توقف تصدير النفط يذكي أزمة مالية غير مسبوقة باليمن

> «الأيام» العربي الجديد:

> يواجه اليمن أزمة مالية غير مسبوقة، جراء توقف تصدير النفط لفترة 9 أشهر، بفعل هجمات شنتها جماعة الحوثي على موانئ خاضعة لسلطة الحكومة المعترف بها دولياً، ضمن مسارات الصراع الدائم بين الجانبين.

وبدأ توقف تصدير النفط في الثلث الأخير من أكتوبر الماضي، حينما شنت جماعة الحوثي هجمات على ميناءي قنا والنشيمة النفطيين في محافظة شبوة جنوب شرقي اليمن. وبعدها بأيام شنت جماعة الحوثي هجمات مماثلة على ميناء الضبة النفطي بمحافظة حضرموت (شرق).

وقوبلت هذه الهجمات بإدانات محلية ودولية واسعة، فيما دافعت جماعة الحوثي عن موقفها بأنها "منعت بذلك نهب النفط". وجاءت هجمات الحوثيين بعد حوالى أسبوعين من انتهاء هدنة بين الحكومة والجماعة بدأت مطلع إبريل/نيسان 2022، وانتهت بداية أكتوبر من العام نفسه. وظلت الحكومة اليمنية على مدار سنوات تعتمد على النفط مورداً رئيساً لتغطية عملية الإنفاق العام، في وقت تواجه تحديات صعبة للإيفاء بالتزاماتها تجاه ملفات أساسية.

وأبرز هذه الملفات التي تواجهها الحكومة اليمنية، دفع رواتب موظفي القطاع العام، وتقديم الخدمات الأساسية، والحفاظ على الاستقرار النسبي للعملة المحلية (الريال). وخلال سنوات الحرب، تمكنت الحكومة من الحفاظ على معدل إنتاج يومي يقدَّر بحوالى 60 ألف برميل من النفط، بعد أن كان اليمن ينتج قرابة 150 ألف برميل قبل اندلاع النزاع عام 2015.

وفي مايو/أيار الماضي، أعلن مندوب اليمن الدائم في الأمم المتحدة السفير عبد الله السعدي، أن "بلاده خسرت مليار دولار جراء هجمات الحوثيين التي تسبب توقف تصدير النفط". وأضاف السعدي في إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي، أن هذه المبالغ "كانت مخصصة لتحسين الخدمات العامة ودفع رواتب الموظفين في أنحاء البلاد كافة". وفي الشهر ذاته، كشف رئيس مجلس الوزراء معين عبد الملك، عن "تحديات تمويلية تواجه الحكومة في تنفيذ التزاماتها الحتمية، مع تراجع الإيرادات العامة جراء الاستهداف الحوثي لموانئ تصدير النفط، وتأثير ذلك بجهود تحسين الخدمات"، وفق وكالة الأنباء الرسمية (سبأ).

من جانب آخر، أفاد مصدر حكومي، في تصريح للأناضول، بأن "الحكومة الشرعية تواجه أسوأ أزمة مالية". وأضاف، مفضلاً عدم ذكر اسمه، لكونه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام، أنه "في حال عدم وجود دعم خارجي للحكومة، فإنها ستعجز حتى عن تأمين سداد رواتب موظفيها". وكشف أن "سفراء ودبلوماسيين يمنيين في الخارج، لم يتلقوا رواتبهم منذ أشهر، بسبب هذه الأزمة المالية".

الريال ضحية

ومع استمرار العجز المالي لدى الحكومة، تواصل تراجع الريال اليمني أمام الدولار، لأدنى مستوى منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في إبريل/نيسان عام 2022. ووصل سعر الدولار في يوليو/تموز الجاري إلى 1500 ريال، هبوطاً من 1130 ريالاً للدولار في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وفي 10 يوليو/تموز الجاري، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، في إحاطة لمجلس الأمن الدولي، تابعها مراسل الأناضول، أن "قيمة الريال اليمني مقابل الدولار انخفضت في عدن (العاصمة المؤقتة للحكومة) بأكثر من 25 بالمائة خلال الـ12 شهراً الماضية".

وأشار إلى أن "أطراف النزاع تواصل خوض معركة على جبهة أخرى هي الاقتصاد، حيث أصبح الصراع للسيطرة على الموانئ المدرّة للإيرادات والطرق التجارية والقطاع المصرفي والعملة، والثروات الطبيعية، جزءاً من النزاع السياسي والعسكري". وحذر غروندبرغ من أن "المواطن اليمني هو من يدفع الثمن الأكبر للانقسامات الاقتصادية والتدهور في البلاد".

موقف الحوثيين

تدافع جماعة الحوثي عن موقفها بشأن إيقاف تصدير النفط، وتقول إن ذلك بمثابة إجراء "لمنع نهب ثروات اليمن النفطية". وفي 23 مايو/أيار 2023، هدد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، بالخيار العسكري ضد أي محاولة من قبل الحكومة لإعادة تصدير النفط. وقال الحوثي في حديث تلفزيوني بثته قناة المسيرة الفضائية الناطقة باسم الجماعة: "سنحمي ثروات شعبنا، سواء كانت في البر أو البحر، وليس فقط على مستوى النفط والغاز، بل الثروات السيادية، ومنها المعادن".

وأضاف: "سنتخذ الإجراء العسكري أمام كل محاولة لنهب ثروات شعبنا في أي محافظة من محافظات اليمن"، في إشارة إلى محاولات تصدير النفط والغاز. وتعليقاً على إدانات دولية متعددة، بما في ذلك مجلس الأمن، دافعت الجماعة عن موقفها بشأن الهجمات، وقالت في بيان صادر نهاية أكتوبر/تشرين الأول، إنها "لم تقم بضربة عدوانية، وإنما رسالة تحذيرية داخل المياه الإقليمية اليمنية وموجهة لردع من سولت لهم أنفسهم الاستمرار في نهب وسرقة ثروات اليمن النفطية والطبيعية".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى