فساد المنظمات الدولية.. متاجرة بمعاناة اليمنيين

> «الأيام» غرفة الأخبار:

> تستمر الأمم المتحدة في وصف الأزمة الإنسانية في اليمن منذ اندلاع الحرب في 2015م، بأنها "أسوأ ازمة إنسانية في العالم"، لكن مع التمويلات الدولية التي وصلت من 2015 حتى أكتوبر 2023 مبلغ 25 مليار دولار (وفقًا لموقع التتبع العالمي FTS، وتقرير سابق لفرود ويكي). يمكن القول بأن ما يجري هو أسوأ إدارة أزمة إنسانية في العالم، مع حجم الفساد المستشري في التصرف بهذه الأموال والتي لم يستفد منها اليمنيون بشكل كامل، واستفادت منها المنظمات الأممية العاملة باليمن، إلى جانب بعض المنظمات المحلية وذلك على حساب الأسر المحتاجة والنازحة، كما أن هناك كثيرًا من التساؤلات حول هذه الأموال ومدى دورها في استمرار الحرب، حيث رصد كثير من المختصين عمليات تلاعب وفساد كبير وتوجه جزء كبير من هذه الأموال إلى مليشيات الحوثي وتحكمها فيها، إلى جانب صرف مرتبات للقيادات الحوثية من قبل هذه المنظمات الأممية تصل إلى عشرة ألف دولار في الشهر للفرد.

وتنجلي يومًا بعد يوم تفاصيل فضيحة الفساد في التعامل مع المساعدات الإنسانية للشعب اليمني، في أكبر فضيحة تشهدها المنظمات الأممية، مع وجود دلائل على تورط مسؤولين كبار في هذه المنظمات.

يترافق ذلك مع عدم شفافية من الوكالات الأممية والمنظمات الدولية في نشر تقارير مالية مدققة ومفصلة لكل مشروع على حدة، وتكتفي بنشر بيانات عامة عن المشاريع.

يأتي هذا التقرير ليتناول بالتحليل أحد الوثائق التي حصلت عليها فرودويكي والتي تتعلق باتفاقية أحد المشاريع الخاصة بالمساعدات الغذائية والنقدية في عدد من المحافظات اليمنية (عدن وحجة وريمة وأمانة العاصمة)، وهو بمبلغ 4.8 مليون دولار عبر منظمة الغذاء العالمي ومنظمة الإغاثة الدولية، ويظهر بهذه الاتفاقية ان المعني بتوقيعها هي الحكومة الشرعية ومحافظي المحافظات المذكورة والتابعين للشرعية، والذين هم أساسًا نازحون من محافظاتهم، في حين أن التنفيذ في ثلاث محافظات مستهدفة من أصل أربع يقع تحت سلطة جماعة الحوثي، ولا يعلم هؤلاء المحافظون عن كيفية التنفيذ ولا تفاصيل الأفراد المستهدفين.

وقد نشر محافظ أمانة العاصمة (عبدالغني جميل) المعين من الشرعية منشورًا في 04 أكتوبر 2023 يوضح انه لا يعرف عن هذه الاتفاقية، ولا كيف تم توزيع المساعدات، ويوضح بأن هناك من جاء من المنظمة يحمل مذكرة من نائب وزير التخطيط بعدن، يطلب منه التوقيع على الاتفاقية ويلمح بانه قد تم صرفها وعنون منشوره "بكارثة فساد".
  • الاتفاقية:
عنونت الاتفاقية بــ "مشروع المساعدة الغذائية العامة – المساعدات النقدية في محافظات عدن وحجة وريمة وأمانة العاصمة" وهي بالشراكة بين منظمة الغذاء العالمي WFP، ومنظمة الإغاثة الدولية، وبمشاركة وزارة التخطيط في الحكومة الشرعية، ومحافظي المحافظات المذكورة.

وضحت الاتفاقية أنها ستلبي الاحتياجات لعدد 92 ألف أسرة (أي حوالي 563 ألف فرد) في هذه المحافظات لعدد 17 مديرية (مرفق الجدول)، وللفترة من مايو 2023 إلى أبريل 2024، وذلك وفق التقسيم التالي:

محافظة عدن سيتم توزيع مساعدات نقدية شهرية لـ 40,584 أسرة في 8 مديريات (البريقة، دار سعد، المنصورة، الشيخ عثمان، المعلا، كريتر، خور مكسر، والتواهي)، ولم تبين هذه الاتفاقية كم حجم المساعدة الشهرية النقدية لا بالريال ولا بالدولار، وهل سيتم مصارفة الدولار بسعر السوق بعدن، أو بصنعاء، أم بسعر البنك المركزي.

المحافظات الأخرى (حجة وريمة وأمانة العاصمة) وسيتم فيها توزيع مساعدات غذائية بكمية تقدر بـ 56,828 طن متري كل شهر، وذلك لـ 415 أسرة وموزعة في 9 مديريات موضحة بالجدول التالي.

من خلال وصف المشروع يتضح أن مهمة منظمة الإغاثة الدولية هي عمليات التنسيق وإدارة عملية التوزيع والتخزين واستلام الشكاوى ووضع نقاط التوزيع، وهذا كله يتعلق بوجود آلية توزيع الغذاء أو المساعدات النقدية وبمبلغ 4.8 مليون دولار، ما يؤكد وجود الآلية أولًا، وأنها معمول بها منذ بداية الحرب للتوزيع ثانيًا، ويؤكد بما لا شك فيه تلاعب منظمة الغذاء فيما يتعلق بمنحة القمح البولندي، والتي طلبت مبالغ تصل إلى 20 مليون دولار، رغم وجود آلية وبرنامج ومنظمة وسيطة تستلم مبالغ ولديها موظفون، وتصرف لهم رواتب وبدلات. ويظهر هنا معرفة وزارة التخطيط والتعاون الدولي بذلك، وتجاهلها القيام بدورها في الفرض على منظمة الغذاء نقل وتوزيع المنحة البولندية، وهذا ما سنتناوله في المحور الأخير لهذا التقرير.
  • موازنة المشروع:
بلغت موازنة المشروع 4,859,034 دولار (أربعة ملايين وثمانمائة وتسعة وخمسون ألف وأربعة وثلاثون دولار أمريكي) أي نتحدث عن 6.5 مليار ريال يمني.

كل هذه المبالغ المليونية هي مصاريف إدارية لمنظمة الإغاثة الدولية في عدد محدود من المحافظات، وعدد محدود من السكان لا يتجاوز 92 ألف أسرة، ومن الجدول التالي يتضح أن 70 % من المبلغ خصصت كمصاريف إدارية أي تشغيلية لمنظمة الإغاثة الدولية، تتضمن مرتبات موظفين وتخزين وإدارة العملية بمبلغ 3.4 مليون دولار، وبالنسبة لـ 30 % المتبقية هي أيضًا مصاريف لمرتبات موظفين، يبدو تابعين لبرنامج الغذاء العالمي بمكتبهم الرئيسي بصنعاء إلى جانب بنود تتعلق بإيجار مكتب ومعدات ولوازم وبمبلغ 1.4 مليون دولار.

تحليل قيمة المساعدات النقدية في عدن والمساعدات العينية للمحافظات الثلاث الأخرى:

ويظهر من خلال الوثيقة والموازنة أن المبلغ مخصص فقط للأعمال الإدارية، أما بالنسبة لكميات الغذاء والتي قد تصل إلى 678 ألف طن، خلال فترة التوزيع لعام كامل، وقيمتها كمتوسط تصل إلى 203 مليون دولار خارج هذا الإطار، إلى جانب المساعدات النقدية المقرر صرفها في محافظة عدن، والتي لم يحدد قيمتها بالاتفاقية والتي من المفترض أنها تساوي أو تقارب نفس القيمة المذكورة للسلة الغذائية، كونها -أي محافظة عدن- وفق بياناتهم تمثل من خلال عدد الأسر المستهدفة نسبة 43.5 %، أي من المفترض أن يكون المبلغ المخصص للتوزيع للأسر المحتاجة كمساعدات نقدية وفق طرحهم بمحافظة عدن، بعد عملية حساب بسيطة هو مبلغ 160 مليون دولار خلال السنة المذكورة. المبلغ الإجمالي وفق هذه الحسابات هو 363 مليون دولار، والذي أساسًا لم يوضح بالاتفاقية ولم يوضح هل أيضًا أضيفت عليه موازنة تشغيلية أخرى غير هذا العقد المسرب.

فكيف تم صرفها وكيف خصصت وهل صرف فعلًا هذا المبلغ على أبناء عدن؟ وأين وزارة التخطيط وهل طلبت تفاصيل عن كل ما تم شرحه هنا؟ وهل لديها كشوفات مفصلة بأسماء الأسر المستهدفة في هذه المحافظات الأربع وعدد أفرادها؟
  • تحليل بيانات التوظيف بالاتفاقية:
من خلال تحليل الجداول المرفقة بالوثيقة لعدد الموظفين الموزعين في المحافظات المستهدفة، نجد أنه تم تقسيم الموظفين إلى نوعين (موظفي البرنامج بعدد 44 وظيفة، وموظفي الدعم بعدد 89 وظيفة) وجميعها وظائف رئيسية دائمة لمدة عام بدرجات مختلفة وموزعة كالتالي:

موظفي البرنامج: صنعاء بعدد 11 موظفًا، حجة بعدد 16، ريمة بعدد 9، عدن بعدد 8 وظائف (وجميعها وظائف مدراء ومساعدين وضباط ميدانيين ومنسقين).

موظفي الدعم: (تتوزع بين درجات مدراء ومساعدين ومنسقين ورقابة وماليين وعمال تنظيف) وتتوزع كالتالي:

المكتب الرئيسي (صنعاء) بعدد اجمالي 39 وظيفة موزعة بدرجات مدراء ومساعدين ومنسقين ورقابة وبيانات بعدد 32، وعمال تنظيف بعدد 4 وظائف و3 وظائف مساعدين ماليين.

مكتب امانة العاصمة (صنعاء) بعدد اجمالي 15 وظيفة موزعة بدرجات مدراء ومساعدين ومنسقين بعدد 13 وعدد 2 منظفين. مع العلم أن هناك فقط مديرية واحدة مستهدفة هي شعوب، وعدد المستهدفين لا يشكل حتى 10 % من إجمالي المستهدفين بالمشروع.

مكتب محافظة حجة بعدد إجمالي 11 موظف، منهم فقط 2 منظفين والباقي مدراء ومنسقين ومساعدين.

مكتب محافظة ريمة بعدد إجمالي 5 موظفين منهم فقط وظيفة واحدة بدرجة منظف وبراتب 875 دولار شهريًا، والباقي مدراء ومساعدين ومنسقين.

مكتب محافظة عدن بعدد إجمالي 19 وظيفة منها 15 موظف بدرجات مدراء ومساعدين ومنسقين و4 وظائف للتنظيف. مع العلم أن هناك 8 مديريات مستهدفة فيها وعدد المستهدفين يصل إلى 43.5 % من إجمالي المستهدفين بالمشروع.

لقد بلغ ما خصص لموظفي البرنامج في المكتب الرئيسي بصنعاء كمرتبات مبلغ 848,292 دولار وذلك لعدد 44 موظف، في حين ما خصص كمرتبات لموظفي الدعم في المحافظات الأربع المستهدفة وعدد هم 89 موظف هو مبلغ 768,241 دولار، أي بإجمالي مبلغ 1,616,533 دولار (مليون وستمائة وستة عشر ألف وخمسمائة وثلاثة وثلاثون دولار أمريكي)، وطبعًا ذلك غير ما تم اعتماده من مصاريف أخرى، كبدلات متعلقة بالموظفين سواء بدل سفر أو تدريب ورسوم اتصالات ونقل وأمن بلغت 418,072 دولار، وبالتالي فإن المبلغ الإجمالي لمرتبات الموظفين وبدلاتهم وصل إلى 2,034,605 دولار ( اثنان مليون وأربعة وثلاثون ألف وستمائة وخمسة دولار).

لقد كان نصيب المكتب الرئيسي بصنعاء بموظفيه من إجمالي هذه المرتبات ما يصل إلى 52 %، ومن خلال التحليل للبيانات وجدنا أن عشرة موظفين فقط وظائفهم في صنعاء سيطروا على نسبة كبيرة من حجم المرتبات، حيث أن نسبة مرتباتهم تقدر ب 30 % من إجمالي مرتبات موظفي الدعم، والبالغ عددهم 89 موظفًا في الأربع محافظات.

يتضح من خلال تحليل البيانات لحجم المرتبات المبالغة في الأرقام المعتمدة والتي تتراوح في بعض الفئات ما بين 6000 إلى 11000 دولار شهريًا، ناهيك عن تركيز جل الوظائف في صنعاء عند المليشيات الحوثية، والبذات الوظائف ذات المرتبات العالية.
  • التضليل والتحايل في تكاليف التخزين:
من أوجه التضليل أن بيانات عدد العاملين بالأجر اليومي هي نفسها عدد مواقع المستودعات المستأجرة (هناك 6 عمال بالأجر اليومي بصنعاء ونفس الرقم لعدد المخازن بعدد 6، كذلك الأمر في محافظة حجة هناك عدد 63 عاملًا بالأجر اليومي، و63 مستودعًا، ونفس الأمر ينطبق على محافظة ريمة).

هذا التضليل أو عدم المهنية وعدم الكفاءة، انعكس أيضًا على أرقام المخصصات المالية المقابلة لهذه الفقرات، فنلاحظ أن تكاليف العمال بالأجر اليومي في صنعاء بلغت لمدة عام 182.160 دولار، وهذا رقم غير معقول ومبالغ فيه لعدد 6 عمال فقط، وهذا يثير اللغط حول أن الفقرة الخاصة بحجم رواتب عمال الأجر اليومي تتعلق بإيجار المستودعات أو المخازن، وهذا بدوره يشير إلى عمليات فساد سواء كان الرقم لعمال الأجر اليومي، أو متعلق بإيجار المخازن، فالأرقام مبالغ فيها وتأتي على حساب حقوق الأسر اليمنية الضعيفة المستهدفة بالمشروع.

تحليل بيانات إدارة الغذاء وخدمات التحويل وأنشطة أخرى (تحايل حتى في قيمة الرسائل النصية):

بلغ المخصص تحت هذا البند 421 ألف دولار، وهو يتعلق بتكاليف متنوعة من إعادة التعبئة والتغليف، وتوفير الأكياس الفارغة وأنشطة المراقبة والتقييم والتواصل والرسائل القصيرة مع المستفيدين، وغيرها من الأنشطة والتي عند التدقيق فيها يشوبها كثير من التلاعب والتضخيم للأرقام، والمبالغة فيها لدرجة تصل في أحد الأنشطة إلى مضاعفته 6 مرات عن القيمة الحقيقية له.

سنأخذ أحد الأنشطة المذكورة كمثال لهذا التلاعب والفساد هو نشاط يتعلق بإرسال رسائل نصية إلى المستفيدين، ففي عدن كنموذج ذكرت الوثيقة أن المنظمة ترسل 20,404 رسالة شهريًا للمستفيدين بهذه المحافظة، وهذا يعني أنه خلال 12 شهر سيكون هناك 244,848 رسالة نصية أرسلت للمستفيدين. وسجلت تكلفة ذلك بمبلغ 6856 دولار (أي حوالي 9,598,400 ريال يمني).

وعند المقارنة نجد أن المنظمة ضاعفت تكاليف الرسائل النصية بـ 8 مرات (أضعاف)، وما يزيد الأمر تأكيدًا بأنه فساد ممنهج، ويأتي على حساب المعونات للشعب اليمني، حيث يمكن الرجوع إلى ما يخصصه برنامج الغذاء العالمي كمصاريف خاصة بالاتصالات والإنترنت، والتي تتراوح في السنة بين 1.5 إلى 2 مليون دولار.

وفي ظل ما تم رصده ونشر عنه سابقًا حول مساهمة هذه المنظمات الدولية في التلاعب بسعر العملة بين صنعاء وعدن، واعتمادها سعر صرف البنك المركزي (والذي لا يتطابق نهائيًا مع أسعار الصرف في الواقع) حيث تعمل من خلاله على نهب حقوق الأسر المحتاجة باليمن.
  • التحايل في إيجارات المكاتب:
تظهر الوثيقة الأرقام المهولة والمبالغ فيها لإيجارات مكاتب هذه المنظمة الوسيطة (منظمة الإغاثة الدولية)، فقد بلغ إجمالي الإيجارات لمكاتبها الأربعة بالمحافظات المستهدفة مبلغ 103,470 دولار للسنة، وهذا المبلغ وفق الجدول يتضح أنهم حسبوا نسب معينة من الإيجار، تختلف من محافظة إلى أخرى وتتراوح بين 25 % إلى 75%، وباقي نسبة التحمل تذهب على حساب مشاريع أخرى.

تظهر الوثيقة بشكل جلي حجم الإيجار الشهري لمكاتب هذه المنظمة بالمحافظات، والذي يوضح التحايل والفساد الكبير وذهاب الأموال المخصصة لمساعدة اليمنيين في تضخيم البنود المتعددة لموازناتهم التشغيلية ومنها إيجارات المكاتب:

ففي صنعاء إيجار المكتب بلغ 9600 دولار شهريًا، وفي عدن 9500 دولار، وفي حجة 3690 دولار بالشهر، والأغرب أنه بلغ في محافظة ريمة 2000 دولار شهريًا. لكن يجب أن لا نستغرب فمرتب الموظف الخاص بالتنظيف لمكتب المنظمة بهذه المحافظة وصل إلى 875 دولار في الشهر، وهذا يعني أن إجمالي مبلغ الإيجارات السنوية لمكاتب هذه المنظمة في المحافظات الأربع هو مبلغ 297,480 دولار في السنة.

هناك الكثير من عمليات التحايل التي تظهر بالوثيقة ومنها ما يتعلق بإيجار السيارات ومصاريف أخرى للاتصالات، وجميع هذه البنود والمبالغ المرصودة لها تؤكد ما شرحناه في هذا التقرير لعمليات التحايل والتضليل في عمل هذه المنظمة، وهذا كما ذكرنا ينطبق على كل مشاريعها وينطبق على كل الأعمال التي تقوم بها المنظمات الدولية والمحلية باليمن، والتي تستوجب الوقوف عليها وإحالتهم إلى المحاسبة، وتفعيل الرقابة على جميع الأعمال، وتعويض اليمنيين المتضررين من هذا التلاعب على طول سنوات الحرب، ومحاسبة المسؤولين الفاسدين في القطاع الحكومي وبالذات وزارة التخطيط.
  • فضيحة كبرى
بالرجوع إلى فضيحة شحنة القمح المهداة من الحكومة البولندية مطلع أكتوبر 2023، والتي ضاعت بسبب عدم مهنية الحكومة الشرعية ووزرائها في التخطيط والصناعة والتجارة، وكذا أطماع وتلاعب برنامج الغذاء العالمي باليمن، ومقارنتها مع ما تضمنته الوثيقة نجد التالي:

اعتذر برنامج الغذاء العالمي عن القدرة على نقل الشحنة من القمح البولندي، رغم أن هذه الوثيقة -موضع التحليل- تظهر وجود آلية للتوزيع ومدفوع لها مبلغ 8 مليون دولار في أربع محافظات فقط، وبالتالي لم يكن البرنامج سيتكلف أي مبلغ ولا حتى دولار واحد في عملية التوزيع.

شحنة القمح المهداة من بولندا هي فقط 40 ألف طن فقط، في حين أن البرنامج -وفق الوثيقة- يذكر أنه يوزع 56 ألف طن شهريًا، وكانت هذه شحنة البولندية ستعمل على زيادة حصة الغذاء للأسر اليمنية المحتاجة ولو لشهر واحد، ولكن برنامج الغذاء العالمي رفض التعامل مع الشحنة، وهذا يدل بما لا يدع مجالًا للشك على الفساد، وعدم اهتمامهم بتوفير الغذاء لليمنيين، والاستفادة من أي هدايا عينية لليمن، وبالتالي عدم تطبيق ما يتعلق بمعايير (اسفير) الدولية الخاصة بالتعامل مع النازحين، والاستفادة من أي معونات عينية.
  • الخاتمة:
من خلال استعراض نموذج واحد للفساد في هذا التقرير وعمليات التحايل المتنوعة التي ظهرت بهذا التقرير، سواء في رواتب الموظفين أو إيجارات مواقع التخزين، وإيجارات المكاتب وحتى لقيمة الرسائل النصية، إلى جانب ما يتعلق بفضيحة هدية القمح من دولة بولندا، والتي أظهرت بشكل واضح الاستغلال الذي يقوم به برنامج الغذاء العالمي باليمن، وأن آخر أولوياته هو مساعدة اليمنيين، يتضح أن اليمن، الذي يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ليست إلا مجرد "فرصة" انتهزتها منظمات أممية ودولية، واستغلتها بطريقة مؤلمة.. وفي حين حققت ثروات طائلة على حساب معاناة الشعب اليمني، اكتفت تلك المنظمات بإطلاق تصريحات تحذيرية عن مجاعة وشيكة في البلد الذي تعصف به الأزمات الناتجة عن حرب مستمرة منذ تسع سنوات.

وما ذكرناه حقيقة أن هناك في اليمن "أسوا إدارة أزمة إنسانية في العالم"، يتطلب وضع حد لهذا التلاعب المخيف بمعاناة اليمنيين، والحديث المتكرر من المنظمات عن "نقص التمويل" هو انعكاس طبيعي لانعدام ثقة المانحين في وصول المساعدات إلى مستحقيها.
  • التوصيات:
تبني حملة لن نصمت! ووين الفلوس؟ وضع قائمة سوداء بأسماء المنظمات والبرامج المتورطة في الفساد والشخصيات المشاركة معها، سواء من المسؤولين الأمميين أو قيادات المليشيا الحوثية، أو مسؤولي الحكومة المعترف بها دوليًا، بناءً على التقارير المتوافرة.

توسيع حملة الرقابة الشعبية وتمكينها من الحصول على كشوفات بكل المساعدات والتمويلات، التي تم تسليمها باسم الشعب اليمني منذ بداية الحرب، وكيف تم صرفها؟ ولمن؟ وأثرها على الأرض؟

كشف نتائج التحقيقات الداخلية التي أجرتها الأمم المتحدة في 2019، حول فساد برنامج الغذاء العالمي في اليمن، وكذا منظمة اليونيسف والصحة العالمية، ولماذا لم يتم محاسبة أحد على ذلك.

وضع حد للتلاعب والفساد والتحايل الذي يمارسه برنامج الغذاء العالمي في اليمن وكل المتواطئين معه، بحسب ما يكشفه هذا التقرير حول أحد النماذج للمشاريع وإحالتهم للتحقيق والمحاسبة.

مراجعة كشوفات رواتب الموظفين الأمميين والنفقات التشغيلية التي تلتهم –تقريبًا- أكثر من ثلاثة أرباع المساعدات الدولية للشعب اليمني.

إيجاد آليات بديلة للمساعدات الدولية المقدمة للشعب اليمني، تتجاوز كل تكتلات الفساد التي نشأت منذ بداية الحرب، والعمل على إدخال التمويلات الدولية عبر البنك المركزي اليمني بعدن، وتفعيل نظام الرقابة الإلكترونية على التمويلات التي كان يعمل بها قبل الحرب.

إحالة المسؤولين بوزارة التخطيط والتعاون الدولي، وعلى رأسهم وزير التخطيط واعد باذيب للتحقيق والمحاسبة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى