​وقف صادرات النفط والانهيار الوشيك

>
يصادف يومي 18 و19 من شهر أكتوبر الماضي مرور عام على هجمات طائرات مسيرة  استهدفت منشآت وموانئ تصدير النفط في الضبة والمشيمة، والذي تسبب مباشرة بوقف إنتاج وتصدير النفط وإلحاق خسائر فادحة بموارد الدولة المالية الشحيحة جدًا، وتلك هي الخسارة الأكبر في موارد ميزانية الحكومة منذ بداية الحرب قبل حوالي 9 سنوات.

إن لتلك الهجمات آثار وخيمة على الاقتصاد الوطني وعلى الموارد المالية للحكومة وعلى حياة السكان المعيشية، في بلد يعاني من أزمة أمن غذائي خطيرة تجسدت في انتشار المجاعة والفقر وسوء التغذية الحاد الوخيم، والذي أدى إلى انتشار التقزم بين الأطفال بنسب مخيفة، حيث سيخلق جيلًا ضعيفًا وغير منتج ويعتمد على غيره في تلبية متطلبات الحياة.

إن آثار تلك الضربات على الموارد المالية للحكومة وعلى حياة السكان تمثل في:
- خسارة الموارد المالية لحكومة عدن والتي كانت تشكل حوالي 70 ٪ من ميزانية الدولة وبالتالي عجز ميزانية الدولة بشكل تام وهيكلي ومستدام.
- توقف الصادرات النفطية افقد الحكومة   المصدر الرئيس للموارد المالية بالعملة الأجنبية ما يؤثر على الاقتصاد والحياة بشكل عام.
- نضوب العملة الأجنبية من السوق ما يخلق خللًا خطيرًا ومستدامًا في العرض والطلب على العملة المحلية، وانهيارها تدريجيًا كما سيضعف القدرة على استيراد السلعي الأساسية الضرورية لحياة السكان.
- قد تصل الحكومة قريبًا إلى العجز التام عن دفع المرتبات لموظفي الدولة ورجال الجيش والأمن، وخلق فوضى أمنية خطيرة كما قد تواجه الحكومة صعوبات في الصرف على الخدمات الأساسية، وتعطيل الحياة بشكل عام في أي وقت.
- اختلال هيكلي تام لاقتصاد البلاد في ميزان المدفوعات والميزان التجاري وميزانية الحكومة، ما تسبب بانهيار تام للموارد المالية الخارجية والمحلية، وقد يتسبب بانهيار تام للحكومة ومؤسساتها الهشة أصلًا.

إن خسائر الحكومة المالية باهظة للغاية  خلال عام من وقف الصادرات النفطية، والتي تناهز بحسب بعض التقديرات غير الرسمية حوالي مليار و440 مليون دولار أمريكي.

لتلك الخسائر من إيرادات موازنة الحكومة، تبعات خطيرة على استمرار قيام الحكومة بمهامها السياسية والأمنية والخدمية، وقدرتها على تمويل الاستيراد وقد تواجه إشكالية عدم القدرة على وقف انهيار العملة وصعوبة استمرار دفع المرتبات وانهيار الوضع الإنساني.

إن حصول الحكومة على هبة من المملكة العربية السعودية قد خفف مؤقتًا من تداعيات وقف الصادرات النفطية، إلا إن تلك المساعدة ستنتهي قريبًا وتضع البلاد والعباد على كف عفريت كما يقال.

إن اعتماد الحكومة على الخارج لن يطول، ووجب عليها الاعتماد على الموارد المحلية بكل الطرق الممكنة، ومغادرة أساليب البحث عن موارد في جيوب المواطن الفارغة، ودس الأيدي في الجيوب المتضخمة بما فيها جيوب الحكومة وأخواتها، إن كل ذلك لن يتحقق إلا عبر إعلان برنامج إصلاح مالي وإداري واضح وشفاف وشامل، وتنفيذه دون تلكؤ أو تسويف من قبل كل مؤسسات الدولة وهيئاتها مجتمعة.

إن إيقاف عمليات بيع العملات الأجنبية عبر عمليات المزاد الأسبوعية دون سابق إنذار، هو أحد النتائج المباشرة لتوقف موارد العملات الأجنبية من بيع النفط وغيرها، ولذلك آثار مباشرة على الوضع الاقتصادي الهش.

إن الحل المستدام لأزمة مالية الحكومة، هو استئناف الصادرات النفطية مهما كلف الأمر، وغير ذلك هو الانهيار الوشيك لكل مقومات الحياة  اقتصاديًا وسياسيًا وإنسانيًا.
*رئيس مؤسسة الرابطة الاقتصادية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى