

ويرى المتابعون أن كلام العاروري يكشف عن أن تركيز الخلايا المسلحة ليس وليد اللحظة وليس ردا على الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة المتزامنة مع صعود اليمين ضمن حكومة بنيامين نتنياهو، وأن الأمر مدبر منذ فترة طويلة، معتبرين أن تسليح مقاومين وتدريبهم وتأمينهم من الانكشاف لا يمكن أن يتم بعيدا عن أعين قوات السلطة الفلسطينية والتنسيق معها.

وكانت السلطة الفلسطينية تتولى في السابق التنسيق الأمني مع إسرائيل، وهو ما مكنها من التبليغ عن قيادات وعناصر المقاومة المعارضين لسلطة الرئيس عباس، بمن في ذلك المحسوبون على حزبه حركة فتح ونشطاء ذراعها العسكري كتائب شهداء الأقصى. لكن الآن تغير اتجاه التنسيق ليصبح مع حماس، وهو ما يضعف دور عباس والسلطة والقوات الفلسطينية.

ومن شأن استمرار السلطة في التساهل مع تحركات المجموعات المسلحة أن يوحي للإسرائيليين بأن السلطة تعيد تجربة الرئيس الراحل ياسر عرفات حين أطلق العنان للانتحاريين الذين كان يوجههم مروان البرغوثي كورقة ضغط على إسرائيل، لكن تلك الورقة خرجت عن نطاق سيطرة عرفات والبرغوثي وأضرت بالسلطة الفلسطينية وفتح ومكنت حماس من الصعود إلى الواجهة.

وليس مستبعدا أن ترتد لعبة عباس عليه وتفسح الطريق أمام حماس لمواجهة الإسرائيليين في الضفة، وهو ما يمكّنها من أن تبني سلطتها الخاصة على حساب السلطة الفلسطينية في تكرار لسيناريو غزة؛ ما يعني آليا نهاية السلطة الفلسطينية ليس فقط في نظر إسرائيل، وإنما أيضا في نظر المجتمع الدولي.

وعادة ما يحمّل الإسرائيليون مسؤولية تصاعد العنف للسلطة الفلسطينية التي تمارس ظاهريا درجة محدودة من الحكم في الضفة الغربية، ولكنها في الواقع تقف مكتوفة الأيدي في المناطق المضطربة مثل جنين، وهو ما يثير لدى الجانب الإسرائيلي التساؤل عن خلفيات ذلك.

ومما يزيد الأمر صعوبة انشغال السلطة منذ أشهر بمستقبل رئيسها عباس البالغ من العمر 87 عاما، والذي قد يؤدي غيابه في نهاية المطاف إلى تصارع الفصائل على السلطة. ويُتَّهَم الرئيس الفلسطيني بأنه يغلّب حساباته الخاصة على مصالح السلطة، ويهدد بقاءها بتخليه عن التفاوض والتنسيق.

وترد السلطة الفلسطينية بأن تصرفات إسرائيل تقوض قبضتها على الأمور باستمرار، مما يضعف سلطتها ويفاقم في الوقت نفسه حالة الاستياء بين الشباب الذين يعانون بالفعل من ارتفاع معدلات البطالة وندرة الفرص.

وتقول أصوات من داخل فتح إن التعلل بالأزمة الاقتصادية التي تعيشها السلطة من أجل التمكين لحماس في الضفة هو بمثابة عملية انتحار  سيطال وَقْعها الجميع داخل السلطة من عباس إلى الحكومة فحركة فتح التي لن يكون لها أي تأثير إن سقط خيار السلام.

ونشطت في الضفة الغربية منذ العام الماضي عدة خلايا مسلحة انطلقت من جنين مرورا بنابلس وصولا إلى مناطق أخرى وتبنت العشرات من الهجمات المسلحة ضد أهداف إسرائيلية.

وقال مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون إنه بالتزامن مع اقتراب شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي تتنامى المخاوف من المزيد من العنف، مع تدفق أسلحة مهربة من سوريا ولبنان والعراق والأردن وإسرائيل نفسها.

وقال ضابط إسرائيلي كبير لرويترز “إنها أسلحة حقيقية؛ إنها بنادق إم 16 وبنادق كلاشينكوف ومسدسات وذخيرة، إنها ليست أسلحة يمكنك صنعها في المنزل، إنها أسلحة تشتريها الدول”.

إلى جانب ذلك قال الضابط إن الجيل الجديد من المسلحين يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي في التعبئة بشكل فعال.

وأوضح أن “هناك السلاح الأكثر فتكا، والذي لا يتحدث عنه أحد، وهو الهاتف؛ فالأشياء تنتقل بسهولة تامة على مواقع التواصل الاجتماعي من جهة إلى أخرى، عبر تيك توك وما شابهه”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى