هكذا بدت مواقف الرئيس الفرنسي من حرب إسرائيل على غزة

> «الأيام» القدس العربي:

> بَدَتْ مواقف الرئيس الفرنسي حيال الحرب الإسرائيلية المستعرة على غزة مليئة بـ “التخبط” و“التناقض”،  وفق العديد من المحللين والصحف الفرنسية، على غرار صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، التي وصفت هذه المواقف، منذ السابع من أكتوبر المنصرم، بأنها “أشبه بزوبعة تدفعها من جهة ثم أخرى المشاعر والمخاوف التي تمليها الأخبار الدولية والوطنية”.

بعد الهجوم المباغت وغير المسبوق الذي نفّذته حركة “حماس”، دان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشدة، وبشكل لا لبس فيه هجمات “حماس” “الإرهابية”، ودَعَمَ دون قيد أو شرط ”حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”. وقرر حظر المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في فرنسا، قبل أن يرفض مجلس الدولة، أعلى سلطة قضائية إدارية في البلاد، المنع “الممنهج” لهذه المظاهرات.

ومع ذلك تردد الرئيس الفرنسي في التسرع بالذهاب إلى تل أبيب للتعبير عن التضامن و الدعم، قبل أن يفعل ذلك في نهاية المطاف، بعد الضغوط والتساؤلات في أعقاب توجه كل من الرئيس الأمريكي جو بايدن، والمستشار الألماني شولتز، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، ونظيريها سوناك البريطاني، والهولندي مارك روته إلى إسرائيل.

في تل أبيب، شدد ماكرون مجدداً على ضرورة “هزيمة الإرهاب” والقضاء على “حماس”، معتبراً هزيمتها “أولوية”. لكن ما وصفه محللون بـ “عَثَرَتِه” الدبلوماسية الأولى، أو “تخبطه” الدبلوماسي الأول، تمثّلَ في اقتراحه “غير الواقعي”، وفق وصف صحيفة “لوفيغارو” والعديد من المراقبين، بإعادة توسعة نطاق عمليات “التحالف الدولي” ضد تنظيم “داعش”، لتشمل قتال حركة “حماس” في غزّة. وهو مقترح تجاهلته حتى إسرائيل، الأمر الذي فسّره محللون بأنه رسالة  إلى الرئيس الفرنسي مفادها أن تل أبيب لا تنوي تلقي أوامر من أي أحد في حربها ضد “حماس”. كما تم تجاهل هذا المقترح تماماً من قبل زعماء الدول العربية، التي غالباً ما يعتبر مواطنوها أن “حماس” حركة مقاومة. ولكن التجاهل أتى أيضاً من حلفاء باريس الغربيين (واشنطن والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي). وبالتالي، فإن هذه المبادرة ولدت ميتة، وبدا ساكن الإليزيه “خارج الموضوع!”.

مع تواصل الحرب، وارتفاع أعداد الضحايا المدنيين في غزّة، وغالبيتهم من الأطفال، جراء القصف الإسرائيلي الذي لم تسلم منه حتى المستشفيات، ارتفع صوت الرئيس الفرنسي وحكومته بالتشديد على أن “القتال ضد حماس يجب أن يتم مع احترام القانون الإنساني الدولي وحماية السكان المدنيين”، لكن مع بقائهم حريصين على عدم الدعوة إلى وقف إطلاق النار، باسم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وهو موقف الأمريكيين والألمان والبريطانيين.

ومع مرور الوقت، وتصاعد الانتقادات داخلياً وخارجياً لغض الدول الغربية الطرف عن “ المجازر بحق المدنيين” في غزّة، بدا الرئيس الفرنسي مركزاً على الجانب الإنساني في القطاع المحاصر.. ونظم في هذا الإطار مؤتمراً دولياً للسلام في باريس، يوم الخميس الماضي، والذي التزم المشاركون فيه بتقديم مساعدات تتجاوز قيمتها مليار يورو إلى غزّة، وسط دعوات إلى “وقف إطلاق النار”. لكن هذا المؤتمر غاب عنه قادة الدول الغربية الكبرى، كالرئيس الأمريكي، والمستشار الألماني، ورئيس الوزراء البريطاني، ونظيرته الإيطالية.. وجميع زعماء الدول العربية والإسلامية، الذين كانوا، وقتها، يتوافدون على الرياض للمشاركة في قمة استثنائية. وبالتالي، بدت وكأن الرئيس الفرنسي يعرف لوحده بنشاز تام، بحسب محللين، وهو ما عكسه خطابه خلال في مؤتمر باريس الإنساني حول غزّة.

وأثارت حفيظةَ الإسرائيليين، على ما يبدو، مقابلته، التي خص بها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، يوم الجمعة، غداة المؤتمر، والتي تحدث فيها فجأة عن “وقف إطلاق النار“ في غزة، بعد أن كان يدعو في السابق، مثل معظم حلفائه، إلى “هدنة إنسانية”، وحضّ إسرائيل على “وقف القصف ضد  المدنيين”، قائلاً إن الضربات ليس لها “سبب ولا شرعية”. كما أثار تساؤلات من شركاء باريس الغربيين، الذين اعتبروا أنها تعدّ تناقضاً بين الاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ووقف إطلاق النار، الذي من شأنه أن يحظر استمرار تدمير “حماس” ويصبّ في صالح الحركة “الإرهابية”، كما قال محللون، وكتبت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، معتبرة أنه بهذا التصريح يكون إيمانويل ماكرون قد “ انحرف عن المواقف التي دافع عنها حلفاء باريس، مثل الولايات المتحدة وألمانيا، الذين تحدثوا عن “هدنات إنسانية مؤقتة”، وليس وقف إطلاق النار.

وقد استنكر رئيس الوزراء الإسرائيلي  بنيامين نتنياهو تصريحات الرئيس الفرنسي، معتبراً أنها تعد “خطأ واقعياً وأخلاقياً فادحاً”. وعلى نفس المنوال تحدث وزير دفاعه يوآف غالانت، منتقداً “وقاحة القادة الأوروبيين الذين يعظون إسرائيل في خضم الحرب”. وهو ما دفع الرئيس الفرنسي إلى التحدث هاتفياً مع نظيره الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، في محاولة لتصحيح ”الموقف”، حيث “ أكد له مجدداً على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، و تضامن فرنسا معها في حربها ضد الإرهاب”. ثم بعد ذلك، استبعد قصر الإليزيه، في مؤتمر صحافي، أي فكرة لوقف إطلاق النار في غزّة.

ووسط هذه المواقف، قرر إيمانويل ماكرون عدم المشاركة في المسيرة الضخمة التي نظمت، يوم الأحد، بباريس ضد معاداة السامية، ما فتح عليه سيلاً من الانتقادات من أحزاب اليمين، وبعض الشخصيات اليهودية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى