البرهان يختلق معركة مع الأمم المتحدة بسبب مبعوثها في السودان

> «الأيام» العرب:

> تحولت بعثة الأمم المتحدة في السودان (يونيتامس) من وسيلة لتسوية الأزمة السياسية إلى أداة للخلاف بين المنظمة الأممية ورئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان الذي سعى لاختلاق معركة معها بسبب رفضه لتصرفات مبعوثها فولكر بيرتس وطالب بتغييره لصرف الأنظار عن الموقف الميداني للحرب الدائرة في الخرطوم ضد قوات الدعم السريع.

وقالت الأمم المتحدة إن أمينها العام أنطونيو غوتيريش “مصدوم” من طلب البرهان ترشيح بديل لرئيس البعثة الأممية “يونيتامس” بيرتس، مشيرة إلى أنه “فخور بعمل المبعوث الأممي ويجدد تأكيد ثقته الكاملة بممثله الخاص في السودان”.

وطلب البرهان في رسالة مطولة إلى الأمين العام للأمم المتحدة مساء الجمعة، ترشيح بديل لفولكر، واتهمه بأنه مارس في تقاريره للأمين العام للأمم المتحدة “التدليس والتضليل بزعم الإجماع على الاتفاق الإطاري بينما الواقع يخالف ذلك بصورة جلية”، معتبرا أن قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو لم يقدم على ما أقدم عليه “لولا تلقيه إشارات ضمان وتشجيع من أطراف أخرى من بينها بيرتس”.

وأوضح مجلس السلم والأمن الأفريقي في بيان له السبت، أن القتال في السودان تفجر بسبب اختلاف الرؤى حول الاتفاق الإطاري الذي وقع بين المكون العسكري والمدني في الخامس من ديسمبر الماضي، من أجل تشكيل حكومة مدنية بعيداً عن العسكر، وتوحيد القوات المسلحة، من أجل إعادة البلاد إلى المسار الديمقراطي.

وامتدت شرارة المعارك العنيفة بين قوات الجيش والدعم السريع إلى إقليم دارفور بعد أيام قليلة من هدنة أبرمت بينهما في جدة بوساطة سعودية – أميركية ركزت على ضمان الالتزام بها في الخرطوم، وسط سيولة تسيطر على الأوضاع في إقليم شهد منذ أعوام حربًا ضارية بين حركات مسلحة وقوات الجيش.

ومن المتوقع أن يصوت مجلس الأمن على مستقبل بعثة “يونيتامس”، وما إذا كان سيتم إعادة تفويضها أو تعديل دورها، وهي التي أنشئت بطلب من الخرطوم للمساعدة في الانتقال السياسي والاجتماعي، والتحول من الحرب إلى السلام مع الحركات المسلحة.

ويتوقف القيام بهذا الدور على العودة إلى الانتقال الديمقراطي، وفي حال رأت البعثة بعد ثلاثة أو ستة أشهر أنه ليس هناك انتقال لتساعده فمسألة المراجعة ستكون مطروحة، وما إذا كان السودان سيحتاج إلى شكل مختلف من المساعدة من المجتمع الدولي، ومدى حاجته إلى بعثة دولية ذات وظائف مختلفة.

وينتهي قرار مجلس الأمن الدولي بتمديد عمل البعثة لعام واحد في الثالث من يونيو المقبل بعد أن لعبت البعثة التي شكلت الآلية الثلاثية المكونة منها مع الاتحاد الأفريقي وهيئة “إيغاد” دوراً في التوقيع على الاتفاق الإطاري، لكنه لم يتحول إلى اتفاق سياسي شامل، ثم دخلت البلاد منتصف أبريل الماضي في حرب بين الجيش والدعم السريع.

وفتحت تصريحات لبيرتس بشأن إدخال تعديلات على دور “يونيتامس” الباب لتكهنات حول إمكانية تعديل مهام البعثة التي شكلت عام 2020، أو العودة إلى الصيغة السابقة المرتبطة بالتدابير المتخذة في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان وفقًا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وبمقتضاه قد يتم تقديم توصيات أو اللجوء إلى القيام بعمل عسكري (أو غير عسكري) لحفظ السلم والأمن الدوليين.

وقال عضو المكتب السياسي بحركة جيش تحرير السودان آدم والي إن منطقة دارفور في حاجة الآن إلى عودة قوات “يوناميد” التي شكلت لحفظ الأمن والسلام في الإقليم بعد توقف الصراع في دارفور، لأن شبح الحرب قد يعود إلى ما كان عليه من قبل بل وربما أشد شراسة، وهناك سيطرة واسعة من ميليشيات مسلحة على عدة مناطق في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وبعض المدن في وسط الإقليم.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن المواطنين يضطرون لحمل السلاح للدفاع عن أنفسهم مع عدم قدرة الجيش على السيطرة على ما يدور من انتهاكات، ومن المتوقع أن يذهب مجلس الأمن لاتخاذ قرارات من شأنها حماية المدنيين على رأسها إعادة تشكيل قوات “يوناميد” ومنحها صلاحيات أكبر تحت البند السابع عبر التدخل العسكري أو من خلال البند السادس باتخاذ إجراءات تخفف حدة آثار الصراع على المدنيين.

وشدد على أن مجلس الأمن بإمكانه الإبقاء على البعثة السياسية الحالية، بجانب تشكيل أخرى لحفظ الأمن، وأن خطورة الوضع الراهن تكمن في سرعة تحرك الميليشيات عبر الحدود، كما أن نتائج الحرب في الخرطوم قد تكون نتائجه كارثية على دارفور حال حسم أي من الطرفين المعركة عسكريًا، وعلى بعثة “يونيتامس” تعديل خطتها لحلحة الأوضاع سياسيًا وتوسيع مشاوراتها.

وشهدت مدينة الفاشر الجمعة، معارك استخدمت فيها أنواع مختلفة من الأسلحة، وأثار انقطاع الاتصالات من مدينة زالنجي بولاية غرب دارفور قلقًا أمميًا، في ظل انعدام الأمن، وتعيش المدينة التي تستضيف الكثير من النازحين تحت رحمة الميليشيات.

وأكد المحلل السياسي السوداني سليمان سري أن كل الاحتمالات مفتوحة في الفضاء السوداني، والمجتمع الدولي أمام تحد صعب للتعامل مع ما خلفته الحرب في الخرطوم من آثار سلبية، وأن حماية المدنيين تبقى هدفًا صعب التحقيق على الأرض وسط استمرار الصراع وعدم استجابة الطرفين للتهديدات والوساطات بالقدر الكافي.

وذكر في تصريح لـ”العرب” أن منطقة دارفور أحوج ما تكون إلى عودة قوات “يوناميد” وأن ضحايا الصراع يبحثون عن أي طرف لديه قدرة لحمايتهم، مع ضرورة ألا تكون مهمة القوات فقط توفير الحماية للمدنيين، لكن لعب دور أكبر في إيصال المساعدات الإغاثية للمواطنين، ويجب أن تكون مشكّلة من قوات كبيرة ولديها قدرة على التدخل السريع لفض المنازعات ومراقبة اتفاقات وقف إطلاق النار.

ولفت إلى أن مهام تواجد “يوناميد” يجب ألا تقتصر على دارفور، ويمكن السماح لها بالتواجد في الخرطوم، وسط أوضاع إنسانية صعبة، لأن عودتها لن تجد معارضة من أعضاء مجلس الأمن، وأن الحكومة المركزية ضعيفة الآن، والتعويل على توافق المجتمع الدولي بات كبيرا لإيجاد حلول فاعلة تحمي المدنيين.

وحال عادت “يوناميد” فإنها ستكون أمام وضع أكثر تعقيداً، وسوف تواجه فصائل مسلحة مختلفة لديها ارتباطات بالسلطة المركزية، ما يضاعف الضغوط عليها أثناء تأدية عملها، كما أن عمليات الإبادة التي يتعرض لها فارون من الحرب في دارفور وفقدان السيطرة الأمنية على الحدود يجعلان الصراع مهدداً خطيرا للأمن الإقليمي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى