الجنوب ما بعد"الميثاق".. قراءة سياسية واقتصادية لتحديات ومتطلبات الاستقرار

> عبدالقادر باراس:

> نفذت منظمة ومنتدى منبر عدن للحوار والسلام والتنمية، صباح أمس السبت، بالعاصمة عدن ندوة نقاشية تقييمية بعنوان (الجنوب ما بعد توقيع الميثاق.. قراءة سياسية واقتصادية وخدماتية تمثل أولوية للاستقرار) بمشاركة عدد من النخب الجنوبية من كل الأطياف السياسية ومن المجتمع المدني والمشاركين في لجنة الحوار الوطني الجنوبي.

تناولت الحلقة النقاشية أبرز التحديات التي يواجهها الجنوب ما بعد توقيع الميثاق وتقييم متطلباتها الاقتصادية والخدماتية والتي تمثل أولوية للاستقرار.

وأكد رئيس منظمة منبر عدن للحوار والسلام والتنمية أ. علي بن شنطور، في كلمته على أهمية انعقاد هذه الحلقة النقاشية التي أتت ما بعد توقيع الميثاق وسعيها إلى تقييم الأوضاع، واقتراح الحلول ورفعها للجهات المعنية لما يخدم المواطن والوطن.


وتطرق شنطور، إلى نشاط ومهام المنظمة كمنتدى ومنبر عدن للحوار والسلام منذ تأسيسه في العام 2016م ومن ثم تحويله إلى منظمة منبر عدن، وما انشق عنهما من مبادرات ورؤى ظل الحوار يمثل مرتكزه الأساسي في توجهاته ورئاسته بكل تنوعهم السياسي وانتماءهم لعدن ومحافظات الجنوب التي انطلق منها، وما لعبته من نشاط عبر حضور رئاسته في العديد من لجان الحوار الطواعية، وأخيرا مشاركته ضمن فريق الحوار الوطني الجنوبي، وظل في توجهاته ونشاطه منبرا مستقلا للحوار يقف على مسافة واحدة من الجميع لتقريب وجهات النظر والمساهمة في المبادرات ضمن الهيئات والفعاليات الحيوية الجنوبية مع ثباته في الدفاع عن الحق الجنوبي المشروع وقضية الجنوب بوصفها قضية وطنية تهم الجميع، وكذلك تبنيه المبادرات المتعلقة بالجانب الاقتصادي مثل المبادرة المجتمعية الاقتصادية وغيرها من الندوات التوعية.

وقدمت في الحلقة النقاشية ورقتين، الأولى للباحثة منى هيثم، بعنوان "الحوار الوطني ما بعد 8 مايو 2023م" استهلت مقدمته أعمال الحرب التي شنتها جماعة أنصار الله (الحوثيين) وتمددها إلى أراضي الجنوب ومن ثم دحرها على يد أبنائها، وفشل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في حسمها العسكري، وانكشاف نواياها بالالتفاف على مشروع الجنوبيين، في استعادة بناء مؤسساتهم المدنية والعسكرية والأمنية، عبر افتعال الأزمات ونصب العراقيل، وافتعالها للحروب في عدن وأبين وشبوة

وركزت ورقتها على أهمية اللقاء التشاوري، التي جاءت وفق متطلبات المناخ السياسي محليا وإقليميا ودوليا، في إدارة مسار الحوار وما تمخض عنه المشهد التشاوري، الذي احتضنته العاصمة عدن، بتوحيد موقف القوى والمكونات إزاء تحديد وتقرير مصير الجنوب.

وتناولت أهم معطيات المشهد ما بعد الحوار الوطني الجنوبي، منها التحديات الراهنة منها تصادم دول الإقليم على التوافق الذي يفضي للحل في اليمن، ويصبح عامل الوقت ضد طموح الجنوبيين، ورياح الإقليم في مواجهة مشروع الحوار بتشجيع الانقسامات والاستقطاب الداخلي، التي اتبعتها السعودية عبر تبنيها تأسيس مكونات ديمغرافية، لإيقاف مسار الحوار الجنوبي إلى واقع مغاير لا يساعد المجلس الجنوبي، في إيجاد حالة توافقية مع باقي المكونات على الإطار التفاوضي الخاص بالملف الجنوبي. كما تطرقت الباحثة في ورقتها إلى تحديات قد تواجه الجهود الوطنية الجنوبية منها الهدنة العالقة، والمسار السياسي الإقليمي ومعادلة المجتمع الدولي تجاه اليمن ومعطياته السياسية.

ورأت الباحثة في ختام ورقتها بتوفير متطلبات الاستقرار لصون ومحافظة على الإنجاز التي تحقق في 8 مايو بتوقيع الميثاق الوطني الجنوبي، التي حددتها توافقات قوى اللقاء التشاوري الجنوبي، وإلى إمكانية تطويرها ضمن الإطار الأوسع الجامع لما تتطلب المرحلة من رص الصفوف، وخلق أرضية صلبة عسكريا وإداريا على المستوى المحلي، وتماشيا مع ركب التحولات الجارية في الداخل والخارج، الراسمة لخريطة الحل السياسي، وبالقدر المعقول من منظورات الجنوبيين في شكل التسوية عن لم تكن المثلى، ومن أجل تحقيق سلام دائم في اليمن عادل يرقى إلى حجم التضحيات التي قدمها الجنوبيون، ووفائهم واحترامهم مبادئ الأمن القومي والمصالح المشتركة المشروعة.

وفي الورقة الثانية قدم الخبير المالي والمصرفي أ. محمد علي باجيل، مدير العمليات المركزية بـ "كاك بنك" ورقته عن "متطلبات الاستقرار الخدماتي والمعيشي المعززة للاستقرار السياسي". حيث أورد في بداية ورقته، متطلبات استقرار بعض الخدمات منها، الكهرباء، وأسعار صرف العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، وصولا للاستقرار الاقتصادي والمعيشي للمواطن بشكل عام، وذكر أولها أهم المؤشرات التي أثرت على تدني الخدمات، ما أثر بدوره سلبا على معيشة المواطن، وتضمنت ثانيا تسعة أنواع من الرقابة على الإدارة العامة للدولة، وكذا دور الجهاز المصرفي وتحديدا البنك المركزي في التخفيف من الأزمة الإنسانية الحاصلة في البلد، والتي تتطلب تظافر الجهود من قبل الجميع، سواءً مجلس القيادة الرئاسي أو الحكومة أو البنك المركزي أو اللجنة الاقتصادية، لمواجهة التحديات الاقتصادية الماثلة، وما تتطلبه تلك التحديات من تسهيل وتذليل العقبات والنهوض بالاقتصاد الوطني، واستقرار الخدمات والتنمية المستدامة، والعودة لمرحلة التعافي، وصولا للاستقرار الاقتصادي.


واقترح الخبير باجيل في ورقته بوضع معالجات عاجلة للخدمات وخصوصا الكهرباء، منها أولا: أن يتم التخلي عن الطاقة المشتراة، التي تهدر ما لا يقل عن 60 مليون دولار سنويا، وتنتج ما يقارب 170 ميجا، ثانيا: يتم التخلي عن المحطات المتهالكة التي تهدر الوقود من ديزل ومازوت ولا تنتج إلا القليل، ثالثا: يتم إنزال مناقصة دولية عاجلة بنظام (BOT) لإنتاج ما بين 400 إلى 600 ميجا بالطاقة الشمسية، بحيث تتولى الشركات المنفذة تشغيله ما لا يقل عن 20 سنة، بعدها تعود ملكيته للدولة، وهذا المشروع لن يستغرق قيمة ديزل ومازوت لعام واحد فقط من إنتاج الطاقة اليوم.

وخلصت ورقته بمجموعة توصيات لتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي بشكل عام، موضحا بأن الاختلالات التي حدثت في المؤشرات الاقتصادية الكلية هي نتيجة منطقية، ومبينا بأن المعالجات مهمة، كانت إن لم تضع الحرب أوزارها، وتدخل البلاد في سلام ووئام حقيقي، فلا يمكن أن تؤتي أي إجراءات، أو كلها ولا يمكن أن تحقق نجاحا، في ظل بقاء الحرب مع ما آلت إليه من انقسام سياسي.

وقدم المشاركون في الحلقة مداخلاتهم، وطرحوا تساؤلاتهم للوضع الراهن التي تمر بها البلاد.

واختتمت الحلقة النقاشية تأكيد المشاركين على أهميتها، وأنها ستقدم خلاصتها لتلك الرؤى، ولاسيما التوصيات في ورقة قادمة، سيتم نشرها لاحقا وتسليمها للجهات المعنية، للاستفادة مما ورد فيها من حلول بما يحقق المصالح العليا للجنوب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى