هآرتس: ما الرسالة التي يحملها الصاروخ الحوثي الموجه لإسرائيل؟

> "الأيام" القدس العربي:

> ألقى زعيم الحوثيون في اليمن، عبد المالك الحوثي، خطاباً انفعالياً في 10 تشرين الأول، بعد ثلاثة أيام على بدء الحرب في غزة، وهو يرتدي كالعادة بدلة رمادية وقميصاً أبيض بدون ربطة عنق، كما اعتاد الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد أثناء ظهوره أمام الجمهور. وبدلاً من ربطة العنق، يضع الخنجر اليمني الفاخر. قال الحوثي في خطابه: “نتابع باستمرار ما يحدث في غزة، وننسق مع إخوتنا في محور المقاومة (حزب الله، والمليشيات الشيعية في العراق، وحماس، والجهاد الإسلامي). إن شاء الله، سنكون مستعدين للمشاركة في هذا التنسيق حسب المستويات المختلفة التي سيتم تخطيطها… ندين ونتهم كل ما تفعله الدول التي وقعت على التطبيع مع إسرائيل. وهذه أفعال فيها ما يمس بالشعب الفلسطيني، ويهدف إلى تدمير الموقف العربي الموحد”.

إطلاق الصواريخ البالستية والمسيرات نحو إيلات – وهو إسهام الحوثيين في محور المقاومة وتعبير عن التضامن مع حماس – لا يشكل في هذه الأثناء أي تهديد استراتيجي مباشر على إسرائيل. ولكن قد يحمل تداعيات على جبهات أخرى، ولا يقل عن ذلك على الخطوات السياسية في المنطقة. إلى جانب مظاهر التماهي العنيفة التي قامت بها إيران لإثبات وجود “وحدة الساحات”، التي تشمل اشتباكات مدروسة ومتصاعدة من قبل “حزب الله”، وهجمات المليشيات الشيعية لأهداف أمريكية في العراق وسوريا، وإطلاق متقطع لصواريخ ومسيرات من اليمن، فإن هجمات الحوثيين استهدفت أيضاً نقل رسالة للسعودية ومن خلالها لواشنطن.

الحرب التي بادرت إليها السعودية في اليمن عام 2015، توقف فيها إطلاق النار. ومنذ سنة ونصف وبضغط من الولايات المتحدة، بدأت حوارات حثيثة بين السعودية والحكومة الحوثية في هذه السنة استهدفت إنهاء الحرب. في أيلول الماضي، زار الرياض للمرة الأولى وفد رفيع للحوثيين. وقد صاغ الطرفان مسودة اتفاق تشمل مساعدة سعودية كثيفة للحوثيين وفتح ميناء الحديدة المحاصر منذ ثماني سنوات. الحرب في غزة وتهديد الحوثيين لإسرائيل، تضع السعودية والولايات المتحدة أمام معضلة صعبة. مواجهة عنيفة، التي حدثت في هذا الأسبوع بين القوات السعودية والحوثيين في إقليم الحدود جيزان، التي قتل فيها أربعة جنود سعوديين، واعتراض السعودية لصاروخ من الصواريخ الخمسة التي أطلقت نحو إسرائيل عندما اجتاز الفضاء الجوي للمملكة، أوضحت للسعودية بأن ليست محادثات السلام فقط هي التي من الممكن أن تنهار، بل سيكون على الرياض اتخاذ موقف حاسم إزاء الحرب في غزة.

وأوضح الحوثي أن الأهداف المشروعة له ليس إسرائيل وحدها، بل أيضاً الدول العربية التي لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، والدول التي تخطط للتطبيع معها مثل السعودية، وبالطبع الولايات المتحدة. انجرار السعودية الجديد إلى حرب ضد الحوثيين قد يعرض علاقاتها الطازجة مع إيران للخطر. في المقابل، عندما يبرر الحوثيون هذه الهجمات بأنها جزء من وحدة الساحات لمحور المقاومة، فعلى الرياض أن تخرج من منطقة راحتها، التي تكتفي فيها في هذه الأثناء بإدانة نشاطات إسرائيل والمطالبة بالسماح بإدخال المساعدات الإنسانية، والوقوف بشكل واضح إلى جانب الولايات المتحدة، وبشكل ضمني إلى جانب إسرائيل.

هذه المعضلات كانت في صلب محادثات وزير الدفاع وشقيق ولي العهد السعودي خالد بن سلمان، أول أمس في واشنطن، مع جاك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي. وليس هذا قلقاً سعودياً محلياً فحسب، فوضع تهدد فيه الحرب الجارية في غزة بفتح ساحات قتال أخرى، يخلق افتراضاً مقبولاً، وهو أن المناوشات في لبنان قد تصبح واحدة منها. ولكن الرئيس الأمريكي أوضح من قبل أنه إذا أطلق “حزب الله” الصواريخ على إسرائيل فإن الولايات المتحدة لن تكون جزءاً من المعركة، ولكنها ستبقي المدافع الثقيلة لوضع تقرر فيه إيران المشاركة في القتال بشكل فعال، رغم تحذيرات واشنطن لها.

ربما تأتي المفاجأة من جبهة غير متوقعة، فعود الثقاب الذي يشعله الحوثيون قد يجبر واشنطن على اعتراض الصواريخ الموجهة لإسرائيل واستخدام قوة زائدة في الساحة اليمنية، التي نجحت فيها في الابتعاد عن التدخل المباشر منذ توقفت عن هجماتها على قواعد القاعدة. الأهم هو أن واشنطن قد تقرر التوقيع على اتفاق دفاع مشترك مع السعودية لإظهار التزامها بالدفاع عن المنطقة من وكلاء إيران، دون ربط ذلك بتطبيع العلاقات بين الرياض و”القدس”.

مثل تنظيمات أخرى، ليست دولاً، مثل “حزب الله” والمليشيات الشيعية في العراق، فإن للحوثيين أهدافاً استراتيجية لا ترتبط بالنزاع الإسرائيلي – العربي أو القضية الفلسطينية على الإطلاق. اللاعبون الثلاثة هؤلاء يخدمون مصالح إيران الإقليمية، وهم ممولون منها ويقيمون فيما بينهم تعاوناً عسكرياً على مستويات مختلفة. ولكنهم في المقابل، يديرون سياسة مستقلة تستهدف ضمان مكانتهم وسيطرتهم في الدول التي يعملون فيها.

حتى لو لم تثمر الهجمات القادمة من اليمن أي خطوات إقليمية بعيدة المدى، فإنها تدل مرة أخرى على قوة التنظيمات الوكيلة أو التنظيمات على إحداث خطوات جيوسياسية في دوائر أوسع بكثير من دائرة النزاعات المحلية التي تغذيها في الأوقات العادية. الحرب في غزة وضعت الولايات المتحدة في قلب النزاع المحلي، ليس فقط من أجل الدفاع عن إسرائيل، بل من أجل وقف منظومة تشمل دولاً كثيرة. قد يبدو اليمن البؤرة القادمة لتطور منظومة كهذه.

تسفي برئيل
هآرتس

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى